الْحَمد لله الَّذِي أودع أسرار الهيبة صُدُور أوليائه وَخص بلطائف حكمته المصطفين من علمائه وَالصَّلَاة على خيرته من خلقه مُحَمَّد سيد أنبيائه صَلَاة دائمة دوَام أرضه وسمائه
وَبعد فَإِن الْوَاجِب على كل خائض فِي علم من الْعُلُوم أَن يُحِيط علما كليا بموضوع ذَلِك الْعلم وغايته الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا ليجد من نَفسه باعثا على النّظر فِيهِ وموضوع علم الْفِقْه هُوَ أَفعَال الْعباد وَحَقِيقَته تهذيبات دينية وسياسات شَرْعِيَّة شرعت لمصَالح الْعباد إِمَّا فِي معادهم كأبواب الْعِبَادَات أَو فِي معاشهم كأبواب الْبياعَات والمناكحات وَأَحْكَام الْجِنَايَات وَهُوَ الْمَقْصد الْأَقْصَى فِي إبتعاث
1 / 33
الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَإِنَّهُم لم يبعثوا إِلَّا لتعريف الْعباد أَحْكَام هَذِه الْأَفْعَال من الْحَلَال وَالْحرَام وَالْوَاجِب وَالْمَنْدُوب وَالْمَكْرُوه والمباح ليتوصلوا بتهذيبها إِلَى الْعلم بِاللَّه تَعَالَى وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله
والأدلة الَّتِي يُسْتَفَاد بهَا هَذِه الْأَحْكَام هِيَ الَّتِي تسمى أصُول الْفِقْه ثمَّ لَا يخفى عَلَيْك أَن الْفُرُوع إِنَّمَا تبنى على الْأُصُول وَأَن من لَا يفهم كَيْفيَّة الاستنباط وَلَا يَهْتَدِي إِلَى وَجه الارتباط بَين أَحْكَام الْفُرُوع وأداتها الَّتِي هِيَ أصُول الْفِقْه لَا يَتَّسِع لَهُ المجال وَلَا يُمكنهُ التَّفْرِيع عَلَيْهَا بِحَال فَإِن الْمسَائِل الفرعية على أتساعها وَبعد غاياتها لَهَا أصُول مَعْلُومَة وأوضاع منظومة وَمن لم يعرف أُصُولهَا لم يحط بهَا علما
وَحَيْثُ لم أر أحدا من الْعلمَاء الماضين وَالْفُقَهَاء الْمُتَقَدِّمين تصدى لحيازة هَذَا الْمَقْصُود بل اسْتَقل عُلَمَاء الْأُصُول بِذكر الْأُصُول الْمُجَرَّدَة
1 / 34
وعلماء الْفُرُوع بِنَقْل الْمسَائِل المبددة من غير تَنْبِيه على كَيْفيَّة استنادها إِلَى تِلْكَ الْأُصُول أَحْبَبْت أَن أتحف ذَوي التَّحْقِيق من المناظرين بِمَا يسر الناظرين فحررت هَذَا الْكتاب كاشفا عَن النبأ الْيَقِين فذللت فِيهِ مبَاحث الْمُجْتَهدين وشفيت غليل المسترشدين فَبَدَأت بِالْمَسْأَلَة الْأُصُولِيَّة الَّتِي ترد إِلَيْهَا الْفُرُوع فِي كل قَاعِدَة وضمنتها ذكر الْحجَّة الْأُصُولِيَّة من الْجَانِبَيْنِ ثمَّ رددت الْفُرُوع الناشئة مِنْهَا إِلَيْهَا فَتحَرَّر الْكتاب مَعَ صغر حجمه حاويا لقواعد الْأُصُول جَامعا لقوانين الْفُرُوع واقتصرت على ذكر الْمسَائِل الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا تعاليق الْخلاف روما للاختصار وَجعلت مَا ذكرته أنموذجا لما لم أذكرهُ ودليلا على الَّذِي لَا ترَاهُ من الَّذِي ترى ووسمته بتخريج الْفُرُوع على الْأُصُول تطبيقا للاسم على الْمَعْنى وَتَقَرَّبت بِهِ إِلَى من
1 / 35
توالت عَليّ نعمه وتواترت لدي مننه افتخارا بولائه واستظلالا بفنائه أَعنِي الْمولى الصاحب الْكَبِير الْعَالم الْعَادِل الْمُؤَيد المظفر الْمَنْصُور ولي النعم مؤيد الدّين مهد الْإِسْلَام اخْتِيَار الإِمَام افتخار الْأَنَام سديد الدولة جلال الْملَّة المعظمة صفي الْإِمَامَة المكرمة تَاج الْمُلُوك والسلاطين شرف الحضرتين ذَا الريا سِتِّينَ أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن عبد الْكَرِيم أَمِين أَمِير الْمُؤمنِينَ إحْيَاء لمعالم الدّين وإبقاء لجميل ذكره فِي الْعَالمين وَلست أطمع فِي الْقيام بشكر أياديه وَلَا بعض مَا أولانيه لكنه طوق الْمُجْتَهد ووسع المعتضد ... فَمَا تكلّف نفس فَوق طاقتها ... وَلَا تجود يَد إِلَّا بِمَا تَجِد ...
