مقدمة (*)
الحمد لله العلي العظيم، حمدًا مباركًا كما ينبغي لجلال وجهه الكريم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وصلى الله وسلم على آله وعترته الطاهرين الطيبين، وصحبه السادة المقربين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
وبعد.. فهذا كتاب التهذيب في اختصار المدونة، أو تهذيب المدونة والمختلطة، للإمام الفقيه البارع خلف بن أبي القاسم البراذعي القيرواني، أحسن في إيجازه واختصاره دون بسط وانتشار حتى يكون ذلك أدعى لنشاط الدارس، وأسرع لفهمه وعدة لتذكرته، فقد اتسم بسلامة اللفظ، ودقة الأسلوب، وتصحيح الروايات باتصال سند روايته لسحنون.
فدعاني ذلك إلى أن أقوم بتحقيقه وضبطه وتصحيحه معتمدًا على النسخ الخطية المتعددة، متجنبًا إثبات الفروض خشية الإطالة على الباحث، ثم التعليق على بعض مسائله المهمة، وتخريج أحاديثه وآثاره، وشرح غريب ألفاظه، وعرضه على المدونة الكبرى وما نقل عنها، وكذلك قمت بترقيم مسائله ترقيمًا تقريبيًا، حتى تتسم الفائدة، وعمل فهرس ليسهل على القارئ الاستفادة منه، وعمل مقدمة تشمل التعريف بالمصنف، وقيمة الكتاب العلمية، ونسخه الخطية، ووضع رسالة التعريف بأصحاب مالك لابن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣هـ.
وقد طُبع الكتاب أثناء عملي في الكتاب، مما ساعد في إتمام النفع، فجزى الله من قام على إخراجه خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
هذا والله الموفق للخير والصواب، وما فيه النجاح والفلاح للعباد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
* * *
_________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
ترجمة مختصرة للمصنف (*) هو الشيخ الفقيه الإمام خلف بن أبي القاسم محمد الأزدي القيرواني البراذعي، وقيل: البرادعي. لم يعرف تحديدًا سنة ولادته، وكذلك وفاته. قال عن نفسه لطلبته: فخذ بعلمي ولا تنظر إلى عملي ... كلّ الثمار وخلّ العود للنار من شيوخه: ١ - أبو القاسم بن خلف بن شبلون، توفي سنة ٣٩٠هـ. ٢ - أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري، ابن القابسي، توفي سنة ٤٠٣هـ. ٣ - أبو محمد عبد الله بن أبي زيد النفري القيرواني، توفي سنة ٣٨٦هـ. ٤ - أبو بكر هبة الله بن محمد بن أبي عقبة التميمي، توفي سنة ٣٦٩هـ. ٥ - أبو سعيد خلف بن عمر بن هشام الربعي الحناط، توفي سنة ٣٧٣هـ. ومن تلامذته: ١ - أبو الوليد حجاج بن محمد بن عبد الملك بن حجاج، اللخمي المركيشي الإشبيلي توفي سنة ٤٢٩هـ. ٢ - أبو بكر أحمد بن أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القاضي توفي سنة ٤٦٠هـ. ٣ - أبو بكر محمد بن مغيرة القرشي. ٤ - أبو بكر بن عتيق بن فرج. من مصنفاته: ١ - تهذيب المدونة، كتابنا هذا. ٢ - تمهيد مسائل المدونة. ٣ - الشرح والتتمات لمسائل المدونة. ٤ - مختصر الواضحة لعبد الملك بن حبيب. ٥ - الوعظ. وانظر ترجمته: ترتيب المدارك لعياض (٧/٢٥٦) وسير أعلام النبلاء (١٧/٣٤٣)، والأعلام للزركلي (٢/٣١١)، والديباج المذهب لابن فرحون (١/٣٤٩)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (١/١٠٥)، وهدية العارفين للبغدادي (٥/٣٤٧)، وتاريخ الأدب لبروكلمان (٣/٢٩٠) . * * * _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
قيمة الكتاب وصحة نسبته (*) لمصنفه ونسخه الخطية قال القاضي عياض: وقد ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه، وتيمنوا بدرسه وحفظه وعليه مُعَوّل أكثرهم بالمغرب والأندلس. وقال ابن ناجي: ومن ينظر مدونة سُحنون الذي هو اختصارها يعلم فضيلة البراذعي في اختصاره. ويقول التجيبي: وقد ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه بمغربنا الأقصى، وسموا بدراسته وحفظه، وعليه معول جماعة من الفقهاء اليوم بفاس دار فقه المغرب، والمناظرة في جميع حلق التدريس إنما هي به. وقال ابن خلدون: يتعاهدون كتاب التهذيب في دروسهم. والكتاب ذكره لمصنفه كل من ترجم للمصنف. النسخ الخطية للكتاب: ١ - نسخة المكتبة البلدية بالإسكندرية، رقم (٥١٥٢) ومنها نسخة بدار الكتب ٩ مالكي، وبمعهد المخطوطات العربية، القاهرة. ٢ - نسخة المكتبة الأزهرية، رقم ٣١٢٦. ٣ - نسخة أحمد الثالث، استسانيول، تركيا، رقم ٨٧٢، وعنها صورة فيلمية بمعهد المخطوطات العربية، القاهرة. ٤ - نسخة المكتبة الظاهرية، رقم ٦٣٥٤. ٥ - نسخ المكتبة الأحمدية، بتونس، ٢٦٢٩، ٢٦٣٠، ٢٦٣١. ٦ - نسخة المكتبة العاشورية، تونس، ١٢٠ ف. أ. ٧ - نسخ دار الكتب الوطنية تونس، ٢٣٢٣، ٣٥٥٤، ٤٨٣٤، ٥٩٤٥. ٨ - مكتبة النيفر، ٢٧٦. ٩ - مكتبة حس عبد الوهاب رقم ١٨٠١٢. ١٠ - نسخ المكتبة العبدلية: ١٧١٩، ١٧٢٠، ٥٠٧١، ١٩٩١. ١١ - نسخ خزانة القرويين بفاس: ٣٢١، ٣٢٢، ٣٢٣، ٣٢٤، ٣٢٥، ١١١٨، ١١١٩. ١٢ - نسخة جامعة القرويين رقم ٤٠/٣٢٠. ١٣ - نسخة الخزانة العامة بالرباط، ٨٣٤، الكتانية، وعنها نسخة بمعهد المخطوطات العربية من مصورات اليونسكو، وهي ناقصةالآخر. ١٤ - نسخة الزاوية الحمزية، رقم ٩٠. ١٥ - نسخة خزانة بن يوسف بمراكش رقم ٣٥. ١٦ - نسخة اسكوريال، إسبانيا، رقم ٩٩٥. ١٧ - نسخة دار الكتب المصرية، مكتبة طلعت، رقم ٩٥. ١٨ - نسخة المكتبة الأزهرية رقم ١٦٥٤. ١٩ - نسخ المكتبة الوطنية، باريس، ١٠٥١، ١٠٥٢، ١٠٥٣، ١٠٥٤. * * * _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
التعريف بأصحاب مالك (*) لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ ترجمة ابن عبد البر هو العلامة حافظ المغرب، شيخ الإسلام، علم الأعلام: أبو عمرو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري الأندلسي، القرطبي المالكي. صاحب التصانيف الفائقة الرائقة، التي صارت بها الركبان إلى الأقطار والبلدان. ولد في سنة ثمان وستين وثلاث مائة في شهر ربيع الآخر، وقيل: في جمادي الآخرة، فاختلفت الروايات في الشهر عنه. وطلب العلم بعد التسعين وثلاث مائة، وأدرك الكبار، وطال عمره، وعال سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثق وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان. وفاته السماع من أبيه، فإنه مات قديمًا في سنة ثمانين وثلاث مائة، فكان فقيهًا عابدًا متهجدًا. عاش خمسين سنة، وكان قد تفقه على التُجيبي. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن سنن أبي داود، بروايته عن ابن داسة. وحدث أيضًا عن إسماعيل بن محمد الصفار، بالناسخ والمنسوخ لأبي داود، عن أبي بكر النجاد، وناوله (مسند أحمد بن حنبل) بروايته عن القطيعي. وسمع من المعمر محمد بن عبد الملك بن ضيفون أحاديث الزعفراني بسماعه من ابن الأعرابي عنه. وقرأ تفسير محمد بن سنجر، في مجلدات. وقرأ على أبي القاسم عبد الوارث بن سفيان (موطأ) ابن وهب بروايته عن قاسم بن أصبغ، عن ابن وضاح، عن سُحنون وغيره عنه. وسمع من سعيد بن نصر مولى الناصر لدين الله عنه، وسمع منه في سنة تسعين وثلاثمائة، كتاب (المشكل) لابن قتيبة، وقرأ عليه (مسند الحميدي) وأشياء. وسمع من أبي عمر أحمد بن محمد بن الجور (المدونة) . وسمع من خلف بن القاسم بن سهل الحافظ (تصنيف عبد الله بن عبد الحكم) . وسمع من الحسين بن يعقوب البجائي. وقرأ على عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني (موطأ) ابن القاسم. وقرأ على أبي عمر الطلمنكي أشياء. وقرأ على الحافظ أبي الوليد ابن الفرضي (مسند مالك) . وسمع من يحيى بن عبد الرحمن، ومحمد بن رشيق، وأبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي. وسمع من أحمد بن فتح الرسان، وأبي عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك المسكوي، وأحمد بن القاسم الناهرتي، وعبد الله بن محمد ابن أسد الجهني، وأبي حفص عمر بن الحسين بن نابل، ومحمد بن خليفة الإمام..وعدة. حدث عنه: _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
أبومحمد بن حزم، وأبو محمد بن أبي قُحافة، وأبو العباس بن دليهات الدلآئي، وأبو الحسن بن مفوز عمران بن موسى بن تليد، وطائفة سواهم. وقد أجاز له من ديار مصر: أبو الفتح بن سيبخت صاحب البغوي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأجاز له من الحرم أبو الفتح عبد الله السقطي، وآخر من روى عنه بالإجازة علي بن عبد الله بن موهب الجذامي. قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي. وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل: ابن القاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب. ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما، ولا متخلفًا عنهما وكان من النمر ابن قاسط، طلب وتقدم، ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه، ولزم أبا الوليد الفرضي، ودأب في علم الحديث، وافتنّ به وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار، جلا عن وطنه، فكان في الغرب مدة، ثم تحول إلى شرق الأندلس، فسكن دانية وبلنسية وشاطبة، وبها توفى. وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة. ثناء العلماء عليه: قال أبو القاسم بن بشكوال: ابن عبد البر إمام عصره. وقال أبو الوليد الباجي: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب. وقال ابن حزم: لا أعلم أحدًا في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف أحسن منه.
وقال الذهبي: كان إمامًا دينًا، ثقة، متقنًا، علاّمة، متبحرًا، صاحب سنة واتباع، وكان أولًا أثريًا ظاهريًا فيما قيل، ثم تحول مالكيًا، مع ميل في الفقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك، فإنه بلغ منزلة ورتبة الأئمة المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم، وقوة الفهم وسيلان الذهن، وكل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب الروضة المعصوم، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنة، ونغطي معارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه. مصنفاته: ١- التمهيد لمعرفة ما في الموطأ والمعاني من الأسانيد. ٢- الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من المعاني والآثار. ٣- الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ٤- جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله. ٥- الكافي في مذهب مالك. ٦- الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو. ٧- التقصي في اختصار الموطأ. ٨- الانتقاء لمذهب الثلاثة الفقهاء. ٩- البيان في تلاوة القرآن. ١٠- القصد والأمم في نسب العرب والعجم. ١١- الشواهد في إثبات خبر الواحد. ١٢- الإنصاف في أسماء الله. ١٣- الأجوبة الموعبة. ١٤- المغازي. ١٥- الفرائض. ١٦- بهجة المجالس وأنس الجالس. ١٧- أشعار أبي العتاهية. ١٨- التعريف برواة مالك (وهو كتابنا هذا) . وفاته: قال أبو داود المقرئ مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة، واستكمل خمسًا وتسعين سنة وخمسة أيام ﵀. مصادر الترجمة: ١- جمهرة أنساب العرب (٣٠٢) . ٢- جذوة المقتبس (٣٦٧) . ٣- ترتيب المدارك (٤/٣٠٨) . ٤- فهرست ابن خير (٢١٤) . ٥- وفيات الأعيان (٧/٦٦٠) . ٦- السير (١٨/١٥٣) . ٧- تذكرة الحفاظ (١١٢٣) . ٨- العبر (٣/٢٥٥) . ٩- دول الإسلام (١/٢٧٣) . ١٠- المشتبه (١/١١٧) . وصف المخطوط المخطوط من محفوظات مكتبة فيض الله بإيران تحت رقم ٢١٦٩ وعنها نسخة ميكروفيلمية بمعهد المخطوطات العربية رقم ٤ فقه مالكي، وعدد ورقاته ٩ ورقات ذات وجهين.
وهي مكتوبة بخط نسخ مشرقي رديء، وبها رطوبة شديدة، وقد كتبها لنفسه: محمد بن علي بن عبد الملك بن عبد العزيز القرشي، المعروف بابن القاهري. من خط الحافظ أبي الحسن علي المقدسي مقابلة عليها، وذلك سنة ٦٣٧ من الهجرة. والله الهادي إلى سواء السبيل * * * وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا أخبرنا الشيخ الفقيه الأجل الثقة: أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح القرشي، المعروف بابن رواج. فقرأ عليه بمسجده بثغر الإسكندرية. قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عمرو بن مؤمن الأنصاري. قد مر علينا بالإسكندرية. قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن مؤمن الأنصاري الحداقي قال: نا: أبو عمر بن يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري في كتابه قال: سألتم رحمكم الله عن التعريف بابن وهب وابن القاسم وأشهب؟ فخذوا الجواب منهم ومن حضرني ذكره من نظرائهم من أهل الفقه، من أصحاب مالك. ﵃ أجمعين ١- عبد الله بن وهب ابن مسلم مولى ريحانة، مولاة أبي عبد الرحمن بن يزيد بن أنيس الفهري. يُكنى: أبا محمد. ولد بمصر سنة خمس وعشرين ومائة في ذي القعدة. وقيل: بل ولد سنة أربع وعشرين ومائة. وفي هذا العام مات ابن شهاب ﵀. وروى ابن وهب عن مالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن أبي ذئب وأبي صخر جملية بن زياد حُميد بن هاني، ويونس بن يزيد، ونحو أربعمائة رجل من شيوخ المحدثين بمصر والحجاز والعراق منهم: سفيان الثوري، وابن عيينة، وجرير بن حازم، ومن هو أسن من هؤلاء كابن جريج وعبد الرحمن بن زياد الأفريقي وسعيد ين أيوب وغيرهم. حدثنا عبد الوارث بن سفيان: حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن وهب المصري: ثقة. وقال أحمد بن حنبل: عبد الله بن وهب صحيح الحديث يفضل السماع من العرض والحديث من الحديث، ما أصحّ حديثه وأثبته. فقيل له: أليس كان سيئ الأخذ؟.
قال: قد كان سيئ الأخذ، ولكن إذا نظرت في حديثه، وما روى عن مالك وجدته صحيحًاَ. قال أبو عمر: روى عن ابن وهب جماعة يطول ذكرهم، وقد روى عنه الليث بن سعد، وصرّح باسمه، وقيل أن مالكًا روى عنه عن ابن لهيعة حديث: "بيع العربان"، والله أعلم. ولم يُصرّح مالك في حديث العربان عن أحد، وإنما قال: عن الثقة عنده، عن عمرو ابن شعيب، ومرة قال: إنه بلغه عن عمرو بن شعيب. ومن أروى الناس عن ابن وهب: أُصبغ بن الفرج، وأحمد بن صالح المصري وعيسى ابن حماد زُغبة، ويونس بن عبد الأعلى وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح وسُحنون ابن سعيد، وأحمد بن سعيد الدرامي، وحرملة بن يحيى، وغيرهم. وقد روى عن ابن بكير، وعبد الله بن صالح، كاتب الليث وروينا عن أحمد بن صالح أنه قال: حدثنا ابن وهب مائة ألف حديث، وما رأيت حجازيًا ولا شاميًا ولا مصريًا، أكثر من ابن وهب، وقع عندنا من سبعون ألف حديث. وقال ابن أبي هاشم: سمعت أبا زُرعة يقول: نظرت في حديث ابن وهب نحو ثمانين ألف حديث من حديثه عن المصريين، وغيرهم فما أعلم أني رأيت له حديث لا أصل له، وهو ثقة. قال: سمعت أبا زرعة يقول: ابن وهب أفقه من ابن القاسم. قال أبو عمر يقولون: أن مالكًا ﵀ لم يكتب إلى أحد كتابًا يعنونه بالفقيه إلا إلى كتاب الأهوال من جامعه، فأخذه شيء كالغشي، فحمل إلى داره فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه. توفي ابن وهب بمصر في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة. وهو ابن اثنين وسبعين سنة. وذكر ابو العباس محمد بن إسحاق السراج في تاريخه قال: حدثنا خالد ابن أبي خداش، قال: قرئ على عبد الله بن وهب ما كتبه في أهوال يوم القيامة فخر مغشيًا عليه، فلم يتكلم بكلمة حتى مات، وذلك بمصر سنة سبع وتسعين ومائة.
روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وإبراهيم سبط الوعلاني، وأسامة بن زيد ابن أسلم، وأسامة بن زيد الليثي، وأفلح بن حميد، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبكر بن مضر، وثوابة بن مسعود، والتنوخي، وجابر بن إسماعيل الحضري، وجرير بن حازم البصري، وحرملة بن عمران التجيبي، وحفص بن ميسرة الصنعاني، وأبي صخر حميد ابن زياد المدني، وأبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي، وحيوة بن شريح، وحيي بن عبد الله المعافري -وهو آخر من حدث عنه- وخالد بن حميد المهري، والخليل بن مرة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وداود بن قيس الفراء، وزمعة بن صالح، وزيد بن الحباب -ومات قبله- وسالم بن غيلان التجيبي، وسبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، وسعيد بن أبي أيوب، وسعيد بن عبد الله الجهني، وسفيان الثوري، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وسفيان بن عيينة، وسلمة بن وردان المدني، وسليمان بن بلال، وسليمان بن القاسم بن عبد الرحمن الإسكندراني، وأبي المثنى سليمان بن يزيد الكعبي، وابي السمحاء سهيل بن حسان الصبهاني المصري، وشبيب بن سعيد، والضحاك بن عثمان الحزامي، وطلحة بن أبي سعيد الإسكندراني، وطلحة بن عمرو الحضرمي المكي، وعاصم بن حكيم، وعاصم بن عمر العمري، وأبي خزيمة عبد الله بن طريف المصري، وعبد الله بن عمر العمري، وعبد الله بن لهيعة، وعبد الله بن المسيب المصري، وعبد الله بن يعقوب بن إسحاق المدني، وعبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة المدني، وعبد الجبار بن عمر الأيلي، وعبد الجليل بن حميد اليحصبي، وأبي عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وعبد الرحمن ابن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، وعبد الرحن بن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن زياد ابن أنعم الأفريقي، وعبد الرحمن بن سليمان الحجري، وأبي شريح عبد الرحمن بن شريح، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن الربيع بن سبرة، وعبد العزيز بن
عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الملك بن جريج، وعثمان بن الحكم الجذامي، وعثمان بن عطاء الخراساني، وعمر بن قيس المكي، وعمر بن مالك الشعبي، وعمرو بن محمد بن زيد العمري، وعمرو بن الحارث المصري، وعياش بن عقبة الحضرمي، وعياض ابن عبد الله الفهري، وغوث بن سليمان الحضرمي، ومليح بن سليمان المدني، ومرة بن عبد الرحمن ابن حيوئيل، وقريش بن حيان العجلي، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المربي، والليث بن سعد، والماضي بن محمد الغافقي، ومالك بن أنس، ومالك بن الخير الزيادي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن عمرو اليافعي، ومحمد بن أبي يحيى السلمي، ومخرمة بن بكير الأشج، ومسلم بن خالد الزنجي، ومسلمة بن علي الخشني، ومعاوية بن صالح الحضرمي، ومعروف بن سويد الجذامي، والمنذر بن سويد الجذامي، وموسى بن شيبة الحضرمي، وموسى بن علي بن رباح اللخمي، وناجية بن بكر بن سوادة، ونافع بن يزيد، وهشام بن سعد، وواقد بن سلامة، والوليد بن المغيرة، ويحيى بن إبراهيم المصري، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ، ويونس بن يزيد الأيلي، وعبد الله بن عياش القتباني، وخلق غيرهم كثير. يقول عنه الحافظ الذهبي: لقى بعض صغار التابعين وكان من أوعية العلم، ومن كنوز العمل. وذكر المصنف الحافظ ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) ابن وهب: كان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم، فولع به الشيطان في ذكر عيسى ابن مريم ﵇، كيف خلقه الله تعالى، ونحو هذا، فشكوت ذلك إلى شيخ، قال لي: ابن وهب، قلت: نعم. وقال أبو أحمد بن عدي في (كامله): هو من الثقات، لا أعلم له حديثًا منكرًا، إذا حدّث عنه ثقة. قال أبو زيد بن أبي الغمر: كنا نسمي ابن وهب ديوان العلم.
وقال أحمد بن عبد الرحمن بحشل: طلب عباد بن محمد الأمير عمي ليوليه القضاء، فتغيب عمي، فهدم عباد بعض دارنا، فقال الصباحي لعباد، متى طمع هذا الكذا والكذا أن يلي القضاء: فبلغ ذلك عمي، فدعا عليه بالعمى. قال: فعمي الصباحي بعد جمعة. وقال حاتم بن الليث الجوهري، عن خالد بن خداش: قُرئ على عبد الله بن وهب كتاب (أهول القيامة): يعني من تصنيفه، فخرّ مغشيًا عليه، فلم يتكلم حتى مات بعد ثلاثة أيام. وعن سحنون الفقيه قال: كان ابن وهب قد قسّم دهره أثلاثًا: ثلثًا في الرباط، وثلثًا يعلم الناس بمصر، وثلثًا في الحج، وذُكر أنه حج ستًا وثلاثين حجة، وذُكر أن مالكًا الإمام كان يكتب إليه: إلى عبد الله بن وهب مفتي أهل مصر، ولم يفعل هذا مع غيره، وقد ذكر عن ابن وهب وابن القاسم فقال مالك: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه، وقال أبو زرعة: سمعت ابن بكير يقول: ابن وهب أفقه من ابن القاسم. وقال علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت أبا مصعب يعظم ابن وهب، وسمع أبو مصعب (مسائل مالك) من ابن وهب، ويقول: مسائل ابن وهب عن مالك صحيحة. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنسانًا أصوم يومًا، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانًا أن أتصدّق بدرهم، فمن حب الدرهم تركت الغيبة. قال الذهبي: هكذا والله كان العلماء، وهذا هو ثمرة العالم النافع. وعبد الله حُجة مطلقًا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين افسلام، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثًا منكرًا. قال الذهبي: أكثر في تواليفه من المقاطيع والمعضلات، وأكثر عن ابن سمعان وبايته، وقد تمعقل بعض الأئمة على ابن وهب في أخذه للحديث، وأنه كان يترخّص في الأخذ، وسواء ترخص ورأى ذلك سائغًا، أو تشدد، فمن يروي مائة ألف حديث، ويندر المنكر في سعة ما روى، فإليه المنتهى في الإتقان.
قال الذهبي: مع أنه طلب العلم في الحداثة، نعم، وحدّث عنه خلق كثير، وانتشر علمه، وبعد صيته. قال ابن أخيه: وكان ابن وهب روى عن أربعمائة عالم. أما من روى عنه: الليث بن سعد شيخه، وعبد الرحمن بن مهدي، وأصبغ بن الفرج، وبحر بن نصير بن سابق الخولاني، والحارث بن مسكين، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن سعيد الهمداني، وأحمد بن صالح المصري، وأحمد ابن عبد الرحمن بن وهب (ابن أخيه)، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن عيسى المصري، وأحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان، وغسحاق بن موسى الأنصاري، وأبو حميد حبرة بن لخم ابن المهاجر الإسكندراني، وحجاج بن إبراهيم الأزرق، وحرملة بن يحيى التجيبي، وحميد بن أبي الجون الإسكندراني، وخالد بن خداش بن عجلان المهلبي، والربيع بن سليمان الجيزي، والربيع بن سليمان المرادي، ورجاء بن السندي، وزكريا بن يحيى القضاعي -كاتب العمري-، وزكريا بن يحيى الوقار، وسريج بن النعمان الجوهري، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن عيسى بن تليد، وسعيد بن كثير بن عفير، وسعيد بن منصور، وسفيان بن وكيع بن الجراح، وأبو الربيع سليمان بن داود المهري، وأبو عيم ضرار بن صرد الصحان الكوفي، وعبد الله بن ابي رومان، واسمه: عبد الملك ابن يحيى بن هلال، وعبد الله بن محمد بن رمح التجيبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الرحمن ابن مهدي، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص الخزاعي، وعبد الغني بن رفاعة اللخمي، وعبد المتعالي بن طالب، وعبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، وعثمان ابن صالح السهمي، وعلي بن حرب الطائي الموصلي، وعلي بن خشرم المروزي، وعلي بن المديني، وعمر بن حفص الشيباني، وعمرو ابن سواد بن الأسود العامي السرخسي، وعياش بن الأزرق، وعيسى بن إبراهيم ابن مثرود الغافقي، وعيسى بن أحمد العسقلاني البلخي، وعيسى بن حماد زغبة، وغالب ابن
الوزير المغربي، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن أبي داود بن أبي ناجية، ومحمد بن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، ومحمد بن سلمة المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله المديني، ومحمد ابن يعقوب الزبيري، ومحمد بن يوسف بن الصباح المصيصي، وموهب ابن يزيد ابن خالد بن موهب الرملي، وهارون بن سعيد الأيلي، وهارون بن معروف، وهاشم ابن عبد القاسم الحراني، ووفاء بن سهيل، وأبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني، ووهب بن بيان، ويحيى بن أيوب المقابري، ويحيى ابن سليمان الجعفي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري الليثي، ويزيد ابن خالد بن موهب الرملي، ويعقوب بن محمد الزهري، ويوسف ابن عمر المصري، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، وسحنون بن سعيد المغربي، وغيرهم كثير. قال أحمد بن صالح الحافظ: حدّث ابن وهب بمئة ألف حديث، ما رأيت أحدًا أكثر حديثًا منه، وقع عندنا سبعون ألف حديث عنه. وقال الذهبي: كيف لا يكون من بحور العلم، وقد ضم إلى علمه علم مالك، والليث، ويحيى بن أيوب، وعمر بن الحارث، وغيرهم. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: ثقة. وقال ابن عيينة عن ابن وهب: هو شيخ أهل مصر. وقال أبو حاتم بن حبان: جمع ابن وهب وصنف، وهو حفظ على أهل الحجاز ومصر حديثهم، وعني بجمع ما رووا من المسانيد والمقاطيع، وكان من العُبّاد. وقال محمد بن المسيب الأرغياني، عن يونس بن عبد الأعلى: عُرض على ابن وهب القضاء فجنن نفسه، ولزم بيته، فاطلع عليه رشدين بن سعد، وهو يتوضأ في صحن داره، فقال له: يا أبا محمد لم لا تخرج إلى الناس تقضي بينهم بكتاب الله وسنة رسول الله؟ فرفع رأسه وقال: إلى هاهنا انتهى عقلك؟ أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء، وأن القضاة يحشرون مع السلاطين.
