Al-Talkhīṣ al-Ḥabīr fī takhrīj ʾaḥādīth al-Rāfiʿī al-Kabīr
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير
Investigator
أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب
Publisher
مؤسسة قرطبة
Edition Number
الأولى
Publication Year
1416 AH
Publisher Location
مصر
(الثَّانِي) فِي بَيَانِ كَوْنِ الْإِسْنَادِ مُتَّصِلًا أَمْ لَا، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ تَابِعِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ، لَكِنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ مَعْرُوفٌ بِالْحَمْلِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثْت أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسَا، وَلَا بَأْسًا» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ الَّذِي أَخْبَرَنِي عَنْ الْقِلَالِ: فَرَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ بَعْدُ فَأَظُنُّ أَنَّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ.
(الْبَحْثُ الثَّالِثُ) فِي كَوَّنَ التَّقْيِيدِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ قَبْلُ، مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سِقْلَابٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. لَكِنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ قَوُوا أَنَّ الْمُرَادَ قِلَالُ هَجَرَ، بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ لَهَا فِي أَشْعَارِهِمْ، كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ التَّقْيِيدُ بِهَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قِلَالُ هَجَرَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَهُمْ، وَلِهَذَا شَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ مِنْ نَبْقِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى: " فَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيلَةِ، وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ " انْتَهَى.
فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ مُلَازَمَةٍ بَيْنَ هَذَا التَّشْبِيهِ، وَبَيْنَ ذِكْرِ الْقُلَّةِ فِي حَدِّ الْمَاءِ، فَالْجَوَاب أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَا فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ، دَالُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَهُمْ، بِحَيْثُ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْكِبَرِ، كَمَا أَنَّ التَّقْيِيدَ إذَا أُطْلِقَ، إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى التَّقْيِيدِ الْمَعْهُودِ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْقِلَالُ مُخْتَلِفَةٌ فِي قُرَى الْعَرَبِ، وَقِلَالُ هَجَرَ أَكْبَرُهَا، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قِلَالُ هَجَرَ مَشْهُورَةُ الصَّنْعَةِ، مَعْلُومَةُ الْمِقْدَارِ، وَالْقُلَّةُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ، وَبَعْدَ صَرْفِهَا إلَى أَحَدِ مَعْلُومَاتهَا وَهِيَ الْأَوَانِي، تَبْقَى مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكِبَارِ، جَعَلَ الشَّارِعُ الْحَدَّ مُقَدَّرًا بِعَدَدٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَكْبَرِهَا، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِهِ بِقُلَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَقْدِيرِهِ بِوَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا مُحَصَّلُ الْبَحْثِ الرَّابِعِ.
(الْبَحْثُ الْخَامِسُ): فِي ثُبُوتِ كَوْنِ الْقُلَّةِ تَزِيدُ عَلَى قِرْبَتَيْنِ، وَقَدْ طَعَنَ فِي
1 / 22