أمتعه الله تَعَالَى بدوام دولة الْمُتَّقِينَ ونائب رب الْعَالمين المتمسك بِحَبل الله المتين سيدنَا ومولانا الإِمَام النَّاصِر لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ أعز الله بِهِ الدُّنْيَا وَالدّين وَنصر الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين بخلود أَيَّامهَا وَنشر فِي الْآفَاق ألويتها المنشورة وأعلامها وأنفذ فِي الْمَشَارِق والمغارب أوامرها المطاعة وأحكامها وظفرها بالباغي والمطالب
1 / 36
وخلدها تخليد الْكَوَاكِب مَا وخدت قلُوص بِرَاكِب بمنة وجوده وَالله الْمُوفق
1 / 37
= كتاب الطَّهَارَة =
مَسْأَلَة ١
ذهب الشَّافِعِي ﵁ وجماهير أهل السّنة إِلَى أَن الطَّهَارَة والنجاسة وَسَائِر الْمعَانِي الشَّرْعِيَّة كالرق وَالْملك وَالْعِتْق وَالْحريَّة وَسَائِر الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة ككون الْمحل طَاهِرا أَو نجسا وَكَون الشَّخْص حرا أَو مَمْلُوكا مرقوقا لَيست من صِفَات الْأَعْيَان المنسوبة إِلَيْهَا بل أثبتها الله تحكما وتعبدا غير معللة لَا راد لقضائه وَلَا معقب لحكمه لَا يسال عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون وَلَا تصل آراؤنا الكليلة وعقولنا الضعيفة وأفكارنا القاصرة إِلَى الْوُقُوف على حقائقها وَمَا يتَعَلَّق بهَا من مصَالح الْعباد فَذَلِك حَاصِل ضمنا
1 / 38
وتبعا لَا أصلا ومقصودا إِذْ لَيست الْمصلحَة وَاجِبَة الْحُصُول فِي حكمه
وَاحْتج فِي ذَلِك بِأَن الله تَعَالَى إِذا جَازَ أَن يُعَاقب الْكَافِر على كفره وَالْفَاسِق على فسقه وَلَا مصلحَة لأحد فِيهِ جَازَ أَن يشرع الشَّرَائِع وَإِن تعلق بهَا مفْسدَة وَلَا يتَعَلَّق بهَا مصلحَة لأحد وَلذَلِك الله تَعَالَى كلف الْإِنْسَان مَا لَيْسَ فِي وَسعه فَقَالَ تَعَالَى ﴿فَأتوا بِعشر سور مثله مفتريات﴾ ﴿فَأتوا بِسُورَة مثله﴾ وَقَالَ للْمَلَائكَة ﴿أنبئوني بأسماء هَؤُلَاءِ إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ وكل ذَلِك تَكْلِيف للْإنْسَان مَا لَيْسَ فِي وَسعه وَذَلِكَ ضَرَر لَا مصلحَة فِيهِ وسر هَذِه الْقَاعِدَة أَن الله تَعَالَى مَالك الْملك وخالق الْخلق
1 / 39
يتَصَرَّف فِي عباده كَيفَ يَشَاء وَلَا كَذَلِك الْوَاحِد منا فَإِنَّهُ إِذا أضرّ بِغَيْرِهِ كَانَ متصرفا فِي ملك الْغَيْر بِالضَّرَرِ وَذَلِكَ ظلم وعدوان
وَذهب المنتمون إِلَى أبي حنيفَة ﵁ من عُلَمَاء الْأُصُول إِلَى أَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة صِفَات للمحال والأعيان المنسوبة إِلَيْهَا أثبتها الله تَعَالَى وشرعها معللة بمصالح الْعباد لَا غير