قال الحافظ المزي: وذكر عنه: أنه ذهب عقله وجعل يقول: كذا، ويضرب يده على فخذه، ويتفكر حتى تنكشف فخذه وهو لا يعقل، فرددنا عليه ثوبه، فحمل إلى منزله، فأنزلوه يوم الثالث ميتًا، فنرى والله أعلم، أنه انصدع قلبه، فمات بمصر سنة سبع وتسعين ومائة. قال القاضي: وكان لابن وهب أخ اسمه: عبد الرحمن وولدن: أحمد وعبد العزيز. وأخ اسمه عمرو بن وهب، قيل: له حديث، وما أعرفه. وكان له ابن اسمه: حُميد، ذكر الكندي أنه كان مقبولًا عند قضاة مصر. قال الطحاوي: وكانت فيه بطالة. وقال أبو الطاهر بن عمرو: جاءنا نعي ابن وهب، ونحن في مجلس سفيان ابن عيينة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أصيب به المسلمون عامة، وأصبت به خاصة. وقال الطباع: لما غسلوا ابن وهب وجدوا فيه رطبة، وصلى عليه عباد والي مصر. قال أبو بشير بن قعنب: رأيت ليلة مات ابن وهب كأن مائدة العلم رفعت. وقال الطباع وغيره: بيعت كتبه بعد موته فبلغت خمسمائة دينار. قال القاضي: وألف تواليف كثيرة جليلة المقدار عظيمة المنفع منها: سماعه من مالك ثلاثون كتابًا، وموطأه الكبير، وجامعه الكبير، وكتاب الأهوال، وبعضهم يضيفها إلى الجامع، وكتاب تفسير الموطأ، وكتاب البيعة، وكتاب لاهام ولا صفر، وكتاب المناسك، وكتاب المغازي، وكتاب الردّة. وكانت وفاته بمصر سنة سبع وتسعين ومائة، فيما قاله أحمد بن صالح، وأبو عمر الكندي. قال ابن الجزار: يوم الأحد والخميس بقين من شعبان منها. وقيل: سنة ثمان وتسعين، وقيل: سنة خمس أو ست وتسعين. وقال الباجي: تسعين، والأول أصح وأشهر. وقال ابن سحنون: الثابت أنه مات سنة ست وتسعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقيل: ابن خمس وسبعين سنة، وقيل: ابن ثمانين. وضريحه بمسجد السادة المالكية بحي مجرى العيون، أمام مسجد السيدة نفيسة ﵂.
انظر في ترجمته: التاريخ لابن معين (٣٣٦): طبقات بن سعد (٧/٥١٨)، تاريخ خليفة (١٩٧)، طبقات خليفة (٢٨٠٥)، التاريخ الكبير (٥/٢١٨)، الجرح والتعديل (٥/١٨٩، ١٩٠)، الكامل لابن عدي (٤٣٨، ٤٣٧)، ترتيب المدارك (٣/٢٢٨) . ٢- عبد الرحمن بن القاسم ابن خالد بن جنادة مولى زيد بن الحارث العتقي. يُكنى: أبا عبد الله، والعتقاء منهم من نسبهم في كندة، وقيل: إن زبيد ابن الحارث العتقي من حجر حمير، وذلك أن العتقاء كانوا جماعات فمنهم: من كندة، ومنهم حجر جمير ومن سعد العشيرة، ومن كنانة مصر. وقد روى من حديث جرير بن عبد الله البجلي عن النبي ÷ أنه قال: "الطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة". ولد عبد الرحمن بن القاسم سنة ثمان وعشرين ومائة. وتوفي بمصر سنة إحدى وتسعين ومائة. وكان فقيهًا قد غلب عليه الرأي، وكان رجلًا صالحًا مقلًا صابرًا، وروايته الموطأ عن مالك رواية صحيحة قليلة الخطأ، وكان فيما رواه عن مالك من موطنه ثقة حسن الضبط متقنًا. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك؟ فقال: مصري، ثقة رجل صالح، كان عنده ثلاثمائة جلد، أو نحوها عن مالك من مسائل سأله عنها أسد رجل من أهل المغرب، كان سأل عنهما محمد بن الحسن، ثم قدم مصر، فسأل ابن وهب أن يجيب فيما كان عنده فيها عن مالك، وما لم يكن عنده عن مالك فيها، قال فيها برأية على ما ذهب إليه مالك، فلم يفعل، فأتى عبد الرحمن بن القاسم فأجاب فيها، قال والناس يتكلمون في هذه المسائل. قال أبو عبد الرحمن النسائي: عبد الرحن بن القاسم ثقة. قال أبو عمر: روى عنه الحارث بن مسكين، وأبو زيد بن أبي الغمر، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وسحنون بن سعيد، وأبو ثابت محمد بن عبد الله. ٢- هو عالم الديار المصرية ومفتيها، إمام وفقيه صاحب الإمام مالك ﵁، ورواية المسائل عنه، وهو أبو عبد الله العتقي.
روى عن: بكر بن مضر، وسعد بن عبد الله المعافري، وسفيان بن عيينة، وسليمان ابن القاسم الإسكندراني الزاهد، وأبي شريح عبد الرحمن بن شريح، وأبي مسعود عبد الرحمن بن مسعود بن اشرس الإفريقي، وعبد الرحيم بن خالد ابن يزيد المصري مولى جمح، ومالك بن أنس، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ، ويزيد بن عبد الملك النوفلي. روى عنه: أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأصبغ بن الفرج، والحارثي ابن مسكين، وداود بن حماد بن سعد المهري، وأبو الزنباع روح بن عبد الجبار المرادي، وسحنون بن سعيد التنوخي الفقيه، وسعيد بن عيسى بن تليد، وعبد الله ابن عبد الحكم، وأبو زيد عبد الرحمن بن الوليد، ولقبه: كبد، وأبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر المصري، وعبد الملك بن الحسن بن محمد بن زريق بن عبيد الله بن أبي رافع الأندلسي، مولى النبي ÷، وعيسى بن إبراهيم بن مثرود، وعيسى بن حماد زغبة، ومحمد بن سلمة المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وموسى بن عبد الرحمن بن القاسم (ابنه)، ويحيى بن عبد الله بن بكير. قال عنه الحاكم أبو عبد الله: ثقة مأمون. وقال أبو بكر الخطيب: ثقة. وقال الحارث بن مسكين: سمعته يقول: اللهم امنع الدنيا مني وامنعني منها. وعن مالك: أنه ذُكر عنده ابن القاسم، فقال: عافاه الله، مثله كمثل جراب مملوء مسكًا.
وقال ابن سحنون: لما حججنا كنت أزامل ابن وهب، وكان أشهب يزامله، وكان ابن القاسم يزامله ابنه موسى، فكنت إذا نزلت، ذهبت إلى ابن القاسم أسائله من الكتب، وأقرأ عليه إلى قرب الرحيل، فقال لي ابن وهب وأشهب: لو كلمت صاحبك يفطر عندنا، فكلمته فقال: إنه ليثقل علي ذلك، قلت: فبم يعلم القوم مكاني منك؟ فقال: إذا عزمت على ذلك، فأنا أفعل، فأتيت فأعلمتهما، فلما كان وقت التعريس قام معي فأصبت أشهب وقد فرش أنطاعه، وأتى من الأطعمة بأمر عظيم، وصنع ابن وهب دون ذلك، فلما أتى عبد الرحمن مسلم، وقعد، ثم أدار عينيه في الطعام، فإذا سكرية فيها دقة، ولعق من الملح ثلاث لعقات، وهو يعلم أن أصل ملح مصر طيب، ثم قام، وقال: بارك الله لكم، واستحييت أن أقوم، قال: فتكلم أشهب وعظم عليه ما فعل. قال له ابن وهب: دعه، دعه، وكنا نمشي بالنهار، ونلقي المسائل، فإذا كان في الليل، قام كل واحد إلى حزبه من الصلاة. فيقول ابن وهب لأصحابه: ما ترون إلى هذا المغربي، يلقى المسائل بالنهار وهو لا يدرس بالليل. فيقول له ابن القاس: هو نور يجعله الله في القلوب. وقال سحنون أيضًا: ونزلنا بمسجد ببعض مدائن الحجاز، فنمنا، فانتبه ابن القاسم مذعورًا فقال لي: يا أبا سعيد، رأيت الساعة كأن رجلًا يدخل علينا من باب المسجد، ومعه طبق مغطى وفيه رأس خنزير، أسأل الله خيرها، فما لبثنا حتى أقبل رجل معه طبق مغطى بمناديل، وفيه رطب من تمر تلك القرية، فجعله بين يدي ابن القاسم، وقال: كل، قال: ما إلى ذلك من سبيل، قال: فأعطيه أصحابك. قال: أنا لا أكله، أعطه غيري، فانصرف الرجل، فقال لي ابن القاسم: هذا تأويل الرؤيا. وكان يقال: إن تلك القرية أكثرها وقف غصبت. وقال الحارث بن مسكين: كان ابن القاسم في الورع والزهد شيئًا عجيبًا.
وقال سحنون: رأيت في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: وجدت عنده ما أحببت، قلت: فأي عمل وجدت؟ قال: تلاوة القرآن، قلت: فالمسائل فأشار يُلسيها، وسأله عن ابن وهب؟ فقال: في عليين. وقال سعيد بن الحداد: سمعت سحنون يقول: كنت إذا سألت ابن القاسم عن المسائل، يقول لي: يا سحنون أنت فارغ، إني لأحس في رأسي دويًا كدوي الرحا -يعني من قيام الليل- قال: وكان قلما يعرض لنا إلا وهو يقول: اتقوا الله، فإن قليل هذا الأمر مع تقوى الله كثير، وكثيره مع غير تقوى الله قليل. وقيل: إن مالكًا سئل عنه، وعن ابن وهب، فقال: ابن وهب رجل عالم، وابن القاسم فقيه. وعن ابن القاسم قال: ليس في قرب الولاة، ولا في الدنو منهم خير. وعن أسد بن الفرات قال: كان ابن القاسم يختم كل يوم وليلة ختمتين. قال: فنزل بحي حين جئت إليه عن ختمة رغبة في إحياء العلم. وقال الحافظ أبو نعيم: سمعت ابا بكر بن المقرئ يحكي عن بعض شيوخه، عن ابن القاسم صاحب مالك. قال: خرجت إلى مالك بن أنس اثنتى عشرة خرجة انفقت في كل خرجة ألف دينار. وقال ابن حبان في الثقات: كان خيرًا فاضلًا ممن تفقّه على مذهب مالك، وفرع على أصوله وذبّ عنها ونصر من انتحلها. وقال الطحاوي: بلغني عن ابن القاسم: ما أعلم في فلان عيبًا إلا دخوله إلى الحكام، إلا اشتغل نفسه. انظر في ترجمته: طبقات خليفة (٢٣٨٨)، تاريخ خليفة (٣٩٨)، ترتيب المدارك (٢/٤٣٣)، تهذيب الأسماء واللغات (١/٣٠٣)، تهذيب الكمال (١٧/٣٤٤)، سير أعلام النبلاء (٩/١٢)، طبقات الشيرازي (٦٥) . ٣- أشهب بن عبد العزيز ابن داود بن إبراهيم القيسي: ثم الجعدي، يُكنى: أبا عمر، ويقال: اسمه مسكين وأشهب لقب لُقب به.
ولد سنة أربعين ومائة، ومات بمصر سنة أربع ومائتين بعد موت محمد ابن إدريس الشافعي ﵀ بثمانية عشر يومًا، ولم يدرك الشافعي بمصر من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم، وكان نزوله على ابن عبد الحكم فأكرم نزله، وبلغ من بره كثيرًا، وله في ذلك أخبار حسان وكان أشهب، ثقة فيما روى عن مالك، وروى عن الليث بن سعد، وعن جماعة. وصنف كتابًا في الفقه، رواه عنه سعيد بن حسان وغيره. وروينا عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت أشهب يدعو على الشافعي بالموت، فذكرت ذلك للشافعي فقال: تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكان قد قال: فلما مات الشافعي اشترى أشهب في تركته غلامًا كان له، ثم مات أشهب بعده بثمانية عشر يومًا، واشتريت أنا ذلك المملوك في تركة أشهب. حدثنا إبراهيم بن شاكر ﵀ نا عبد الله بن عثمان، نا سعد بن معاذ قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة. وحدثني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه أنه ذكر قول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لمحمد بن عمر بن لبالة فقال: ليس هذا عندنا كما قاله محمد، وإنما قاله، لأن أشهب شيخه ومعلمه. قال أبو عمر: أشهب شيخه وابن القاسم شيخه وهو أعلم بهما لكثر مجالسته لهما وأخذه عنهما. هو الإمام العلامة الفقيه مفتي مصر أبو عمر أشهب بن داود بن إبراهيم القيسي العامري، ثم بنى بعده بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من أنفسهم المصري المالكي.
روى عن: بكر من مضر، وداود بن عبد الرحمن العطار، وسعد بن عبد الله المعافري، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن لهيعة، وعبد العزيز ابن محمد الدراوردي، وفضيل بن عياض، والليث بن سعد، ومحمد بن عبد الله ابن عبيد بن عمير، والمسور بن عبد الملك بن سعيد بن يربوع المخزومي، والمنذر ابن عبد الله، والد إبراهيم بن المنذر الحزامي، وموسى بن معاوية الصمادحي، ويحيى بن أيوب المصري. روى عنه: إبراهيم بن أبي الفياض، واسمه: عبد الرحمن بن عمرو البرقي، حدث عنه مناكير، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن الهنيد الصدفي، وإسحاق ابن إسماعيل بن أبي طلحة الأزدي، وإسماعيل بن عمرو الغافقي، وبحر بن نصر بن سابق الخولاني، والحارث بن مسكين، وزهير بن عباد الرواسي، وسليمان بن داود المهري، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن حبيب المالكي، وعمرو ابن سواد العامري، وأبو عمير عيسى بن محمد بن النحاس الرملي، ومحمد بن إبراهيم ابن المواز المالكي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد الأيلي، ويونس ابن عبد الأعلى الصدفي. قال أبو سعيد بن يونس: اشهب أحد فقهاء مصر، وذوي رأيها. وقال الذهبي: ويكفيه قول الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب، لولا طيش فيه. وقال سحنون: رحم الله أشهب، ما كان يزيد في سماعه حرفًا واحدًا. انظر في ترجمته: التاريخ الكبير (٥٧١٢)، الجرح والتعديل (٢/٤٣٢)، ترتيب المدارك (٢/٤٤٧)، وفيات الأعيان (١/٢٣٨)، تهذيب الكمال (١٥/١٩٤)، سير أعلام النبلاء (٩/٥٠٠٠)، الديباج المذهب (١/١٣٠٧)، تهذيب التهذيب (١/٣٥٩) . ٤- عبد الله بن عبد الحكم ابن أعين بن الليث القرشي، مولى عثمان ﵁. ولد بمصر سنة خمسين ومائة، وقيل: سنة خمس وخمسين ومائة، ومات لإحدى وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان سنة عشر ومائتين، وهو ابن ستين سنة. وإليه أوصى ابن القاسم وأشهب وابن وهب.
سمع من مالك سماعً نحو ثلاثة أجزاء، وسمع الموطأ، ثم روى عن ابن وهب وابن القاسم وأشهب كثيرًا من رأي مالك الذي سمعوه منه، وصنف كتابًا اختصر فيه تلك الأسمعة بألفاظ مقربة، ثم اختصر من ذلك الكتاب كتابًا صغيرًا، وعليهما مع غيرهما عن مالك، يعول البغداديون من المالكيين في المدارسة وإياهما شرح الشيخ أبو بكر الأبهري ﵀. وكان ابن عبد الحكم رجلًا صالحًا ثقة. وقال ابن أبي حاتم: سُئل أبو زرعة عن عبد الله بن عبد الحكم؟. فقال: مصري ثقة. قال: وسمعت احمد بن صالح يقول: كتبت عن عبد الله بن عبد الحكم. قال: وسئل ابي عن عبد الله بن عبد الحكم المصري؟ فقال: صدوق. حديثنا خلف ابن قاسم، ثنا الحسن بن رشيق، والعباس بن أحمد قالا: ثنا محمد بن جعفر الوكيعي، ثنا أحمد بن عمرو بن السرح، ثنا بشر بن بكر، قال: رأيت مالك بن أنس في النوم بعد ما مات بأيام، فقال لي: إن ببلدكم رجلًا يقال له: ابن عبد الحكم فخذوا عنه فإنه ثقة. هو الإمام الفقيه مفتي الديار المصرية أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين ابن ليث المصري المالكي، صاحب الإمام مالك، مولى عثمان ﵁. روى عن: أسد بن الفرات، وإسماعيل بن عياش، وأشهب بن عبد العزيز، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، وبكر بن مضر، وخلاد بن سليمان الحضرمي، وسفيان ابن عيينة، وأبي المثنى سليمان بن يزيد الكعبي، وعبد الله بن السمح التجيبي، وعبد الله ابن لهيعة، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم العتقي، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي، والليث بن سعد، ومالك ابن أنس، ومسلم بن خالد الزنجي، ومسلمة بن علي الخشني، والمسور بن عبد الملك بن سعيد بن يربوع، والمفضل بن فضالة، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ الإسكندراني.
روى عنه: إبراهيم بن هانئ النيسابوري، وأحمد بن نصر المقرئ النيسابوري، وأحمد ابن يحيى بن الوزير بن سليمان المصري، وخير بن عرفة المصري، والربيع ابن سليمان الجيزي، وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم (ابنه)، وأبو يحيى عبد الله ابن أحمد بن زكريا ابن الحارث بن أبي ميسرة المكي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم (ابنه)، وعبد الرحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم (ابنه)، وأبو الخير فهد بن موسى بن أبي رباح الأزدي الإسكندراني القاضي، وابو غسان مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، ومحمد بن خلف العسقلاني، ومحمد بن سهل بن عسكر بن التميمي البخاري، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم (ابنه)، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي، ومحمد بن عبد الله بن نمير الكوفي، وأبو الكروس محمد بن عمرو بن تمام المصري، ومحمد بن مسلم بن وراة الرازي، ومحمد بن ميمون بن مرزوق البخاري، والمقدام بن داود بن تليد الرعيني، وهارون بن إسحاق الهمداني الكوفي، وأبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي المصري. قال أبو زرعة الراوي: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن وراة: شيخ مصر. وقال أحمد بن عبد الله العجلي في سعيد بن أبي مريم: لم أر بمصر أعقل منه، ومن عبد الله بن عبد الحكم. وقال ابن حبان: كان ممن عقل مذهب مالك، وفرع أصوله. وقال أبو عمر الكندي في كتاب (أعيان الموالي بمصر) ومنهم: أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث، مولى رافع مولى لعثمان فيما يقال، وهم من أهل حقل من أيلة، سكن عبد الحكم وأعين جميعًا الإسكندرية، وما شابها، وولد عبد الله بن عبد الحكم سنة خمس وخمسين ومائة، وكان فقيهًا، أخبرني بذلك كله ابن مديد قال: ويقال غير هذا في ولائهم. وصنف كتاب: الأموال، و(مناقب عمر بن عبد العزيز) . وصارت بتصانيفه الركبان، وكان وافر الجلالة كثير المال، رفيع المنزلة.
وقال الشيخ أبوإسحاق الفيروزابادي: كان ابن عبد الحكم أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله، أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب. وقيل: إنه أعطى الشافعي ألف دينار وأخذ له من رئيسين ألف دينار. وكان يزكي العدول، ويجرحهم، وما كان يشهد، ودفن بجانب الشافعي ﵄. وقال الذهبي: وكان يحرض ولده محمد بن عبد الله على ملازمة الشافعي. انظر في ترجمته: تهذيب الكمال (١٥/١٩٤)، سير أعلام النبلاء (١٠/٢٢٢) . ٥- المغيرة بن عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة المخزومي. أمه قريبة محمد بن عمر بن أبي سلمة المخزومي. يُكنى: أبا هاشم، وقيل: يكنى: أبا هشام. روى عن أبيه ويزيد بن أبي عبيد، ومحمد بن عجلان، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، ومالك بن أنس. روى عنه: إبراهيم بن حمزة الزبيري، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأحمد بن عبدة، وأبو مصعب الزهري، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وابنه عياش بن المغيرة. قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث ابن عبد الله ابن عباس بن أبي ربيعة؟ فقال: لا بأس به. وقال الزبير بن بكار: كان المغيرة فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس، وعرض عليه أمير المؤمنين الرشيد القضاء بالمدينة على جائزة أربعة آلاف دينار، فامتنع، فأبى الرشيد إلا أن يلزمه ذلك، فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء، وأجازه بألفي دينار. قال أبو عمر: كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار. حكي ذلك عن عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك وعثمان بن كنانة، ولم تكن له برواية الحديث عناية-وابن نافع. وتوفي المغيرة سنة ست وثمانين ومائة.
روى عن: إسماعيل بن رافع المدني، والجعيد بن عبد الرحمن، وخالد بن الياس العدوي، وزياد بن أبي زياد، مولى ابن عياش. والصحيح أن بينهما رجلًا، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعبد الله بن عمر العمري، وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة (أبوه)، ومالك بن أنس، ومحمد بن أبي حميد المدني، ومحمد بن عجلان، وموسى بن عقبة، وأبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، وهشام بن عروة، ويزيد بن عروة، ويزيد بن عبيد، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وأحمد بن عبدة الضبي، والربيع بن روح الحمصي، وعبد الرحمن بن الضحاك البعلبكي، وعمرو بن صدقة الأنطاكي، وعياش بن المغيرة المخزومي (ابنه)، ومحرز بن سلمة العدني، ومحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، ومحمد ابن سلمة المكي، وأبي مروان محمد بن عثمان بن خالد العثماني، ومحمد بن مسلمة ابن محمد بن هشام المخزومي المدني، ومصعب بن عبد الله الزبيري، ويحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة، ويحيى بن عبد الملك الهديري، ويحيى بن محمد الجاري، ويعقوب بن محمد بن كاسب، ويعقوب بن كعب الأنطاكي، ويعقوب بن محمد الزهري. انظر في ترجمته: تاريخ الدوري (٢/٥٨١)، التاريخ الكبير (٧/١٣٧٨)، والصغير (٢/٢٣٨، ٢٣٦)، الجرح والتعديل (٨/١٠١٣)، الثقات لابن حبان (٧/٤٦٦)، تهذيب الكمال (٢٨/٣٨١)، تهذيب التهذيب (١٠/٢٦٤، ٢٦٥)، التقريب (٢/٢٦٩) . ٦- محمد بن إبراهيم بن دينار الجهني وقال يعقوب بن محمد الزهري، عن محمد بن إبراهيم: من ولد دينار بن النجار. أبو عبد الله كان مفتي أهل المدينة مع مالك، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وبعدها كان فقيهًا فاضلًا له بالعلم رواية وعناية. روى عن: موسى بن عقبة، ويزيد بن أبي عبيد، وعبد العزيز بن المطلب. روى عنه: ابن وهب وذؤيب بن عمامة المدني السهمي، وأبو مصعب الزهري.
قال ابن أبي حاتم: سألت عنه أبي؟ فقال: كان من فقهاء المدينة زمن مالك وكان ثقة. هو محمد بن إبراهيم بن دينار المدني، أبو عبد الله الجهني. قال البخاري، ويقال: الأنصاري. وقال غيره: لقبه صندل. روى عن: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وأسامة بن زيد الليثي، وسلمة ابن وردان، وعبد العزيز بن المطلب، وعبيد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن عجلان، وموسى بن عقبة، وهشان بن سعد، ويزيد بن أبي عبيد. روى عنه: أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وذؤيب بن عمامة السهمي، وعبد الله بن وهب، وأبو هشام محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل ابن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي، ويحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة، ويعقوب بن محمد الزهري. قال البخاري فيه: هو معروف الحديث. وقال أبو حاتم: كان من فقهاء المدينة، نحو مالك، وكان ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال المصنف في موضع آخر: كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمان مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون. وروى لمحمد بن دينار كلًا من: البخاري، والنسائي في عمل اليوم والليلة. ٧- عبد العزيز بن أبي حازم واسم أبي حازم سلمة بن دينار مولى أسلم. يُكنى: أبا تمام، سمع أباه والعلاء بن عبد الرحمن وسهيل بن أبي صالح. روى عنه: ابن وهب ويحيى بن صالح الوحاظي، وابن أبي أويس، وعبد العزيز الأويسي. سئل أحمد بن حنبل عنه؟ فقال: يقال: إن كتب سليمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها منه. وقد روى عن أقوام لا يعرف له منهم سماع، وأما كتب أبيه فسمعها منه. قال أحمد: وكان تفقه ولم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه. حدثنا عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا أحمد بن وهب ابن حرب قال: سمعت يحيى بن معين يقول عبد العزيز بن أبي حازم صدوق ثقة ليس به بأس.
توفي عبد العزيز يوم الجمعة أول يوم من صفر سنة خمس وثمانين ومائة. هو الإمام الفقيه أبو تمام عبد العزيز بن ابي حازم واسمه: سلمة بن دينار المدني، المخزومي مولى أسلم، وقال ابن شعبان: مولى بني ليث، كنّاه غير واحد: أبو تمام، وابو التمام، وكنّاه الشيرازي: أبو عبد الله، والأول أصح، وقال آخر: أبو اليمان، وهو تصحيف من أبي التمام. روى عن: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وثور بن زيد الديلي، وداود بن بكر ابن أبي الفرات، وزيد بن أسلم، وأبي حازم سلمة بن دينار (أبوه)، وسهيل ابن أبي صالح، والضحاك بن عثمان الحزامي، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وعمر بن محمد بن زيد العمري، وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، والعلاء بن عبد الرحمن، والقاسم بن عبد الرحمن، وكثير بن زيد، ومحمد بن أبي حرملة، وموسى بن عقبة، وهارون بن صالح الطلحي، وهشام بن عروة، ويزيد بن عبد الله بن الهاد.
