Tahrir Afkar
تحرير الأفكار
Genres
وقال ابن حجر: « وهو مذهب للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك، لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه، ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عبرة لمن تدبر. وبمثل هذا الرأي لا يقدح في رجل قد ثبتت عدالته... ».
وقوله: « استقر الأمر على ترك ذلك » غير مسلم، فما زال أئمة الزيدية يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويجاهدون في سبيل الله.
وقوله: « ففي وقعة الحرة وابن الأشعث » هاتان الوقعتان قبل زمان الحسن ابن صالح.
وقوله « وبمثل هذا الرأي لا يقدح في رجل قد ثبتت عدالته وورعه ».
يقال عليه: إذا لم تثبت العدالة والورع فيتوقف في الراوي لعدم ثبوت العدالة، وإن ثبتت فلا يجرح بهذا الرأي عدل دون عدل. فانظر كيف جعل هذا الرأي صالحا للجرح وغير صالح، باعتبار الفضل وعدمه بزعمه، مع أن السبب يكون سببا بالنسبة إلى الراوين على سواء أو غير سبب كذلك.
والتحقيق أنهم لما احتاجوا إلى توثيق الحسن بن صالح قالوا فيه ذلك، ولما لم يحتاجوا أن يجعلوا عبادا حجة، وهو شيعي، قالوا فيه ما قالوا، مع أنه من أهل الفضل والصلاح وإن لم يعرفوا له ذلك.
فبان أنهم لا يقلدون في جرح الشيعة، وأن الجرح نظري اجتهادي على هذا الأساس. فكيف يصح الاتباع فيه من دون معرفة الحجه فيه ؟
وأما مراوغة بعض القوم في هذا، حيث قال: لا يجب العمل بالجرح إذا لم يعرف سببه، لكنه يكون ريبة في المجروح، فيجب الوقف فيه من أجل هذا الجرح، فلا تقبل روايته إلا بعد البحث والتثبت.
فالجواب: إن الجرح إذا كان من الخصم وكان الظاهر أنه لأجل مخالفة المذهب كجرحهم في أبي خالد، فإن الجرح لا يكون ريبة، لا سيما إذا كانوا قد صرحوا بأنه شيعي، فإن جرحهم له يقرب إلى معرفة عدالته عند من عرف تشددهم على أخيار الشيعة وفضلائهم.
Page 71