Taḥrīr al-afkār
تحرير الأفكار
فمن هنا كانت السطوة للعثمانية ومذاهبها وأحاديثها، وكان الشيعة ومذاهبهم وأحاديثهم في حالة ضد حالة العثمانية، فكان من لديه حديث من حديثهم أو مما ينصر مذهبهم يحتاج إلى التحفظ عند روايته حذرا من ضرر أو مفسدة، أما الضرر فيخشاه من الحكومة مع كثرة من يخشى منه تبليغها وإغراؤها بالراوي، أو يخشاه من العثمانية لعداوة المذهب. وأما المفسدة فقد يكون عنده كثير من السنة يريد تبليغها، وإذا روى ما ينفر عنه العامة فاته تبليغهم ما يريد تبليغهم وهو الكثير الطيب، فيترك رواية ما ينفرهم أو يخشى من جرح العثمانية له ورميه بالرفض ونحوه من الأسماء المنفرة ليفسدوا بذلك حديثه حتى لا يقبل عنه فيتحفظ رواية ما يخشى منه أن يسبب لذلك ولا يرويه إلا لمن يثق به كابنه وبعض خاصته ومن وثق بموافقته في المذهب وعدم إشاعته عنه في حياته. وقد قدمت جملة في الدلالة على أن حالتهم كانت حالة خوف يحتاجون معها إلى السكوت عن ذكر الأحاديث التي يخافون منها الضرر أو المفسدة، ونذكر هنا ما تيسر للدلالة على ذلك فنقول:
في نسخة تذكرة الذهبي ( ج 2 ص 243 ط الثانية، الهند ) في ترجمة النسائي: قال ابن مندة عن حمزة العقبي وغيره: إن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق، فسئل بها عما جاء من فضائل معاوية، فقال ألا ترضى رأسا برأس حتى تفضل ؟ قال: فما زالوا يدفعون في خصييه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفي بها(1)[157]). قال الدارقطني: خرج حاجا فامتحن بدمشق وأدرك الشهادة فقال: احملوني إلى مكة فحمل وتوفي بها وهو مدفون بين الصفا والمروة. انتهى.
وفي أثناء ترجمته قبل هذا عن محمد بن موسى المأموني صاحب النسائي: سمعت قوما ينكرون على أبي عبد الرحمن أي النسائي كتاب الخصائص لعلي(رضي الله عنه)وتركه تصنيف فضائل الشيخين... الخ.
Page 317