روى عنه: إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المدني، وإبراهيم بن حماد الزبيري، وإبراهيم ابن محمد الشافعي، وأبو مصعب احمد بن أبي بكر الزهري، وأحمد بن الحجاج المروزي، وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، وأبو النصر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي الدمشقي، وإسماعيل بن أبي إدريس، وغسماعيل بن أبي الحكم الثقفي، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وبشر بن الحكم النيسابوري، وأبو خزيمة بكار بن شعيب، وأبو عمار الحسين بن حريث المروزي، وخلف بن هشام البزار، والسري بن مسكين، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن سليمان المخزومي الأحول، وسعيد بن منصور، وسويد ابن سعيد، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وعبد الله ابن عمر بن أبان الجعفي، وعبد الله بن عمران العابدي المخزومي، وعبد الله بن عون الخزاز، وعبد الله بن محمد بن الربيع الكرماني، وعبد الله بن محمد النفيلي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري، وعبد الله بن وهب المصري، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن يونس الرقي، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، وعبد الوهاب بن الضحاك العرضي، وعلي بن حجر السعدي، وعلي بن المديني، وعمرو بن زرارة النيسابوري، وعمرو بن محمد الناقد، وقتيبة بن سعيد، ومحرز بن سلمة العدني، ومحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، وأبو الأحوص محمد بن حيان البغوي، ومحمد بن زنبور المكي، ومحمد بن سلمة الباهلي، ومحمد بن سليمان المصيصي، لوين، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وأبو يعلى محمد بن الصلت التوزي، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله المديني، ومحمد بن عبيد الله المحاربي الكوفي، ومحمد بن عثمان بن خالد أبو مروان العثماني، ومحمد بن عمرو بن أبي مذعون، ومحمد بن كامل المروزي، ومحمد بن الوليد الزبيري المدني، ومحمد بن أبي يعقوب الكرماني، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، وهشام بن عمار، وهشام بن يونس
اللؤلؤي، ويحيى بن أكثم القاضي، ويحيى بن صالح الوحاظي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى ابن عبد الحميد الحماني، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ويعقوب بن أبي عباد. وقال أحمد بن زهير: قيل لمصعب الزبيري: ابن أبي حازم ضعيف في حديث أبيه؟ فال: أوقد قالوها: أما هو، فسمع مع سليمان بن بلال، فلما مات سليمان أوصى إليه بكتبه، فكانت عنده، فقد بال عليها الفأر، فذهب بعضها، فكان يقرأ ما استبان له، ويدع ما لا يعرف منها، أما حديث أبيه، فكان يحفظه. وقال أبو حاتم الرازي: هو أفقه من عبد العزيز الدراوردي. وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن أبي حازم ليس بثقة في حديث أبيه، كذا جاء هذا، بل هو حجة في أبيه وغيره. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال في موضع آخر: ثقة. وقال أحمد بن حنبل مرة: لم يكن يُعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه، فيقولون سمعها. وقال الذهبي: أحاديثه في الصحاح. قال ابن شعبان وغيره: توفي فجأة بالمدينة في سجدة سجدها في الروضة بمسجد النبي ÷، يوم الجمعة، في آخر سجدة منها، غرة صفر، سنة خمس وثمانين. وكذا قال الزبير وغيره. قال ابن سعد والجارودي والفتبي والباجي: سنة أربعة. وقال ابن سحنون: سنة ست وثمانين ومائة. وذكر البخاري أيضًا أن موته سنة اثنين وثمانين ومائة. ومولده سنة سبع ومائة. انظر في ترجمته: ترتيب المدارك (٤/١٢، ٩)، تهذيب الكمال (٨/١٢٤)، سير أعلام النبلاء (٨/٣٦٤) . ٨- عثمان بن عيسى بن كنانة كان فقيهًا من فقهاء المدينة أخذ عن مالك وغلب عليه الرأي، وقعد مقعد مالك بعده، وليس له في الحديث ذكر. توفي بمكة سنة خمس وثمانين ومائة. قال الشيرازي: كان مالك يحضره لمناظرة أبي يوسف عند الرشيد، وهو الذي جلس في حلقة مالك بعد وفاته.
قال ابن بكير: لم يكن عند مالك أضبط ولا أدرس من ابن كنانة، وكان مالك إذا ملّ من حبس الكتاب علينا أسلمه إلى حبيب كاتبه، وربما إلى ابن كنانة، وهو الذي قعد في مجلس مالك، وقيل: بل جلس فيه يحيى بن مالك أولًا، وجلس فيه بعد ابن كنانة، عبد الله بن الصائغ. وقال غيره: وكان ابن كنانة ممن يخصه مالك بالإذن عند اجتماع الناس على بابه، فيدعى باسمه هو، وابن زنبر، وحبيب اللآل، المعروف ببابين، فإذا دخلوا ودخل غيرهم ممن يخص أذن للعامة. قال يحيى: كان مجلس ابن كنانة عن يمين مالك لا يفارقه. وقال مفرج وابن القرطبي: توفي ابن كنانة سنة ست وثمانين ومائة. وقال ابن سحنون وابن الجزار: سنة خمس وثمانين. وقال ابن بكير: كان بين موت ابن كنانة ومالك عشر سنين، وكانت وفاته بمكة وهو حاج. انظر: ترتيب المدارك (٣/٢١) . ٩ - محمد بن مسلمة أبو هشام المخزومي الفقيه المدني هو محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة. روى عن مالك بن أنس، والضحاك بن عثمان وإبراهيم بن سعد وشعيب بن طلحة والهديري. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: كان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك. وقال: كان من أفقههم، وسئل عنه أبي؟ فقال: كان ثقة. وذكره السراج قال: مات محمد بن مسلمة المخزومي سنة ستة عشرة ومائتين. قال القاضي التستري: هو ثقة مأمون. قال الشيرازي: هو جمع العلم والورع. قال: وكان مالك إذا دخل على الرشيد دخل بين رجلين من بني مخزوم: المغيرة عن يمينه، وابن مسلمة عن يساره. وقال القاضي: ولمحمد بن مسلمة كتب فقه أُخذت عنه. قال البخاري: قيل لمحمد بن مسلمة ما لي أرى فلان دخل البلاد كلها إلا المدينة؟ فقال: لأن النبي ÷ قال: "لا يدخلها الطاعون ولا الدجال". انظر: الجرح والتعديل (٤/٧١)، والطبقات الكبرى لابن سعد (٥/٤٣٨)، وترتيب المدارك (٣/١٣٢) . ١٠- عبد الله بن نافع الصائغ أبو محمد روى عن مالك وابن أبي ذئب.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: نا قاسم بن أصبغ قال: نا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن نافع الصائغ فقيه. وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل ﵀ عن عبد الله بن نافع الصائغ؟ قال: لم يكن صاحب حديث، وكان صاحب رأي مالك، وكان مفتي أهل المدينة برأي مالك، ولم يكن في الحديث بذاك. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عبد الله بن نافع الصائغ؟. فقال: ليس بالحافظ هو لين في حفظه، وكتابه أصح. وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: لا بأس به. قال أبو عمر: توفي عبد الله بن نافع الصائغ بالمدينة في شهر رمضان سنة ست ومائتين، وقيل: سنة سبع ومائتين، وفيها مات الواقدي ببغداد قاضيًا للمأمون. هو عبد الله بن نافع بن أبي نافع الصائغ، أبو محمد المدني، قاله البخاري. روى عن: أسامة بن زيد الليثي، وجناح الرومي النجار، ومولى ليلى بنت سهيل، وحماد بن أبي حميد المدني، وخالد بن إلياس، وداود بن قيس الفراء، وأبي المثنى سليمان ابن يزيد الكعبي، وعاصم بن عمر العمري، وعبد الله بن نافع، مولى ابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وأبي مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني، وعبد الملك بن قدامة الجمحي، وعبد المهيمن بن عباس بن سهيل ابن سعد الساعدي، وعثمان بن الضحاك بن عثمان الحزامي، وعصام بن زيد، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، ومحمد بن صالح التمار، ومحمد بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومعمر بن عبد الرحمن مولى ابن قسيط، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وهشام بن سعد المدني.
وروى عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن الحسن الترمذي، وأحمد بن صالح المصري، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وبكر بن عبد الوهاب ابن أخت الواقدي، والحسن بن علي الخلال، والزبير بن بكار، وسحنون بن سعيد التنوحي، وسلمة بن شبيب النيسابوري، وأبو الربيع سليمان بن داود المهري المصري، وعبد الله بن عمران العابدي المخزومي، وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، وأبو بكر عبد الملك بن شيبة الحزامي، وقتيبة بن سعيد، ومحمد ابن إسحاق المسيبي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو عمرو مسلم بن عمرو الحذاء المديني، وأبو أيوب يحيى بن خالد المخزومي المديني، ويونس بن عبد الأعلى. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، وعثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة. وقال محمد بن سعد: كان قد لزم مالك بن أنس لزومًا شديدًا لا يقدم عليه أحدًا، وهو دون معن. وقال البخاري: تعرف وتنكر، وفي رواية: يُعرف حفظه وينكر، وكتابه أصح. وقال في موضع آخر: في حفظه شيء. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: هو لين في حفظه، وكتابه أصح. وقال ابن عدي: روى عن مالك غرائب، وهو في روايته مستقيم الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان صحيح الكتاب، وإذا حدّث من حفظه ربما أخطأ. وقال الذهبي: ليس هو بالمتوسع في الحديث جدًا، بل كان بارعًا في الفقه. قال ابن غانم: قلت لمالك: من لهذا الأمر بعدك؟. قال: رجل من أصحابي، حتى دخل رجل أعور، وهو ابن نافع فقال: هذا. قال الشيرازي: وكان أصم أميًا لا يكتب. وقال: صحبت مالكًا أربعين سنة ما كتبت منه شيئًا، وإنما كان حفظًا أحفظه. وقال الذهبي: عبد الله بن الصائغ حديثه مخرج في الكتب الستة، سوى صحيح البخاري. وقال ابن لبابة: أهل الحديث يقدمون ابن نافع على أصحاب مالك في الحديث والثقة.
وقال ابن وضاح: كان أفضل أصحاب مالك في العبادة المصريون والإسكندرانيون، وكان ابن نافع رجلًا صالحًا، لكن هؤلاء فوقه. قال محمد بن سعيد: لزم مالكًا لزومًا شديدًا، وكان لا يُقدم عليه أحدًا، وهو دون معن. وقال سحنون: وكان ابن نافع رجلًا صالحًا، وكان ضيق الخُلق، وكان أبوه صائغًا، وكان أولًا في حداثته متحركًا فبينما هو في حائط من حيطان المدينة يومًا، إذ سمع رجلًا يقرأ القرآن، قال: هذا يتلو كتاب الله وأنا مشغول في هذا الحائط، فرجع ولزم المسجد. وله تفسير في الموطأ، ورواه عنه يحيى بن يحيى، وعدّه ابن حبيب وابن حارث فيمن خلف مالكًا بالمدينة في الفقه. وقال مجاهد بن موسى: قال عبد الله بن نافع الصائغ: أنا أُجالس مالكًا منذ ثلاثين سنة، أو خمسة وثلاثين سنة بالغداة والعشي، وربما هجرت، فما رأيته قرأ الموطأ على أحد قط. توفي بالمدينة في رمضان سنة ست وثمانين ومائة. انظر في ترجمته: تهذيب الكمال (١٦/٢١٠)، وسير أعلام النبلاء (١٠/٣٧١) . ١١- عبد الله بن نافع الزبيري هو عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي يُكنى: أبا بكر. سمع من مالك بن أنس أحاديث. حدثنا عبد الوارث: ثنا قاسم: نا أحمد بن زهير، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن نافع من أولاد الزبير بن العوام، صدوق ليس به بأس. قال أبو عمرو: سأله يحيى بن يحيى الأندلسي عن تفسير بعض الموطأ، وحمله عنه، كتبناه عن ثلاثة من شيوخنا ﵏. قال الزبير: كان عبد الله بن نافع الزبيري يسرد الصوم، وكان المنظور إليه من قريش بالمدينة في حين وفاته في هديه وفقهه وفضله. توفي سنة عشرين ومائتين، وقيل: بل مات سنة خمس عشرة ومائتين، وهو ابن سبعين سنة.
هو عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، القرشي، الأسدي، المدني، الزبيري، أبو بكر المديني، فهو عبد الله ابن نافع الأصغر، حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبير. قال الزبير بن بكار، حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبيري: عبد الله بن نافع الأصغر، وكان يعني عبد الله بن مصعب بن ثابت، يسميه: بقية ويحبه. روى عن: ابن عمه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير، وعبد الله ابن مصعب بن زيد بن خالد الجهني، وعبد الله بن نافع الزبيري الأكبر (أخوه)، وعبد العزيز ابن ابي حازم، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان. وروى عنه: أحمد بن سعيد الجمال، وأحمد بن عبد الله بن نافع الزبيري، وأبو عيينة أحمد بن الفرج المجازي، وأحمد بن المعذل، والحسن بن محمد الزعفراني، وأبو عمار الحسين بن حُريث المروزي، وأبو توبة صالح بن دراج، وعباس بن محمد الدروري، وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني، وعثمان بن محمد العثماني، وعلي بن الجسن بن بشير، والد الحكيم الترمذي ﵀، وعلي بن الحسن ابن أبي مريم، وعمرو بن محمد العثماني القاضي، وعمير بن مرداس الدنقي، ومحمد بن خلف الهمداني الكسائي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهارون بن عبد الله الحمال، ويعقوب بن شيبة الدوسي. قال البخاري: أحاديثه معروفة مستقيمة. وقال ابن أبي خيثمة: عن يحيى بن معين: صدوق ليس به بأس. وقال أبو حاتم: سمع من مالك أحاديث معروفة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مصعب بن عبد الله: وكان يأتيه كثيرًا وهو في مصلًا، فيدعو له، فيرى أن بركة دعائه قد أدركته، فتوفي حين توفي، وهو المنظور إليه من قريش بالمدينة في هديه وفقهه، وعفافه، وكان قد سرد الدهر صيامًا وحُمل عنه الحديث. وقال البزار: هو ثقة. وخرّج عنه الإمام مسلم. وقال منذر بن سعيد: ابن نافع إمام لم يزنه أحد ببدعة.
قال الزبير: توفي في المحرم سنة عشرة ومائتين. وقال البخاري: سنة عشرة، وفي حكاية: بضع عشرة. وقال الزبير: وهو ابن سبعين سنة. وهذا يرد ما قاله الضراب: أنه صحب مالكًا أربعين سنة. لأنه على هذا عاش بعد مالك ستًا وثلاثين سنة، بقي من عمره أربع وثلاثون سنة منها طفولته، وبعدها صحبته لمالك، والله أعلم. انظر في ترجمته: تهذيب الكمال (٢٢/٣٠٢) . ١٢- عبد الملك بن عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون مولى لبني هيثم من قريش، يُكنى: أبا مروان، وكان فقيهًا فصيحًا، دارت عليه الفتيا في زمانه إلى موته، وعلى أبيه عبد العزيز قبله، فهو فقيه ابن فقيه، وكان ضرير البصر، وقيل: أنه عمي في آخر عمره. وروى عن مالك، وعن أبيه وكان مولعًا بسماع الغناء ارتجالًا، وغير ارتجال. قال أحمد بن حنبل: قدم علينا ومعه من يغنيه. حدثنا عبد الوارث: ثنا قاسم، ثنا أحمد بن زهير قال: سمعت مصعب ابن عبد الله الزبيري يقول: عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، كان في زمانه مفتي أهل المدينة. قال أبو عمر: توفي عبد الملك بن الماجشون سنة اثنتي عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة ومائتين. قال القاضي عياض: كنيته: أبو مروان، واسم أبي سلمة ميمون، قاله اللالكائي، ويقال: دينار، وقاله الباجي. مولى لبني تميم من قريش، ثم لآل المنكدر. والماجشون هو أبو سلمة فيما قاله اللالكائي. وقال محمد بن سعيد والدارقطني: هو يعقوب بن أبي سلمة أخو عبد الله. قال الباجي: والماجشون، المورد بالفارسية. وقال الدارقطني: سُمي بذلك لحمرة في وجهه. وحكى ابن خالد عن بعضهم أنهم من أهل أصبهان انتقلوا إلى المدينة، فكان أحدهم يلقى الآخر فيقول: (شوني شوني) يريد كيف أنت فلقبوا بذلك. وحكى ابن حارث أن ماجش، موضع بخراسان نسبوا إليه وجده عبد الله يروي عن ابن عمر وغيره، خرج له مسلم. وأخو جده يعقوب بن أبي سلمة يروي عن ابن عمر أيضًا وعمر بن عبد العزيز خرج له مسلم.
ويوسف بن عبد العزيز أخو عبد الملك، حدث عنه الزبير بن بكار. ومنهم يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة، يروي عن ابن المنكدر والزهري، خرج عنه البخاري ومسلم. وروى عنه ابن حنبل وابن المديني وغيرهما. وأخوه عبد العزيز بن يعقوب أبو الأصبغ يروي أيضًا عن ابن المنكدر مراسيل رواها عنه ابن حنبل. روى ابن الماجشون عن: إبراهيم بن سعد، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد العزيز ابن الماجشون (أبوه)، ومالك بن انس، ومسلم بن خالد الزنجي، ويوسف بن يعقوب ابن الماجشون (خاله) . وروى عنه: إبراهيم بن موسى بن حصين بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ الأنصاري الأشهلي، وابو عُتبة أحمد بن الفرج الحجازي، وأحمد بن نصر النيسابوري المقرئ، وإسماعيل بن عمرو بن عمر الغافقي، وبكار بن عبد الله بن بسر البسري الدمشقي، وجعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني، والزبير بن بكار، وسعد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وعبد الملك بن حبيب الفقيه المالكي، وعثمان بن الحسن الرافعي المدني، وعلي بن حرب الموصلي، وعمر بن طالوت، وعمرو بن علي الصيرفي، وعمرو ابن هشام الحراني، ومحمد بن الحسين البرجلاني، وأبو عبيد محمد بن عبيد التبان المديني، ومحمد بن هشام الحلبي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن يعقوب الزبيري، وهارون ابن محمد الفروي، وهارون بن موسى بن أبي علقمة الفردي، وأبو مسلمة يحيى بن المغيرة المخزومي، وأبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي، ويعقوب بن سفيان الفارسي. قال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن مصعب بن عبد الله الزبيري: كان في زمانه مفتي المدينة. وقال أبو عبيد الأجري: سمعت أبا داود يقول: كان عبد الملك الماجشون لا يعقل الحديث. قال ابن البرقي: دعاني رجل على أن أمضي إليه فجئناه، فإذا هو لا يدري الحديث إيش هو؟. وذكره ابن حبان في الثقات. قال يحيى بن أكتم القاضي: عبد الملك بحر لا تكدره الدلاء.
وقال الساجي: ضعيف في الحديث صاحب رأي، وقد حدث عن مالك مناكير حدثني القاسم، ثنا الأثرم قال: قلت لأحمد: إن عبد الملك بن الماجشون يقول في سند أو كذا؟ قال: من عبد الملك؟ عبد الملك من أهل العلم، من يأخذ من عبد الملك؟ وحدثني محمد بن روح سمعت أبا مصعب يقول: مالك بن أنس طرد عبد الملك، لأنه كان يُتهم برأي جهم. وقال الساجي: وسألت عمرو بن محمد العثماني عنه فجعل يذمه. قلت: وقد برأه أهل العلم من تلك التهمة، وهي القول بخلق القرآن. ونقل الشيرازي: أنه كان فصيحًا. روي أنه كان إذا ذاكره الشافعي، لم يعرف الناس كثيرًا مما يقولون، لأن الشافعي تأدب بهزيل في البادية، وعبد الملك تأدب في طفولته من بني كلب بالبادية. وقال عبد الملك: أتيت المنذر بن عبد الله الحزامي، وأنا حديث السن، فلما تحدثت وفهم عني بعض الفصاحة، قال لي: من أنت؟ فأخبرته، فقال لي: اطلب العلم فإن معك حذاؤك وسقاؤك. وقال ابن المعدل: كلما تذكرت أن التراب أكل لسان عبد الملك صغرت الدنيا في عيني. وقيل له: أين لسانك من لسان أستاذك عبد الملك؟ قال: كان لسانه إذا تعايي أحيى من لساني من لساني إذا تحابى. وقال عنه ابن الحارث: كان من الفقهاء المبرزين. وأثنى عليه سحنون، وفضله، وقال: هممت أن أرحل إليه، واعرض عليه هذه الكتب، فما أجاز منها أجزت، وما ردّ رددت. وأثنى عليه ابن حبيب كثيرًا، وكان يرفعه في الفهم على أكثر أصحاب مالك. قال ابن المواز: كنت عنده بعد أن عمي حتى جاءه كتاب أمير المؤمنين يسأله عن أشياء، فلما قرأه القارئ عليه قال له: حول الكتاب واكتب جوابه، وأملى عليه حتى ختمه ودفعه إلى الرسول. وقيل: كتب إليه المأمون لولاية القضاء، وكان قد عمي، فامتنع من ذلك. وقيل له: لو خرجت إلى العراق فعالجت بصرك، فإن بها من يعالجه، وتنظر في مالك، وكان له بها غلام بتجارة خلط عليه فيها، فقال: لا أفارق المدينة.
وذكر أنه أتى بقادح يقدح بصره، فقال له: إنك تقيم كذا وكذا على ظهرك مستلقيًا، فأبى وقال: ما كنت لألتمس ما جعل الله ثوابه الجنة، بتعطيل فرض من فروض الصلاة. قال ابن الحارث: كانت له نفس أبية، كلمه يومًا مالك بكلمة خشنة، فهجره عامًا كاملًا، وذلك أنه استعصى على مالك في الفرق بين مسألتين، فقال له مالك: تعرف دار قدامة؟ وكانت دار يلعب فيها الأحداث بالحمام. وقيل: بل عرّض له بالسجن. وكان العلماء يفضلونه في علم الإحساس. قال القاضي إسماعيل: عبد الملك عالم بقول مالك في الوقوف. وقال ابن أكتم القاضي: ما رأيت مثل عبد الملك أيما رحل، لو كان له مسائلون وكان ممن سمع كتبه، كتبت عنه أربعمائة جلد، أو مائتي جلد، شك الراوي، أو كما قال. وقال النسائي: فقهاء الأمصار من أصحاب مالك من أهل المدينة: عبد الملك بن الماجشون، ولعبد الملك بن الماجشون كلام كثير في الفقه وغيره. قال ابن الحارث: وعلم كثير جدًا وله كتاب سماعاته، وهي معروفة، وكتابه الذي ألفه أخيرًا في الفقه، يرويه عن يحيى بن حماد السجلماسي. ورسالة في الإيمان والقدر والرد على من قال بخلق القرآن والاستطاعة. وكان يقول عن نفسه بعد أن كف بصره: هلموا إليّ سلوني عن معضلات المسائل. وقال إسماعيل القاضي في وصفه: ما أجزل كلامه وأعجب تفصيلاته، وأقل فضوله. وقال ابن اللباد: إن يحيى بن أكتم القاضي كان مع عبد الملك على سريره، يعني وهما يتذاكران مذهب أهل العراق وأهل المدينة، ويتناظران في مسألة خلق القرآن. فقال ابن أكتم يا أبا مروان: رحلنا إلى المدينة في العام قاصدين فيه، وكنتم بالمدينة لا تعتنون به، وليس من رحل قاصدًا كمن كان فيه وتوانى.
فقال عبد الملك: اللهم غفرًا يا أبا محمد، ادعوا لي أبا عمارة المؤذن من ولد سعد، فجاء شيخ كبير، فقال له: كم لك تؤذن؟ فقال: سبعين سنة، أذنت مع آبائي وأعمامي وأجدادي، وهذا الأذان الذي أؤذن به اليوم، أخبروني أنهم أذنوا به مع ابن أم مكتوم. فقال عبد الملك وإن كنتم تقولون: توانيتم وتركتم هذا الأذان يُنادى به على رؤسنا كل يوم خمس مرات متصلًا بأذان النبي ÷، فنرى أنا كنا لا نصلي فقد خالفتمونا فيه، فأنتم في غيره أحرى أن تخالفونا. فخجل ابن أكتم، ولم يذكر أنه رد عليه جوابًا. وقال ابن أبي إسحاق: سأل ابن الماجشون عن مسألة؟ فأجابه، فرد عليه فأجابه فلما أكثر، قال له: قم، إني لأثقف من أن ترد على المسائل، فأعلم به سحنون فقال له: نعم، هو أثقف من أن يرد علمه. وحكى الطالبي في كتاب البستان: كان عبد الملك يجيد تفسير الرؤيا، فسأله رجل أنه رأى في منامه أن بيده سيف من ذهب وهو يهزه فيثنى، فقال له: خيرًا رأيت جعلت فداك، فعزم عليه ليخبرنه فقال: يولد لك غلام يكون مخنثًا، فكان كذلك. وقال معين: قدم علينا فكنا نسمع صوت معازفه، فهذا والله أعلم علم يخرج عنه في الصحيح. قال: ولما قدم عبد الملك من العراق: سئل عنها فقال: بها ما شئت من رجل نبيل ... ولكن الوفاء بها قليل يقول فلا ترى إلا جميلًا ... ولكن لا يصدق ما يقول وروي عنه أنه قال: إني لأسمع الكلمة المليحة وما لي إلا قميص فأدفعه إلى صاحبها، وأستكسي ربي، ولقد كنا بالمدينة، فيحدثنا الرجل الحديث، فيمليه علي ويذكر الخبر من الملح فأستعيده فلا يفعل، ويقول: لا أعطيك ظرفي وأدبي. وكانت وفاة عبد الملك سنة اثنتي عشرة ومائتين. وقيل: ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: أربع عشرة. ١٣- مطرف بن عبد الله ابن مطرف بن سليمان بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي ÷. يُكنى: أبا مصعب، وكان أصم. روى عن مالك، وابن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وعبد الله بن عمر العمري. وروى عنه: أبو زرعة وأبو حاتم.
وسئل أبو حاتم من أحب إليك، مطرف أو إسماعيل بن أبي أويس؟ قال: مطرف. وسئل عنه مرة أخرى؟ فقال: صدوق. قال ابن أبي حاتم: توفي مطرف سنة عشرين ومائتين. وقال غيره: توفي سنة أربع عشرة ومائتين بالمدينة بعد دخوله العراق. قال القاضي: هو أبو مصعب، ويقال: أبو عبد الله، مولى ميمونة أم المؤمنين، كان جد أبيه سليمان مشهودًا مقدمًا في العلم والفقه. وكان هو وإخوته: عطاء، وعبد الله، وعبد الملك، بنوبار، مكاتبين لميمونة أم المؤمنين، أخذ عن جميعهم العلم، وولاؤهم لبني العباس، وهبت ميمونة ولاءهم لعبد الله بن عباس. وقال البخاري: هو مولى أم سلمة أم المؤمنين ﵂. قال أبو عمر الصدفي: هذا وهم، أنا أنكره، إنما هو مولى ميمونة أم المؤمنين ﵂. وقال فيه ابن الحارث: الأسلمي. وقد ذكر إسماعيل بن إسحاق في مبسوطه: وروى الأسلمي عن مالك ولم يسمعه. قال محمد بن سعد: مطرف بن عبد الله بن يسار، وكان يسار مكاتبًا لرجل من أسلم، فأدى عنه عبد الله بن أبي فروة، فعتق، فصار في دعوتهم، وهو ثقة. روى عن: أسامة بن زيد بن أسلم، والزبير بن سعيد الهاشمي، وعبد الله بن ويد بن أسلم، وعبد الله بن محمد بن عمران الطلحي، وعبد الله بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي سحبل، وعبد الرحمن بن سعيد الديلي، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعمر بن رشاد المدني مولى مروان بن أبان بن عثمان، ومالك بن أنس، ومسلم بن خالد الزنجي، ونافع بن أبي نعيم القارئ.
روى عنه: محمد بن إسماعيل البخاري، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، أخو عبيد الله بن سعد، وإبراهيم بن محمد بن مروان العتيق، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن خليد الحلبي، وأحمد بن داود بن أبي صالح الحراني، وبشر بن موسى الأسدي، وأبو سليمان جامع بن سوادة الأزدي المصري، والربيع بن سليمان المرادي، وأبو يحيى عبد الله بن أحمد بن الحارث بن أبي ميسرة المكي، وعبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي، وعبد الله بن شعيب الزبيري، ويقال: الزهري القارئ، وأبو علقمة عبد الله بن عيسى المدني، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وعبد الرحمن بن معدان بن جمعة اللاذقي، وعبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وعلي بن بحر بن بري القطان، وعلي بن الحسين بن بشر والد الحكيم الترمذي، وعلي بن سعيد بن جرير النسائي، وعمير بن مرداس الدونقي، وعيسى بن عبد الله الطيالسي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن بجير والد عمر بن محمد بن بجير البجيري، ومحمد بن الحسن البرجلاني، ومحمد بن الحسن السماني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بن عبد الرحمن بن القاسم، ومحمد بن عزيز الزهري، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومعن بن عيسى القزاز، وهو أكبر منه، وهارون ابن عبد الله الحمال، ويعقوب بن سفيان الفارسي، ويعقوب بن شيبة الدوسي، وأبو سبرة بن محمد بن عبد الرحمن القرشي المدني. قال فيه أبو بكر الشافعي: سألت أبا موسى عيسى بن عبد الله عن مطرف؟ فقال: كان شيخًا بالمدينة أطروش، وكان ابن أخت مالك بن أنس. وقال أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني: حدثنا أبو مصعب وقال: المدني ولقبه مطرف. قال ابن معين: مطرف ثقة. قال ابن وضاح: هو عندي أرجح من ابن أبي أويس. قال الكوفي: ثقة. قال أحمد بن حنبل: كانوا يقدمونه على أصحاب مالك.
