للمستمع، وهذا حقيقة الصلاة.
قال الآخرون: ليس معكم باشتراط الطهارة له كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح. وأما استدلالكم بقوله: "تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، فهو من أقوى ما يحتجُّ به عليكم. فإنَّ أئمة الحديث والفقه ليس فيهم أحدٌ قطّ نقل عن النبي ﷺ ولا عن أحدٍ من أصحابه أنه سلَّم منه، وقد أنكر أحمدُ السلامَ منه، قال الخطَّابي: وكان أحمد لا يعرف التسليم في هذا (^١). وقال الحسن البصري: [ليس في السجود تسليم] (^٢). ويُذكر نحوه عن إبراهيم النخعي (^٣)، وكذلك المنصوص عن الشافعي أنه لا يسلِّم فيه (^٤).
والذي يدلُّ على ذلك: أن الذين قالوا: يسلَّم منه، إنّما احتجّوا بقول النبي ﷺ: "وتحليلها التسليم"، وبذلك احتجَّ لهم إسحاق (^٥)، وهذا
(^١) في "معالم السنن": (٢/ ١٢٠ - بهامش المختصر). وذكره قبله الكوسج في "مسائله" (٢/ ٧٥١) قال: "أما التسليم لا أدري ما هو"، وابن المنذر في "الأوسط": (٥/ ٢٧٩).
(^٢) ما بين المعكوفين بياض بالأصل، والمثبت من "مصنف عبد الرزاق": (٣/ ٣٥٠)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٤٢٠٦) بنحوه.
(^٣) رواه عبد الرزاق: (٣/ ٣٥٠)، وابن أبي شيبة (٤٢٠٤).
(^٤) نص عليه الشافعي في "البويطي" (ص ٢٩٨ - ٢٩٩)، وذكره الماوردي في "الحاوي": (٢/ ٢٠٤) وغيره.
(^٥) في "مسائل الكوسج" (٢/ ٧٥١) لم يذكر احتجاجَ إسحاق بالحديث. فلعل المؤلف فهم ذلك من سياق كلام الخطابي في "المعالم": (٢/ ١٢٠) حيث قال: "وبه قال إسحاق بن راهويه. واحتجّ لهم بقوله: تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" على أن الضمير في قوله: "واحتج" عائد إلى إسحاق، ولكن لو جعلنا "احْتُجّ" مبنيًّا للمجهول لكان كلامًا مستأنفًا. وهو الظاهر والله أعلم.