وصاح حفني: أهلا. كيف أنت يا زين.
وصاح شوقي: أتعرفه.
والتفت زين أخيرا إلى شوقي: أهلا حضرة الضابط، تفضل. كيف أنت يا حفني؟
وحين هدأت التحايا قال شوقي في غيظ موجها كلامه لحفني: ولأنك تعرف ضباط البوليس تريد أن تأخذ الدنيا في وشك؟
وقال حفني في ثقة وعدم مبالاة: أنت الآن في القسم، اكتب شكواك واترك الأمر للبوليس يأخذ إجراءاته. - وهل بقي فيها إجراءات! طلعت صاحب البوليس.
وقال زين وهو يكتم غيظه: يا حضرة الضابط لا لزوم لهذا، ومعرفتي بحفني بك لن تمنعني من إعطائك حقك إن كنت صاحب حق. - وهل عاد فيها حق؟ - سترى. - وهو كذلك.
وروى القصة وما إن انتهى منها حتى ضحك زين: ألا تعرف حفني بك؟ - عرفته بين رأسي الفرسين. - حفني بك الوسيمي.
ونظر شوقي إلى حفني نظرة متفرسة: أأنت الذي تكتب في مجلة الفن؟
وقهقه زين أخيرا وقد أحس أن الحرج الذي وقع فيه قد انجاب عنه إلى غير رجعة. - هو الذي يكتب في مجلة الفن، وأخوه حلمي الوسيمي الوطني المشهور. - ولماذا لم تقل هذا من الصبح يا أخي؟ - وهل تركت لي فرصة لأقول. - أوجعتني بذلة المحمل. - حقك علي. - ولا حق ولا يحزنون، إلى أين أنت ذاهب؟ - كنت في طريقي لاستئجار عربة. - لمجرد استئجار عربة أم لتذهب بها إلى مكان معين؟ - والله كنت سأفكر أين أذهب بعد أن أركب. - ولا تفكر ولا حاجة، تعال نشرب حاجة أولا ثم فكر على كيف. - تعال معنا يا زين. - والمحضر؟ - اكتبه حين ترجع. - وضحك ثلاثتهم. - على رأيك. - ونادى زين البلوكامين: أنا خارج في مهمة، ولن أغيب. - أمرك يا أفندم.
وفوجئ سائق العربة بالخصمين يخرجان وقد لف كل منهما ذراعه في ذراع خصمه ومعهما أيضا ضابط البوليس، وركب الثلاثة عربته. وصدر إليه الأمر أن يذهب إلى قهوة ريش. وزيد عدد الأصدقاء عند حفني صديقا جديدا سرعان ما تبين له أن صداقته ستكون وطيدة بذلك الإحساس الخفي الذي لا يعرف مأتاه إلا خالق النفوس وباريها.
Unknown page