194

Ṭalīʿat al-tankīl wa-taʿzīz al-ṭalīʿa wa-shukr al-tarḥīb - ḍimna Āthār al-Muʿallimī

طليعة التنكيل وتعزيز الطليعة وشكر الترحيب - ضمن «آثار المعلمي»

Editor

علي بن محمد العمران

Publisher

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ

Genres

سمعته منه هو كيت وكيت، وأن معناه كذا، وأن ذاك المعنى باطل، وأن المخبِرَ تعمَّد الإخبار بالباطل، وأنه لم يكن له عذر، وأن مثل ذلك يوجب الجرح. فمن المحتمل أن يشتبه عليك رجل بآخر، فترى أن المخبر فلان، وإنما هو غيره. وأن يشتبه عليك خبر بآخر، إنما سمعت من فلان خبرًا آخر، فأما هذا الخبر فإنما سمعته من غيره. وأن تخطئ في فهم المعنى، أو في ظن أنه باطل، أو أن المخبر تعمَّد، أو أنه لم يكن له عذر، أو أن مثل ذلك يوجب الجرح، إلى غير ذلك.
وغالب الأحكام إنما تُبنى على غلبة الظن، والظن قد يخطئ، والظنون تتفاوت. فمن الظنون المعتدّ بها: ما له ضابط شرعي، كخبر الثقة. ومنها: ما ضابطه أن تطمئن إليه نفسُ العارف المتوقي المتثبت بحيث يجزم بالإخبار بمقتضاه طيّبَ النفس منشرحَ الصدر والنفوس تختلف في المعرفة والتوقِّي والتثبُّت؛ فمن الناس من يغتر بالظن الضعيف، فيجزم. وهذا هو الذي يطعن أئمة الحديث في حفظه وضبطه، فيقولون: "يحدث على التوهم ــ كثير الوهم ــ كثير الخطأ ــ يهم ــ يخطئ". ومنهم المعتدل، ومنهم البالغ التثبُّت.
كان في اليمن في قَضاء الحُجَرية قاض كان يجتمع إليه أهل العلم ويتذاكرون، وكنت أحضر مع أخي، فلاحظتُ أن ذلك القاضي ــ مع أنه أعلم الجماعة فيما أرى ــ لا يكاد يجزم في مسألة، وإنما يقول: "في حفظي كذا، في ذهني كذا" ونحو ذلك. فعلمت أنه ألزم نفسه تلك العادة حتى فيما يجزم به، حتى إن اتفق أن أخطأ كان عذره بغاية الوضوح.
وفي ثقات المحدّثين مَن هو أبلغ تحرّيًا مِن هذا ولكنهم يعلمون أن الحجة إنما تقوم بالجزم، فكانوا يجزمون فيما لا يرون للشكِّ فيه مدخلًا،

9 / 179