Tahqiq Wusul
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
Genres
14
[aphorism]
قال أبقراط: «الأجواف» الجوف يطلق في اللغة على كل تجويف وفي اصطلاح الأطباء يقال لشيئين أحدهما المحيط بالرئة والقلب وهو الصدر PageVW1P019A ويسمى الجوف الأعلى والثاني المحيط بالمعدة والأمعاء والكبد وغيرهم ويسمى الجوف الأسفل. وبالجملة يكون في الشتاء والربيع «أسخن ما يكون بالطبع» وذلك بأن يكون الإسخان من الحرارة الغريزية نفسها فإنها تقوى في الباطن في هذين الفصلين والفصول أربعة PageVW0P017B شتاء وربيع وصيف وخريف ومراد الأطباء بها غير مراد * أرباب (114) الحساب النجومي فإن الربيع عند الأطباء من ابتداء نشوء الأشجار وظهور الأزهار إلى اشتداد الحر سواء تقدم على الربيع الحسابي أو تأخر. والخريف هو من ابتداء تغير الورق إلى الاصفرار وابتداء سقوطه إلى اشتداد البرد وما سواهما إن كان شديد الحر فهو الصيف وإن كان شديد البرد فهو الشتاء والربيع معتدل في الفاعلين أعني الحرارة والبرودة * لكنه زائد (115) في الرطوبة إذا لم يحدث فيه ما * يزيل الرطوبة الشتوية وكذلك الخريف إلا أنه خارج عن الاعتدال في اليبوسة (116) والصيف حار يابس، والشتاء بالضد. فائدة: الجسم إذا سخن باطنه برد ظاهره وبالعكس. وهو المراد عندهم بالتعاقب واختلف في سببه. فقال أرسطو PageVW1P019B إن الحرارة تهرب من خارج إلى داخل للبرد الخارجي فتنمو هناك ورد بأن الحرارة الغريزية انتقلت إلى داخل بانتقال الجوهر القائمة هي به * وهو (117) الرطوبة الغريزية. وقال آخرون سببه أن الهواء الخارجي يكثف الجلد فيمتنع تحلل البخار الدخاني فيحتبس ويقوي لذلك الحرارة PageVW0P018A ورد هذا أيضا بأن هذه فضلة وهي إذا احتبست ضرت. وقال الرازي إن هذا غلظ في الحس وذلك لأن ظاهر الجسم يكون باردا في الشتاء لبرد الهواء الخارجي فيحس بحرارة في الباطن ورد بأنا نرى شهوة الطعام والهضم في زمان الشتاء أقوى. قال القرشي والحق في ذلك أن كل جسم له قوة مسخنة أو مبردة لجميعه فإنه * إذا (118) أصاب ذلك الجسم كيفية مضادة لتلك الكيفية منع تأثيرها في الظاهر وحينئذ يبقى تأثيرها في الأجزاء الباطنة فقط فيقوى تأثيرها لأن القوة الواحدة إذا فعلت في موضع صغير وموضع كبير كان تأثيرها في الصغير * أقوى (119) وهذا هو PageVW1P020A الذي اختاره الشيخ وأورد عليه ابن القف أنه أيضا يلزم عليه انتقال الأعراض وأجاب عنه بأن الحرارة إنما انتقلت إلى الباطن بانتقال محلها وحينئذ يسخن الباطن فيهما «والنوم فيهما أطول ما يكون» لكثرة الرطوبة الهوائية والبدنية وكثرة الدم في الربيع. وقال جالينوس سببه طول الليل * وواقفه (120) ابن القف فيه مع ضمه لأسباب أخر، وأبطله القرشي * معللا ذلك (121) بأن ليل الخريف أطول من الربيع PageVW0P018B «فينبغي في هذين الوقتين» أعني الشتاء والربيع «أن يكون ما يتناول من الأغذية * أكثر (122) وذلك أن الحار الغريزي» أي الحرارة الغريزية «في الأبدان في هذين الوقتين كثير ولذلك يحتاج إلى غذاء كثير» دليل على وجوب تكثير الغذاء في هذين الوقتين فيندفع بهذا دعوى التكرار «والدليل على ذلك» أي كون الحرارة الغريزية حينئذ تقتضي تكثير الغذاء في هذين الوقتين «أمر الأسنان» كما في الأحداث «والصريعين» أي المكثرين * للصراع (123) وذلك لأن الحرارة في أبدان هؤلاء متزايدة وضعف هذا الدليل بأن المقتضى في هذا * السن (124) ليس هو الحرارة نفسها بل يضاف إليها كثرة التحليل PageVW1P020B والاحتياج إلى زيادة النمو وفي المصارعين هو الحركة * القوية (125) الموجبة لزيادة التحليل. تنبيه: يؤخذ من استعماله الأجواف بدون لفظة كل أن بعض الأجواف لا يكون كذلك في زمن الشتاء وهو كذلك فإن من الحيوانات ما تكون حرارتها ضعيفة * وهذه (126) منها ما لا يحتاج إلى الغذاء أصلا في هذا الزمان لضعف حرارتها ولتوفر الرطوبات في أبدانها بكثرة تناولها للثمار واللحوم قبل الشتاء كالدب فإنه يقيم PageVW0P019A مدة الشتاء لا يأكل شيئا. ومنها ما يستولي البرد على ظاهرها * وباطنها (127) في هذه المدة فيموت أو يبقى ملقى كالميت كالحية، ولذلك صارت هذه الحيوانات تطلب الأماكن الدفيئة من الأرض حينئذ. هذا والغذاء كما ينظر في كميته عند الاحتياج إلى تناوله كما تقدم كذلك ننظر في * كيفيته (128) أيضا.