قال الزبير: قال مطرف: صحبت مالكًا سبع عشرة سنة، فما رأيته قرأ الموطأ على أحد، وكان يعيب كتابة العلم علينا، ويقول: لم أدرك أحد من أهل بلدنا ولا كان من مضى، يكتب. فقيل له: فكيف نصنع؟ فقال: تحفظون كما حفظوا، وتعملون كما عملوا، حتى تتنور قلوبكم، فيغنيكم عن الكتابة، ولقد كره عمر بن الخطاب ﵁ ذلك، وقال: لا يكتب كتاب مع كتاب الله. قيل لابن معين: مطرف مثل القعنبي ومعن؟ قال: كلهم ثقات. قال ابن وضاح: رأيت سحنونًا لا يعجبه مطرف. قال أبو العرب: وامتحن مطرف في القرآن أيام المأمون. فقد ذكر العرب التميمي في كتابه المحن: أنه امتحن هو وأصحابه للإمام مالك، في الهيجاء التي هاجت في المدينة، زمن أبي جعفر، في مسألة رفض سلطانهم والبيعة لهم، وقد ضرب فيها الإمام مالك ﵀. وكذلك امتحن في فتنة القرآن للإمام أحمد، قال أبو العرب: قال موسى بن الحسين: وسمعت أبا بكر بن أبي أويس وقد دُعي إلى المحنة بالمدينة، هو ومطرف بن عبد الله المديني صاحب مالك، وكان ابن أبي أويس جده، فلما قُرئ عليهم الكتاب، قال: الكفر بالله بعد نيف وسبعين سنة، ومجالسة رجال من أهل العلم يتوافرون بالمدينة، فقيل له: ليكن سجنك بيتك. وأما مطرف فإني أقمت عليه بالمدينة نيفًا وعشرين شهرًا، فسألته عن هذا فأبى أن يجيبني. قال أبو بكر بن أبي خيثمة: جاءنا سنة عشرين ومائتين. وقال أبو حاتم: مات سنة عشرين ومائتين. قال البخاري: ولد مطرف سنة تسع وثلاثين ومائة، ومات سنة عشرين ومائتين بالمدينة، وقال ابن أبي خثيمة ومحمد بن سعيد، في أولها. وقال الدارقطني: في صفر منها، وقال غيره: سنة أربع عشرة. وقال ابن وضاح: سنة تسع عشرة، قيل: وسنه بضع وثمانون سنة. ١٤- يحيى بن يحيى الأندلسي
يُكنى: أبا محمد، ويعرف بابن عيسى وهو يحيى بن يحيى بن كثير، وهو المكنى بأبي عيسى، وهو الداخل إلى الأندلس، وهو كثير بن شملل. أصله من البربر، من مصمودة المشرق. رحل وهو ابن ثمان وعشرين سنة. فسمع من مالك بن أنس الموطأ غير أبواب من الاعتكاف فحملها عن زياد بن مالك، وسمع من نافع بن أبي نعيم القارئ ومن القاسم العمري، ومن الحسين بن ضميرة، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة. وسمع بمصر من الليث بن سعد سماعًا كثيرًا. ومن ابن وهب (موطأ) وجامعه. وسمع من ابن القاسم مسائله، وحمل عنه من رأيه عشر كتب كبارًا، أكثرها سؤاله وسماعه، وكتب سماع ابن القاسم من مالك. ثم انصرف إلى المدينة ليسمعه من مالك، يسائله عنه؟ فوجد مالكًا عليلًا، فأقام بالمدينة إلى أن توفي مالك ﵀، وحضر جنازته. وسمع من أنس بن عياض، وقدم إلى الأندلس بعلم كثير، فعاد فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار عليه، وانتهى السلطان والعامة إلى رأيه. وكان فقيهًا حسن الرأي، وكان لا يرى القنوت في الصبح ولا في سائر الصلوات. وقال: سمعت الليث بن سعد يقول: سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول: إنما قنت رسول الله ÷ نحو أربعين يومًا يدعو على قوم، ويدعو لآخرين. قال: وكان الليث لا يقنت. وخالف يحيى أيضًا مالكًا في اليمين مع الشاهد، فلم ير القضاء به ولا الحكم وأخذ بقول الليث في ذلك، وقال: لا بد من شاهدين رجلين، أو رجل وامرأتين. وكان يرى زكاة الأرض بجزء مما يخرج منها على مذهب الليث، وقال: هي سنة رسول الله ÷ في خيبر، وقضى برأي أمينين إذا لم يوجد في أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك. وكان إمام أهل بلده والمقتدى به فيهم، والمنظور إليه والمعول عليه. وكان ثقة عاقلًا حسن الهدي والسمت، وكان شبه في سمته بسمت مالك ﵀، ولم يكن له بصر بالحديث.
قال أحمد بن خالد: لم يُعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر، وجلالة الذكر ما أُعطي يحيى بن يحيى. واختلف في وقت وفاته، فقيل: توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وقيل: توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. وكان يأتي الجامع يوم الجمعة، راجلًا معممًا. قال القاضي أبو الوليد بن الفرضي: يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس بن شمال ابن منغايا، يُكنى: أبا محمد. قال الأصيلي: ويحيى هو المكنى بأبي عيسى، وهو من مصمودة طنجة، ويتولى بني ليث، ولا يعلم على الصحة سبب ذلك. قال الرازي في كتاب الاستيعاب: هو من مصمودة من مضارة قبيل منها. دخل يحيى بن وسلاس مع ابن أخيه نصر بن عيسى في جيش طارق، وأسلم وسلاس بعدهم على يد يزيد بن عامر الليثي، وليث كنانة. فهذا والله أعلم سبب انتمائهم إلى ليث. قال الرازي: ثم دخل بعدهما كثير بن وسلاس وهو جد يحيى، وولي ابنه يحيى الجزيرة وشؤونه، وطلب يحيى ابنه العلم. قال الشيرازي: رحل يحيى بن يحيى إلى مالك وهو صغير، وتفقه بالمدنيين والمصريين من أصحابه. قال ابن الفرضي: وسمع منه رجال الأندلس في وقته، وكان آخر من حدّث عنه ابنه عبد الله. وقال الذهبي: سمع أولًا من الفقيه زياد بن عبد الرحمن شبطون، ويحيى ابن مضر، وطائفة. ثم ارتحل إلى المشرق في أواخر أيام مالك الإمام، فسمع منه الموطأ، سوى أبواب من الاعتكاف، شك في سماعها منه، فرواها عن زياد شبطون عن مالك، وسمع من الليث ابن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن ابن القاسم العتقي، وحمل عن ابن القاسم عشرة كتب سؤالات ومسائل، وسمع من ابن القاسم بن عبد الله العمري، وأنس بن عياض الليثي. ويقال: إنه لحق نافع بن أبي نعيم مقرئ المدينة وأخذ عنه، وهذا بعيد، فإن نافعًا مات قبل مالك بعشر سنين. وكان كبير الشأن، وافر الجلالة، عظيم الهيبة، نال من الرئاسة والحرية ما لم يبلغه أحد.
قال أبو القاسم بن شكوال الحافظ: كان يحيى بن يحيى مجاب الدعوة، قد أخذ نفسه في هيئته ومقعده هيئة مالك الإمام بالأندلس، فإنه عُرض عليه قضاء الجماعة وامتنع، فكان أمير الأندلس لا يولي أحدًا القضاء بمدائن إقليم الأندلس، إلا من بشير بن يحيى ابن يحيى، فكثر لذلك تلامذة يحيى بن يحيى، وأقبلوا على فقه مالك، ونبذوا ما سواه. وقال ابن القرطبي في تاريخه: وكان يحيى بن يحيى ممن أتمم ببعض الأمر في الهيج، يعني: في القيام والإنكار على أمير الأندلس. قال: فهرب إلى طليطلة، ثم استأمره، فكتب له الحكم الأمير المعروف بالربضي إمانًا فرد إلى قرطبة. وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت بركات الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث: دعه، ثم قال لي: خدمك العلم، قال: فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك وقيل: إن عبد الرحمن بن عبد الحكم المرواني صاحب الأندلس نظر إلى جارية له في رمضان نهارًا، فلم يملك نفسه أن يواقعها، ثم ندم، وطلب الفقهاء، وسألهم عن توبته، فقال يحيى بن يحيى: صم شهرين متتابعين، فسكت العلماء، فلما خرجوا، قالوا ليحيى: مالك لم تفت بمذهبنا عن مالك أنه مُخير بين العتق والصوم والإطعام؟ قال: لو فتحنا هذا الباب، لسهل عليه أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبة فحملته على أصعب الأمور لئلا يعود.
روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وإبراهيم بن إسماعيل الصائغ، وأزهر بن سعد السمان، وإسماعيل بن جعفر المدني، وإسماعيل بن عُلية، وإسماعيل بن عياش، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبشر بن المفضل، وبقية بن الوليد، وبكر ابن مضر المضري، وتليد بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وجعفر بن سليمان الضبعي، وأبي قدامة الحارث بن عبيد الإيادي، وحجاج بن محمد الأعور، وحفص بن غياث النخعي، وحماد ابن زيد، وحماد بن سلمة، وحميد بن عبد الرحمن الرواس، وخارجة بن مصعب الخراساني، وخالد بن عبد الله الواسطي، وداود بن عبد الرحمن العطاء، وأبي خثيمة زهير بن معاوية الجعفي، وسعيد بن عبد الجبار الزبيدي، وسعير بن الخمس التميمي، وسفيان بن عيينة، وسليم بن أخضر، وسليمان بن بلال، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وصالح المري، وعباد بن عباد المهلبي، وعياد بن العوام، وأبي زبيد عبثر بن القاسم، وعبد الله بن جعفر المخرمي، وعبد الله بن رجاء المكي، وعبد الله بن المبارك، وابي علقمة عبد الله بن محمد الفردي، وعبد الله بن نمير، وعبد الله بن وهب المصري، وعبد الله بن يحيى ابن أبي كثير، وعبد الحميد بن عبد الرحمن أبي يحيى الحماني، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد العزيز ابن أبي حازم، وعبد العزيز بن الربيع بن سبرة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الواحد بن زياد، وعبد الوارث بن سعيد، وعلي بن عمر بن علي المقدمي، وفضيل بن عياض، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، ومحمد بن ثابت العبدي، وأبي معاوية محمد بن حازم الضرير، ومحمد بن مسلم الطائفي، ومسلم بن خالد الزنجي، ومعاوية بن سلام بن أبي سلام الحبشي، ومعاوية بن عبد الكريم الضال، ومعاوية بن عمار الدهني.
انظر في ترجمته: تاريخ علماء الأندلس (٢/١٧٩)، ترتيب المدارك (٢/٥٣٤)، وفيات الأعيان (٦/١٤٦، ١٤٣)، مرآة الجنان (٢/١١٣)، المغرب في حلى المغرب (١/١٦٣، ١٦٥)، وتهذيب التهذيب (١١/١٠١، ٣٠٠)، نفح الطيب (٢/٩)، السير (١٠/٥١٩) . ١٥- علي بن زياد التونسي يُكنى: أبا الحسن، أصله من العجم، ولد بطرابلس، ثم سكن تونس. روى عن مالك وغيره. توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. هو علي بن زياد أبو الحسن التونسي العبسي. قيل: أصله من العجم، ولد بطرابلس، ثم انتقل إلى تونس فسكنها. وقال ابن شعبان وغيره: هو من عبس. وقال أبو العرب: علي بن زياد من أهل تونس، ثقة مأمون، خيار، متعبد، بارع في الفقه، ممن يخشى الله تعالى مع علوه في الفقه. سمع من مالك، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وغيرهم. وسمع بأفريقية قبل هذا: من خالد بن أبي عمران، لم يكن بعصره بأفريقية مثله. وسمع منه: البهلول بن راشد، وسحنون، وشجرة، وأسد بن الفرات وغيرهم. روى عن مالك الموطأ، وكتب سماعه من مالك الثلاثة. قال أبو سعيد بن يونس: هو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان المغرب وفسر لهم قول مالك: ولم يكونوا يعرفونه، وكان قد دخل الحجاز والعراق في طلب العلم، وهو معلم سحنون الفقه. قال الشيرازي: به تفقه سحنون وله كتب على مذهبه، وتفقه بمالك، وله كتاب خير من زنته. قال سحنون: كتاب خير من زنته، أصله لابن اشرس، غلا أنا سمعناه من ابن زياد، وكان يقرأه على المعافي، وأن أعرف من ابن أشرس المعافي. قال ابن وضاح: قلت: وكان أكبر من ابن أشرس. قال: بل كان أمرهما واحدًا، إلا أن ابن أشرس، ربما سمع وغاب علي فكان يقرأ على المعافي. وهو ثلاثة كتب: بيوع ونكاح، وطلاق، وسماعه من مالك ثلاثة كتب.
وقال أبو الحسن بن أبي طالب القيرواني العابد في كتاب (الخطاف): أن علي بن زياد لما ألف كتابًا في البيع، لم يرد ما يسميه به، فقيل له في المنام: سمه كتاب (خير من زنته) ورأى حبيب أخو سحنون في منامه: خُذ كتاب خير من زنته ذهبًا، فإنه الحق عند الله تعالى. وكان سحنون لا يقدم عليه أحد من أهل أفريقية ويقول: ما بلغ البهلول بن راشد شسع نعل ابن زياد. وكان أهل العلم بالقيروان، إذا اختلفوا في مسألة كتبوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب. قال: وكان خير أهل أفريقية في الضبط للعلم. وما أنجبت أفريقية مثل علي بن زياد، وقد فضله على المصريين. قال البلخي: لم يكن في عصر علي بن زياد أفقه منه ولا أورع ولم يكن سحنون يعدل به أحدًا من علماء أفريقية. وقال ابن حارث: كان علي ثقة مأمونًا. وجاء رجل إلى البهلول فقال له: رأيت في المنام كأن قنديلًا دخل من باب تونس حتى دخل دار وراح، فقال: تعرف الدار؟ قال: نعم. قال: قوموا بنا، فقد جاء علي بن زياد. فانتهوا مع الرجل حتى أوقفهم على الدار، فسألوا فإذا علي قد دخلها في السحر، فدخل عليه البهلول، فقام إليه علي وسلم عليه وجعل البهلول يسأله عن مسائل وكتب البهلول مع سحنون إلى علي بن زياد: يأتيك رجل يطلب العلم. فلما وصل سحنون أتاه علي إلى بيته بالموطأ، وقال له: والله لسمعنه علي إلا في بيتك، لأن أخي البهلول كتب إلي أنك ممن يطلب العلم لله. وقد رأيت أنا هذه الحكاية مع غير سحنون، وفيها: ومات علي بن زياد والبهلول بن راشد سنة ثلاث وثمانين ومائة. ويشبه به رجل آخر من أكابر أصحاب مالك المصريين، يكنى بكنيته ويتسمى باسمه، وينتسب بنسبه، وهو أبو الحسن علي بن زياد الإسكندراني. مصادر الترجمة: ترتيب المدارك (٢/٨٤، ٨٠) . ١٦- عبد الله بن غانم الأفريقي القاضي بها. ولد سنة ثمان وعشرين ومائة. وكان فقيهًا. سمع من مالك ومن أبي يوسف القاضي.
هو عبد الله بن عمر بن غانم بن شرحبيل بن ثوب الدين محمد بن شريح بن شراحبيل بن الحنفي بن أيمن بن ذي القمط بن قزو بن ذي عين. كنيته: أبو عبد الرحمن، كذا نسبه ابن شعبان وابن حارث وأبو العرب: قاله ابن الفرضي والقرطبي. وقال البخاري في التاريخ: عبد الله بن عمر النميري، عن يونس بن عبد الله سمع من الثوري وحجاج بن منهال. وقال في الصحيح: حدثنا عبد الله بن عمر النميري: حدثنا يونس حديث الإفك في باب من شهد بدرًا. قال ابن مندرة: عبد الله هذا هو ابن غانم الأفريقي، روى عنه القعنبي وابن القاسم. قال أبو العرب التميمي: كان ثبتًا ثقة فقيهًا عدلًا في قضائه. قال أبو علي بن أبي سعيد في كتابه المغرب في أخبار المغرب: كان ابن غانم رجلًا فقيهًا مقدمًا، مع فصاحة لسان وحسن بيان، وبصر العربية ورواية الشعر، تروى له أسباب مستحسنة، وكان فيه تمتنة، وكان أبوه مذكورًا قديمًا في عرب أفريقية وأبنائها قبل دخول المسودة. قال غيره: كان من أهل العلم والدين والعقل والورع، والتواضع والفصاحة والجزالة. قال أبو سعيد بن يونس: كان أحد الثقات الأثبات، ولم يعرفه أبو حاتم لبعده قطره. وقال: مجهول. قال الشيرازي: كان ابن غانم من نظراء ابن أبي حازم وأقرانه. قال القاضي عياض: سمع ابن غانم من ابن أنعم وخالد بن أب يعمران ورحل إلى الحجاز، والشام والعراق، فسمع من مالك وعليه اعتماده، ومن سفيان الثوري، ومن أبي يوسف، وعثمان بن الضحاك، وإسرائيل بن يونس، وداود بن قيس وغيرهم، سمع منه القعنبي وغيره. قال ابن عمران: كان مالك يجل ابن غانم، وإذا جاء أقعده إلى جانبه، ويسأله عن أخبار المغرب، وإذا رأى أصحابه قالوا: شغله المغربي عنا، ولما ولي القضاء، أعلم مالك بذلك أصحابه وسرّ به. ويقال: أن مالكًا عرض عليه أن يزوجه ابنته، ويقم عنده، فامتنع من المقام، وقال له: عن أخرجتها إلى القيروان تزوجتها.
وله سماع من مالك مدون، انقطع، ومنه في المجموعة مسائل وسمع الموطأ. قال: وجاء رجل بوثيقة إلى أسد بخط ابن غانم، فجعل أسد يعرضها، ثم نقرها بأصبعه، وقال ما كان أفقه. قال سليمان بن عمران: كان ابن غانم كاملًا متكملًا، فصيحًا، حسن البيان، وهذه التمتمة باقية في ولده إلى زماننا. قال أسد: كان ابن غانم فقيهًا. قال معمر: كان ابن غانم يقرأ لنا كتب أبي حنيفة في الجمعة يومًا، ولما بلغت وفاته استرجع وترحم عليه، ثم قال: لقد كنت قائمًا بهذا الأمر. قال ابن غانم: لما دخلت مع البهلول بن راشد على سفيان الثوري، وكان معهم عبد الله بن فروخ، قال: ليقرأ علي أفصحكم لسانًا، فإني أسمع اللحنة فيتغير لها قلبي، فقرأت عليه إلى أن فارقناه، ما رد علي حرفًا. قال أبو العرب: ومناقب ابن غانم كثيرة، وقد حدث عنه سحنون، وداود ابن يحيى. وكان لابن غانم حظ من صلاة الليل، فإذا قضاها وجلس في التشهد آخرها، عرض كل خصم يريد أن يحكم له على ربه، يقول في مناجاته: يا رب فلان نازع فلانًا وادعي عليه بكذا، فأنكر دعواه، فسألته البينة فأتى ببينة شهدت بما ادعى، ثم سألته تزكيتها، فأتاني بمن زكاهم، وسأل تعنهم في السر فذكر عنهم، يعني خيرًا، وقد أشرفت أن آخذ له من صاحبه حقه الذي تبين لي أنه حق له، فإن كنت على صواب، فثبتني وإن كنت على غير صواب فاصرفني، اللهم لا تسلمني، اللهم سلمني. فلا يزال يعرض الخصوم على ربه حتى يفرغ منهم. وكان ابن غانم يكثر إنشاد هذين البيتين: إذا انقرضت عني من العيش مدتي ... فإن غناء الباكيات قليل سيعرض عن ذكري وتنسي مودتي ... ويحدث غناء الباكيات قليل وكان لابن غانم أخ اسمه سعيد، سمع من أخيه عبد الله، وكتب عنه. وكان لابن غانم ابنان جليلان أبو عمر وغانم، وأبو شراحبيل. وكان أبو شراحبيل فقيهًا نظارًا ورعًا أديبًا شاعرًا، أخذ عن الكوفيين، ومال إلى رأيهم، وتوفى وهو ابن ست وثلاثين سنة، مولده سنة تسع ومائتين.
وكان لابنه أبي عمرو وغانم ولد يُكنى أبا عبد الرحمن. وفاته: قال القاضي أبو الفضل: ودخل على ابن غانم، أبو الوليد المهدي اللغوي في مرضه الذي مات فيه، فقال له: ارفع إليه ضجعتك من هذه العلة إلى إفاقة وراحة، وأعد إليك ما عودك من الصحة والسلامة فأطال ما صححت وعوفيت أصلحك الله، فاصبر لحكم ربك فإن الله يحب أن يشكر على نعمه. فقال ابن غانم: هو الموت والغاية التي إليها انتهاء الخلق، وما لا بد منه فصبر يؤجر صاحبه عليه، خير من جزع لا يغني عنه، ثم تمثل. وتوفى في ربيع الأخر سنة تسعين ومائة، وقيل ست وتسعين من فالج أصابه، وقيل: إن بصره كان قد كف، والأول أصح. ويشهد له شعر: ولينا قضاء الغرب عشرين حجة وكان ولي القضاء سنة إحدى وسبعين، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة، وتوفى وهو قاض كما قدمناه. ومولده سنة ثمان وعشرين ومائة مع البهلول بن راشد في ليلة واحدة. وذكر بعضهم أنه سمع عند موته صوتًا فلا يرون شخصه يقول: زادت ذئاب بعد طول عوائها ... لما تضمنه للضريح الملحد وقيل: بل رآه بعضهم في النوم. ولما مات بكى عليه ابن الأغلب وجلس على كرسي ينتظر وقته، ووقف على قبره معه ابن غفال، خال إبراهيم بن الأغلب وجزع عليه، فسأله إبراهيم عن ذلك فقال: كان لي صديقًا ودودًا. فقال إبراهيم: والله ما ولينا أفريقية ولا أمنا حتى مات. وكان علي الهمة، ولما مات قومت كسوة ظهره بألف دينار. مصادر الترجمة: ترتيب المدارك (٢/٦٨، ٧٩) . ١٧- معن بن عيسى ابن يحيى بن دينار القزاز، مولى أشجع، يُكنى: أبا يحيى. روى عن مالك ابن أنس ومعاوية بن صالح ومخرمة بن بكير ومحمد بن هلال. روى عنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، والحميدي ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإبراهيم بن المنذر، وأبو بكر بن أبى شيبة، ونصر بن علي، وغيرهم. وكان أشد الناس ملازمة لمالك، وكان مالك يتكئ عليه في خروجه إلى المسجد حتى قيل له: عصية مالك.
قال أبو حاتم: سمعت إسحاق بن موسى الأنصاري يقول: سمعت معن ابن عيسى يقول: كان مالك لا يجيب العراقيين في شيء من الحديث، حتى أكون أنا أسأله عنه. قال: وسمعت معن بن عيسى يقول: كل شيء من الحديث في الموطأ سمعته من مالك إلا ما استثنيت أن عرضته عليه، وكل شيء من غير الحديث عرضته على مالك إلا ما استثنيت أني سألته عنه. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن بن عيسى، وهو أحب إلي من ابن نافع وابن وهب. وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة بالمدينة أعني معن بن عيسى. هو أبو يحيى معن بن عيسى بن يحيى بن دينار القزاز. كان يبيع القز، مولى أشجع. قال ابن بكير: كان معن يبيع القز، وكان طويلًا. وقال محمد بن سعد: وكان له غلمان حاكة.
روى عن: إبراهيم بن سعد، وإبراهيم بن طهمان، وأُبي بن العباس بن سهل ابن سعد الساعدي، وإسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، وأبي الغصن ثابت ابن قيس المدني، والحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن إياس الشجعي، وخارجة ابن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت، وخالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر العمري، وخالد بن ميسرة الطفاوي، وزهير بن محمد التميمي العنبري، وسعد بن بشير، وسعيد ابن السائب الطائفي، وعبد الله بن زياد بن درهم، وأبي أويس عبد الله بن عبد الله المدني، وأبي جندب عبد الله بن عمرو الهذلي، وعبد الله بن المؤمل المخزومي، وعبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله قنطب، وعمر بن سلام، وقيس بن الربيع الأسدي، ومالك بن أنس، ومحمد بن بجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأوقص المخزومي الأوقصي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن مسلم الطائفي، ومحمد بن هلال المدني، ومخرمة بن بكير بن الأشيخ، ومعاوية بن صالح الحضرمي، ومنصور بن أبي الأسود، والمنكدر بن محمد بن المنكدر، وموسى بن يعقوب الزمعي، وهشام بن سعد، وأبي رزيق، وعبيدة بنت نابل.
روى عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن حنبل فيما قيل، وأحمد بن خالد الخلال، وأحمد بن عبد الصمد الأنصاري، وإسحاق بن بهلول التنوخي، وإسحاق بن عيسى بن الطباع، وإسحاق بن موسى الأنصاري، والحسن بن الصباح البزار، والحسين ابن عيسى البسطامي، وخلف بن سالم المخزومي، وذؤيب ابن يمامة السهمي، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وسعيد بن محمد الجرمي، وسهل ابن زنجلة الرازي، وصالح بن مسمار المروزي، وصفوان بن صالح الدمشقي، وطاهر ابن أبي أحمد الزبيري، وعبد الله ابن جعفر البرمكي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وعبد الرحمن بن يونس المستملي، وعلي بن شعيب السمسار، وعلي ابن المديني، وعلي بن ميمون العطار الرقي، والفضل بن الصبح، وقتيبة بن سعيد، ومجاهد بن موسى، ومحمد بن أبان البلخي، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، ومحمد بن الحارث البزاز، وأبو بكر محمد بن خلاد الباهلي، ومحمد بن رافع النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ومحمد بن يزيد الآدمي، ومحمود بن خداش، ونصر بن علي الجهضمي، وهارون بن عبد الله الحمال، وهشام بن عمار الدمشقي، ويحيى بن معين، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ويوسف بن يعقوب الصفار، ويونس بن عبد الأعلى. قال أبو الحسن الميموني، عن أحمد بن حنبل: ما كتب عن معن شيئًا. وقال الشيرازي: كان ربيب مالك، وهو الذي قرأ الموطأ عليه للرشيد وابنيه، وكان يتوسد عتبته فلا يلفظ بشيء إلا كتبه، وعد في فقهاء أصحابه، وعده ابن حبيب فيمن خلف مالكًا في الفقه بالمدينة. قال ابن الحارث: وله سماع معروف من مالك، ذكره ابن عبدوس في المجموعة فيما ذكر. وقال: وهو من كبار أصحاب مالك. وذكر أيضًا كثيرًا من سماعه وروايته عن مالك أبو عيسى الترمذي في جامعه، فكل ما أدخله عن مالك، فقد قال في آخر كتاب أنه من رواية معن.
