300

============================================================

9 أخبار الغريض فنظرت إلى الصبح ، فودع كل واحد منهم صاحبه أحسن وداع ما سمعت به قط :

ثم انصرفا . فقمت ومضيت إلى إيلى وأضطجعت. وكل واحد منهما يمشى خطوة ثم يلتفت إلى صاحبه. فجاء بعد ما أصبحنا، فرفع برديه ثم قال : يا أخا بنى تميم، حتى متى تنام ؟ فقمت وتوضات وصليت وحلبت إبلى وأعانتى عليها، وهو أظهر الناس سرورا، ثم دعوته إلى القداء فتغدى ، ثم قام إلى عيبته ففتحها، فإذا فيها سلاح وبردان مما كسته الملوك . فأعطانى أحدهما وقال : أما والله لو كان معى شىء ما أذخرته عنك . وحدثنى حديثه وانتسب لى، فإذا هو جميل والمرأة بثينة وقال لى : إنى قد قلت أبياتا من بعد منصرفى من عندها ، فهل لك إن رأيتها أن تنشدها؟ قلت : نعم . وأنشدنى : فما أنس م الأشياء لا أنس قولها وقد قربت نضوى أمضر تريد الابيان : ثم ودعنى وأنصرف. فمكثت، حتى أخذت الإبل مراعيها. ثم عمدت إلى دهن كان معى فدهنت به رأسى ، ثم ارتديت بالبرد وأتيت المرأة ، فقلت : السلام عليكم ، إنى جئت أمس طالبا واليوم زائرا ، أفتأذنون؟ قالت : نعم . فسمعت جويرية تقول لها : يا بتينة ، عليه والله برد جميل ! فجعلت أثنى على ضيف وأذكر فضله ، وقلت : إنه قد ذكرك بأحسن الذكر ، فهل أنت بارزة لى حتى أنظر إليك؟ قالت : نعم . فلبست ثيابها ثم برزت ودعت لى بطرف، ثم قالت : يا أخا بنى تميم ، والله ما توباك هذان بمشتبهين، ودعت بعيبتها فأخرجت لى ملحفة مشبعة من العصفر ، ثم قالت : أقسمت عليك لتقومن إلى كسر البيت ولتخلعن مذرعتك (1) ثم لتتزرن بهذه الملحفة، فهى أشبه بيزدك .

ففعلت ذلك وأخذت مذرعتى بيدى وجعلتها إلى جانبى، ثم أنشدتها الأبيات .

(1) المدرعة : ثوب من الصوف

Page 300