Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Genres
مسألة في إثبات نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وذكر معجزاته
العلم بكونه وادعائه النبوة وأنه الذي أتى بالقرآن وشريعة الإسلام فدعا إليها، وأنه هاجر من مكة إلى المدينة، وأنه تحدى بالقرآن علم ضروري يعرفه المخالف والموافق، ويبقى الكلام في معجزاته.
فمن ذلك القرآن، والذي يدل عليه أنه معجز أنه تحدى العرب وقال: إني نبي وهذا القرآن معجزة لي لا يقدر أحد على الإتيان بمثله، وكفرهم وضللهم وسفه أحلامهم وكفر آباءهم، وظهرت عداوتهم له بالنفس والمال مع مشقة، فلو قدروا على مثل القرآن لأتوا به، وهذه الدلالة تنبني على أصول:
أحدها: إنه تحداهم به.
وثانيها: إن دواعيهم كانت متوفرة إلى إيراد مثله.
وثالثها: إنهم لم يوردوا.
ورابعها: إنه لم يكن لذلك وجه إلا العجز، ثم يبقى أسولة لهم، ونحن نذكر ذلك على طريق الإيجاز.
فإن قالوا: لم قلت إنه تحداهم.
قلنا: من المعلوم أنه كان يقرأ عليهم القرآن، ويقرأ على الوفود ويتحداهم به، ويقرأ عليهم: ?قل فأتوا بعشر?[هود:13] وسورة وهم يسمعون ذلك.
وبعد فقد ظهر من الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا التحدي، وكثر أعداء المسلمين، وسمعوا ذلك واحتالوا في أيامه وبعده في إبطال ذلك، فقال بعضهم: إنه سحر، وقال بعضهم: إنه أساطير الأولين، وحاول جماعة معارضته كابن المقفع وغيره فعجزوا.
وبعد فيقال لهم: هبوا أنا سلمنا أنه لم يتحدى أليس علم من عادة العرب التفاخر بالكلام والشعر، فكيف يجوز أن يسمعوا كلاما فيه ذمهم وذم دينهم وذم آبائهم مع ذلك لا يعارضونه ولا يجيبونه، فهذه معجزة ثانية.
Page 174