Tahqiq al-Maqam fima Yata'allaq Bi-Awqat al-Nahy 'an al-Salat min Ahkam
تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
الأعداد ٨٥-١٠٠ السنوات ٢٢-٢٥ المحرم ١٤١٠-ذو الحجة ١٤١٣هـ/ ١٩٩٠
Publication Year
١٩٩٣م
Genres
مقدمة
...
تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام
بقلم: د/ عيد بن سفر الحجيلي
الأستاذ المساعد بكلية الشريعة
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًاَ عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإن للصلاة أهمية عظمى ويكفي في بيان عظم شأنها وعلو قدرها أنها عمود الإسلام وثاني أركانه وبيان ذلك قول النبي ﷺ: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" ١ وقوله ﷺ: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسوله الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" ٢. والأحاديث الدالة على أهمية الصلاة وبيان فضلها كثيرة جدًا، ولم يكن فضل الصلاة خاصًا بالفرائض بل إن في التطوع من عظيم الأجر وجزيل الثواب مالا يحصيه إلا الله ﷾ ومما جاء في ذلك قوله ﷺ: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم
_________
١ أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان (باب ما جاء في حرمة الصلاة) ٥/ ١١-١٢ حديث ٢٦١٦ وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
٢ أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الإيمان (باب دعاؤكم إيمانكم) ١/٨ ومسلم في كتاب الإيمان (باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام) ١/ ٤٥ حديث ١٦.
1 / 219
ثنتى عشرة ركعة تطوعًا غير فريضة إلا بنى الله له بيتًا في الجنة. أو بنى له بيت في الجنة" ١.
وقوله ﷺ: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" ٢.
وحيث ثبت عن النبي ﷺ النهي عن الصلاة في بعض الأوقات، واختلف العلماء في عدد هذه الأوقات وفيما يباح من الصلاة فيها مما لا يباح لاسيما تحية المسجد التي كثر الخلاف في الوقت الحاضر في فعلها في وقت النهي وقد رأيت من دخل المسجد بعد أذان المغرب فجلس ولم يصلها بحجة أن ذلك هو مذهب بعض الأئمة الأربعة علما بأن الصلاة بعد الغروب وقبل صلاة المغرب فعلها الصحابة ﵃ بحضور النبي ﷺ فلم ينكرها٣.
لذلك كله ولأنني لم أعلم من أفرد أوقات النهي ببحث مستقل أحببت أن أسهم في خدمة هذا الموضوع وذلك بدراسته دراسة موازنة من خلال هذا البحث المتواضع الذي سميته: "تحقيق المقام فيما يتعلق في أوقات النهي عن الصلاة من أحكام" وجعلته في بابين وخاتمة اشتمل كل باب على عدة فصول واشتملت بعض الفصول على مباحث كما أن بعض المباحث تضمنت مطالب.
وقد جعلت الباب الأول: في بيان أوقات النهي وفيه فصلان:
الفصل الأول: حكم أوقات النهي من حيث الثبوت وعدمه.
الفصل الثاني: عدد أوقات النهي وفيه تمهيد وثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الأوقات الخمسة التي اشتهرت بالنهي.
المبحث الثاني: النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر هل هو متعلق بفعل الصلاة أو بدخول الوقت.
المبحث الثالث: أوقات أخرى وفيه تمهيد وستة مطالب:
_________
١ أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن) ١/٥٠٣ حديث ٧٢٨.
٢ أخرجه مسلم في الكتاب السابق (باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما) ١/ ٥٠١ حديث ٧٢٥.
٣ كما سيأتي ذلك ص٢٥.
1 / 220
المطلب الأول: وقت ما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب.
المطلب الثاني: وقت إقامة الصلاة.
المطلب الثالث: وقت الخطبة يوم الجمعة.
المطلب الرابع: وقت خطبة العيد والكسوف والاستسقاء.
المطلب الخامس: وقت ما بعد صلاة العيد وقبلها.
المطلب السادس: وقت ما بعد صلاة الجمعة في المسجد.
أما الباب الثاني فهو: في بيان ما يباح ومالا يباح من الصلوات في أوقات النهي واشتمل على تسعة فصول:
الفصل الأول: قضاء الفوائت وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: قضاء الفرائض.
المبحث الثاني: قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة.
المبحث الثالث: قضاء الوتر.
المبحث الرابع: قضاء السنن الراتبة.
الفصل الثاني: الصلاة على الجنازة.
الفصل الثالث: تحية المسجد.
الفصل الرابع: ركعتا الإحرام والطواف والوضوء وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ركعتا الإحرام.
المبحث الثاني: ركعتا الطواف.
المبحث الثالث: ركعتا الوضوء.
الفصل الخامس: صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء وفيه مبحثان:
المبحث الأول: صلاة الكسوف.
المبحث الثاني: صلاة الاستسقاء.
الفصل السادس: سجود التلاوة وسجود الشكر وفيه مبحثان:
المبحث الأول: سجود التلاوة.
المبحث الثاني: سجود الشكر.
الفصل السابع: إعادة الصلاة مع الجماعة.
1 / 221
الفصل الثامن: الصلاة المنذورة وصلاة الاستخارة وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الصلاة المنذورة.