وقال يحيى بن معين: هو ثقة وخرج منه البخاري ومسلم. وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث مأمونًا لينًا. قال الشافعي: قال الحميدي: حدثني من لم تر عيناك مثله معن بن عيسى. قال ابن الجنيد: قلت لابن معين: كان عند معن غير الموطأ؟ قال: شيء قليل. وقال علي بن المديني: أخرج إلينا أربعين ألف مسألة سمعها من مالك. وقال ابن بكير: كنت أستخرج الحديث في رقاع منه ثم أقول: يا أبا عبد الله، اقرأ لي هذا الحديث، فيقرأه ثم أتركه أيامًا وأجيئه برقعة أخرى. وقال ابن وضاح: أقبل قوم إلى معن بالمدينة يستأذنون عليه في داره، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم أسود ليدخل الدار، فسألوه الإذن لهم، فدخل ونادى يا معن فاستجاب له فأعلمه، فأذن ودخلوا. فقالوا له: أصلحك الله، عجبنا من تسمية هذا الأسود لك. قال: أما أنه مع ذلك مملوكي. قال: وما أردتم؟ أكان يدعونني بأفضل من اسمي الذي رضه الله لي؟ وكأنه حسن فعله. قال البخاري: مات معن سنة ثمان وتسعين ومائة، قيل: في شوال منها بالمدينة. انظر في ترجمته: ترتيب المدارك (٤/١٤٨، ١٥٠)، وتذكرة الحفاظ (١/٣٣٢)، والجرح والتعديل (٤/١/٢٧٧)، والطبقات الكبرى لابن سعد (٥/٤٣٧) . ١٨- عبد الله بن مسلمة ابن قعنب القعنبي. أبو عبد الرحمن، مدني، سكن البصرة. روى عن مالك وابن أبي ذئب، ومخرمة بن بكير، وأفلح بن حميد، وسلمة بن وردان. روى عنه: أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، وعلي بن عبد العزيز. قال ابن أبي حاتم، قلت لأبي: القعنبي أحب إليك أم إسماعيل بن أبي إدريس؟ فقال: القعنبي أحب إلي. وسئل أبي عن عبد الله بن مسلمة القعنبي؟ فقال: بصري ثقة، حجة. وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: ما كتبت عن أحد أجل في عيني منه. وسئل ابن معين عن القعنبي، فقال: ذاك من در ذاك من دنانير. ١٨- انظر في ترجمته: طبقات خليفة (٢٣٨٨)، تاريخ خليفة (٣٩٨)، ترتيب المدارك (٢/٤٣٣)، تهذيب الأسماء واللغات (١/٣٠٣)، وفيات الأعيان (٣/١٢٩) .
١٩- أبو مصعب الزهري اسمه: أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف. قال الزبير بن بكار: كان أبو مصعب على شرطة عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ﵁، إذ كان واليًا للمأمون على المدينة ثم ولاه القضاء، ومات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع. قال أبو عمر: روى عن مالك، والدراوردي، وإبراهيم بن سعد، وعطاف بن خالد وغيرهم. روى عنه: محمد بن يحيى الذهلي، وإسماعيل القاضي والبخاري، وأبو حاتم وأبو زرعة وقالا فيه: صدوق. قال أبو عمر: مات أبو مصعب سنة إحدى وأربعين ومائتين. هو أحمد بن أبي بكر، واسمه: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، وأبو مصعب الزهري المدني الفقيه، قاضي مدينة رسول الله ÷. قال مصعب بن عبد الله، ويعرف بكنيته أبي مصعب، وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع. روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ﵃، وثالح بن قدامة بن إبراهيم بن محمد ابن حاطب الجمحي، وعاصم بن سويد الأنصاري العياني، وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، وعبد العزيز بن أبي حازم المدني، وعبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد المهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي، والعطاف بن خالد المخزومي، وعمر بن طلحة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ومالك بن أنس الأصبحي، ومحرز بن هارون القرشي، ومحمد بن إبراهيم بن دينار المدني الفقيه، والمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش ابن أبي ربيعة المخزومي، وموسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، ويحيى بن عمران القرشي، ويوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون.
روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمدين، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن محمد البسري، وأبو الحريث أحمد بن عيسى بن مخلد الكلابي الكوفي، وأحمد ابن محمد بن نافع الطحان المصري، وإسحاق بن أحمد الفارسي، وإسماعيل بن ابان بن محمد بن محوي الشامي، وبقي بن مخلد الأندلسي، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، والحارث بن أحمد ابن أبي بكر الزهري، وأبو الزنباع روح بن الفرح المصري القطان، وزكريا بن يحيى السجزي المعروف بخياط السنة، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل الشيباني، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، ومحمد ابن إبراهيم بن زياد الطيالسي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، ومحمد بن يحيى بن عبد الله ابن خالد بن فارس الذهلي، ومعاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري، ويحيى بن الحسين بن جعفر ابن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي، النسابة. قال الذهبي: الإمام ثقة، شيخ دار الهجرة، قاضي المدينة ورد على كلام أبو زرعة وأبو حاتم، بأنه صدوق: احتج به أصحاب الصحاح. وقال أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه: خرجنا سنة تسع عشرة ومائتين إلى مكة، فقلت لأبي: عمن أكتب؟ فقال لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمن شئت. قلت: أي الذهبي، أظنه نهاه عنه لدخوله في القضاء والمظالم، وإلا فهو ثقة، نادر الغلط، كبير الشأن. وقال القاضي: وإنما قال ذلك، لأن أبا مصعب كان يميل إلى الرأي، وأبو خيثمة من أهل الحديث وعمره ينافر ذلك، فلذلك نهى عنه، وإلا فهو ثقة، لا نعلم أحدًا ذكره إلا بخير.
وقال ابن حزم الظاهري: آخر شيء روي عن مالك من المواطآءات موطأ أبي مصعب، وموطأ أحمد بن إسماعيل الهمي، وفي هذه الموطأين نحوه مائة حديث زائدة، وهما آخر ما روى عن مالك، وفي ذلك دليل على أنه كان يزيد في الموطأ أحاديث كل وقت، كان أغفلها، ثم أثبتها، وهكذا يكون العلماء ﵏. وقال أبو الحسن الدارقطني: أبو مصعب، ثقة في الموطأ، وقدمه علي يحيى ابن بكير. وقال أبو إسحاق في طبقاته: كان أبو مصعب من أعلم أهل المدينة، روى أنه قال: يا أهل المدينة، لا تزالون ظاهرين على أهل العراق ما دمت لكم حيًا. قال الزبير بن بكار: مات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع ولاه القضاء عبيد الله بن الحسن بعد أن كان على شرطته. وقال: مات في شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين ومائتين وهو على القضاء، وله اثنتان وتسعون سنة. قال الشيرازي: تسعون سنة. قال القاضي وكيع في كتاب طبقات القضاة: هو من أهل الثقة في الحديث. قال ابن نمير: سمعت أبا مصعب يقول: سمعت مالكًا يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، قال أبو مصعب فمن شك أو وقف فهو كافر. وقال حبيب: قال أبو مصعب: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فمن قال غير هذا فهو كافر. انظر ترجمته في: تاريخ الدوري (٢/٥٨١)، التاريخ الكبير (٧/١٩٧٨)، والصغير (٢/٢٣٦، ٢٣٨)، الجرح والتعديل (٨/١٠١٣)، الثقات لابن حبان (٧/٤٦٦)، وتهذيب الكمال (٢٨/٣٨١)، تهذيب التهذيب (١٠/٢٦٤، ٢٦٥)، التقريب (٢/٩٦) . ٢٠- يحيى بن يحيى بن بكير ابن عبد الرحمن التميمي الحنظلي مولى لهم. ويقال: مولى بني منقر بن سعيد بن عمرو ابن تميم النيسابوري. يُكنى: أبا زكريا. روى عن مالك الموطأ، وقيل: أنه قرأه عليه، وروى عن الليث بن سعد، وابن لهيعة، وزهير بن معاوية، وسليمان بن يسار، وغيرهم. كانت له حال بنيسابور، وله حظ من الفقه، وكان ثقة مأمونًا مرضيًا. روى عن جماعة من أهل بلده وغيرهم، وروى عنه من الجلة الحفاظ: إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن يحيى الذهلي.
وروى عنه: البخاري ومسلم بن الحجاج، ولم يروي مسلم الموطأ إلا عنه. وكان أحمد بن حنبل يُثني عليه. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فأثنى عليه خيرًا، وقال: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى، كان من ورعه يشك في الحديث كثيرًا حتى سموه الشكاك. وقال أبو زرعة الرازي: سمعت أحمد بن حنبل ذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فذكر من فضله وإتقانه أمرًا عظيمًا، وأثنى عليه أبو زرعة. وقال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: كتبت العلم عمن كتبته، فلم أكتب عن أحد أوثق في نفسي من هذين: يحيى بن يحيى، والفضل بن موسى السيناني. قال إسحاق: وكان يحيى رجلًا عاقلًا، وكان يحيى بن يحيى يقول: من قال في القرآن مخلوق فهو كافر، لا يكلم ولا يجالس ولا يناكح. وذكر السراج عن الحسن بن علي بن عبيد الله: سمعت محمد بن مسلمة يقول: رأيت رسول الله ÷ في المنام، فقلت: عمن أكتب؟ فقال: يحيى بن يحيى. ٢٠- يحيى بن يحيى روى عنه: البخاري، ومسلم، وإبراهيم بن عبد الله السعدي، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر، وأحمد بن حفص بن عبد الله السلمي، وأحمد بن سلمة النيسابوري، وأحمد بن يوسف السلمي، وإسحاق بن راهوية، وإسماعيل بن إسحاق الثقفي السراج، وجعفر بن محمد بن الحسين المعروف بالترك، والحسين بن منصور السلمي النيسابوري، وسلمة بن شبيب النيسابوري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعبيد الله بن فضالة بن إبراهيم الشيباني، وعصمة بن إبراهيم النيسابوري، وعلي بن سلمة اللبقي، وعلي بن غنام العامري، والفضل بن يعقوب الرخامي، ومحمد ابن أسلم الطوسي، ومحمد بن رافع القشيري، ومحمد بن عبد السلام بن بشار الوراق، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن محمد بن يحيى الذهلي (ابنه)، ويعقوب بن سفيان الفارسي.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: كان ثقة وزيادة وأثنى عليه خيرًا. وقال أبو داود عن أحمد بن حنبل: خرج من خراسان رجلان، عبد الله بن المبارك ويحيى بن يحيى. وقال إسحاق بن راهويه: يحيى بن يحيى أثبت من عبد الرحمن بن مهدي. وقال في موضع آخر: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى ولا رأى يحيى مثل نفسه. وقال في موضع آخر: مات يحيى بن يحيى يوم مات وهو إمام لأهل الدنيا. وقال الحسن بن سفيان: كنا إذا رأينا رواية ليحيى بن يحيى عن يزيد بن زريع قلنا: ريحانة أهل خراسان عن ريحانة أهل العراق. وقال يحيى بن يحيى: أُخبرت عن ابن حماد بن زيد، قال: قال أبي: ما أخرجت كتابي إلى أحد إلا ليحيى بن يحيى. وقال محمد بن أسلم الطوسي: رأيت النبي ÷ في المنام، فقلت: عمن أكتب؟ قال: يحيى بن يحيى. وقد روى له الترمذي والنسائي، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: أوصى بثياب بدنه لأحمد بن حنبل، فكان أحمد يحضر الجماعات في تلك الثياب. مات في آخر صفر سنة سبع وعشرين ومائتين. وكان من سادات أهل زمانه علمًا ودينًا وفضلًا ونسكًا وإتقانًا. وقال الحاكم أبو عبد الله: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: سمعت أبا الطيب المكفوف صاحب يحيى بن يحيى يقول: ولد يحيى بن يحيى سنة اثنتين وأربعين ومائة، ومات سنة ست وعشرين ومائتين، وهو ابن أربع وثمانين سنة. وقال أيضًا قرأت بخط أبي عمرو: أملى علي محمد بن عبد الوهاب وفاة يحيى بن يحيى، فقال: مات يحيى بن يحيى ليلة الأربعاء، غرة ربيع الأول سنة ست وعشرين ومائتين. قال الحاكم: لست أعلم خلافًا بين مشايخنا في وقت الوفاة ليحيى بن يحيى على هذا النحو، فكل من خالف هذا القول فإنه يخطئ.
قال: والمكتوب على اللوح في قبره خطأ، قرأت في اللوح على قبر يحيى بن يحيى أنه مات سنة أربع وعشرين ومائتين، وسمعت أبا أحمد علي بن محمد بن المروزي يقول: سمعت محمد بن موسى الباشاني يقول: مات يحيى بن يحيى النيسابوري سنة خمس وعشرين ومائتين، وكلا القولين خطأ. وقال أيضًا: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: سمعت أبا أحمد الفراء يقول: أخبرني زكريا بن يحيى بن يحيى، قال: أوصى أبي بثياب جده لأحمد بن حنبل، فأتيته بها، فقلت: إن أبي أوصى بمتاعه لك، قال: إئت به، فأتيت بها في منديل، فنظر إليها، فقال: ليس هذا من لباسي، ثم أخذ ثوبًا واحدًا ورد الباقي. انظر في ترجمته: التاريخ الكبير (٨/٣٠، ٣١)، والتاريخ الصغير للبخاري (٢/٢٥٤)، والثقات لابن حبان (٦/٣٩١)، وثقات ابن شاهين (١٦٠٤)، والسير (١٠/٥١٢)، وتهذيب الكمال (٣٢/٣١)، وتهذيب التهذيب (١١/٢٩٦) . كتبه لنفسه: محمد بن علي بن عبد الملك بن عبد العزيز القرشي، وعرف بابن القاهري. من خط يد الخازن أبي الحسن علي المقدسي، وقابلته عليهما، وصححت وللجزء تبيض عنه. وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا.
السماعات (*) بلغ السماع لجميع هذا الجزء على الشيخ الفقيه الإمام: شرف الدين أبو محمد بن عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح القرشي، عرف بابن رواج. نحو إجازته مشافهة من الشيخ أبي الحسن علي بن عيسى بن أحمد بن مؤمن الأنصاري. قدم علينا الإسكندرية يقرأه: محمد بن علي بن عبد الملك بن عبد العزيز بن الحسن ابن علي القرشي عرف بابن القاهري، وهذا خطه: النجيب أبو القاسم علي بن أبي محمد عطاء الله بن صدقة بن يوسف عرف بابن مجيب العدل والده، وأبو عبد الله محمد وأبو الحجاج يوسف ابن الجابي محمد بن عبد العزيز القرشيان عرفا بابن الجزار، وأبو الحسين بن أبي الطاهر بن أبي الحسين القرشي، وأبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الشاطبي، وصح لهم ذلك في ليلة سفر صباحًا عن الرابع والعشرين من جمادي الأولى سنة سبع وثلاثين وستمائة بمسجده بثغر الإسكندرية حرسها الله تعالى، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. * * * _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
ترجمة مختصرة للمصنف (*) هو الشيخ الفقيه الإمام خلف بن أبي القاسم محمد الأزدي القيرواني البراذعي، وقيل: البرادعي. لم يعرف تحديدًا سنة ولادته، وكذلك وفاته. قال عن نفسه لطلبته: فخذ بعلمي ولا تنظر إلى عملي ... كلّ الثمار وخلّ العود للنار من شيوخه: ١ - أبو القاسم بن خلف بن شبلون، توفي سنة ٣٩٠هـ. ٢ - أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري، ابن القابسي، توفي سنة ٤٠٣هـ. ٣ - أبو محمد عبد الله بن أبي زيد النفري القيرواني، توفي سنة ٣٨٦هـ. ٤ - أبو بكر هبة الله بن محمد بن أبي عقبة التميمي، توفي سنة ٣٦٩هـ. ٥ - أبو سعيد خلف بن عمر بن هشام الربعي الحناط، توفي سنة ٣٧٣هـ. ومن تلامذته: ١ - أبو الوليد حجاج بن محمد بن عبد الملك بن حجاج، اللخمي المركيشي الإشبيلي توفي سنة ٤٢٩هـ. ٢ - أبو بكر أحمد بن أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القاضي توفي سنة ٤٦٠هـ. ٣ - أبو بكر محمد بن مغيرة القرشي. ٤ - أبو بكر بن عتيق بن فرج. من مصنفاته: ١ - تهذيب المدونة، كتابنا هذا. ٢ - تمهيد مسائل المدونة. ٣ - الشرح والتتمات لمسائل المدونة. ٤ - مختصر الواضحة لعبد الملك بن حبيب. ٥ - الوعظ. وانظر ترجمته: ترتيب المدارك لعياض (٧/٢٥٦) وسير أعلام النبلاء (١٧/٣٤٣)، والأعلام للزركلي (٢/٣١١)، والديباج المذهب لابن فرحون (١/٣٤٩)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (١/١٠٥)، وهدية العارفين للبغدادي (٥/٣٤٧)، وتاريخ الأدب لبروكلمان (٣/٢٩٠) . * * * _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
قيمة الكتاب وصحة نسبته (*) لمصنفه ونسخه الخطية قال القاضي عياض: وقد ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه، وتيمنوا بدرسه وحفظه وعليه مُعَوّل أكثرهم بالمغرب والأندلس. وقال ابن ناجي: ومن ينظر مدونة سُحنون الذي هو اختصارها يعلم فضيلة البراذعي في اختصاره. ويقول التجيبي: وقد ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه بمغربنا الأقصى، وسموا بدراسته وحفظه، وعليه معول جماعة من الفقهاء اليوم بفاس دار فقه المغرب، والمناظرة في جميع حلق التدريس إنما هي به. وقال ابن خلدون: يتعاهدون كتاب التهذيب في دروسهم. والكتاب ذكره لمصنفه كل من ترجم للمصنف. النسخ الخطية للكتاب: ١ - نسخة المكتبة البلدية بالإسكندرية، رقم (٥١٥٢) ومنها نسخة بدار الكتب ٩ مالكي، وبمعهد المخطوطات العربية، القاهرة. ٢ - نسخة المكتبة الأزهرية، رقم ٣١٢٦. ٣ - نسخة أحمد الثالث، استسانيول، تركيا، رقم ٨٧٢، وعنها صورة فيلمية بمعهد المخطوطات العربية، القاهرة. ٤ - نسخة المكتبة الظاهرية، رقم ٦٣٥٤. ٥ - نسخ المكتبة الأحمدية، بتونس، ٢٦٢٩، ٢٦٣٠، ٢٦٣١. ٦ - نسخة المكتبة العاشورية، تونس، ١٢٠ ف. أ. ٧ - نسخ دار الكتب الوطنية تونس، ٢٣٢٣، ٣٥٥٤، ٤٨٣٤، ٥٩٤٥. ٨ - مكتبة النيفر، ٢٧٦. ٩ - مكتبة حس عبد الوهاب رقم ١٨٠١٢. ١٠ - نسخ المكتبة العبدلية: ١٧١٩، ١٧٢٠، ٥٠٧١، ١٩٩١. ١١ - نسخ خزانة القرويين بفاس: ٣٢١، ٣٢٢، ٣٢٣، ٣٢٤، ٣٢٥، ١١١٨، ١١١٩. ١٢ - نسخة جامعة القرويين رقم ٤٠/٣٢٠. ١٣ - نسخة الخزانة العامة بالرباط، ٨٣٤، الكتانية، وعنها نسخة بمعهد المخطوطات العربية من مصورات اليونسكو، وهي ناقصةالآخر. ١٤ - نسخة الزاوية الحمزية، رقم ٩٠. ١٥ - نسخة خزانة بن يوسف بمراكش رقم ٣٥. ١٦ - نسخة اسكوريال، إسبانيا، رقم ٩٩٥. ١٧ - نسخة دار الكتب المصرية، مكتبة طلعت، رقم ٩٥. ١٨ - نسخة المكتبة الأزهرية رقم ١٦٥٤. ١٩ - نسخ المكتبة الوطنية، باريس، ١٠٥١، ١٠٥٢، ١٠٥٣، ١٠٥٤. * * * _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
التعريف بأصحاب مالك (*) لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ ترجمة ابن عبد البر هو العلامة حافظ المغرب، شيخ الإسلام، علم الأعلام: أبو عمرو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري الأندلسي، القرطبي المالكي. صاحب التصانيف الفائقة الرائقة، التي صارت بها الركبان إلى الأقطار والبلدان. ولد في سنة ثمان وستين وثلاث مائة في شهر ربيع الآخر، وقيل: في جمادي الآخرة، فاختلفت الروايات في الشهر عنه. وطلب العلم بعد التسعين وثلاث مائة، وأدرك الكبار، وطال عمره، وعال سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثق وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان. وفاته السماع من أبيه، فإنه مات قديمًا في سنة ثمانين وثلاث مائة، فكان فقيهًا عابدًا متهجدًا. عاش خمسين سنة، وكان قد تفقه على التُجيبي. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن سنن أبي داود، بروايته عن ابن داسة. وحدث أيضًا عن إسماعيل بن محمد الصفار، بالناسخ والمنسوخ لأبي داود، عن أبي بكر النجاد، وناوله (مسند أحمد بن حنبل) بروايته عن القطيعي. وسمع من المعمر محمد بن عبد الملك بن ضيفون أحاديث الزعفراني بسماعه من ابن الأعرابي عنه. وقرأ تفسير محمد بن سنجر، في مجلدات. وقرأ على أبي القاسم عبد الوارث بن سفيان (موطأ) ابن وهب بروايته عن قاسم بن أصبغ، عن ابن وضاح، عن سُحنون وغيره عنه. وسمع من سعيد بن نصر مولى الناصر لدين الله عنه، وسمع منه في سنة تسعين وثلاثمائة، كتاب (المشكل) لابن قتيبة، وقرأ عليه (مسند الحميدي) وأشياء. وسمع من أبي عمر أحمد بن محمد بن الجور (المدونة) . وسمع من خلف بن القاسم بن سهل الحافظ (تصنيف عبد الله بن عبد الحكم) . وسمع من الحسين بن يعقوب البجائي. وقرأ على عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني (موطأ) ابن القاسم. وقرأ على أبي عمر الطلمنكي أشياء. وقرأ على الحافظ أبي الوليد ابن الفرضي (مسند مالك) . وسمع من يحيى بن عبد الرحمن، ومحمد بن رشيق، وأبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي. وسمع من أحمد بن فتح الرسان، وأبي عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك المسكوي، وأحمد بن القاسم الناهرتي، وعبد الله بن محمد ابن أسد الجهني، وأبي حفص عمر بن الحسين بن نابل، ومحمد بن خليفة الإمام..وعدة. حدث عنه: _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
أبومحمد بن حزم، وأبو محمد بن أبي قُحافة، وأبو العباس بن دليهات الدلآئي، وأبو الحسن بن مفوز عمران بن موسى بن تليد، وطائفة سواهم. وقد أجاز له من ديار مصر: أبو الفتح بن سيبخت صاحب البغوي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأجاز له من الحرم أبو الفتح عبد الله السقطي، وآخر من روى عنه بالإجازة علي بن عبد الله بن موهب الجذامي. قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي. وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل: ابن القاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب. ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما، ولا متخلفًا عنهما وكان من النمر ابن قاسط، طلب وتقدم، ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه، ولزم أبا الوليد الفرضي، ودأب في علم الحديث، وافتنّ به وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار، جلا عن وطنه، فكان في الغرب مدة، ثم تحول إلى شرق الأندلس، فسكن دانية وبلنسية وشاطبة، وبها توفى. وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة. ثناء العلماء عليه: قال أبو القاسم بن بشكوال: ابن عبد البر إمام عصره. وقال أبو الوليد الباجي: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب. وقال ابن حزم: لا أعلم أحدًا في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف أحسن منه.
وقال الذهبي: كان إمامًا دينًا، ثقة، متقنًا، علاّمة، متبحرًا، صاحب سنة واتباع، وكان أولًا أثريًا ظاهريًا فيما قيل، ثم تحول مالكيًا، مع ميل في الفقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك، فإنه بلغ منزلة ورتبة الأئمة المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم، وقوة الفهم وسيلان الذهن، وكل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب الروضة المعصوم، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنة، ونغطي معارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه. مصنفاته: ١- التمهيد لمعرفة ما في الموطأ والمعاني من الأسانيد. ٢- الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من المعاني والآثار. ٣- الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ٤- جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله. ٥- الكافي في مذهب مالك. ٦- الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو. ٧- التقصي في اختصار الموطأ. ٨- الانتقاء لمذهب الثلاثة الفقهاء. ٩- البيان في تلاوة القرآن. ١٠- القصد والأمم في نسب العرب والعجم. ١١- الشواهد في إثبات خبر الواحد. ١٢- الإنصاف في أسماء الله. ١٣- الأجوبة الموعبة. ١٤- المغازي. ١٥- الفرائض. ١٦- بهجة المجالس وأنس الجالس. ١٧- أشعار أبي العتاهية. ١٨- التعريف برواة مالك (وهو كتابنا هذا) . وفاته: قال أبو داود المقرئ مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة، واستكمل خمسًا وتسعين سنة وخمسة أيام ﵀. مصادر الترجمة: ١- جمهرة أنساب العرب (٣٠٢) . ٢- جذوة المقتبس (٣٦٧) . ٣- ترتيب المدارك (٤/٣٠٨) . ٤- فهرست ابن خير (٢١٤) . ٥- وفيات الأعيان (٧/٦٦٠) . ٦- السير (١٨/١٥٣) . ٧- تذكرة الحفاظ (١١٢٣) . ٨- العبر (٣/٢٥٥) . ٩- دول الإسلام (١/٢٧٣) . ١٠- المشتبه (١/١١٧) . وصف المخطوط المخطوط من محفوظات مكتبة فيض الله بإيران تحت رقم ٢١٦٩ وعنها نسخة ميكروفيلمية بمعهد المخطوطات العربية رقم ٤ فقه مالكي، وعدد ورقاته ٩ ورقات ذات وجهين.
وهي مكتوبة بخط نسخ مشرقي رديء، وبها رطوبة شديدة، وقد كتبها لنفسه: محمد بن علي بن عبد الملك بن عبد العزيز القرشي، المعروف بابن القاهري. من خط الحافظ أبي الحسن علي المقدسي مقابلة عليها، وذلك سنة ٦٣٧ من الهجرة. والله الهادي إلى سواء السبيل * * * وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا أخبرنا الشيخ الفقيه الأجل الثقة: أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح القرشي، المعروف بابن رواج. فقرأ عليه بمسجده بثغر الإسكندرية. قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عمرو بن مؤمن الأنصاري. قد مر علينا بالإسكندرية. قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن مؤمن الأنصاري الحداقي قال: نا: أبو عمر بن يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري في كتابه قال: سألتم رحمكم الله عن التعريف بابن وهب وابن القاسم وأشهب؟ فخذوا الجواب منهم ومن حضرني ذكره من نظرائهم من أهل الفقه، من أصحاب مالك. ﵃ أجمعين ١- عبد الله بن وهب ابن مسلم مولى ريحانة، مولاة أبي عبد الرحمن بن يزيد بن أنيس الفهري. يُكنى: أبا محمد. ولد بمصر سنة خمس وعشرين ومائة في ذي القعدة. وقيل: بل ولد سنة أربع وعشرين ومائة. وفي هذا العام مات ابن شهاب ﵀. وروى ابن وهب عن مالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن أبي ذئب وأبي صخر جملية بن زياد حُميد بن هاني، ويونس بن يزيد، ونحو أربعمائة رجل من شيوخ المحدثين بمصر والحجاز والعراق منهم: سفيان الثوري، وابن عيينة، وجرير بن حازم، ومن هو أسن من هؤلاء كابن جريج وعبد الرحمن بن زياد الأفريقي وسعيد ين أيوب وغيرهم. حدثنا عبد الوارث بن سفيان: حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن وهب المصري: ثقة. وقال أحمد بن حنبل: عبد الله بن وهب صحيح الحديث يفضل السماع من العرض والحديث من الحديث، ما أصحّ حديثه وأثبته. فقيل له: أليس كان سيئ الأخذ؟.
