قال ابن هشام (٢: ٥٦٠): حدثني أبو عبيدة: أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمّى سنة الوفود.
قال ابن إسحاق (٢: ٥٦٠، ٥٦١- ٥٦٢): فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميميّ في أشراف من بني تميم، فيهم الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم وغيرهم، في وفد عظيم من بني تميم، فلما دخلوا المسجد نادوا رسول الله ﷺ من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله ﷺ من صياحهم، فخرج إليهم، فقالوا: جئناك يا محمد لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: قد أذنت لخطيبكم فليقل. فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ وهو أهله الذي جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزّ أهل المشرق، وأكثره عددا، وأيسره عدّة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا وإنا نعرف بذلك. أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، أو أمر أفضل من أمرنا، ثم جلس. فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس بن الشماس أخي بني الحارث بن الخزرج: قم فأجب الرجل في خطبته. فقام ثابت بن قيس فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهنّ أمره، وسع كرسيّه علمه، ولم يك شيء قطّ إلا من فضله، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمه نسبا، وأصدقه حديثا، وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابه وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله ﷺ المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا، وأحسن الناس وجوها، وخير الناس فعالا، ثم كان أوّل الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله ﷺ نحن، فنحن الأنصار أنصار الله ووزراء رسول الله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا. أقول هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم ورحمة الله.