المبحث الثاني: صلاة الاستخارة.
الفصل التاسع: التطوع في مكة في أوقات النهي.
وأما الخاتمة فجعلتها في أهم ما توصلت إليه من نتائج.
وقد سلكت في إعداد هذا البحث المنهج التالي:
١- حاولت حصر جميع المسائل المتعلقة بالبحث ودرست كل مسألة دراسة موازنة بينت فيها المذاهب الأربعة وقد أشير أحيانا إلى أقوال بعض الصحابة والتابعين
وغيرهم من الفقهاء ﵃ أجمعين.
٢- حرصت أن تخرج المسائل بأسلوب سهل فجمعت ما اتفق من المذاهب في الحكم في قوله واحد ثم ذكرت الأقوال الأخرى وبعد ذلك أذكر الأدلة لكل قول ثم أختم المسألة بما يترجح لديّ فيها وبيان سبب الترجيح والرد على أدلة القول المخالف إن وجد.
٣- خرجت الأحاديث الواردة يا البحث فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما وإن لم يكن كذلك ذكرت درجته صحة أو ضعفا من واقع الكتب التي تعنى بذلك.
٤- صرفت النظر عن الترجمة للأعلام خشية الإطالة.
٥- وضعت في نهاية البحث ثلاثة فهارس:
الأول للأحاديث والآثار مرتبة حسب الحروف الهجائية.
والثاني للمصادر والمراجع ورتبتها على الحروف الهجائية أيضا وذكرت اسم
الكتاب والمؤلف وتاريخ وفاته والطبعة والناشر متى ما وجدت شيئا من ذلك.
أما الفهرس الثالث فهو لموضوعات البحث.
وفي الختام أسأل الله ﷾ أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يوفقني للعمل الذي يرضيه عني إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على سيد خلقه عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 222
بيان أوقات النهي
حكم أوقات النهي من حيث الثبوت وعدمه
...
الباب الأول
بيان أوقات النهي
1 / 223
الفصل الأول
حكم أوقات النهي من حيث الثبوت وعدمه
أكثر أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على ثبوت النهي عن الصلاة في بعض الأوقات١، وقد حكى النووي الإجماع على ذلك٢.
ومن الأدلة لهم ما يأتي:
١- عن أبي هريرة ﵁ قال: نهى رسول الله ﷺ عن صلاتين، بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب ٣.
٢- عن ابن عباس ﵄ قال:" شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر، أن النبي ﷺ نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس وبعد العصر حتى تغرب" ٤.
٣- عن عطاء بن يزيد الجندعي أنه سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس " ٥.
٤- عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" ٦.
_________
١ انظر مختصر الطحاوي: ٢٤، الهداية ١/ ٤٠، القوانين الفقهية: ٥٣، مختصر خليل: ٢٤، المهذب ١/ ٩٢، روضة الطالبين ١/١٩٢، الهداية لأبي الخطاب ١/ ٤١، الفروع ١/٥٧٢.
٢ شرح النووي على صحيح مسلم ٦/ ٠ ١ ١، وانظر أيضا فتح الباري ٢/ ٥٩، بلوغ الأماني ٢/٢٩٦.
٣ أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس " و"باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس ٢/ ٤٥ا-١٤٦، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها "باب الأوقات التي نهر عن الصلاة فيها ا/٥٦٦ حديث ٨٢٥.
٤ أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس"١/١٤٥، ومسلم في الكتاب والباب السابقين ١/٥٦٦ -٥٦٧ حديث ٨٢٦.
٥ أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس "١/١٤٥-١٤٦، ومسلم في الكتاب والباب السابقين ١/٥٦٧ حديث ٨٢٧.
٦ أخرجه البخاري بهذا اللفظ في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس،- وبلفظ آخر في لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس ١/١٤٥، وأخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين ١/٥٦٧ -٥٦٨ حديث ٨٢٨.
1 / 224
٥- وعنه أيضا قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب " ١.
٦- عن عقبة بن عامر الجهني ﵁ قال: ثلاث ساعات كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة٢ حتى تميل الشمس وحين تضئ! الشمس للغروب حتى تغرب " ٣.
وحكى الحافظ ابن حجر عن طائفة من السلف إباحة التطوع في كل وقت حيث قال: "قال النووي أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهي عنها واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها".. إلى أن قال: "قلت: وما نقله من الإجماع والاتفاق متعقب، فقد حكى غيره الإباحة مطلقا وأن أحاديث النهي منسوخة، وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وبذلك جزم ابن حزم، وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلوات "٤.
قلت: دعوى النسخ لا دليل عليها فتبقى أحاديث النهى محكمة. قال ابن حزم: "وأما من رأى من أصحابنا النهى عن الصلاة بعد صلاة العصر منسوخا بصلاته ﵇ الركعتين فكان يصح هذا لولا حديث وهب بن الأجدع الذي ذكرنا من إباحته ﵇ الصلاة بعد العصر مادامت الشمس مرتفعة فبطل النسخ في ذلك "٥ أهـ. فثبت بهذا أن أوقات النهي ثابتة.
_________
١ أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس " ١/ ١٤٥ ومسلم في الكتاب والباب السابقين ١/٥٦٨ حديث ٥٢٩.