قال: قد كان سيئ الأخذ، ولكن إذا نظرت في حديثه، وما روى عن مالك وجدته صحيحًاَ. قال أبو عمر: روى عن ابن وهب جماعة يطول ذكرهم، وقد روى عنه الليث بن سعد، وصرّح باسمه، وقيل أن مالكًا روى عنه عن ابن لهيعة حديث: "بيع العربان"، والله أعلم. ولم يُصرّح مالك في حديث العربان عن أحد، وإنما قال: عن الثقة عنده، عن عمرو ابن شعيب، ومرة قال: إنه بلغه عن عمرو بن شعيب. ومن أروى الناس عن ابن وهب: أُصبغ بن الفرج، وأحمد بن صالح المصري وعيسى ابن حماد زُغبة، ويونس بن عبد الأعلى وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح وسُحنون ابن سعيد، وأحمد بن سعيد الدرامي، وحرملة بن يحيى، وغيرهم. وقد روى عن ابن بكير، وعبد الله بن صالح، كاتب الليث وروينا عن أحمد بن صالح أنه قال: حدثنا ابن وهب مائة ألف حديث، وما رأيت حجازيًا ولا شاميًا ولا مصريًا، أكثر من ابن وهب، وقع عندنا من سبعون ألف حديث. وقال ابن أبي هاشم: سمعت أبا زُرعة يقول: نظرت في حديث ابن وهب نحو ثمانين ألف حديث من حديثه عن المصريين، وغيرهم فما أعلم أني رأيت له حديث لا أصل له، وهو ثقة. قال: سمعت أبا زرعة يقول: ابن وهب أفقه من ابن القاسم. قال أبو عمر يقولون: أن مالكًا ﵀ لم يكتب إلى أحد كتابًا يعنونه بالفقيه إلا إلى كتاب الأهوال من جامعه، فأخذه شيء كالغشي، فحمل إلى داره فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه. توفي ابن وهب بمصر في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة. وهو ابن اثنين وسبعين سنة. وذكر ابو العباس محمد بن إسحاق السراج في تاريخه قال: حدثنا خالد ابن أبي خداش، قال: قرئ على عبد الله بن وهب ما كتبه في أهوال يوم القيامة فخر مغشيًا عليه، فلم يتكلم بكلمة حتى مات، وذلك بمصر سنة سبع وتسعين ومائة.
روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وإبراهيم سبط الوعلاني، وأسامة بن زيد ابن أسلم، وأسامة بن زيد الليثي، وأفلح بن حميد، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبكر بن مضر، وثوابة بن مسعود، والتنوخي، وجابر بن إسماعيل الحضري، وجرير بن حازم البصري، وحرملة بن عمران التجيبي، وحفص بن ميسرة الصنعاني، وأبي صخر حميد ابن زياد المدني، وأبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي، وحيوة بن شريح، وحيي بن عبد الله المعافري -وهو آخر من حدث عنه- وخالد بن حميد المهري، والخليل بن مرة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وداود بن قيس الفراء، وزمعة بن صالح، وزيد بن الحباب -ومات قبله- وسالم بن غيلان التجيبي، وسبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، وسعيد بن أبي أيوب، وسعيد بن عبد الله الجهني، وسفيان الثوري، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وسفيان بن عيينة، وسلمة بن وردان المدني، وسليمان بن بلال، وسليمان بن القاسم بن عبد الرحمن الإسكندراني، وأبي المثنى سليمان بن يزيد الكعبي، وابي السمحاء سهيل بن حسان الصبهاني المصري، وشبيب بن سعيد، والضحاك بن عثمان الحزامي، وطلحة بن أبي سعيد الإسكندراني، وطلحة بن عمرو الحضرمي المكي، وعاصم بن حكيم، وعاصم بن عمر العمري، وأبي خزيمة عبد الله بن طريف المصري، وعبد الله بن عمر العمري، وعبد الله بن لهيعة، وعبد الله بن المسيب المصري، وعبد الله بن يعقوب بن إسحاق المدني، وعبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة المدني، وعبد الجبار بن عمر الأيلي، وعبد الجليل بن حميد اليحصبي، وأبي عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وعبد الرحمن ابن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، وعبد الرحن بن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن زياد ابن أنعم الأفريقي، وعبد الرحمن بن سليمان الحجري، وأبي شريح عبد الرحمن بن شريح، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن الربيع بن سبرة، وعبد العزيز بن
عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الملك بن جريج، وعثمان بن الحكم الجذامي، وعثمان بن عطاء الخراساني، وعمر بن قيس المكي، وعمر بن مالك الشعبي، وعمرو بن محمد بن زيد العمري، وعمرو بن الحارث المصري، وعياش بن عقبة الحضرمي، وعياض ابن عبد الله الفهري، وغوث بن سليمان الحضرمي، ومليح بن سليمان المدني، ومرة بن عبد الرحمن ابن حيوئيل، وقريش بن حيان العجلي، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المربي، والليث بن سعد، والماضي بن محمد الغافقي، ومالك بن أنس، ومالك بن الخير الزيادي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن عمرو اليافعي، ومحمد بن أبي يحيى السلمي، ومخرمة بن بكير الأشج، ومسلم بن خالد الزنجي، ومسلمة بن علي الخشني، ومعاوية بن صالح الحضرمي، ومعروف بن سويد الجذامي، والمنذر بن سويد الجذامي، وموسى بن شيبة الحضرمي، وموسى بن علي بن رباح اللخمي، وناجية بن بكر بن سوادة، ونافع بن يزيد، وهشام بن سعد، وواقد بن سلامة، والوليد بن المغيرة، ويحيى بن إبراهيم المصري، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ، ويونس بن يزيد الأيلي، وعبد الله بن عياش القتباني، وخلق غيرهم كثير. يقول عنه الحافظ الذهبي: لقى بعض صغار التابعين وكان من أوعية العلم، ومن كنوز العمل. وذكر المصنف الحافظ ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) ابن وهب: كان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم، فولع به الشيطان في ذكر عيسى ابن مريم ﵇، كيف خلقه الله تعالى، ونحو هذا، فشكوت ذلك إلى شيخ، قال لي: ابن وهب، قلت: نعم. وقال أبو أحمد بن عدي في (كامله): هو من الثقات، لا أعلم له حديثًا منكرًا، إذا حدّث عنه ثقة. قال أبو زيد بن أبي الغمر: كنا نسمي ابن وهب ديوان العلم.
وقال أحمد بن عبد الرحمن بحشل: طلب عباد بن محمد الأمير عمي ليوليه القضاء، فتغيب عمي، فهدم عباد بعض دارنا، فقال الصباحي لعباد، متى طمع هذا الكذا والكذا أن يلي القضاء: فبلغ ذلك عمي، فدعا عليه بالعمى. قال: فعمي الصباحي بعد جمعة. وقال حاتم بن الليث الجوهري، عن خالد بن خداش: قُرئ على عبد الله بن وهب كتاب (أهول القيامة): يعني من تصنيفه، فخرّ مغشيًا عليه، فلم يتكلم حتى مات بعد ثلاثة أيام. وعن سحنون الفقيه قال: كان ابن وهب قد قسّم دهره أثلاثًا: ثلثًا في الرباط، وثلثًا يعلم الناس بمصر، وثلثًا في الحج، وذُكر أنه حج ستًا وثلاثين حجة، وذُكر أن مالكًا الإمام كان يكتب إليه: إلى عبد الله بن وهب مفتي أهل مصر، ولم يفعل هذا مع غيره، وقد ذكر عن ابن وهب وابن القاسم فقال مالك: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه، وقال أبو زرعة: سمعت ابن بكير يقول: ابن وهب أفقه من ابن القاسم. وقال علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت أبا مصعب يعظم ابن وهب، وسمع أبو مصعب (مسائل مالك) من ابن وهب، ويقول: مسائل ابن وهب عن مالك صحيحة. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنسانًا أصوم يومًا، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانًا أن أتصدّق بدرهم، فمن حب الدرهم تركت الغيبة. قال الذهبي: هكذا والله كان العلماء، وهذا هو ثمرة العالم النافع. وعبد الله حُجة مطلقًا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين افسلام، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثًا منكرًا. قال الذهبي: أكثر في تواليفه من المقاطيع والمعضلات، وأكثر عن ابن سمعان وبايته، وقد تمعقل بعض الأئمة على ابن وهب في أخذه للحديث، وأنه كان يترخّص في الأخذ، وسواء ترخص ورأى ذلك سائغًا، أو تشدد، فمن يروي مائة ألف حديث، ويندر المنكر في سعة ما روى، فإليه المنتهى في الإتقان.
قال الذهبي: مع أنه طلب العلم في الحداثة، نعم، وحدّث عنه خلق كثير، وانتشر علمه، وبعد صيته. قال ابن أخيه: وكان ابن وهب روى عن أربعمائة عالم. أما من روى عنه: الليث بن سعد شيخه، وعبد الرحمن بن مهدي، وأصبغ بن الفرج، وبحر بن نصير بن سابق الخولاني، والحارث بن مسكين، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن سعيد الهمداني، وأحمد بن صالح المصري، وأحمد ابن عبد الرحمن بن وهب (ابن أخيه)، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن عيسى المصري، وأحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان، وغسحاق بن موسى الأنصاري، وأبو حميد حبرة بن لخم ابن المهاجر الإسكندراني، وحجاج بن إبراهيم الأزرق، وحرملة بن يحيى التجيبي، وحميد بن أبي الجون الإسكندراني، وخالد بن خداش بن عجلان المهلبي، والربيع بن سليمان الجيزي، والربيع بن سليمان المرادي، ورجاء بن السندي، وزكريا بن يحيى القضاعي -كاتب العمري-، وزكريا بن يحيى الوقار، وسريج بن النعمان الجوهري، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن عيسى بن تليد، وسعيد بن كثير بن عفير، وسعيد بن منصور، وسفيان بن وكيع بن الجراح، وأبو الربيع سليمان بن داود المهري، وأبو عيم ضرار بن صرد الصحان الكوفي، وعبد الله بن ابي رومان، واسمه: عبد الملك ابن يحيى بن هلال، وعبد الله بن محمد بن رمح التجيبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الرحمن ابن مهدي، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص الخزاعي، وعبد الغني بن رفاعة اللخمي، وعبد المتعالي بن طالب، وعبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، وعثمان ابن صالح السهمي، وعلي بن حرب الطائي الموصلي، وعلي بن خشرم المروزي، وعلي بن المديني، وعمر بن حفص الشيباني، وعمرو ابن سواد بن الأسود العامي السرخسي، وعياش بن الأزرق، وعيسى بن إبراهيم ابن مثرود الغافقي، وعيسى بن أحمد العسقلاني البلخي، وعيسى بن حماد زغبة، وغالب ابن
الوزير المغربي، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن أبي داود بن أبي ناجية، ومحمد بن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، ومحمد بن سلمة المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله المديني، ومحمد ابن يعقوب الزبيري، ومحمد بن يوسف بن الصباح المصيصي، وموهب ابن يزيد ابن خالد بن موهب الرملي، وهارون بن سعيد الأيلي، وهارون بن معروف، وهاشم ابن عبد القاسم الحراني، ووفاء بن سهيل، وأبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني، ووهب بن بيان، ويحيى بن أيوب المقابري، ويحيى ابن سليمان الجعفي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري الليثي، ويزيد ابن خالد بن موهب الرملي، ويعقوب بن محمد الزهري، ويوسف ابن عمر المصري، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، وسحنون بن سعيد المغربي، وغيرهم كثير. قال أحمد بن صالح الحافظ: حدّث ابن وهب بمئة ألف حديث، ما رأيت أحدًا أكثر حديثًا منه، وقع عندنا سبعون ألف حديث عنه. وقال الذهبي: كيف لا يكون من بحور العلم، وقد ضم إلى علمه علم مالك، والليث، ويحيى بن أيوب، وعمر بن الحارث، وغيرهم. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: ثقة. وقال ابن عيينة عن ابن وهب: هو شيخ أهل مصر. وقال أبو حاتم بن حبان: جمع ابن وهب وصنف، وهو حفظ على أهل الحجاز ومصر حديثهم، وعني بجمع ما رووا من المسانيد والمقاطيع، وكان من العُبّاد. وقال محمد بن المسيب الأرغياني، عن يونس بن عبد الأعلى: عُرض على ابن وهب القضاء فجنن نفسه، ولزم بيته، فاطلع عليه رشدين بن سعد، وهو يتوضأ في صحن داره، فقال له: يا أبا محمد لم لا تخرج إلى الناس تقضي بينهم بكتاب الله وسنة رسول الله؟ فرفع رأسه وقال: إلى هاهنا انتهى عقلك؟ أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء، وأن القضاة يحشرون مع السلاطين.
قال الحافظ المزي: وذكر عنه: أنه ذهب عقله وجعل يقول: كذا، ويضرب يده على فخذه، ويتفكر حتى تنكشف فخذه وهو لا يعقل، فرددنا عليه ثوبه، فحمل إلى منزله، فأنزلوه يوم الثالث ميتًا، فنرى والله أعلم، أنه انصدع قلبه، فمات بمصر سنة سبع وتسعين ومائة. قال القاضي: وكان لابن وهب أخ اسمه: عبد الرحمن وولدن: أحمد وعبد العزيز. وأخ اسمه عمرو بن وهب، قيل: له حديث، وما أعرفه. وكان له ابن اسمه: حُميد، ذكر الكندي أنه كان مقبولًا عند قضاة مصر. قال الطحاوي: وكانت فيه بطالة. وقال أبو الطاهر بن عمرو: جاءنا نعي ابن وهب، ونحن في مجلس سفيان ابن عيينة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أصيب به المسلمون عامة، وأصبت به خاصة. وقال الطباع: لما غسلوا ابن وهب وجدوا فيه رطبة، وصلى عليه عباد والي مصر. قال أبو بشير بن قعنب: رأيت ليلة مات ابن وهب كأن مائدة العلم رفعت. وقال الطباع وغيره: بيعت كتبه بعد موته فبلغت خمسمائة دينار. قال القاضي: وألف تواليف كثيرة جليلة المقدار عظيمة المنفع منها: سماعه من مالك ثلاثون كتابًا، وموطأه الكبير، وجامعه الكبير، وكتاب الأهوال، وبعضهم يضيفها إلى الجامع، وكتاب تفسير الموطأ، وكتاب البيعة، وكتاب لاهام ولا صفر، وكتاب المناسك، وكتاب المغازي، وكتاب الردّة. وكانت وفاته بمصر سنة سبع وتسعين ومائة، فيما قاله أحمد بن صالح، وأبو عمر الكندي. قال ابن الجزار: يوم الأحد والخميس بقين من شعبان منها. وقيل: سنة ثمان وتسعين، وقيل: سنة خمس أو ست وتسعين. وقال الباجي: تسعين، والأول أصح وأشهر. وقال ابن سحنون: الثابت أنه مات سنة ست وتسعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقيل: ابن خمس وسبعين سنة، وقيل: ابن ثمانين. وضريحه بمسجد السادة المالكية بحي مجرى العيون، أمام مسجد السيدة نفيسة ﵂.
انظر في ترجمته: التاريخ لابن معين (٣٣٦): طبقات بن سعد (٧/٥١٨)، تاريخ خليفة (١٩٧)، طبقات خليفة (٢٨٠٥)، التاريخ الكبير (٥/٢١٨)، الجرح والتعديل (٥/١٨٩، ١٩٠)، الكامل لابن عدي (٤٣٨، ٤٣٧)، ترتيب المدارك (٣/٢٢٨) . ٢- عبد الرحمن بن القاسم ابن خالد بن جنادة مولى زيد بن الحارث العتقي. يُكنى: أبا عبد الله، والعتقاء منهم من نسبهم في كندة، وقيل: إن زبيد ابن الحارث العتقي من حجر حمير، وذلك أن العتقاء كانوا جماعات فمنهم: من كندة، ومنهم حجر جمير ومن سعد العشيرة، ومن كنانة مصر. وقد روى من حديث جرير بن عبد الله البجلي عن النبي ÷ أنه قال: "الطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة". ولد عبد الرحمن بن القاسم سنة ثمان وعشرين ومائة. وتوفي بمصر سنة إحدى وتسعين ومائة. وكان فقيهًا قد غلب عليه الرأي، وكان رجلًا صالحًا مقلًا صابرًا، وروايته الموطأ عن مالك رواية صحيحة قليلة الخطأ، وكان فيما رواه عن مالك من موطنه ثقة حسن الضبط متقنًا. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك؟ فقال: مصري، ثقة رجل صالح، كان عنده ثلاثمائة جلد، أو نحوها عن مالك من مسائل سأله عنها أسد رجل من أهل المغرب، كان سأل عنهما محمد بن الحسن، ثم قدم مصر، فسأل ابن وهب أن يجيب فيما كان عنده فيها عن مالك، وما لم يكن عنده عن مالك فيها، قال فيها برأية على ما ذهب إليه مالك، فلم يفعل، فأتى عبد الرحمن بن القاسم فأجاب فيها، قال والناس يتكلمون في هذه المسائل. قال أبو عبد الرحمن النسائي: عبد الرحن بن القاسم ثقة. قال أبو عمر: روى عنه الحارث بن مسكين، وأبو زيد بن أبي الغمر، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وسحنون بن سعيد، وأبو ثابت محمد بن عبد الله. ٢- هو عالم الديار المصرية ومفتيها، إمام وفقيه صاحب الإمام مالك ﵁، ورواية المسائل عنه، وهو أبو عبد الله العتقي.
روى عن: بكر بن مضر، وسعد بن عبد الله المعافري، وسفيان بن عيينة، وسليمان ابن القاسم الإسكندراني الزاهد، وأبي شريح عبد الرحمن بن شريح، وأبي مسعود عبد الرحمن بن مسعود بن اشرس الإفريقي، وعبد الرحيم بن خالد ابن يزيد المصري مولى جمح، ومالك بن أنس، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ، ويزيد بن عبد الملك النوفلي. روى عنه: أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأصبغ بن الفرج، والحارثي ابن مسكين، وداود بن حماد بن سعد المهري، وأبو الزنباع روح بن عبد الجبار المرادي، وسحنون بن سعيد التنوخي الفقيه، وسعيد بن عيسى بن تليد، وعبد الله ابن عبد الحكم، وأبو زيد عبد الرحمن بن الوليد، ولقبه: كبد، وأبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر المصري، وعبد الملك بن الحسن بن محمد بن زريق بن عبيد الله بن أبي رافع الأندلسي، مولى النبي ÷، وعيسى بن إبراهيم بن مثرود، وعيسى بن حماد زغبة، ومحمد بن سلمة المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وموسى بن عبد الرحمن بن القاسم (ابنه)، ويحيى بن عبد الله بن بكير. قال عنه الحاكم أبو عبد الله: ثقة مأمون. وقال أبو بكر الخطيب: ثقة. وقال الحارث بن مسكين: سمعته يقول: اللهم امنع الدنيا مني وامنعني منها. وعن مالك: أنه ذُكر عنده ابن القاسم، فقال: عافاه الله، مثله كمثل جراب مملوء مسكًا.
وقال ابن سحنون: لما حججنا كنت أزامل ابن وهب، وكان أشهب يزامله، وكان ابن القاسم يزامله ابنه موسى، فكنت إذا نزلت، ذهبت إلى ابن القاسم أسائله من الكتب، وأقرأ عليه إلى قرب الرحيل، فقال لي ابن وهب وأشهب: لو كلمت صاحبك يفطر عندنا، فكلمته فقال: إنه ليثقل علي ذلك، قلت: فبم يعلم القوم مكاني منك؟ فقال: إذا عزمت على ذلك، فأنا أفعل، فأتيت فأعلمتهما، فلما كان وقت التعريس قام معي فأصبت أشهب وقد فرش أنطاعه، وأتى من الأطعمة بأمر عظيم، وصنع ابن وهب دون ذلك، فلما أتى عبد الرحمن مسلم، وقعد، ثم أدار عينيه في الطعام، فإذا سكرية فيها دقة، ولعق من الملح ثلاث لعقات، وهو يعلم أن أصل ملح مصر طيب، ثم قام، وقال: بارك الله لكم، واستحييت أن أقوم، قال: فتكلم أشهب وعظم عليه ما فعل. قال له ابن وهب: دعه، دعه، وكنا نمشي بالنهار، ونلقي المسائل، فإذا كان في الليل، قام كل واحد إلى حزبه من الصلاة. فيقول ابن وهب لأصحابه: ما ترون إلى هذا المغربي، يلقى المسائل بالنهار وهو لا يدرس بالليل. فيقول له ابن القاس: هو نور يجعله الله في القلوب. وقال سحنون أيضًا: ونزلنا بمسجد ببعض مدائن الحجاز، فنمنا، فانتبه ابن القاسم مذعورًا فقال لي: يا أبا سعيد، رأيت الساعة كأن رجلًا يدخل علينا من باب المسجد، ومعه طبق مغطى وفيه رأس خنزير، أسأل الله خيرها، فما لبثنا حتى أقبل رجل معه طبق مغطى بمناديل، وفيه رطب من تمر تلك القرية، فجعله بين يدي ابن القاسم، وقال: كل، قال: ما إلى ذلك من سبيل، قال: فأعطيه أصحابك. قال: أنا لا أكله، أعطه غيري، فانصرف الرجل، فقال لي ابن القاسم: هذا تأويل الرؤيا. وكان يقال: إن تلك القرية أكثرها وقف غصبت. وقال الحارث بن مسكين: كان ابن القاسم في الورع والزهد شيئًا عجيبًا.
وقال سحنون: رأيت في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: وجدت عنده ما أحببت، قلت: فأي عمل وجدت؟ قال: تلاوة القرآن، قلت: فالمسائل فأشار يُلسيها، وسأله عن ابن وهب؟ فقال: في عليين. وقال سعيد بن الحداد: سمعت سحنون يقول: كنت إذا سألت ابن القاسم عن المسائل، يقول لي: يا سحنون أنت فارغ، إني لأحس في رأسي دويًا كدوي الرحا -يعني من قيام الليل- قال: وكان قلما يعرض لنا إلا وهو يقول: اتقوا الله، فإن قليل هذا الأمر مع تقوى الله كثير، وكثيره مع غير تقوى الله قليل. وقيل: إن مالكًا سئل عنه، وعن ابن وهب، فقال: ابن وهب رجل عالم، وابن القاسم فقيه. وعن ابن القاسم قال: ليس في قرب الولاة، ولا في الدنو منهم خير. وعن أسد بن الفرات قال: كان ابن القاسم يختم كل يوم وليلة ختمتين. قال: فنزل بحي حين جئت إليه عن ختمة رغبة في إحياء العلم. وقال الحافظ أبو نعيم: سمعت ابا بكر بن المقرئ يحكي عن بعض شيوخه، عن ابن القاسم صاحب مالك. قال: خرجت إلى مالك بن أنس اثنتى عشرة خرجة انفقت في كل خرجة ألف دينار. وقال ابن حبان في الثقات: كان خيرًا فاضلًا ممن تفقّه على مذهب مالك، وفرع على أصوله وذبّ عنها ونصر من انتحلها. وقال الطحاوي: بلغني عن ابن القاسم: ما أعلم في فلان عيبًا إلا دخوله إلى الحكام، إلا اشتغل نفسه. انظر في ترجمته: طبقات خليفة (٢٣٨٨)، تاريخ خليفة (٣٩٨)، ترتيب المدارك (٢/٤٣٣)، تهذيب الأسماء واللغات (١/٣٠٣)، تهذيب الكمال (١٧/٣٤٤)، سير أعلام النبلاء (٩/١٢)، طبقات الشيرازي (٦٥) . ٣- أشهب بن عبد العزيز ابن داود بن إبراهيم القيسي: ثم الجعدي، يُكنى: أبا عمر، ويقال: اسمه مسكين وأشهب لقب لُقب به.
ولد سنة أربعين ومائة، ومات بمصر سنة أربع ومائتين بعد موت محمد ابن إدريس الشافعي ﵀ بثمانية عشر يومًا، ولم يدرك الشافعي بمصر من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم، وكان نزوله على ابن عبد الحكم فأكرم نزله، وبلغ من بره كثيرًا، وله في ذلك أخبار حسان وكان أشهب، ثقة فيما روى عن مالك، وروى عن الليث بن سعد، وعن جماعة. وصنف كتابًا في الفقه، رواه عنه سعيد بن حسان وغيره. وروينا عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت أشهب يدعو على الشافعي بالموت، فذكرت ذلك للشافعي فقال: تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكان قد قال: فلما مات الشافعي اشترى أشهب في تركته غلامًا كان له، ثم مات أشهب بعده بثمانية عشر يومًا، واشتريت أنا ذلك المملوك في تركة أشهب. حدثنا إبراهيم بن شاكر ﵀ نا عبد الله بن عثمان، نا سعد بن معاذ قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة. وحدثني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه أنه ذكر قول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لمحمد بن عمر بن لبالة فقال: ليس هذا عندنا كما قاله محمد، وإنما قاله، لأن أشهب شيخه ومعلمه. قال أبو عمر: أشهب شيخه وابن القاسم شيخه وهو أعلم بهما لكثر مجالسته لهما وأخذه عنهما. هو الإمام العلامة الفقيه مفتي مصر أبو عمر أشهب بن داود بن إبراهيم القيسي العامري، ثم بنى بعده بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من أنفسهم المصري المالكي.
روى عن: بكر من مضر، وداود بن عبد الرحمن العطار، وسعد بن عبد الله المعافري، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن لهيعة، وعبد العزيز ابن محمد الدراوردي، وفضيل بن عياض، والليث بن سعد، ومحمد بن عبد الله ابن عبيد بن عمير، والمسور بن عبد الملك بن سعيد بن يربوع المخزومي، والمنذر ابن عبد الله، والد إبراهيم بن المنذر الحزامي، وموسى بن معاوية الصمادحي، ويحيى بن أيوب المصري. روى عنه: إبراهيم بن أبي الفياض، واسمه: عبد الرحمن بن عمرو البرقي، حدث عنه مناكير، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن الهنيد الصدفي، وإسحاق ابن إسماعيل بن أبي طلحة الأزدي، وإسماعيل بن عمرو الغافقي، وبحر بن نصر بن سابق الخولاني، والحارث بن مسكين، وزهير بن عباد الرواسي، وسليمان بن داود المهري، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن حبيب المالكي، وعمرو ابن سواد العامري، وأبو عمير عيسى بن محمد بن النحاس الرملي، ومحمد بن إبراهيم ابن المواز المالكي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد الأيلي، ويونس ابن عبد الأعلى الصدفي. قال أبو سعيد بن يونس: اشهب أحد فقهاء مصر، وذوي رأيها. وقال الذهبي: ويكفيه قول الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب، لولا طيش فيه. وقال سحنون: رحم الله أشهب، ما كان يزيد في سماعه حرفًا واحدًا. انظر في ترجمته: التاريخ الكبير (٥٧١٢)، الجرح والتعديل (٢/٤٣٢)، ترتيب المدارك (٢/٤٤٧)، وفيات الأعيان (١/٢٣٨)، تهذيب الكمال (١٥/١٩٤)، سير أعلام النبلاء (٩/٥٠٠٠)، الديباج المذهب (١/١٣٠٧)، تهذيب التهذيب (١/٣٥٩) . ٤- عبد الله بن عبد الحكم ابن أعين بن الليث القرشي، مولى عثمان ﵁. ولد بمصر سنة خمسين ومائة، وقيل: سنة خمس وخمسين ومائة، ومات لإحدى وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان سنة عشر ومائتين، وهو ابن ستين سنة. وإليه أوصى ابن القاسم وأشهب وابن وهب.
