وروى عَن مُسلم بن الْوَلِيد أَنه قَالَ جَاءَنِي رَسُول يزِيد بن مزِيد فَجِئْته فَوَجَدته خَارِجا من الْحمام وَهُوَ على كرْسِي وعَلى رَأسه وصيفة بِيَدِهَا غلاف مرْآة والمرآة بِيَدِهِ وَهُوَ يسرح لحيته فَقَالَ لي أَنْشدني فَأَنْشَدته حَتَّى بلغت قولي
(لَا يعيق الطّيب خدية ومفرقه ... وَلَا يسمح عَيْنَيْهِ من الْكحل)
فَوضع الْمرْآة من يَده وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ انصرفي فقد حرم علينا مُسلم الطّيب والكحل فَلَمَّا فرغت من القصيدة قَالَ لي يَا مُسلم أَتَدْرِي مَا الَّذِي حداني على أَنِّي وجهت إِلَيْك قلت لَا وَالله مَا أَدْرِي فَقَالَ كنت عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لي يَا يزِيد من الَّذِي يَقُول فِيك
(سل الْخَلِيفَة سَيْفا من بنى مطر ... يمْضِي فَيقطع الأجساد والهاما)
(كالدهر لَا ينثني عَمَّا يهم بِهِ ... قد أوسع النَّاس إنعاما وإرغاما)
فَقلت وَالله مَا أَدْرِي فَقَالَ الرشيد يَا سُبْحَانَ الله إِنَّك مُقيم على أعرابيتك أيقال فِيك مثل هَذَا الشّعْر وَلَا تَدْرِي من قَائِله فَسَأَلت ق ٥٦ عَن قَائِله فَأخْبرت أَنَّك هُوَ فَقُمْ حَتَّى أدْخلك على أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ قَامَ فَدخل على الرشيد فَمَا علمت حَتَّى خرج الْآذِن عَليّ فَدخلت على الرشيد فَأَنْشَدته مَا لي فِيهِ من الشّعْر فَأمر لي بِمِائَتي ألف دِرْهَم فَلَمَّا انصرفت أَمر لي يزِيد بِمِائَة ألف وَتِسْعين ألف دِرْهَم أُخْرَى وَقَالَ لَا يجوز أَن أُعْطِيك