٢ معنى حين يقوم قائم الظهيرة: أي حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق ولا في المغرب، والمعنى حال استواء الشمس. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي ٤/٦ ١ ١، سبل السلام ١/٣٢٦.
٣ أخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين ١/٥٦٨ -٥٦٩ حديث ١ ٨٣.
٤ فتح الباري ٢/ ٢٥٩ وأنظر أيضا شرح الزرقاني على موطأ الامام مالك ٢/ ٤٦، بلوغ الأماني ٢/ ٢٩٦.
٥١لمحلى ٣/٤٦.
1 / 225
عدد أوقات النهي
تمهيد
...
الفصل الثاني عدد أوقات النهي
بالنظر في الأحاديث السابقة في حكم أوقات النهي يتبين أن هناك خمسة أوقات منهي عن الصلاة فيها، دل حديث عقبة بن عامر الجهني ﵁ على ثلاثة منها هي: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب، وزادت بقية الأحاديث وقتين هما بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
وحيث اختلف العلماء في عدد أوقات النهي فذكر بعضهم أنها خمسة واشتهر النص على ذلك في كثير من كتب الفقه١، وزاد بعضهم عليها ونقص البعض الآخر٢، كما اختلفوا في تعلق النهي عن الصلاة بعد الفجر هل هو بطلوع الفجر أو بصلاة الفجر رأيت أن أجعل الكلام في هذا الفصل في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: في الأوقات الخمسة ومعرفة من عدها جميعا أوقات نهي ومن عد بعضها وبيان الراجح من ذلك. أما المبحث الثاني: فجعلته في تعلق النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر. بينما جعلت المبحث الثالث في أوقات أخرى زادها بعض العلماء فأقول وبالله التوفيق.
_________
١ ومنها المبسوط ١/ ١٥٠، المهذب ١ /٩٢، حلية العلماء العلماء٢/ ١٨٥، روضة الطالبين ١ /١٩٢، كفاية الأخيار ١/ ١٣٠، الهداية لأبي الخطاب ١/ ١ ٤، المحرر ١/ ٨٦، الفروع ١/ ٥٧٢، الإنصاف ٢/ ١ ٠ ٢، الإقناع ١/١٥٧، شرح منتهى الإرادات ١/ ٢٤٢.
٢ كما يتضح ذلك إن شاء الله في بيان مباحث هذا الفصل.
1 / 226
المبحث الأول
الأوقات الخمسة
اختلف العلماء في عد هذه الأوقات أوقات نهي على أربعة أقوال:
الأول: أن الأوقات الخمسة كلها أوقات نهي وهي من بعد الفجر١ حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها حتى ترتفع، وإذا استوت حتى تزول، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، ومن حين تتضيف للغروب حتى تغرب.
وبه قال الحنفية٢، والحنابلة٣، وكذا الشافعية إلا أنهم استثنوا وقت الزوال يوم الجمعة٤، وروى الترخيص يوم الجمعة عن طاوس والحسن ومكحول والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق وأبي يوسف٥، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية٦، وقال ابن مفلح في الفروع:٧ "وظاهر الجواز ولو لم يحضر الجامع ".
ومن هؤلاء من جعل الأوقات الخمسة ثلاثة حيث جعل من بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس قيد رمح وقت ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس وقت، وهذا هو الذي حكاه ابن قدامة في المغني عن الإمام أحمد حيث قال: "اختلف أهل العلم في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى أنها من بعد الفجر حتى ترتفع
_________
١ ويأتي في المبحث الثاني اختلاف العلماء في تعلق النهي هل هو بطلوع الفجر أو بصلاة الفجر.
٢ مختصر الطحاوي ص ٢٤، الهداية ١/ ٤٠- ا ٤، الاختيار لتعليل المختار ١/ ٤٠- ا ٤، اللباب في شرح الكتاب ١/٨٨-٨٩
٣ انظر الهداية ١/ ١ ٤، المقنع ص ٣٥، الفروع ١/٥٧٢، الإنصاف ٢/ ١ ٢٠-٢٠٣، الإقناع ١ /١٥٧، شرح منتهى الإرادات ١/٢٤٢
٤ انظر المهذب ١/٩٢-٩٣، روضة الطالبين ١/١٩٤، كفاية الأخيار ١/١٣٠- ا ١٣، مغنى المحتاج ١/١٢٨.
٥ انظر الأوسط ٤/ ١ ٩، السنن الكبرى ٢/ ٤٦٥، معرفة السنن والآثار ٣/ ٤٣٩، المغني ٢/ ٥٣٦، بدائع الصنائع ١/ ٢٩٦.
٦ انظر الاختيارات الفقهية: ص ٦٦، الإنصاف ٢/ ٢ ٢٠.
٧ ١ / ٥٧٢.
1 / 227
الشمس قدر رمح وبعد العصر حتى تغرب الشمس وحال قيام الشمس حتى تزول، وعدها أصحابه خمسة أوقات من الفجر إلى طلوع الشمس وقت ومن طلوعها إلى ارتفاعها وقت وحال قيامها وقت ومن العصر إلى شروع الشمس في الغروب وقت وإلى تكامل الغروب وقت "١ أهـ.