سمع من مالك سماعً نحو ثلاثة أجزاء، وسمع الموطأ، ثم روى عن ابن وهب وابن القاسم وأشهب كثيرًا من رأي مالك الذي سمعوه منه، وصنف كتابًا اختصر فيه تلك الأسمعة بألفاظ مقربة، ثم اختصر من ذلك الكتاب كتابًا صغيرًا، وعليهما مع غيرهما عن مالك، يعول البغداديون من المالكيين في المدارسة وإياهما شرح الشيخ أبو بكر الأبهري ﵀. وكان ابن عبد الحكم رجلًا صالحًا ثقة. وقال ابن أبي حاتم: سُئل أبو زرعة عن عبد الله بن عبد الحكم؟. فقال: مصري ثقة. قال: وسمعت احمد بن صالح يقول: كتبت عن عبد الله بن عبد الحكم. قال: وسئل ابي عن عبد الله بن عبد الحكم المصري؟ فقال: صدوق. حديثنا خلف ابن قاسم، ثنا الحسن بن رشيق، والعباس بن أحمد قالا: ثنا محمد بن جعفر الوكيعي، ثنا أحمد بن عمرو بن السرح، ثنا بشر بن بكر، قال: رأيت مالك بن أنس في النوم بعد ما مات بأيام، فقال لي: إن ببلدكم رجلًا يقال له: ابن عبد الحكم فخذوا عنه فإنه ثقة. هو الإمام الفقيه مفتي الديار المصرية أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين ابن ليث المصري المالكي، صاحب الإمام مالك، مولى عثمان ﵁. روى عن: أسد بن الفرات، وإسماعيل بن عياش، وأشهب بن عبد العزيز، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، وبكر بن مضر، وخلاد بن سليمان الحضرمي، وسفيان ابن عيينة، وأبي المثنى سليمان بن يزيد الكعبي، وعبد الله بن السمح التجيبي، وعبد الله ابن لهيعة، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم العتقي، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي، والليث بن سعد، ومالك ابن أنس، ومسلم بن خالد الزنجي، ومسلمة بن علي الخشني، والمسور بن عبد الملك بن سعيد بن يربوع، والمفضل بن فضالة، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ الإسكندراني.
روى عنه: إبراهيم بن هانئ النيسابوري، وأحمد بن نصر المقرئ النيسابوري، وأحمد ابن يحيى بن الوزير بن سليمان المصري، وخير بن عرفة المصري، والربيع ابن سليمان الجيزي، وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم (ابنه)، وأبو يحيى عبد الله ابن أحمد بن زكريا ابن الحارث بن أبي ميسرة المكي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم (ابنه)، وعبد الرحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم (ابنه)، وأبو الخير فهد بن موسى بن أبي رباح الأزدي الإسكندراني القاضي، وابو غسان مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، ومحمد بن خلف العسقلاني، ومحمد بن سهل بن عسكر بن التميمي البخاري، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم (ابنه)، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي، ومحمد بن عبد الله بن نمير الكوفي، وأبو الكروس محمد بن عمرو بن تمام المصري، ومحمد بن مسلم بن وراة الرازي، ومحمد بن ميمون بن مرزوق البخاري، والمقدام بن داود بن تليد الرعيني، وهارون بن إسحاق الهمداني الكوفي، وأبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي المصري. قال أبو زرعة الراوي: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن وراة: شيخ مصر. وقال أحمد بن عبد الله العجلي في سعيد بن أبي مريم: لم أر بمصر أعقل منه، ومن عبد الله بن عبد الحكم. وقال ابن حبان: كان ممن عقل مذهب مالك، وفرع أصوله. وقال أبو عمر الكندي في كتاب (أعيان الموالي بمصر) ومنهم: أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث، مولى رافع مولى لعثمان فيما يقال، وهم من أهل حقل من أيلة، سكن عبد الحكم وأعين جميعًا الإسكندرية، وما شابها، وولد عبد الله بن عبد الحكم سنة خمس وخمسين ومائة، وكان فقيهًا، أخبرني بذلك كله ابن مديد قال: ويقال غير هذا في ولائهم. وصنف كتاب: الأموال، و(مناقب عمر بن عبد العزيز) . وصارت بتصانيفه الركبان، وكان وافر الجلالة كثير المال، رفيع المنزلة.
وقال الشيخ أبوإسحاق الفيروزابادي: كان ابن عبد الحكم أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله، أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب. وقيل: إنه أعطى الشافعي ألف دينار وأخذ له من رئيسين ألف دينار. وكان يزكي العدول، ويجرحهم، وما كان يشهد، ودفن بجانب الشافعي ﵄. وقال الذهبي: وكان يحرض ولده محمد بن عبد الله على ملازمة الشافعي. انظر في ترجمته: تهذيب الكمال (١٥/١٩٤)، سير أعلام النبلاء (١٠/٢٢٢) . ٥- المغيرة بن عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة المخزومي. أمه قريبة محمد بن عمر بن أبي سلمة المخزومي. يُكنى: أبا هاشم، وقيل: يكنى: أبا هشام. روى عن أبيه ويزيد بن أبي عبيد، ومحمد بن عجلان، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، ومالك بن أنس. روى عنه: إبراهيم بن حمزة الزبيري، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأحمد بن عبدة، وأبو مصعب الزهري، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وابنه عياش بن المغيرة. قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث ابن عبد الله ابن عباس بن أبي ربيعة؟ فقال: لا بأس به. وقال الزبير بن بكار: كان المغيرة فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس، وعرض عليه أمير المؤمنين الرشيد القضاء بالمدينة على جائزة أربعة آلاف دينار، فامتنع، فأبى الرشيد إلا أن يلزمه ذلك، فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء، وأجازه بألفي دينار. قال أبو عمر: كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار. حكي ذلك عن عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك وعثمان بن كنانة، ولم تكن له برواية الحديث عناية-وابن نافع. وتوفي المغيرة سنة ست وثمانين ومائة.
روى عن: إسماعيل بن رافع المدني، والجعيد بن عبد الرحمن، وخالد بن الياس العدوي، وزياد بن أبي زياد، مولى ابن عياش. والصحيح أن بينهما رجلًا، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعبد الله بن عمر العمري، وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة (أبوه)، ومالك بن أنس، ومحمد بن أبي حميد المدني، ومحمد بن عجلان، وموسى بن عقبة، وأبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، وهشام بن عروة، ويزيد بن عروة، ويزيد بن عبيد، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وأحمد بن عبدة الضبي، والربيع بن روح الحمصي، وعبد الرحمن بن الضحاك البعلبكي، وعمرو بن صدقة الأنطاكي، وعياش بن المغيرة المخزومي (ابنه)، ومحرز بن سلمة العدني، ومحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، ومحمد ابن سلمة المكي، وأبي مروان محمد بن عثمان بن خالد العثماني، ومحمد بن مسلمة ابن محمد بن هشام المخزومي المدني، ومصعب بن عبد الله الزبيري، ويحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة، ويحيى بن عبد الملك الهديري، ويحيى بن محمد الجاري، ويعقوب بن محمد بن كاسب، ويعقوب بن كعب الأنطاكي، ويعقوب بن محمد الزهري. انظر في ترجمته: تاريخ الدوري (٢/٥٨١)، التاريخ الكبير (٧/١٣٧٨)، والصغير (٢/٢٣٨، ٢٣٦)، الجرح والتعديل (٨/١٠١٣)، الثقات لابن حبان (٧/٤٦٦)، تهذيب الكمال (٢٨/٣٨١)، تهذيب التهذيب (١٠/٢٦٤، ٢٦٥)، التقريب (٢/٢٦٩) . ٦- محمد بن إبراهيم بن دينار الجهني وقال يعقوب بن محمد الزهري، عن محمد بن إبراهيم: من ولد دينار بن النجار. أبو عبد الله كان مفتي أهل المدينة مع مالك، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وبعدها كان فقيهًا فاضلًا له بالعلم رواية وعناية. روى عن: موسى بن عقبة، ويزيد بن أبي عبيد، وعبد العزيز بن المطلب. روى عنه: ابن وهب وذؤيب بن عمامة المدني السهمي، وأبو مصعب الزهري.
قال ابن أبي حاتم: سألت عنه أبي؟ فقال: كان من فقهاء المدينة زمن مالك وكان ثقة. هو محمد بن إبراهيم بن دينار المدني، أبو عبد الله الجهني. قال البخاري، ويقال: الأنصاري. وقال غيره: لقبه صندل. روى عن: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وأسامة بن زيد الليثي، وسلمة ابن وردان، وعبد العزيز بن المطلب، وعبيد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن عجلان، وموسى بن عقبة، وهشان بن سعد، ويزيد بن أبي عبيد. روى عنه: أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وذؤيب بن عمامة السهمي، وعبد الله بن وهب، وأبو هشام محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل ابن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي، ويحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة، ويعقوب بن محمد الزهري. قال البخاري فيه: هو معروف الحديث. وقال أبو حاتم: كان من فقهاء المدينة، نحو مالك، وكان ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال المصنف في موضع آخر: كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمان مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون. وروى لمحمد بن دينار كلًا من: البخاري، والنسائي في عمل اليوم والليلة. ٧- عبد العزيز بن أبي حازم واسم أبي حازم سلمة بن دينار مولى أسلم. يُكنى: أبا تمام، سمع أباه والعلاء بن عبد الرحمن وسهيل بن أبي صالح. روى عنه: ابن وهب ويحيى بن صالح الوحاظي، وابن أبي أويس، وعبد العزيز الأويسي. سئل أحمد بن حنبل عنه؟ فقال: يقال: إن كتب سليمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها منه. وقد روى عن أقوام لا يعرف له منهم سماع، وأما كتب أبيه فسمعها منه. قال أحمد: وكان تفقه ولم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه. حدثنا عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا أحمد بن وهب ابن حرب قال: سمعت يحيى بن معين يقول عبد العزيز بن أبي حازم صدوق ثقة ليس به بأس.
توفي عبد العزيز يوم الجمعة أول يوم من صفر سنة خمس وثمانين ومائة. هو الإمام الفقيه أبو تمام عبد العزيز بن ابي حازم واسمه: سلمة بن دينار المدني، المخزومي مولى أسلم، وقال ابن شعبان: مولى بني ليث، كنّاه غير واحد: أبو تمام، وابو التمام، وكنّاه الشيرازي: أبو عبد الله، والأول أصح، وقال آخر: أبو اليمان، وهو تصحيف من أبي التمام. روى عن: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وثور بن زيد الديلي، وداود بن بكر ابن أبي الفرات، وزيد بن أسلم، وأبي حازم سلمة بن دينار (أبوه)، وسهيل ابن أبي صالح، والضحاك بن عثمان الحزامي، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وعمر بن محمد بن زيد العمري، وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، والعلاء بن عبد الرحمن، والقاسم بن عبد الرحمن، وكثير بن زيد، ومحمد بن أبي حرملة، وموسى بن عقبة، وهارون بن صالح الطلحي، وهشام بن عروة، ويزيد بن عبد الله بن الهاد.
روى عنه: إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المدني، وإبراهيم بن حماد الزبيري، وإبراهيم ابن محمد الشافعي، وأبو مصعب احمد بن أبي بكر الزهري، وأحمد بن الحجاج المروزي، وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، وأبو النصر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي الدمشقي، وإسماعيل بن أبي إدريس، وغسماعيل بن أبي الحكم الثقفي، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وبشر بن الحكم النيسابوري، وأبو خزيمة بكار بن شعيب، وأبو عمار الحسين بن حريث المروزي، وخلف بن هشام البزار، والسري بن مسكين، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن سليمان المخزومي الأحول، وسعيد بن منصور، وسويد ابن سعيد، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وعبد الله ابن عمر بن أبان الجعفي، وعبد الله بن عمران العابدي المخزومي، وعبد الله بن عون الخزاز، وعبد الله بن محمد بن الربيع الكرماني، وعبد الله بن محمد النفيلي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري، وعبد الله بن وهب المصري، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن يونس الرقي، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، وعبد الوهاب بن الضحاك العرضي، وعلي بن حجر السعدي، وعلي بن المديني، وعمرو بن زرارة النيسابوري، وعمرو بن محمد الناقد، وقتيبة بن سعيد، ومحرز بن سلمة العدني، ومحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، وأبو الأحوص محمد بن حيان البغوي، ومحمد بن زنبور المكي، ومحمد بن سلمة الباهلي، ومحمد بن سليمان المصيصي، لوين، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وأبو يعلى محمد بن الصلت التوزي، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله المديني، ومحمد بن عبيد الله المحاربي الكوفي، ومحمد بن عثمان بن خالد أبو مروان العثماني، ومحمد بن عمرو بن أبي مذعون، ومحمد بن كامل المروزي، ومحمد بن الوليد الزبيري المدني، ومحمد بن أبي يعقوب الكرماني، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، وهشام بن عمار، وهشام بن يونس
اللؤلؤي، ويحيى بن أكثم القاضي، ويحيى بن صالح الوحاظي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى ابن عبد الحميد الحماني، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ويعقوب بن أبي عباد. وقال أحمد بن زهير: قيل لمصعب الزبيري: ابن أبي حازم ضعيف في حديث أبيه؟ فال: أوقد قالوها: أما هو، فسمع مع سليمان بن بلال، فلما مات سليمان أوصى إليه بكتبه، فكانت عنده، فقد بال عليها الفأر، فذهب بعضها، فكان يقرأ ما استبان له، ويدع ما لا يعرف منها، أما حديث أبيه، فكان يحفظه. وقال أبو حاتم الرازي: هو أفقه من عبد العزيز الدراوردي. وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن أبي حازم ليس بثقة في حديث أبيه، كذا جاء هذا، بل هو حجة في أبيه وغيره. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال في موضع آخر: ثقة. وقال أحمد بن حنبل مرة: لم يكن يُعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه، فيقولون سمعها. وقال الذهبي: أحاديثه في الصحاح. قال ابن شعبان وغيره: توفي فجأة بالمدينة في سجدة سجدها في الروضة بمسجد النبي ÷، يوم الجمعة، في آخر سجدة منها، غرة صفر، سنة خمس وثمانين. وكذا قال الزبير وغيره. قال ابن سعد والجارودي والفتبي والباجي: سنة أربعة. وقال ابن سحنون: سنة ست وثمانين ومائة. وذكر البخاري أيضًا أن موته سنة اثنين وثمانين ومائة. ومولده سنة سبع ومائة. انظر في ترجمته: ترتيب المدارك (٤/١٢، ٩)، تهذيب الكمال (٨/١٢٤)، سير أعلام النبلاء (٨/٣٦٤) . ٨- عثمان بن عيسى بن كنانة كان فقيهًا من فقهاء المدينة أخذ عن مالك وغلب عليه الرأي، وقعد مقعد مالك بعده، وليس له في الحديث ذكر. توفي بمكة سنة خمس وثمانين ومائة. قال الشيرازي: كان مالك يحضره لمناظرة أبي يوسف عند الرشيد، وهو الذي جلس في حلقة مالك بعد وفاته.
قال ابن بكير: لم يكن عند مالك أضبط ولا أدرس من ابن كنانة، وكان مالك إذا ملّ من حبس الكتاب علينا أسلمه إلى حبيب كاتبه، وربما إلى ابن كنانة، وهو الذي قعد في مجلس مالك، وقيل: بل جلس فيه يحيى بن مالك أولًا، وجلس فيه بعد ابن كنانة، عبد الله بن الصائغ. وقال غيره: وكان ابن كنانة ممن يخصه مالك بالإذن عند اجتماع الناس على بابه، فيدعى باسمه هو، وابن زنبر، وحبيب اللآل، المعروف ببابين، فإذا دخلوا ودخل غيرهم ممن يخص أذن للعامة. قال يحيى: كان مجلس ابن كنانة عن يمين مالك لا يفارقه. وقال مفرج وابن القرطبي: توفي ابن كنانة سنة ست وثمانين ومائة. وقال ابن سحنون وابن الجزار: سنة خمس وثمانين. وقال ابن بكير: كان بين موت ابن كنانة ومالك عشر سنين، وكانت وفاته بمكة وهو حاج. انظر: ترتيب المدارك (٣/٢١) . ٩ - محمد بن مسلمة أبو هشام المخزومي الفقيه المدني هو محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة. روى عن مالك بن أنس، والضحاك بن عثمان وإبراهيم بن سعد وشعيب بن طلحة والهديري. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: كان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك. وقال: كان من أفقههم، وسئل عنه أبي؟ فقال: كان ثقة. وذكره السراج قال: مات محمد بن مسلمة المخزومي سنة ستة عشرة ومائتين. قال القاضي التستري: هو ثقة مأمون. قال الشيرازي: هو جمع العلم والورع. قال: وكان مالك إذا دخل على الرشيد دخل بين رجلين من بني مخزوم: المغيرة عن يمينه، وابن مسلمة عن يساره. وقال القاضي: ولمحمد بن مسلمة كتب فقه أُخذت عنه. قال البخاري: قيل لمحمد بن مسلمة ما لي أرى فلان دخل البلاد كلها إلا المدينة؟ فقال: لأن النبي ÷ قال: "لا يدخلها الطاعون ولا الدجال". انظر: الجرح والتعديل (٤/٧١)، والطبقات الكبرى لابن سعد (٥/٤٣٨)، وترتيب المدارك (٣/١٣٢) . ١٠- عبد الله بن نافع الصائغ أبو محمد روى عن مالك وابن أبي ذئب.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: نا قاسم بن أصبغ قال: نا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن نافع الصائغ فقيه. وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل ﵀ عن عبد الله بن نافع الصائغ؟ قال: لم يكن صاحب حديث، وكان صاحب رأي مالك، وكان مفتي أهل المدينة برأي مالك، ولم يكن في الحديث بذاك. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عبد الله بن نافع الصائغ؟. فقال: ليس بالحافظ هو لين في حفظه، وكتابه أصح. وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: لا بأس به. قال أبو عمر: توفي عبد الله بن نافع الصائغ بالمدينة في شهر رمضان سنة ست ومائتين، وقيل: سنة سبع ومائتين، وفيها مات الواقدي ببغداد قاضيًا للمأمون. هو عبد الله بن نافع بن أبي نافع الصائغ، أبو محمد المدني، قاله البخاري. روى عن: أسامة بن زيد الليثي، وجناح الرومي النجار، ومولى ليلى بنت سهيل، وحماد بن أبي حميد المدني، وخالد بن إلياس، وداود بن قيس الفراء، وأبي المثنى سليمان ابن يزيد الكعبي، وعاصم بن عمر العمري، وعبد الله بن نافع، مولى ابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وأبي مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني، وعبد الملك بن قدامة الجمحي، وعبد المهيمن بن عباس بن سهيل ابن سعد الساعدي، وعثمان بن الضحاك بن عثمان الحزامي، وعصام بن زيد، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، ومحمد بن صالح التمار، ومحمد بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومعمر بن عبد الرحمن مولى ابن قسيط، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وهشام بن سعد المدني.
وروى عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن الحسن الترمذي، وأحمد بن صالح المصري، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وبكر بن عبد الوهاب ابن أخت الواقدي، والحسن بن علي الخلال، والزبير بن بكار، وسحنون بن سعيد التنوحي، وسلمة بن شبيب النيسابوري، وأبو الربيع سليمان بن داود المهري المصري، وعبد الله بن عمران العابدي المخزومي، وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، وأبو بكر عبد الملك بن شيبة الحزامي، وقتيبة بن سعيد، ومحمد ابن إسحاق المسيبي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو عمرو مسلم بن عمرو الحذاء المديني، وأبو أيوب يحيى بن خالد المخزومي المديني، ويونس بن عبد الأعلى. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، وعثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة. وقال محمد بن سعد: كان قد لزم مالك بن أنس لزومًا شديدًا لا يقدم عليه أحدًا، وهو دون معن. وقال البخاري: تعرف وتنكر، وفي رواية: يُعرف حفظه وينكر، وكتابه أصح. وقال في موضع آخر: في حفظه شيء. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: هو لين في حفظه، وكتابه أصح. وقال ابن عدي: روى عن مالك غرائب، وهو في روايته مستقيم الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان صحيح الكتاب، وإذا حدّث من حفظه ربما أخطأ. وقال الذهبي: ليس هو بالمتوسع في الحديث جدًا، بل كان بارعًا في الفقه. قال ابن غانم: قلت لمالك: من لهذا الأمر بعدك؟. قال: رجل من أصحابي، حتى دخل رجل أعور، وهو ابن نافع فقال: هذا. قال الشيرازي: وكان أصم أميًا لا يكتب. وقال: صحبت مالكًا أربعين سنة ما كتبت منه شيئًا، وإنما كان حفظًا أحفظه. وقال الذهبي: عبد الله بن الصائغ حديثه مخرج في الكتب الستة، سوى صحيح البخاري. وقال ابن لبابة: أهل الحديث يقدمون ابن نافع على أصحاب مالك في الحديث والثقة.
وقال ابن وضاح: كان أفضل أصحاب مالك في العبادة المصريون والإسكندرانيون، وكان ابن نافع رجلًا صالحًا، لكن هؤلاء فوقه. قال محمد بن سعيد: لزم مالكًا لزومًا شديدًا، وكان لا يُقدم عليه أحدًا، وهو دون معن. وقال سحنون: وكان ابن نافع رجلًا صالحًا، وكان ضيق الخُلق، وكان أبوه صائغًا، وكان أولًا في حداثته متحركًا فبينما هو في حائط من حيطان المدينة يومًا، إذ سمع رجلًا يقرأ القرآن، قال: هذا يتلو كتاب الله وأنا مشغول في هذا الحائط، فرجع ولزم المسجد. وله تفسير في الموطأ، ورواه عنه يحيى بن يحيى، وعدّه ابن حبيب وابن حارث فيمن خلف مالكًا بالمدينة في الفقه. وقال مجاهد بن موسى: قال عبد الله بن نافع الصائغ: أنا أُجالس مالكًا منذ ثلاثين سنة، أو خمسة وثلاثين سنة بالغداة والعشي، وربما هجرت، فما رأيته قرأ الموطأ على أحد قط. توفي بالمدينة في رمضان سنة ست وثمانين ومائة. انظر في ترجمته: تهذيب الكمال (١٦/٢١٠)، وسير أعلام النبلاء (١٠/٣٧١) . ١١- عبد الله بن نافع الزبيري هو عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي يُكنى: أبا بكر. سمع من مالك بن أنس أحاديث. حدثنا عبد الوارث: ثنا قاسم: نا أحمد بن زهير، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن نافع من أولاد الزبير بن العوام، صدوق ليس به بأس. قال أبو عمرو: سأله يحيى بن يحيى الأندلسي عن تفسير بعض الموطأ، وحمله عنه، كتبناه عن ثلاثة من شيوخنا ﵏. قال الزبير: كان عبد الله بن نافع الزبيري يسرد الصوم، وكان المنظور إليه من قريش بالمدينة في حين وفاته في هديه وفقهه وفضله. توفي سنة عشرين ومائتين، وقيل: بل مات سنة خمس عشرة ومائتين، وهو ابن سبعين سنة.
هو عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، القرشي، الأسدي، المدني، الزبيري، أبو بكر المديني، فهو عبد الله ابن نافع الأصغر، حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبير. قال الزبير بن بكار، حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبيري: عبد الله بن نافع الأصغر، وكان يعني عبد الله بن مصعب بن ثابت، يسميه: بقية ويحبه. روى عن: ابن عمه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير، وعبد الله ابن مصعب بن زيد بن خالد الجهني، وعبد الله بن نافع الزبيري الأكبر (أخوه)، وعبد العزيز ابن ابي حازم، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان. وروى عنه: أحمد بن سعيد الجمال، وأحمد بن عبد الله بن نافع الزبيري، وأبو عيينة أحمد بن الفرج المجازي، وأحمد بن المعذل، والحسن بن محمد الزعفراني، وأبو عمار الحسين بن حُريث المروزي، وأبو توبة صالح بن دراج، وعباس بن محمد الدروري، وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني، وعثمان بن محمد العثماني، وعلي بن الجسن بن بشير، والد الحكيم الترمذي ﵀، وعلي بن الحسن ابن أبي مريم، وعمرو بن محمد العثماني القاضي، وعمير بن مرداس الدنقي، ومحمد بن خلف الهمداني الكسائي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهارون بن عبد الله الحمال، ويعقوب بن شيبة الدوسي. قال البخاري: أحاديثه معروفة مستقيمة. وقال ابن أبي خيثمة: عن يحيى بن معين: صدوق ليس به بأس. وقال أبو حاتم: سمع من مالك أحاديث معروفة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مصعب بن عبد الله: وكان يأتيه كثيرًا وهو في مصلًا، فيدعو له، فيرى أن بركة دعائه قد أدركته، فتوفي حين توفي، وهو المنظور إليه من قريش بالمدينة في هديه وفقهه، وعفافه، وكان قد سرد الدهر صيامًا وحُمل عنه الحديث. وقال البزار: هو ثقة. وخرّج عنه الإمام مسلم. وقال منذر بن سعيد: ابن نافع إمام لم يزنه أحد ببدعة.
قال الزبير: توفي في المحرم سنة عشرة ومائتين. وقال البخاري: سنة عشرة، وفي حكاية: بضع عشرة. وقال الزبير: وهو ابن سبعين سنة. وهذا يرد ما قاله الضراب: أنه صحب مالكًا أربعين سنة. لأنه على هذا عاش بعد مالك ستًا وثلاثين سنة، بقي من عمره أربع وثلاثون سنة منها طفولته، وبعدها صحبته لمالك، والله أعلم. انظر في ترجمته: تهذيب الكمال (٢٢/٣٠٢) . ١٢- عبد الملك بن عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون مولى لبني هيثم من قريش، يُكنى: أبا مروان، وكان فقيهًا فصيحًا، دارت عليه الفتيا في زمانه إلى موته، وعلى أبيه عبد العزيز قبله، فهو فقيه ابن فقيه، وكان ضرير البصر، وقيل: أنه عمي في آخر عمره. وروى عن مالك، وعن أبيه وكان مولعًا بسماع الغناء ارتجالًا، وغير ارتجال. قال أحمد بن حنبل: قدم علينا ومعه من يغنيه. حدثنا عبد الوارث: ثنا قاسم، ثنا أحمد بن زهير قال: سمعت مصعب ابن عبد الله الزبيري يقول: عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، كان في زمانه مفتي أهل المدينة. قال أبو عمر: توفي عبد الملك بن الماجشون سنة اثنتي عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة ومائتين. قال القاضي عياض: كنيته: أبو مروان، واسم أبي سلمة ميمون، قاله اللالكائي، ويقال: دينار، وقاله الباجي. مولى لبني تميم من قريش، ثم لآل المنكدر. والماجشون هو أبو سلمة فيما قاله اللالكائي. وقال محمد بن سعيد والدارقطني: هو يعقوب بن أبي سلمة أخو عبد الله. قال الباجي: والماجشون، المورد بالفارسية. وقال الدارقطني: سُمي بذلك لحمرة في وجهه. وحكى ابن خالد عن بعضهم أنهم من أهل أصبهان انتقلوا إلى المدينة، فكان أحدهم يلقى الآخر فيقول: (شوني شوني) يريد كيف أنت فلقبوا بذلك. وحكى ابن حارث أن ماجش، موضع بخراسان نسبوا إليه وجده عبد الله يروي عن ابن عمر وغيره، خرج له مسلم. وأخو جده يعقوب بن أبي سلمة يروي عن ابن عمر أيضًا وعمر بن عبد العزيز خرج له مسلم.
