296

============================================================

أخبار الغريض 289

دق الباب فما أجابنى أحد . قالوا: إن الغريض هناك. فرجعت فدققت الباب فلم يجبنى أحد . فقلت: إن تفعنى غنائى يوما نفعنى اليوم. فاندفعت فغنيت لحنى فى شعر جميل: علقت الهوى منها وليدا فلم يزل إلى اليوم ينمى حبها ويزيد فوالله ما سمعت حركة الباب، فقلت : بطل سخرى (1) وضاع سفرى وجيت أطلب ما هو عسير على ، وأحتقرت نفسى وقلت : لم يتوهمنى (2) لضعف غنائى عنده . فما شعرت إلا بصاتح يصيح: يا معبد المغنى، افهم وتلق عنى شعر جميل الذى تفتى فيه ياشق البخت، وغنى : 43 وما أنس م الأشياء لاأنس قولها وقد قربت نضوى (3) أمضر تريد ولا قولها لولا العيون التى ترى أتيتك فاعذزنى فدتك جدود خليلى ما آخفى من الوجد باطن ودمعى بما قلت الفداة شهيد يقولون جاهد يا جميل بغزوة وأى جهاد غيرهن آريد لكل حديث عندهن بشاشة وكل قتيل ينهن شهيد قال : فلقد سمعت شيئا لم أسمع أحسن منه ، وقصر(4) إلى نفسى، وعلمت فضيلته على بما أحس من نفسه ، وقلت: إنه لحري بالأستتار من الناس ، تنزيها لنفسه وتعظيما لقدره ، وإن مثله لا يستحق الابتذال، ولا أن تتداوله الرجال .

فأردت الأنصراف إلى المدينة راجعا ، فلما كنت غير بعيد إذا بصايتح يصيح بى : .

يا معبد ، انظر (5) أكلمك. فرجعت . فقال لى: إن الغريض يدعوك . فأسرعت فرحا، فدنوت من الباب. فقال لى : أتحب الدخول ؟ فقلت : وهل إلى ذلك من سبيل؟ فقرع الباب ففتح . فقال لى : أدخل ولا تطل الجلوس . فدخلت ، فإذا شمس طالعة فى بيت، فسلمت . فرد السلام . فقال : أجلس . فجلست ، فإذا أنبل (1) بطل سحرى ، أى ضاعت حيلى وخاب مكرى. والذى فى الأصل : " بطل شعرى .

(2) لم يتوهمى : لم يتبيى ولم يعرفى.(3) النضو: المهزول من الإبل : (5) انظر : انتظر.

(4) قصر: صنر: 3- 19 تجريد الأغان

Page 296