وممن جزم بأن الأوقات ثلاثة من الحنابلة مرعي بن يوسف في دليل الطالب حيث قال: "فصل في أوقات النهي وهي من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس قيد رمح ومن العصر إلى غروب الشمس وعند قيامها حتى تزول "٢.
ومن الشافعية النووي حيث قال: "وتكره الصلاة عند الاستواء إلا يوم الجمعة وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس كرمح والعصر حتى تغرب "٣.
القول الثاني: أن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها أربعة، وهي الأوقات التي ذكرها أصحاب القول الأول عدا وقت الزوال مطلقا أي بدون فرق بين يوم الجمعة وغيره، وبه قال المالكية٤.
الثالث: أنها أربعة أيضا وهي المذكورة في القول الأول كذلك، عدا بعد العصر
وبه قال بعض العلماء٥. وممن رخص في الصلاة بعد صلاة العصر علي وعائشة والزبير وابنه وتميم الداري والنعمان بن بشير وأبو أيوب الأنصاري ﵃ أجمعين٦. الرابع: أنها ثلاثة فقط وهي المذكورة في حديث عقبة بن عامر ﵁ وهي حين تطلع الشمس حتى ترتفع وعند استوائها حتى تزول وحين تتضيف للغروب حتى تغرب وبه قال ابن المنذر٧.
_________
١ المغنى ١/٥٢٣.
٢ دليل الطالب ص ٤١، وانظر أيضا منار السبيل ١/١١٦.
٣ انظر المنهاج مع مغني المحتاج ١/١٢٨.
٤ انظر الكافي ١/١٦٥، بداية المجتهد ١/١٢٧، القوانين الفقهية ص ٥٣، مختمر خليل ص ٢٤.
٥ حكى ذلك ولم ينسبه لأحد ابن عبد البر في الاستذكار ١٤٩/١، وابن رشد في بداية المجتهد ١٢٧/١.
٦ انظر المغنى ٢/٥٢٧.
٧ انظر الإقناع لابن المنذر ١/٨٣، المغنى ٢/ ٥٢٤.
1 / 228
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول على أن أوقات النهى خمسة:
بالأحاديث السابقة في حكم أوقات النهى حيث دلت على خمسة أوقات نهى عن الصلاة فيها.
واستدل الشافعية ومن معهم على استثناء يوم الجمعة بما يأتي:
١- عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ١.
٢- عن أبي قتادة عن النبي ﷺ أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: "إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة ٢.
٣- أن النعاس يغلب في هذا الوقت فيطرد بالتنفل خوفا من انتقاض الوضوء، لأن الخروج من المسجد فيه مشقة٣.
٤- أن الناس ينتظرون الجمعة في هذا الوقت وليس عليهم قطع النوافل، لأن النبي ﷺ استحب التبكير إلى الجنة ثم رغب في الصلاة إلى خروج الإمام من غير تخصيص ولا استثناء٤.
واستدل أصحاب القول الثاني على استثناء وقت الزوال: بعمل أهل
_________
١ أخرجه الشافعي في مسنده ص ٦٣، والبيهقي في السنن الكبرى ٢/٤٦٤، والبغوي في شرح السنة ٣/ ٣٢٩، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ١/١٨٨ "وإسحاق وإبراهيم ضعيفان.. ورواه الأثرم بسند فيه الواقدي وهو متروك ".
٢ رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال١/٦٥٣حديث ١٥٨٣ وقال هو مرسل مجاهد أكبرمن أبي الخليل وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ١/ ١٨٩: "وفيه ليث بن أسلم وهو ضعيف "، ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٤٦٤ وقال: وله شواهد وإن كانت أسانيدها ضعيفة!.
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار ٣/٤٣٨: "ورواية أبي هريرة وأبي سعيد في إسنادها من لا يحتج به ولكنها إذا انضمت إلى رواية أبي قتادة أخذت بعض القوة".
وضعف النووي في المجموع ١٧٥/٤ حديث الرخصة في الصلاة يوم الجمعة عند الزوال.
٣ انظر المهذب ١/٩٣، كفاية الأخيار ١/ ١٣١.
٤ انظر السنن الكبرى ٢/ ٤٦٥، المغني ٢/ ٥٣٦، المجموع ٤/ ١٧٥- ١٧٦.
1 / 229
المدينة، حيث لم يجد الإمام مالك العمل عندهم باعتبار وقت الزوال وقت نهى فاعتقد أن النهى منسوخ بعلمهم١.
واستدل أصحاب القول الثالث على استثناء ما بعد العصر بما يأتي:
ا- ما ثبت من فعل النبي ﷺ لذلك كما في حديث عائشة ﵂ أنها قالت: "ما ترك رسول الله ﷺ ركعتين بعد العصر عندي قط " ٢.
٢- عن عائشة ﵂ أنها قالت وهم عمر إنما نهى رسول الله ﷺ أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها ٣.
٣- عن علي ﵁ أن النبي ﷺ: " نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة" ٤.
واستدل أصحاب القول الرابع بما يأتي:
أ- حديث عقبة بن عامر الذي فيه: "ثلاث ساعات كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا.. الحديث٥.
٢- عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" ٦.
