أقول بالسبت فويق الدير ... إذ أنا مغلوب قليل الغير
والعظم مني باديات الرير
هكذا رووه بفتح الراء، ويقال: رار المخ واراره الله أي أذابه. قال " من الوافر ":
أرار الله نقيك في السُلامى ... على من بالحنين تعوّلينا
بل قد أتاني ناصح عن كاشح ... بعداوة ظهرت وزَغْر أقاول
قال: " زغر " كثرة، وهذا مما كنت قدمت ذكره من مقاربة اللفظ لمقاربة المعنى، ألا ترى إلى قرب الخاء من الغين وقد قالوا: زخر الوادي، إذا كثر ماؤه، فمعنى الكثرة شامل لهما إن الخاء أرطب صوتا من الغين فكأن الماء خصّ بها لذلك، وإذا تفطنت لذلك وجدت فيه معاني لطاقًا غامضة فلا ترين إن في هذا المذهب جورًا وتعسفًا، فإن في هذه اللغة من اللطائف ما يجفو هذا في جنبه فقد مر بنا كثير منه وسيأتيك في هذا الكتاب طرف من نحوه.
وتنلك أظفاري ويبرِك مسحلي ... بَرْيَ الشَّيب من السِراء الذابل
ينبغي أن تكون لام " السراء " واوا وذلك لأنه الشجر الذي تعمل منه القسى، فإن شئت قلت لا يتخذ إلا من أسرى الخشب وأجوده، كما تقول من إكرامه، وإن شئت كان من سراة الشيء لأنه ينبت في سراة الجبل وهو أعلاه، وسراة من الواو لقوله " من الطويل ":