كَمَا أَن الْحسن والقبح وَالْوُجُوب والحظر وَالنَّدْب وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة من صِفَات الْأَفْعَال الَّتِي تُضَاف إِلَيْهَا غير أَنهم قسموا أَحْكَام الْأَفْعَال إِلَى مَا يعرف بِمُجَرَّد الْعقل والى مَا يعرف بأدلة الشَّرْع على مَا سَيَأْتِي
أما أَحْكَام الْأَعْيَان فقد اتَّفقُوا على أَنَّهَا كلهَا تعرف بأدلة شَرْعِيَّة وَلَا تعرف بِمُجَرَّد الْعقل وَأَنَّهَا كلهَا تثبت بِإِثْبَات الله تَعَالَى
1 / 40
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِقِيَاس الشَّاهِد على الْغَائِب بِنَاء على قَاعِدَة التحسين والتقبيح وَزَعَمُوا أَن شرع الحكم لَا لمصْلحَة عَبث وسفه والعبث قَبِيح عقلا وَهُوَ كإقدام الرجل اللبيب على كيل المَاء من بَحر إِلَى بَحر فَإِنَّهُ يقبح مِنْهُ ذَلِك وَيسْتَحق الذَّم عَلَيْهِ
وَإِذا تمهدت هَذِه الْقَاعِدَة فَنَقُول الشَّافِعِي ﵁ حَيْثُ رأى أَن التَّعَبُّد فِي الْأَحْكَام هُوَ الأَصْل غلب احْتِمَال التَّعَبُّد وَبني مسَائِله فِي الْفُرُوع عَلَيْهِ
وَأَبُو حنيفَة ﵁ حَيْثُ رأى أَن التَّعْلِيل هُوَ الأَصْل بنى مسَائِله فِي الْفُرُوع عَلَيْهِ فتفرع عَن الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورين مسَائِل
مِنْهَا أَن المَاء يتَعَيَّن لإِزَالَة النَّجَاسَة عِنْد الشَّافِعِي ﵁ وَلَا يلْحق غَيره بِهِ تَغْلِيبًا للتعبد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة ﵁ يلْحق بِهِ كل مَائِع طَاهِر مزيل للعين والأثر تَغْلِيبًا للتَّعْلِيل
1 / 41
وَمِنْهَا أَن المَاء الْمُتَغَيّر بالطاهرات كالزعفران والأشنان إِذا تفاحش تغيره لم يجز التوضي بِهِ عِنْد الشَّافِعِي رض بِنَاء على الأَصْل الْمَذْكُور فَإِنَّهُ تعبد بِاسْتِعْمَال المَاء بالِاتِّفَاقِ والميع اسْم المَاء وَهَذَا لَا ينْدَرج تَحت اسْم الْمُطلق
وَمِنْهَا أَن التوضي بنبيذ التَّمْر عِنْد عدم المَاء فِي السّفر مُمْتَنع عندنَا
وَعِنْده جَائِز
1 / 42
وَمِنْهَا أَن جلد الْكَلْب لَا يطهر بالدباغ عِنْد الشَّافِعِي رض تَغْلِيبًا للتعبد بترجيح الاجتناب على الإقتراب
وَعِنْدهم يطهر تشوقا إِلَى التَّعْلِيل
وَمِنْهَا أَن ذَكَاة مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه لَا يُفِيد طَهَارَة الْجلد عندنَا مُرَاعَاة للتعبد كَمَا فِي ذَكَاة الْمَجُوس ونجاسة اللَّحْم من هَذَا الذَّبِيح
