Tahqiq Amal
تحقيق الآمال فيما ينفع الميت من الأعمال
Genres
وفي الإكثار من ذكر الموت، واستشعار قرب نزوله، فوائد جليلة، ومنافع كثيرة، منها الزهد في الدنيا، والقناعة باليسير منها، وملازمة الأعمال الصالحة التي هي زاد الآخرة، ومجانبة السيئات والمخالفات، والمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى منها، إن كان قد قارفها.
وفي نسيان ذكر الموت وإطالة الأمل، أضداد هذه الفوائد وهذه المنافع، من شدة الرغبة في الدنيا، وشدة الحرص على جمع حطامها، والتمتع بشهواتها، والاغترار بزخارفها، وتسويف التوبة من الذنوب، والتكاسل عن الأعمال الصالحة.
وقد قال السلف الصالح رحمهم الله: من طال أمله ساء عمله.
وقال علي كرم الله وجهه: (أخوف ما أخاف عليكم، اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة)، انتهى، وفي الحديث المرفوع: ((أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى وطول الأمل)).
ولا خير بحال فيما ينسي الآخرة من الآمال، وهو الأمل الذي استعاذ منه عليه الصلاة والسلام، فقال: ((أعوذ بك من كل أمل يلهيني))، ومن دعائه صلوات الله عليه: ((وأعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة، ومن حياة تمنع خير الممات، ومن أمل يمنع خير العمل)).
فإذا غلب على قلب الإنسان استشعار طول البقاء في الدنيا، غلب عليه الاهتمام لها، والسعي لجمعها، حتى يغفل عن الآخرة وعن التزود لمعاده فيبغته الموت وهو على ذلك، فيلقى الله مفلسا من الأعمال الصالحة، فيندم ويتحسر، حيث لا ينفعه التحسر فيقول: {ياليتني قدمت لحياتي}[الفجر:24]، و{رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت}[المؤمنون:99،100].
Page 74