يا أطيب الناس أردانا ومبتسما ... كيف العزاء وقد زودتني زادي
لام " العزاء " تحتمل أمرين: الواو والياء، والواو أغلب، حكى أبو زيد في " فِعْلة " منها العِزْوَة، وحكى أيضا فيها التَعزوة ألا أنه لا دليل في هذا، وذلك أنك لو بنيت من " رميت " مثل " تَفْعُلةَ " على التأنيث لقلت: " تَرْمُوة " ومن " قضيت ": " تَقْضُوة "، تقلب لأمها للضمة قبلها، وأيضا فإن معنى قولهم: " عزّيت فلانا "، أنك سلّيته بذكر مصائب الناس غيره وأضفت حاله إلى حال من مصابه، كما قالت " من الوافر ":
وما يكون مثل أخي ولكن ... أسلّى النفس عنه بالتأسي
وقال سعران السلاماني " من الطويل ": ذكرت أبا أروى فبت كأني برد الأمور الماضيات وكيل وقال لبيد " من الطويل ":
فأن أنت لم ينفعك علمك فأنتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل
فمعنى " العزاء " اذن ما تراه " من " مقابلة الإنسان حاله بحال غيره ونسبته إياها، وهذا هو معنى قولهم: " عزوت فلانا إلى أبيه " إذا نسبته إليه، أنشدنا أبو علي " من الرجز ":
اطلب أبا نخلة مَنْ يأبوكافقد سألنا عنك من يعزوكماإلى أبٍ فكلهم ينفيكا