يتنحنح الحاج «عبد العليم». يقول إن الناس فقدت ثقتها في زعماء الأحزاب وانصرفت عنهم.
يستعد «رأفت» أفندي للدفاع عن حزب «الوفد» وزعيمه «مصطفى النحاس». يخاطبه أبي قائلا إنه كتب شكوى بشأن استبدال المعاش أرسلها إلى جريدة «الأهرام» لكنها لم تنشرها. يشرح أنه استبدل جزءا من معاش التقاعد مقابل أن تخصم الحكومة قسطا كل شهر. - المبلغ خلص وهي لسه بتخصم. ده أفظع من الربا. أنا بفكر أرفع قضية على الحكومة. يسأله المحامي: لما طلبت الاستبدال كنت عارف إنهم حيقعدوا يخصموا على طول؟ يقول أبي إنه كان في أشد الحاجة للنقود. يقول المحامي بلهجة حاسمة: دا تعاقد بينك وبين الحكومة. وأنت وافقت على الشرط ده. العقد شريعة المتعاقدين. يضع ساقا على ساق ثم يضيف: على العموم نقدر نطعن فيه على أساس إنه عقد إذعان.
يتحول أبي إلى القسيس: قول يا مقدس، حنفتح المندل إمتى؟ يجلسون حول دائرة مرسومة على الأرض الحجرية. بها مثلثات ومربعات وكلمات غريبة. يقرأ القسيس بصوت مرتفع من كتاب وعيونهم على الأشكال. يوزع عليهم أبي أطباق الأرز باللبن.
يبدي الشيخ المعمم امتعاضه. يخاطبه الحاج «عبد العليم»: الله سخر الجان لسيدنا «سليمان». إحنا حنكلم الجن المسلم المؤمن. ومش طالبين حاجة وحشة. بس يرفع لنا الكنز من باطن الأرض.
يتحدث أبي عن تجربته في استدعاء خادم اسمه «لطيف». ظل يقرأ عديته كل ليلة. وفي مرة سمع خبطا في الصالة فوق البوفيه. وجاءه صوت غاضب: عاوز إيه. ومن الرعب لم يرد. ولم يعد الخادم بعد ذلك.
يستأذن الدكتور «عزيز» منصرفا. يسأله الحاج «عبد العليم»: ناوي تسمع «أم كلثوم»؟ يستفسر أبي عن الأغنية الجديدة. يقول الحاج: «غلبت أصالح في روحي.» يقول الدكتور إنه سيسمعها في بيته.
يتحدثون عن الحاج «مشعل». يقول «عبد العليم» إنه يعد أوراق البنكنوت من فئة الميت جنيه. كما يعد الناس فكة من أوراق النقد الصغيرة. يضيف الشيخ المعمم أنه كان بائع «روبابيكيا» قبل الحرب.
يمر بائع فاكهة متجول. ينادي علي برتقال «يافاوي». يشتري أبي أقتين. يقول ل «رأفت» أفندي: مين عارف حنشوفه تاني إمتى. نقوم بعد قليل. مدخل المنزل مظلم كالعادة. شقتنا أيضا. ضوء خفيف في مدخل المخزن. مثل شمعة أو مصباح زيت. يدق أبي الباب. يخرج المفتاح ويفتحه. باب غرفتنا مفتوح. الغرفة مظلمة. ينادي: «أم محمد». لا ترد. يكرر النداء. أتعلق بملابسه. ندخل الغرفة ويشعل النور. يغادرها وأنا خلفه. يطوف بأنحاء الشقة مناديا أم «محمد». لا أثر لها. نعود إلى الغرفة. يبحث عن بقجتها فلا يجدها. يقول: الولية طفشت.
يفتش الدولاب. يتأكد أنها لم تسرق شيئا. أجلس إلى المكتب. أفتح كراس الإنشاء . زيارة لحديقة الحيوان. كلب البحر «حسن». القردة «شيتا». «سيد قشطة». أمي في معطف خفيف فوق فستان مشجر. نسير فوق طرقات من الحصى الملون. نجلس في جزيرة الشاي. تقوم أمي فجأة قائلة: لا بد أن نخرج من هنا. نرجع الوقت. يحاول أبي تهدئتها. تردد: حاجة وحشة حتحصل. نعود من حيث جئنا.
2
Unknown page