وَعِنْدهم يطهر تشوقا إِلَى تَعْلِيل الطَّهَارَة بسفح الدَّم والرطوبات المتعفنة
1 / 43
وَمِنْهَا أَنه يتَعَيَّن لَفْظَة التَّكْبِير فِي افْتِتَاح الصَّلَاة عندنَا وَلَا يقوم مَا فِي مَعْنَاهَا مقَامهَا وَيتَعَيَّن لَفْظَة التَّسْلِيم فِي اختتامها وَلَا يقوم مَا فِي مَعْنَاهَا مقَامهَا
وَعِنْده يقوم
وَمِنْهَا أَن غير الْفَاتِحَة لَا يقوم مقَامهَا فِي الصَّلَاة عندنَا لاحْتِمَال التَّعَبُّد بالإعجاز اللَّفْظِيّ والمعنوي
وَعِنْده يقوم مقَامهَا تعويلا على الْمَعْنى
1 / 44
وَمِنْهَا أَنه يمْتَنع الْإِبْدَال فِي بَاب الزكوات وَلَا يُجزئ إِخْرَاج الْقيم عندنَا لظُهُور احْتِمَال التَّعَبُّد بالتشريك بَين الْفُقَرَاء والأغنياء فِي جنس المَال
وَعِنْدهم يُجزئ
وَمِنْهَا أَن تَخْلِيل الْخمر حرَام والخل الْحَاصِل مِنْهُ نجس عندنَا تغليضا لِلْأَمْرِ فِيهَا
1 / 45
وَعِنْدهم جَائِز والخل الْحَاصِل مِنْهُ طَاهِر تعليلا بِزَوَال عِلّة النَّجَاسَة كَمَا فِي الدّباغ
وَمِنْهَا أَن التغذية والتعشية فِي الْكَفَّارَات لَا تُجزئ عندنَا بل يجب صرف الطَّعَام إِلَى الْمَسَاكِين
وَمِنْهَا انه يجب اسْتِيعَاب الْعدَد عندنَا وَصرف الطَّعَام إِلَى الْمَسَاكِين
وَعِنْدهم يجوز صرفه إِلَى مِسْكين وَاحِد سِتُّونَ يَوْمًا أَو عشرَة أَيَّام فِي كَفَّارَة الْيَمين
1 / 46
مَسْأَلَة ٢
الْعلَّة القاصرة صَحِيحَة عندنَا بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة رض وساعدونا فِي الْعلَّة المنصوصة وَهِي من الْمسَائِل اللفظية فِي علم الْأُصُول فان معنى صِحَّتهَا صلاحيتها لإضافة الحكم إِلَيْهَا وَهَذَا مُسلم عِنْد الْخصم وَمعنى فَسَادهَا عدم اطرادها وَهُوَ مُسلم عندنَا
وَقَوْلهمْ لَا فَائِدَة فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تثبت حكما فِي غير مَحل النَّص وَقد استغني عَنْهَا فِي مَحل النَّص بَاطِل
لأَنا نقُول كَمَا أَن المتعدية وَسِيلَة إِلَى إِثْبَات الحكم فالقاصرة وَسِيلَة إِلَى نَفْيه وَكِلَاهُمَا مقصودان فان إِثْبَات الحكم فِي مَحل النَّفْي مَحْذُور كَمَا أَن نَفْيه فِي مَحل الْإِثْبَات مَحْذُور
ثمَّ تولد من هَذَا النّظر مَسْأَلَة أُخْرَى لفظية فِي الْأُصُول أفردها
1 / 47
الأصوليون بِالنّظرِ وَهِي أَن الحكم فِي مَحل النَّص يُضَاف إِلَى النَّص أَو الْعلَّة
قَالَ الشَّافِعِي رض تُضَاف إِلَى النَّص وَقَالَ أَبُو حنيفَة ﵀ تُضَاف إِلَى الْعلَّة
يتَفَرَّع عَن هَذَا الأَصْل مسَائِل