٣- حديث عائشة وعلي ﵄ السابقين قريبا في أدلة أصحاب القول الثالث.
_________
١ انظر بداية المجتهد ١/١٢٨.
٢ أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي ﷺ بعد العصر ١/٥٧٢ حديث ٨٣٥.
٣ أخرجه مسلم في الكتاب السابق باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها ١/٥٧١ حديث ٨٣٣.
٤ أخرجه أبو داود واللفظ له في كتاب الصلاة باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة ٥٥/١ حديث ١٢٧٤، والنسائي في كتاب المواقيت باب الرخصة في الصلاة بعد العصر ١/ ٢٨٠. وقال النووي في المجموع٤/١٧٤: "إسناده حسن " وصححه الألباني، انظر صحيح سنن أبي داود ١/٢٣٧.
٥ سبق تخريجه ص ٢٢٥
٦ سبق تخريجه ص ٢٢٤.
1 / 230
الترجيح:
من دراسة الأقوال في المسألة وأدلتها يتبين أن الراجح والله أعلم القول الأول وهو أن الأوقات الخمسة كلها أوقات نهى لدلالة الأحاديث الصحيحة على ذلك، ويمكن جعلها ثلاثة لأن حال الطلوع إلى الارتفاع متصل بما بعد الفجر وحين تتضيف الشمس للغروب داخل في النهى بعد العصر إلى الغروب، فلعل الذين جعلوها خمسة نظروا إلى الأحاديث حيث ذكرتها كذلك.
وأما أدلة الشافعية ومن معهم على استثناء يوم الجمعة فيجاب عنها بما يأتي:
١- حديثا أبى هريرة وأبي قتادة ضعيفان كما سبق ذلك في تخريجهما، وعلى فرض صحتهما فإنهما لا يقويان على معارضة حديث عقبة بن عامر الذي دل بعمومه على النهي عن الصلاة وقت الزوال بدون تفريق بين الجمعة وغيره.
٢- قولهم إن النعاس يغلب في هذا الوقت فيطرد بالتنفل، اجتهاد مع النص لاسيما أن هذا يصلح لمن حضر الجمعة، والأصح عندهم جواز التنفل في هذا الوقت مطلقا سواء حضر الجمعة أولا١.
٣- قولهم إن الناس ينتظرون الجمعة وليس عليهم قطع النوافل، لأن النبي ﷺ رغب فيها إلى خروج الإمام من غير تخصيص ولا استثناء يمكن الجواب عنه بأنه اجتهاد مع النص، ويجب قطع النوافل، إذا حضر وقت النهي لأن ترغيب النبي ﷺ المقصود به الحث على فعل النوافل وعموم ذلك مخصوص بأحاديث النهى.
وأما استدلال أصحاب القول الثاني على استثناء وقت الزوال مطلقا بعمل أهل المدينة واحتمال أن النهى منسوخ بعلمهم فغير مسلم. لاسيما أنه روى عن بعض الصحابة ﵃ أنهم استثنوا من أوقات النهى ما بعد العصر حيث رخصوا
_________
١ انظر روضة الطالبين ١/١٩٤، مغني المحتاج ١/١٢٨.
1 / 231
في الصلاة بعدها١، ولم ينقل عنهم الرخصة في غيرها فدل ذلك على أن النهى عند الزوال باق عندهم.
وأما أدلة أصحاب القول الثالث فأجيب عنها بما يأتي:
١- فعل النبي ﷺ للركعتين بعد العصر من خصائصه صلى الله عليه وسلم٢، لأن ذكوان مولى عائشة روى أنها حدثته أن رسول الله ﷺ كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال ٣.
ولما روى أبو سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله ﷺ يصليهما بعد العصر فقالت كان يصليهما قبل العصر ثم انه شغل عنهما أونسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها ٤.
٢- رد عائشة خبر عمر ﵄ الدال على النهى عن الصلاة بعد العصر فيه نظر، لأن عمررضي الله عنه مثبت لروايته عن النبي ﷺ ورواه غيره من الصحابة أبو سعيد وعمرو بن عبسه وأبو هريرة وابن عمر والصنابحي وأم سلمة، وعائشة ﵂ لعلها قالت برأيها٥. وعلى القول بروايتها أن النبي ﷺ إنما نهى أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها فإن أكثر ما فيه إثبات النهي في هذين الوقتين والنهي بعد العصر ثبت بالأحاديث الأخرى.
٣- حديث علي ﵁ دل على جواز الصلاة بعد العصر إذا كانت الشمس مرتفعة بالمفهوم والأحاديث الأخرى دلت على المنع بمنطوقها والمنطوق مقدم على المفهوم.
_________
١ كما سبق ذلك في القول الثالث.
٢ انظر كشاف القناع ١/٤٥٣.
٣ أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة ١/٥٩، حديث ١٢٨٠ وضعفه الألباني. في ضعيف سنن أبي داود ص ١٢٥ وقال في إرواء الغليل ٢/ ١٨٩:" ورجال إسناده ثقات ولكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه " اهـ. وأحاديث النهي عن الوصال في الصوم صحيحة. انظر صحيح مسلم بشرح النووي ٧/ ٢١١- ٢١٥.
