127

Taḥqīq al-murād fī anna al-nahy yaqtaḍī al-fasād

تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد

Investigator

د. إبراهيم محمد السلفيتي

Publisher

دار الكتب الثقافية

Publisher Location

الكويت

وَعَن الثَّانِي أَن الصِّحَّة على ثَلَاثَة أَقسَام صِحَة عقلية وَهِي إِمْكَان الشَّيْء وقبوله للوجود والعدم فِي نظر الْعقل كإمكان الْأَجْسَام والأعراض
وَصِحَّة عَادِية كالحركة الممكنة من الْقَادِر عَلَيْهَا مثل الْمُسَمّى أماما ويمينا وَشمَالًا دون الصعُود فِي الْهَوَاء
وَصِحَّة شَرْعِيَّة وَهِي للْإِذْن الشَّرْعِيّ فِي جَوَاز الْإِقْدَام على الْفِعْل والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِي الصِّحَّة الشَّرْعِيَّة وَمَا ذَكرُوهُ فِي قَضِيَّة الْأَعْمَى والزمن دَلِيلا على الْعَبَث وَالْفساد إِنَّمَا هُوَ دَال على اشْتِرَاط الصِّحَّة العادية وَهِي مجمع على اعْتِبَارهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَة مَأْمُور بِهِ ومنهي عَنهُ وَلَا مَشْرُوع على الْإِطْلَاق إِلَّا وَفِيه الصِّحَّة العادية بل لم يَقع فِي اللُّغَة طلب وجود وَلَا عدم إِلَّا فِيمَا يَصح عَادَة فالدليل الَّذِي ذَكرُوهُ لَا يُجَامع صُورَة النزاع وَلَئِن سلمنَا أَن مَا ذَكرُوهُ يدل على الصِّحَّة الشَّرْعِيَّة فالامتناع فِي الْمنْهِي عَنهُ لم يَأْتِ من ذَاته حَتَّى يقبح النَّهْي عَنهُ بل إِنَّمَا جَاءَ من تَعْلِيق النَّهْي بِهِ فَلم يكن مُمْتَنعا شرعا إِلَّا بعد النَّهْي والمستقبح إِنَّمَا هُوَ النَّهْي عَن مُمْتَنع وُقُوعه قبل النَّهْي بِسَبَب آخر
سلمناه لَكِن مَا الْمَانِع من حمل النَّهْي على النّسخ كَمَا إِذا قَالَ الْمُوكل لوَكِيله لَا تبع هَذَا فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ نهيا فِي الصِّيغَة لكنه نسخ فِي الْحَقِيقَة لتِلْك الصِّحَّة السَّابِقَة ثمَّ إِن هَذَا منقوض بقوله تَعَالَى ﴿وَلَا تنْكِحُوا المشركات﴾ ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم﴾ وَقَوله ﷺ للحائض دعِي الصَّلَاة

1 / 186