مِنْهَا أَن الْخَارِج من غير السَّبِيلَيْنِ لَا ينْقض الْوضُوء عِنْد الشَّافِعِي رض فَإِن الْعلَّة فِيهِ مَقْصُورَة على مَحل النَّص وَهُوَ خُرُوج الْخَارِج من المسلك الْمُعْتَاد
وَعِنْده ينْقض فَإِن الْعلَّة فِي الأَصْل خُرُوج النَّجَاسَة من بدن الْآدَمِيّ
وَمِنْهَا الْإِفْطَار بِالْأَكْلِ وَالشرب فِي نَهَار رَمَضَان فَإِنَّهُ لَا
1 / 48
يُوجب الْكَفَّارَة عندنَا لِأَن الْعلَّة فِيهِ خُصُوص الْجِمَاع
وَعِنْده عُمُوم الْإِفْسَاد
وَمِنْهَا أَن عِلّة تَحْرِيم الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ الثمينة المختصة بهما
وَعِنْده الْوَزْن مَعَ الجنسية
وَمِنْهَا أَن عِلّة وجوب نَفَقَة الْقَرِيب البعضية المختصة بالوالدين والمولودين
وَعِنْده عُمُوم الرَّحِم وفسروا الرَّحِم الْمحرم بِأَن كل شَخْصَيْنِ لَو كَانَ أَحدهمَا ذكرا وَالْآخر أُنْثَى حرم عَلَيْهِ نِكَاحه فَإِنَّهُ يسْتَحق النَّفَقَة
1 / 49
مَسْأَلَة ٣
الزِّيَادَة على النَّص لَيست نسخا عندنَا
وَذهب أَبُو حنيفَة رض إِلَى أَنَّهَا نسخ فَلَا تجوز إِلَّا بِمَا يجوز النّسخ بِهِ
وَاعْلَم أَن هَذِه الْمَسْأَلَة أَيْضا من الْمسَائِل اللفظية فِي الْأُصُول فان الْخلاف فِيهَا مَبْنِيّ على الْخلاف فِي حَقِيقَة النّسخ وَمَا هيته
فحقيقة النّسخ عندنَا رفع الحكم الثَّابِت
وَعِنْدهم هُوَ بَيَان لمُدَّة الحكم فان صَحَّ تَفْسِير النّسخ بِالْبَيَانِ صَحَّ قَوْلهم أَن الزِّيَادَة على النَّص نسخ من حَيْثُ أَنَّهَا بَيَان لكمية الْعِبَادَة أَو كيفيتها وان صَحَّ تَفْسِيره بِالرَّفْع لم تكن الزِّيَادَة نسخا وَيتَفَرَّع عَن هَذَا الأَصْل مسَائِل
1 / 50
مِنْهَا أَن النِّيَّة وَاجِبَة فِي الْوضُوء عندنَا لِأَن أشتراطها لَا يُوجب نسخا
وَعِنْدهم لَا تجب لِأَن الله تَعَالَى ذكر غسل الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة فِي الْوضُوء وَلم يذكر النِّيَّة فَمن أوجبهَا فقد زَاد على النَّص
وَمِنْهَا أَن التَّغْرِيب يشرع مَعَ الْجلد عندنَا
وَعِنْدهم لَا يشرع لِأَن الله تَعَالَى ذكر الْجلد وَلم يذكر التَّغْرِيب فَمن أوجبه فقد زَاد على النَّص وَالزِّيَادَة على النَّص
1 / 51
نسخ
وَمِنْهَا أَن الْقَضَاء بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين جَائِز عندنَا للْأَخْبَار والْآثَار الْوَارِدَة فِيهِ
وَعِنْدهم لَا يجوز لِأَن الله تَعَالَى ذكر الرجلَيْن وَالرجل والمرأتين وَلم يذكر الشَّاهِد وَالْيَمِين فَمن عمل بهما فقد زَاد على النَّص
1 / 52