٤ أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب معرفة الركعتين كان يصليهما النبي ىسيم بعد العصر ١/٥٧٢ حديث ٨٣٥.
٥ انظر المغني ٢/ ٥٢٥.
1 / 232
وأما أدلة أصحاب القول الرابع: فأكثر ما فيها إثبات النهي في تلك الأوقات الثلاثة وليس فيها ما يدل على الإباحة فيما عداها، فبقية الأحاديث أثبت بقية أوقات النهي الخمسة والله أعلم بالصواب.
المبحث الثاني النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر هل هو متعلق بفعل الصلاة أو بدخول الوقت اتفق القائلون بالنهي عن الصلاة في هذين الوقتين على أن النهي بعد العصر متعلق بفعل الصلاة أي أن من لم يصل العصر له التنفل بما شاء ولا عبرة بدخول وقت العصر. قال ابن قدامة: "والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة فمن لم يصل أبيح له التنفل وإن صلى غيره ومن صلى العصر فليس التنفل وإن لم يصل أحد سواه لا نعلم في هذا خلافا عند من يمنع الصلاة بعد العصر"١. وقال النووي: " لا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر بل لا يدخل حتى يصليها"٢. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والنهي في العصر معلق بصلاة العصر فإذا صلاها لم يصل بعدها وإن كان غيره لم يصل، وما لم يصلها فله أن يصلى، وهذا ثابت بالنص والاتفاق "٣. واختلفوا في تعلق النهي عن الصلاة بعد الفجر على قولين: _________ ١ المغني ٢/٥٢٥. ٢ المجموع ٤/١٦٧. ٣ مجموع الفتاوى ٢٣/ ٢٠٠.
المبحث الثاني النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر هل هو متعلق بفعل الصلاة أو بدخول الوقت اتفق القائلون بالنهي عن الصلاة في هذين الوقتين على أن النهي بعد العصر متعلق بفعل الصلاة أي أن من لم يصل العصر له التنفل بما شاء ولا عبرة بدخول وقت العصر. قال ابن قدامة: "والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة فمن لم يصل أبيح له التنفل وإن صلى غيره ومن صلى العصر فليس التنفل وإن لم يصل أحد سواه لا نعلم في هذا خلافا عند من يمنع الصلاة بعد العصر"١. وقال النووي: " لا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر بل لا يدخل حتى يصليها"٢. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والنهي في العصر معلق بصلاة العصر فإذا صلاها لم يصل بعدها وإن كان غيره لم يصل، وما لم يصلها فله أن يصلى، وهذا ثابت بالنص والاتفاق "٣. واختلفوا في تعلق النهي عن الصلاة بعد الفجر على قولين: _________ ١ المغني ٢/٥٢٥. ٢ المجموع ٤/١٦٧. ٣ مجموع الفتاوى ٢٣/ ٢٠٠.
1 / 233
الأول: أن النهي متعلق بفعل الصلاة كالعصر وبه قال الحسن البصري١، والشافعي٢، وأحمد في رواية٣، ومال إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: " ... فأما قبل الفجر فلا وجه للنهي، لكن لا يسن ذلك الوقت إلا الفجر سنتها وفرضها"، وقال أيضا: "فإذا قيل لا سنة بعد طلوع الفجر إلا ركعتان فهذا صحيح وأما النهي العام فلا٤.
الثاني: أن النهي متعلق بطلوع الفجر أي أنه بعد طلوع الفجر الثاني يكره التنفل بما عدا ركعتي الفجر سواء صل الفجر أو لم يصل٥، روى ذلك عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب والعلاء بن زياد وحميد بن عبد الرحمن والنخعي٦.
وإليه ذهب أبو حنيفة٧، ومالك٨، وأحمد في المشهور٩ وهو وجه للشافعية وحكاه النووي عن أكثر العلماء١٠، وقال الترمذي: "وهو ما اجتمع عليه أهل العلم كرهوا أن يصلى الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر"١١.
_________
١ انظر المغني ٢/ ٥٢٥، مجموع الفتاوى ٢٣/ ٠ ٢٠، سبل السلام ١/ ٢٤٥.
٢ انظر المهذب ١/٩٢، روضة الطالبين١ /١٩٢، كفاية الأخيار ١/ ١٣٠.
٣ انظر المغني ٢/ ٥٢٥، الفروع ١/ ٥٧٢، الإنصاف ٢/ ٢ ٢٠.
٤ مجموع الفتاوى ٢٣/ ٢ ٠ ٢، ٥ ٠ ٢.
٥ عدم كراهة ركعتي الفجر قبل الصلاة لا خلاف فيه لأنه وقتهما وورد استثناؤهما من النهي بالأحاديث الآتية قريبا للاستدلال لهذا القول.
أما فعلهما بعد الصلاة فهي مسألة خلافية يأتي الكلام عنها ص ٢٥١.
٦ انظر المغني ٢/ ٥٢٥، مجموع الفتاوى ٢٣/٢٠٠.
٧ انظر المبسوط ١/ ١٥٠، االهداية ١/ ٤٠، الاختيار لتعليل المختار ١/ ٤١.
٨ انظر الكافي ١/ ١٦٥، القوانين الفقهية ص ٥٣، مختصر خليل ص ٢٤.
