المبحث الأول من عوامل تكوين شخصية البخاري
نذكر هنا بعض الأسباب التي ساعدت في تنشئة هذا الإِمام الرباني، وذلك كله بعد توفيق الله تعالى.
١ - صلاح الأبوين:
لم يصلنا من أخبار والديه إِلا القليل.
فأما أبوه إِسماعيل، فكان حريصا على العلم ولقى الأكابر، فقد رحل الى مدينة الرسول ﷺ لسماع مالك بن أنس، وإلى البصرة لسماع حماد بن زيد، والتقى بعبد الله بن المبارك، وصافحه بكلتا يديه (^١).
وكان لإسماعيل هذا مال كثير، ورث منه الإِمام البخاري شيئا جليلا أعانه على طلب الحديث.
قال وراق البخاري: سمعت محمدين خراش يقول: سمعت أحمد بن حفص يقول: دخلت على إِسماعيل والد أبي عبد الله عند موته فقال: "لا أعلم من مالي درهما من حرام ولا درهما من شبهة" (^٢).
ومثل هذا الورع العظيم يدل على ما وراءه من صلاح. فمن هذا المال "الطيب" كان البخاري يأكل. ومنه أيضا كان ينفق في الطلب -فكيف لا يبارك له في علمه وعلى هذا الأساس قام؟ وأما أمه فكانت مستجابة الدعوة،