15
[aphorism]
قال أبقرتط: «الأغذية الرطبة» قال بعضهم المراد بالغذاء الرطب الغذاء الرقيق في القوام كماء الشعير وماء العسل والأول ينفع الحارة والثاني ينفع الباردة . والقرشي * جوز (129) أن يكون المراد به هو الذي إذا ورد على البدن وانفعل * عن (130) الحرارة PageVW1P021A الغريزية أثر فيه رطوبة أزيد مما كان عليه واعترض على هذا التفسير بالحمى البلغمية وبمحموم * مستسق (131) فإنه بهذا التفسير غير موافق لهما ورجح أن المراد به ما يكون سريع الاستحالة إلى الخلط الذي يرطب البدن بالتغذية وهو الغذاء التفه المائي كمرقة اللحم وأمراق الفواريح وماء الشعير * والأغذية (132) بهذا التفسير موافق لجميع المحمومين * هذا ولو ملت الأغذية الرطبة في هذا الفصل على ما هو الظاهر منه لم يمتنع ذلك وذلك لأن الحمى من حيث هي حمى حرارة غريبة وتميل إلى اليبوسة في الصفراوية وإلى الليونة في البلغمية، وهذا لا يخلو من تجفيف. فلو استعمل من الأغذية المذكورة بالمعنى المذكور في الحميات اللينة مقدار بحيث يكون مقاوما ومعدلا للتجفيف الحادث لنفع خصوصا عند الاشتداد ولذلك (133) « * توافق جميع المحمومين» وتوافق أيضا من هو رطب المزاج في حال صحته سواء كان (134) بالطبع كالصبيان أو بالعادة كمن اعتاد PageVW1P021B تناول الأغذية PageVW0P019B الرطبة لأن الصحة تحفظ بالمثل وإلى ذلك أشار بقوله «لا سيما الصبيان وغيرهم ممن قد اعتاد أن يغتذي بالأغذية الرطبة» وذلك لأن الأغذية الرطبة توافقهم من جهة المشاكلة. هذا والأغذية تختلف في تناولها للمريض بحسب المرات.
16
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن نقدم قبل الشروع في الكلام على هذا الفصل قانونا تنبني عليه أحكامه وهو معرفة القوة الهاضمة في قوتها وضعفها وتوسطها * ومعرفة حال البدن في امتلائه من المادة وخلوه منها وتوسطه. أما القوة (135) فإن كانت قوية فتقلل المرات وتكثر الكمية لأنها حينئذ تستوفي الواجب * بذلك (136) ، وإن كانت ضعيفة فبالضد، وإن كانت متوسطة فمتوسط في ذلك. وأما حال البدن في مواده فإنه إن كان ممتلئا فتقلل المرات والغذاء أيضا لعدم الاحتياج إليه حينئذ، وإن كان خاليا فبالضد للاحتياج إليه، وإن كان متوسطا فيتوسط في ذلك. هذا بالنظر إلى كل واحدة على حدة. وأما إذا اجتمعا فيراعى كل واحد منهما. مثلا إذا كان PageVW1P022A البدن ممتلئا قوي الهضم * يكثر (137) كمية الغذاء و يقلل العدد والتغذية. إما الأولان فلأن القوة إذا كانت قوية تستوفي الواجب PageVW0P020A * منه (138) في مرة واحدة وتسكن الشهوة * بكثرة (139) كمية الغذاء. وأما تقليل تغذيته فلعدم احتياج البدن إليه ويقاس على ذلك.
[commentary]
Unknown page