٩ انظر الهداية لأبي الخطاب ١/ ٤١، المغني ٢/ ٥٢٥، الفروع١/٥٧٢، الإنصاف ٢/٢ ٢٠، دليل الطالب ص٤١، شرح منتهى الإرادات١ /٢٤٢.
١٠ انظر المجموع٤ /١٦٧.
١١ سنن الترمذي ٢/ ٢٨٠.
1 / 234
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
١- عن عطاء بن يزيد الليثي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله ﷺ: " لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس " ١.
٢- ما جاء في حديث عمرو بن عبسه أن النبي ﷺ قال: "صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع " ٢.
٣- عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ: " نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس " ٣.
ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح كما نهى عن الصلاة بعد العصر فدل ذلك على أن النهي متعلق بفعل الصلاة، لأن النهي بعد العصر متعلق بفعل الصلاة بلا خلاف، ولو أنه أراد الوقت لاستثنى ركعتي الفجر والفرض "٤.
واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
١- عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين " ٥.
_________
١ سبق تخريجه ص ٢٢٤.
٢ أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب إسلام عمرو بن عبسة ١/ ٥٦٩-٥٧٠ حديث ٨٣٢.
٣ سبق تخريجه ص ٢٢٤.
٤ انظر المغني ٢/ ٢٦ ٥، مجموع الفتاوى ٢٣/ ٢ ٠ ٢-٠٣ ٢.
٥ أخرجه الترمذي واللفظ له في أبواب الصلاة باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين٢/٢٧٨ حديث ٤١٩ وقال: "حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى وروى عنه غير واحد" وذكر الزيلعي في نصب الراية ١/٢٥٦ طرق- أخرى له من غير طريق قدامة بن موسى وقال: "وكل ذلك يعكر على الترمذي في قوله لا نعرفه إلا من حديث ابن قدامة". وأخرجه أيضا أبوداود في كتاب الصلاة باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة١ /٥٨حديث ١٢٧٨، والبيهقي في السنن الكبرى ١/٤٦٥، والمروزي في مختصر قيام الليل ص ١٩١ وصححه الألباني. انظر إرواء الغليل ٢/٢٣٢.
1 / 235
٢- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ كان يقول: "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر" ١.
٣- عن حفصة قالت: " كان رسول الله ﷺ إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين " ٢ وكون النبي ﷺ لا يزيد عليهما مع حرصه على الصلاة د ليل على كراهة غيرهما في هذا الوقت٣.
الترجيح:
بالنظر إلى أدلة القولين في المسألة يظهر والله أعلم أن الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني وهو أن النهي عن الصلاة بعد الفجر متعلق بطلوع الفجر لا بفعل الصلاة وأنه إذا طلع الفجر الثاني كره التنفل بما عدا ركعتي الفجر، لصراحة الأدلة على ذلك، ولا تعارضها أدلة أصحاب القول الأول لأن أكثر ما فيها أنها دلت على النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر وليس فيها ما يدل على عدم النهي عند طلوع الفجر إلا بدليل الخطاب، وأدلة أصحاب القول الثاني دلت على النهي عند طلوع الفجر بالمنطوق، والمنطوق يقدم على المفهوم، كما أن حديث عمرو بن عبسه أحد أدلة أصحاب القول الأول اختلفت ألفاظه فجاء عند ابن ماجه بلفظ "فقلت هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى؟ قال: "نعم جوف الليل الأوسط فصل ما بدا لك حتى يطلع الصبح ثم انته حتى تطلع الشمس "٤.
_________
١ رواه البيهقي في السنن الكبرى واللفظ له ١/ ٤٦٥، ٤٦٦، والدارقطني ١/٢٤٦، والمروزي في محتصر قيام الليل ص ١٩١ وصحح أحمد محمد شاكر أسانيده في هامش الترمذي ٢/ ٢٨٠.
٢ أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها في باب استحباب ركعتي الفجر ١/ ٥٠٠ حديث ٧٢٣.
٣ انظر الهداية للمرغيناني ١/ ٤٠.
٤ سنن ابن ماجة كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة ٣٩٦/١ حديث١٢٥١. وانظر المغني ٢/ ٥٢٦.
1 / 236
أوقات أخرى
تمهيد
...
المبحث الثالث أوقات أخرى
التمهيد:
إن الأوقات التي سبق ذكرها هي ما اشتهر من أوقات النهي وقد نص بعض العلماء على أن حصرها بذلك إنها هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية وإلاّ فهناك أوقات أخرى كوقت صعود الإمام لخطبة الجمعة وعند إقامة الصلاة١.
قلت: وقد ذكر الكاساني أن أوقات الكراهة اثنا عشر، ما بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع، وعند استوائها إلى أن تزول، وعند تغيرها وهو احمرارها واصفرارها إلى أن تغرب، وما بعد طلوع الفجر إلى صلاة الفجر، وما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وما بعد صلاة العصر إلى مغيب الشمس، وما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب، وما بعد شروع الإمام في الصلاة وقبل شروعه بعد ما أخذ المؤذن في الصلاة، ووقت الخطبة يوم الجمعة، وما بعد خروج الإمام للخطبة يوم الجمعة قبل أن يشتغل بها، وما بعد فراغه منها قبل أن يشرع في الصلاة، وما قبل صلاة العيد٢.
