قبلي إلى الغرر، وخلّفت في الثقة.
وهذا الباب من الأبواب التي تكسر سكور [١] الفساد، ويهاج بها قربات [٢] البلاء، ويغنى البصير اللطيف ما ينتهك من الأمور في ذلك [٣] . فإنّا قد رأينا الملك الرشيد السعيد المنصور المكفىّ المظفر [١٠١] الحازم في الفرصة، البصير بالعورة، اللطيف [للشبهة] [٤] المبسوط له في العلم والعمر، يجتهد فلا يعدو [٥] صلاح ملكه حياته [٦]، إلّا أن يتشبّه به متشبّه. ورأينا الملك القصير عمره، القريبة مدّته، إذا كان سعيه بإرسال اللسان بما قال، واليد بما عملت، بغير تدبير [٧] يدرك، أفسد جميع ما قدّم له من الصلاح قبله، ويخلّف المملكة خرابا على من بعده [٨] .
- «وقد علمت أنكم ستبلون [٩] مع الملك بالأزواج والأولاد والقرناء والوزراء والأخدان والأنصار والأصحاب والأعوان والمتنصّحين والمتقربين والمضحكين والمزيّنين [١٠]: كلّ هؤلاء- إلّا قليلا- أن يأخذ لنفسه أحبّ إليه من أن يعطى منها، وإنّما عمله لسوق يومه وحياة غده. فنصيحته الملوك [١١] فضل نصيحته لنفسه، وغاية الصلاح عنده صلاح نفسه، وغاية الفساد عنده فسادها.