وذكر الخوارزمي أنها اثنا عشر أيضا هي: وقت الطلوع، والغروب والاستواء، وبعد طلوع الفجر، وبعد الفريضة قبل طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر قبل التغير، وبعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، وعند الخطبة يوم الجمعة، وعند الإقامة يوم الجمعة، وعند خطبة العيد، وعند خطبة الكسوف، وعند خطبة الاستسقاء٣.
وذكر ابن جزي أن أوقات النهي عشرة عند طلوع الشمس، وغروبها، وبعد الصبح إلى الطلوع، وبعد العصر إلى الغروب، وبعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح، وعند الزوال وليس بوقت نهي على المشهور، وبعد الغروب قبل المغرب، وإذا كان الإمام على
_________
١ انظر كفاية الأخيار ١/ ١٣١، مغني المحتاج ١/١٢٩.
٢ بدائع الصنائع ١/ ٢٩٥-٢٩٧.
٣ الكفاية شرح الهداية ١/٢٠٨ -٢٠٩.
1 / 237
المنبر يوم الجمعة في الخطبة وقبلها، وبعد الجمعة في المسجد، وبعد صلاة العيد وقبلها في المصلى دون المسجد١.
وبالنظر إلى مجموع الأوقات التي ذكرها هؤلاء يتبين زيادة ستة أوقات عن الأوقات التي سبقت دراستها. وبيانها في المطالب الآتية:
المطلب الأول ما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب عدّ هذا الوقت من أوقات الكراهة الحنفية٢، والمالكية٣. واستدلوا بما يأتي: ١- ما روى عن شعبة عن أبي شعيب عن طاووس قال: سئل ابن عمر عن الركعتين قبل المغرب فقال: " ما رأيت أحدا على عهد رسول الله ﷺ يصليهما" ٤. ٢- أن التنفل في هذا الوقت فيه تأخير لصلاة المغرب وهو مكروه٥. والصحيح والله أعلم عدم كراهة الصلاة في هذا الوقت لما يأتي: ١- عن عبد الله المزني عن النبي ﷺ قال: "صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهة أن يتخذها الناس سنة" ٦. ٢- عن مختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر؟ فقال: " كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر، وكنا نصلي على عهد النبي ﷺ _________ ١ القوانين الفقهية ص ٥٣، وانظر أيضا مواهب الجليل ١/٤١٥ -٤١٧. ٢ انظر بدائع الصنائع ١/٢٩٧، الهداية ١/ ١ ٤، الاختيار ١/ ١ ٤، الكفاية شرح الهداية ١/ ٢٠٩. ٣ انظر الكافي ١/١٦٥، القوانين الفقهية ص ٥٣، وفي مواهب الجليل١ /٤١٧ أن المشهور أنه وقت نهي وقيل لا. ٤ أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة قبل المغرب ٢/ ٠ ٦ حديث ٢٨٤ ١ وقال: "سمعت يحي بن معين يقول: هو شعيب- يعني وهم شعبة في اسمه- وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص ١٢٦. ٥ انظر بدائع الصنائع ١/٢٩٧، الهداية ١/ ٤١. ٦ أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب الصلاة قبل المغرب ٢/ ٥٤.
المطلب الأول ما بعد الغروب وقبل صلاة المغرب عدّ هذا الوقت من أوقات الكراهة الحنفية٢، والمالكية٣. واستدلوا بما يأتي: ١- ما روى عن شعبة عن أبي شعيب عن طاووس قال: سئل ابن عمر عن الركعتين قبل المغرب فقال: " ما رأيت أحدا على عهد رسول الله ﷺ يصليهما" ٤. ٢- أن التنفل في هذا الوقت فيه تأخير لصلاة المغرب وهو مكروه٥. والصحيح والله أعلم عدم كراهة الصلاة في هذا الوقت لما يأتي: ١- عن عبد الله المزني عن النبي ﷺ قال: "صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهة أن يتخذها الناس سنة" ٦. ٢- عن مختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر؟ فقال: " كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر، وكنا نصلي على عهد النبي ﷺ _________ ١ القوانين الفقهية ص ٥٣، وانظر أيضا مواهب الجليل ١/٤١٥ -٤١٧. ٢ انظر بدائع الصنائع ١/٢٩٧، الهداية ١/ ١ ٤، الاختيار ١/ ١ ٤، الكفاية شرح الهداية ١/ ٢٠٩. ٣ انظر الكافي ١/١٦٥، القوانين الفقهية ص ٥٣، وفي مواهب الجليل١ /٤١٧ أن المشهور أنه وقت نهي وقيل لا. ٤ أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة قبل المغرب ٢/ ٠ ٦ حديث ٢٨٤ ١ وقال: "سمعت يحي بن معين يقول: هو شعيب- يعني وهم شعبة في اسمه- وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص ١٢٦. ٥ انظر بدائع الصنائع ١/٢٩٧، الهداية ١/ ٤١. ٦ أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب الصلاة قبل المغرب ٢/ ٥٤.
1 / 238