ويوسف بن عبد العزيز أخو عبد الملك، حدث عنه الزبير بن بكار. ومنهم يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة، يروي عن ابن المنكدر والزهري، خرج عنه البخاري ومسلم. وروى عنه ابن حنبل وابن المديني وغيرهما. وأخوه عبد العزيز بن يعقوب أبو الأصبغ يروي أيضًا عن ابن المنكدر مراسيل رواها عنه ابن حنبل. روى ابن الماجشون عن: إبراهيم بن سعد، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد العزيز ابن الماجشون (أبوه)، ومالك بن انس، ومسلم بن خالد الزنجي، ويوسف بن يعقوب ابن الماجشون (خاله) . وروى عنه: إبراهيم بن موسى بن حصين بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ الأنصاري الأشهلي، وابو عُتبة أحمد بن الفرج الحجازي، وأحمد بن نصر النيسابوري المقرئ، وإسماعيل بن عمرو بن عمر الغافقي، وبكار بن عبد الله بن بسر البسري الدمشقي، وجعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني، والزبير بن بكار، وسعد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وعبد الملك بن حبيب الفقيه المالكي، وعثمان بن الحسن الرافعي المدني، وعلي بن حرب الموصلي، وعمر بن طالوت، وعمرو بن علي الصيرفي، وعمرو ابن هشام الحراني، ومحمد بن الحسين البرجلاني، وأبو عبيد محمد بن عبيد التبان المديني، ومحمد بن هشام الحلبي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن يعقوب الزبيري، وهارون ابن محمد الفروي، وهارون بن موسى بن أبي علقمة الفردي، وأبو مسلمة يحيى بن المغيرة المخزومي، وأبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي، ويعقوب بن سفيان الفارسي. قال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن مصعب بن عبد الله الزبيري: كان في زمانه مفتي المدينة. وقال أبو عبيد الأجري: سمعت أبا داود يقول: كان عبد الملك الماجشون لا يعقل الحديث. قال ابن البرقي: دعاني رجل على أن أمضي إليه فجئناه، فإذا هو لا يدري الحديث إيش هو؟. وذكره ابن حبان في الثقات. قال يحيى بن أكتم القاضي: عبد الملك بحر لا تكدره الدلاء.
وقال الساجي: ضعيف في الحديث صاحب رأي، وقد حدث عن مالك مناكير حدثني القاسم، ثنا الأثرم قال: قلت لأحمد: إن عبد الملك بن الماجشون يقول في سند أو كذا؟ قال: من عبد الملك؟ عبد الملك من أهل العلم، من يأخذ من عبد الملك؟ وحدثني محمد بن روح سمعت أبا مصعب يقول: مالك بن أنس طرد عبد الملك، لأنه كان يُتهم برأي جهم. وقال الساجي: وسألت عمرو بن محمد العثماني عنه فجعل يذمه. قلت: وقد برأه أهل العلم من تلك التهمة، وهي القول بخلق القرآن. ونقل الشيرازي: أنه كان فصيحًا. روي أنه كان إذا ذاكره الشافعي، لم يعرف الناس كثيرًا مما يقولون، لأن الشافعي تأدب بهزيل في البادية، وعبد الملك تأدب في طفولته من بني كلب بالبادية. وقال عبد الملك: أتيت المنذر بن عبد الله الحزامي، وأنا حديث السن، فلما تحدثت وفهم عني بعض الفصاحة، قال لي: من أنت؟ فأخبرته، فقال لي: اطلب العلم فإن معك حذاؤك وسقاؤك. وقال ابن المعدل: كلما تذكرت أن التراب أكل لسان عبد الملك صغرت الدنيا في عيني. وقيل له: أين لسانك من لسان أستاذك عبد الملك؟ قال: كان لسانه إذا تعايي أحيى من لساني من لساني إذا تحابى. وقال عنه ابن الحارث: كان من الفقهاء المبرزين. وأثنى عليه سحنون، وفضله، وقال: هممت أن أرحل إليه، واعرض عليه هذه الكتب، فما أجاز منها أجزت، وما ردّ رددت. وأثنى عليه ابن حبيب كثيرًا، وكان يرفعه في الفهم على أكثر أصحاب مالك. قال ابن المواز: كنت عنده بعد أن عمي حتى جاءه كتاب أمير المؤمنين يسأله عن أشياء، فلما قرأه القارئ عليه قال له: حول الكتاب واكتب جوابه، وأملى عليه حتى ختمه ودفعه إلى الرسول. وقيل: كتب إليه المأمون لولاية القضاء، وكان قد عمي، فامتنع من ذلك. وقيل له: لو خرجت إلى العراق فعالجت بصرك، فإن بها من يعالجه، وتنظر في مالك، وكان له بها غلام بتجارة خلط عليه فيها، فقال: لا أفارق المدينة.
وذكر أنه أتى بقادح يقدح بصره، فقال له: إنك تقيم كذا وكذا على ظهرك مستلقيًا، فأبى وقال: ما كنت لألتمس ما جعل الله ثوابه الجنة، بتعطيل فرض من فروض الصلاة. قال ابن الحارث: كانت له نفس أبية، كلمه يومًا مالك بكلمة خشنة، فهجره عامًا كاملًا، وذلك أنه استعصى على مالك في الفرق بين مسألتين، فقال له مالك: تعرف دار قدامة؟ وكانت دار يلعب فيها الأحداث بالحمام. وقيل: بل عرّض له بالسجن. وكان العلماء يفضلونه في علم الإحساس. قال القاضي إسماعيل: عبد الملك عالم بقول مالك في الوقوف. وقال ابن أكتم القاضي: ما رأيت مثل عبد الملك أيما رحل، لو كان له مسائلون وكان ممن سمع كتبه، كتبت عنه أربعمائة جلد، أو مائتي جلد، شك الراوي، أو كما قال. وقال النسائي: فقهاء الأمصار من أصحاب مالك من أهل المدينة: عبد الملك بن الماجشون، ولعبد الملك بن الماجشون كلام كثير في الفقه وغيره. قال ابن الحارث: وعلم كثير جدًا وله كتاب سماعاته، وهي معروفة، وكتابه الذي ألفه أخيرًا في الفقه، يرويه عن يحيى بن حماد السجلماسي. ورسالة في الإيمان والقدر والرد على من قال بخلق القرآن والاستطاعة. وكان يقول عن نفسه بعد أن كف بصره: هلموا إليّ سلوني عن معضلات المسائل. وقال إسماعيل القاضي في وصفه: ما أجزل كلامه وأعجب تفصيلاته، وأقل فضوله. وقال ابن اللباد: إن يحيى بن أكتم القاضي كان مع عبد الملك على سريره، يعني وهما يتذاكران مذهب أهل العراق وأهل المدينة، ويتناظران في مسألة خلق القرآن. فقال ابن أكتم يا أبا مروان: رحلنا إلى المدينة في العام قاصدين فيه، وكنتم بالمدينة لا تعتنون به، وليس من رحل قاصدًا كمن كان فيه وتوانى.
فقال عبد الملك: اللهم غفرًا يا أبا محمد، ادعوا لي أبا عمارة المؤذن من ولد سعد، فجاء شيخ كبير، فقال له: كم لك تؤذن؟ فقال: سبعين سنة، أذنت مع آبائي وأعمامي وأجدادي، وهذا الأذان الذي أؤذن به اليوم، أخبروني أنهم أذنوا به مع ابن أم مكتوم. فقال عبد الملك وإن كنتم تقولون: توانيتم وتركتم هذا الأذان يُنادى به على رؤسنا كل يوم خمس مرات متصلًا بأذان النبي ÷، فنرى أنا كنا لا نصلي فقد خالفتمونا فيه، فأنتم في غيره أحرى أن تخالفونا. فخجل ابن أكتم، ولم يذكر أنه رد عليه جوابًا. وقال ابن أبي إسحاق: سأل ابن الماجشون عن مسألة؟ فأجابه، فرد عليه فأجابه فلما أكثر، قال له: قم، إني لأثقف من أن ترد على المسائل، فأعلم به سحنون فقال له: نعم، هو أثقف من أن يرد علمه. وحكى الطالبي في كتاب البستان: كان عبد الملك يجيد تفسير الرؤيا، فسأله رجل أنه رأى في منامه أن بيده سيف من ذهب وهو يهزه فيثنى، فقال له: خيرًا رأيت جعلت فداك، فعزم عليه ليخبرنه فقال: يولد لك غلام يكون مخنثًا، فكان كذلك. وقال معين: قدم علينا فكنا نسمع صوت معازفه، فهذا والله أعلم علم يخرج عنه في الصحيح. قال: ولما قدم عبد الملك من العراق: سئل عنها فقال: بها ما شئت من رجل نبيل ... ولكن الوفاء بها قليل يقول فلا ترى إلا جميلًا ... ولكن لا يصدق ما يقول وروي عنه أنه قال: إني لأسمع الكلمة المليحة وما لي إلا قميص فأدفعه إلى صاحبها، وأستكسي ربي، ولقد كنا بالمدينة، فيحدثنا الرجل الحديث، فيمليه علي ويذكر الخبر من الملح فأستعيده فلا يفعل، ويقول: لا أعطيك ظرفي وأدبي. وكانت وفاة عبد الملك سنة اثنتي عشرة ومائتين. وقيل: ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: أربع عشرة. ١٣- مطرف بن عبد الله ابن مطرف بن سليمان بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي ÷. يُكنى: أبا مصعب، وكان أصم. روى عن مالك، وابن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وعبد الله بن عمر العمري. وروى عنه: أبو زرعة وأبو حاتم.
وسئل أبو حاتم من أحب إليك، مطرف أو إسماعيل بن أبي أويس؟ قال: مطرف. وسئل عنه مرة أخرى؟ فقال: صدوق. قال ابن أبي حاتم: توفي مطرف سنة عشرين ومائتين. وقال غيره: توفي سنة أربع عشرة ومائتين بالمدينة بعد دخوله العراق. قال القاضي: هو أبو مصعب، ويقال: أبو عبد الله، مولى ميمونة أم المؤمنين، كان جد أبيه سليمان مشهودًا مقدمًا في العلم والفقه. وكان هو وإخوته: عطاء، وعبد الله، وعبد الملك، بنوبار، مكاتبين لميمونة أم المؤمنين، أخذ عن جميعهم العلم، وولاؤهم لبني العباس، وهبت ميمونة ولاءهم لعبد الله بن عباس. وقال البخاري: هو مولى أم سلمة أم المؤمنين ﵂. قال أبو عمر الصدفي: هذا وهم، أنا أنكره، إنما هو مولى ميمونة أم المؤمنين ﵂. وقال فيه ابن الحارث: الأسلمي. وقد ذكر إسماعيل بن إسحاق في مبسوطه: وروى الأسلمي عن مالك ولم يسمعه. قال محمد بن سعد: مطرف بن عبد الله بن يسار، وكان يسار مكاتبًا لرجل من أسلم، فأدى عنه عبد الله بن أبي فروة، فعتق، فصار في دعوتهم، وهو ثقة. روى عن: أسامة بن زيد بن أسلم، والزبير بن سعيد الهاشمي، وعبد الله بن ويد بن أسلم، وعبد الله بن محمد بن عمران الطلحي، وعبد الله بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي سحبل، وعبد الرحمن بن سعيد الديلي، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعمر بن رشاد المدني مولى مروان بن أبان بن عثمان، ومالك بن أنس، ومسلم بن خالد الزنجي، ونافع بن أبي نعيم القارئ.
روى عنه: محمد بن إسماعيل البخاري، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، أخو عبيد الله بن سعد، وإبراهيم بن محمد بن مروان العتيق، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن خليد الحلبي، وأحمد بن داود بن أبي صالح الحراني، وبشر بن موسى الأسدي، وأبو سليمان جامع بن سوادة الأزدي المصري، والربيع بن سليمان المرادي، وأبو يحيى عبد الله بن أحمد بن الحارث بن أبي ميسرة المكي، وعبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي، وعبد الله بن شعيب الزبيري، ويقال: الزهري القارئ، وأبو علقمة عبد الله بن عيسى المدني، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وعبد الرحمن بن معدان بن جمعة اللاذقي، وعبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وعلي بن بحر بن بري القطان، وعلي بن الحسين بن بشر والد الحكيم الترمذي، وعلي بن سعيد بن جرير النسائي، وعمير بن مرداس الدونقي، وعيسى بن عبد الله الطيالسي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن بجير والد عمر بن محمد بن بجير البجيري، ومحمد بن الحسن البرجلاني، ومحمد بن الحسن السماني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بن عبد الرحمن بن القاسم، ومحمد بن عزيز الزهري، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومعن بن عيسى القزاز، وهو أكبر منه، وهارون ابن عبد الله الحمال، ويعقوب بن سفيان الفارسي، ويعقوب بن شيبة الدوسي، وأبو سبرة بن محمد بن عبد الرحمن القرشي المدني. قال فيه أبو بكر الشافعي: سألت أبا موسى عيسى بن عبد الله عن مطرف؟ فقال: كان شيخًا بالمدينة أطروش، وكان ابن أخت مالك بن أنس. وقال أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني: حدثنا أبو مصعب وقال: المدني ولقبه مطرف. قال ابن معين: مطرف ثقة. قال ابن وضاح: هو عندي أرجح من ابن أبي أويس. قال الكوفي: ثقة. قال أحمد بن حنبل: كانوا يقدمونه على أصحاب مالك.
قال الزبير: قال مطرف: صحبت مالكًا سبع عشرة سنة، فما رأيته قرأ الموطأ على أحد، وكان يعيب كتابة العلم علينا، ويقول: لم أدرك أحد من أهل بلدنا ولا كان من مضى، يكتب. فقيل له: فكيف نصنع؟ فقال: تحفظون كما حفظوا، وتعملون كما عملوا، حتى تتنور قلوبكم، فيغنيكم عن الكتابة، ولقد كره عمر بن الخطاب ﵁ ذلك، وقال: لا يكتب كتاب مع كتاب الله. قيل لابن معين: مطرف مثل القعنبي ومعن؟ قال: كلهم ثقات. قال ابن وضاح: رأيت سحنونًا لا يعجبه مطرف. قال أبو العرب: وامتحن مطرف في القرآن أيام المأمون. فقد ذكر العرب التميمي في كتابه المحن: أنه امتحن هو وأصحابه للإمام مالك، في الهيجاء التي هاجت في المدينة، زمن أبي جعفر، في مسألة رفض سلطانهم والبيعة لهم، وقد ضرب فيها الإمام مالك ﵀. وكذلك امتحن في فتنة القرآن للإمام أحمد، قال أبو العرب: قال موسى بن الحسين: وسمعت أبا بكر بن أبي أويس وقد دُعي إلى المحنة بالمدينة، هو ومطرف بن عبد الله المديني صاحب مالك، وكان ابن أبي أويس جده، فلما قُرئ عليهم الكتاب، قال: الكفر بالله بعد نيف وسبعين سنة، ومجالسة رجال من أهل العلم يتوافرون بالمدينة، فقيل له: ليكن سجنك بيتك. وأما مطرف فإني أقمت عليه بالمدينة نيفًا وعشرين شهرًا، فسألته عن هذا فأبى أن يجيبني. قال أبو بكر بن أبي خيثمة: جاءنا سنة عشرين ومائتين. وقال أبو حاتم: مات سنة عشرين ومائتين. قال البخاري: ولد مطرف سنة تسع وثلاثين ومائة، ومات سنة عشرين ومائتين بالمدينة، وقال ابن أبي خثيمة ومحمد بن سعيد، في أولها. وقال الدارقطني: في صفر منها، وقال غيره: سنة أربع عشرة. وقال ابن وضاح: سنة تسع عشرة، قيل: وسنه بضع وثمانون سنة. ١٤- يحيى بن يحيى الأندلسي
يُكنى: أبا محمد، ويعرف بابن عيسى وهو يحيى بن يحيى بن كثير، وهو المكنى بأبي عيسى، وهو الداخل إلى الأندلس، وهو كثير بن شملل. أصله من البربر، من مصمودة المشرق. رحل وهو ابن ثمان وعشرين سنة. فسمع من مالك بن أنس الموطأ غير أبواب من الاعتكاف فحملها عن زياد بن مالك، وسمع من نافع بن أبي نعيم القارئ ومن القاسم العمري، ومن الحسين بن ضميرة، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة. وسمع بمصر من الليث بن سعد سماعًا كثيرًا. ومن ابن وهب (موطأ) وجامعه. وسمع من ابن القاسم مسائله، وحمل عنه من رأيه عشر كتب كبارًا، أكثرها سؤاله وسماعه، وكتب سماع ابن القاسم من مالك. ثم انصرف إلى المدينة ليسمعه من مالك، يسائله عنه؟ فوجد مالكًا عليلًا، فأقام بالمدينة إلى أن توفي مالك ﵀، وحضر جنازته. وسمع من أنس بن عياض، وقدم إلى الأندلس بعلم كثير، فعاد فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار عليه، وانتهى السلطان والعامة إلى رأيه. وكان فقيهًا حسن الرأي، وكان لا يرى القنوت في الصبح ولا في سائر الصلوات. وقال: سمعت الليث بن سعد يقول: سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول: إنما قنت رسول الله ÷ نحو أربعين يومًا يدعو على قوم، ويدعو لآخرين. قال: وكان الليث لا يقنت. وخالف يحيى أيضًا مالكًا في اليمين مع الشاهد، فلم ير القضاء به ولا الحكم وأخذ بقول الليث في ذلك، وقال: لا بد من شاهدين رجلين، أو رجل وامرأتين. وكان يرى زكاة الأرض بجزء مما يخرج منها على مذهب الليث، وقال: هي سنة رسول الله ÷ في خيبر، وقضى برأي أمينين إذا لم يوجد في أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك. وكان إمام أهل بلده والمقتدى به فيهم، والمنظور إليه والمعول عليه. وكان ثقة عاقلًا حسن الهدي والسمت، وكان شبه في سمته بسمت مالك ﵀، ولم يكن له بصر بالحديث.
قال أحمد بن خالد: لم يُعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر، وجلالة الذكر ما أُعطي يحيى بن يحيى. واختلف في وقت وفاته، فقيل: توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وقيل: توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. وكان يأتي الجامع يوم الجمعة، راجلًا معممًا. قال القاضي أبو الوليد بن الفرضي: يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس بن شمال ابن منغايا، يُكنى: أبا محمد. قال الأصيلي: ويحيى هو المكنى بأبي عيسى، وهو من مصمودة طنجة، ويتولى بني ليث، ولا يعلم على الصحة سبب ذلك. قال الرازي في كتاب الاستيعاب: هو من مصمودة من مضارة قبيل منها. دخل يحيى بن وسلاس مع ابن أخيه نصر بن عيسى في جيش طارق، وأسلم وسلاس بعدهم على يد يزيد بن عامر الليثي، وليث كنانة. فهذا والله أعلم سبب انتمائهم إلى ليث. قال الرازي: ثم دخل بعدهما كثير بن وسلاس وهو جد يحيى، وولي ابنه يحيى الجزيرة وشؤونه، وطلب يحيى ابنه العلم. قال الشيرازي: رحل يحيى بن يحيى إلى مالك وهو صغير، وتفقه بالمدنيين والمصريين من أصحابه. قال ابن الفرضي: وسمع منه رجال الأندلس في وقته، وكان آخر من حدّث عنه ابنه عبد الله. وقال الذهبي: سمع أولًا من الفقيه زياد بن عبد الرحمن شبطون، ويحيى ابن مضر، وطائفة. ثم ارتحل إلى المشرق في أواخر أيام مالك الإمام، فسمع منه الموطأ، سوى أبواب من الاعتكاف، شك في سماعها منه، فرواها عن زياد شبطون عن مالك، وسمع من الليث ابن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن ابن القاسم العتقي، وحمل عن ابن القاسم عشرة كتب سؤالات ومسائل، وسمع من ابن القاسم بن عبد الله العمري، وأنس بن عياض الليثي. ويقال: إنه لحق نافع بن أبي نعيم مقرئ المدينة وأخذ عنه، وهذا بعيد، فإن نافعًا مات قبل مالك بعشر سنين. وكان كبير الشأن، وافر الجلالة، عظيم الهيبة، نال من الرئاسة والحرية ما لم يبلغه أحد.
قال أبو القاسم بن شكوال الحافظ: كان يحيى بن يحيى مجاب الدعوة، قد أخذ نفسه في هيئته ومقعده هيئة مالك الإمام بالأندلس، فإنه عُرض عليه قضاء الجماعة وامتنع، فكان أمير الأندلس لا يولي أحدًا القضاء بمدائن إقليم الأندلس، إلا من بشير بن يحيى ابن يحيى، فكثر لذلك تلامذة يحيى بن يحيى، وأقبلوا على فقه مالك، ونبذوا ما سواه. وقال ابن القرطبي في تاريخه: وكان يحيى بن يحيى ممن أتمم ببعض الأمر في الهيج، يعني: في القيام والإنكار على أمير الأندلس. قال: فهرب إلى طليطلة، ثم استأمره، فكتب له الحكم الأمير المعروف بالربضي إمانًا فرد إلى قرطبة. وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت بركات الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث: دعه، ثم قال لي: خدمك العلم، قال: فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك وقيل: إن عبد الرحمن بن عبد الحكم المرواني صاحب الأندلس نظر إلى جارية له في رمضان نهارًا، فلم يملك نفسه أن يواقعها، ثم ندم، وطلب الفقهاء، وسألهم عن توبته، فقال يحيى بن يحيى: صم شهرين متتابعين، فسكت العلماء، فلما خرجوا، قالوا ليحيى: مالك لم تفت بمذهبنا عن مالك أنه مُخير بين العتق والصوم والإطعام؟ قال: لو فتحنا هذا الباب، لسهل عليه أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبة فحملته على أصعب الأمور لئلا يعود.
روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وإبراهيم بن إسماعيل الصائغ، وأزهر بن سعد السمان، وإسماعيل بن جعفر المدني، وإسماعيل بن عُلية، وإسماعيل بن عياش، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبشر بن المفضل، وبقية بن الوليد، وبكر ابن مضر المضري، وتليد بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وجعفر بن سليمان الضبعي، وأبي قدامة الحارث بن عبيد الإيادي، وحجاج بن محمد الأعور، وحفص بن غياث النخعي، وحماد ابن زيد، وحماد بن سلمة، وحميد بن عبد الرحمن الرواس، وخارجة بن مصعب الخراساني، وخالد بن عبد الله الواسطي، وداود بن عبد الرحمن العطاء، وأبي خثيمة زهير بن معاوية الجعفي، وسعيد بن عبد الجبار الزبيدي، وسعير بن الخمس التميمي، وسفيان بن عيينة، وسليم بن أخضر، وسليمان بن بلال، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وصالح المري، وعباد بن عباد المهلبي، وعياد بن العوام، وأبي زبيد عبثر بن القاسم، وعبد الله بن جعفر المخرمي، وعبد الله بن رجاء المكي، وعبد الله بن المبارك، وابي علقمة عبد الله بن محمد الفردي، وعبد الله بن نمير، وعبد الله بن وهب المصري، وعبد الله بن يحيى ابن أبي كثير، وعبد الحميد بن عبد الرحمن أبي يحيى الحماني، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد العزيز ابن أبي حازم، وعبد العزيز بن الربيع بن سبرة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الواحد بن زياد، وعبد الوارث بن سعيد، وعلي بن عمر بن علي المقدمي، وفضيل بن عياض، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، ومحمد بن ثابت العبدي، وأبي معاوية محمد بن حازم الضرير، ومحمد بن مسلم الطائفي، ومسلم بن خالد الزنجي، ومعاوية بن سلام بن أبي سلام الحبشي، ومعاوية بن عبد الكريم الضال، ومعاوية بن عمار الدهني.
انظر في ترجمته: تاريخ علماء الأندلس (٢/١٧٩)، ترتيب المدارك (٢/٥٣٤)، وفيات الأعيان (٦/١٤٦، ١٤٣)، مرآة الجنان (٢/١١٣)، المغرب في حلى المغرب (١/١٦٣، ١٦٥)، وتهذيب التهذيب (١١/١٠١، ٣٠٠)، نفح الطيب (٢/٩)، السير (١٠/٥١٩) . ١٥- علي بن زياد التونسي يُكنى: أبا الحسن، أصله من العجم، ولد بطرابلس، ثم سكن تونس. روى عن مالك وغيره. توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. هو علي بن زياد أبو الحسن التونسي العبسي. قيل: أصله من العجم، ولد بطرابلس، ثم انتقل إلى تونس فسكنها. وقال ابن شعبان وغيره: هو من عبس. وقال أبو العرب: علي بن زياد من أهل تونس، ثقة مأمون، خيار، متعبد، بارع في الفقه، ممن يخشى الله تعالى مع علوه في الفقه. سمع من مالك، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وغيرهم. وسمع بأفريقية قبل هذا: من خالد بن أبي عمران، لم يكن بعصره بأفريقية مثله. وسمع منه: البهلول بن راشد، وسحنون، وشجرة، وأسد بن الفرات وغيرهم. روى عن مالك الموطأ، وكتب سماعه من مالك الثلاثة. قال أبو سعيد بن يونس: هو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان المغرب وفسر لهم قول مالك: ولم يكونوا يعرفونه، وكان قد دخل الحجاز والعراق في طلب العلم، وهو معلم سحنون الفقه. قال الشيرازي: به تفقه سحنون وله كتب على مذهبه، وتفقه بمالك، وله كتاب خير من زنته. قال سحنون: كتاب خير من زنته، أصله لابن اشرس، غلا أنا سمعناه من ابن زياد، وكان يقرأه على المعافي، وأن أعرف من ابن أشرس المعافي. قال ابن وضاح: قلت: وكان أكبر من ابن أشرس. قال: بل كان أمرهما واحدًا، إلا أن ابن أشرس، ربما سمع وغاب علي فكان يقرأ على المعافي. وهو ثلاثة كتب: بيوع ونكاح، وطلاق، وسماعه من مالك ثلاثة كتب.
وقال أبو الحسن بن أبي طالب القيرواني العابد في كتاب (الخطاف): أن علي بن زياد لما ألف كتابًا في البيع، لم يرد ما يسميه به، فقيل له في المنام: سمه كتاب (خير من زنته) ورأى حبيب أخو سحنون في منامه: خُذ كتاب خير من زنته ذهبًا، فإنه الحق عند الله تعالى. وكان سحنون لا يقدم عليه أحد من أهل أفريقية ويقول: ما بلغ البهلول بن راشد شسع نعل ابن زياد. وكان أهل العلم بالقيروان، إذا اختلفوا في مسألة كتبوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب. قال: وكان خير أهل أفريقية في الضبط للعلم. وما أنجبت أفريقية مثل علي بن زياد، وقد فضله على المصريين. قال البلخي: لم يكن في عصر علي بن زياد أفقه منه ولا أورع ولم يكن سحنون يعدل به أحدًا من علماء أفريقية. وقال ابن حارث: كان علي ثقة مأمونًا. وجاء رجل إلى البهلول فقال له: رأيت في المنام كأن قنديلًا دخل من باب تونس حتى دخل دار وراح، فقال: تعرف الدار؟ قال: نعم. قال: قوموا بنا، فقد جاء علي بن زياد. فانتهوا مع الرجل حتى أوقفهم على الدار، فسألوا فإذا علي قد دخلها في السحر، فدخل عليه البهلول، فقام إليه علي وسلم عليه وجعل البهلول يسأله عن مسائل وكتب البهلول مع سحنون إلى علي بن زياد: يأتيك رجل يطلب العلم. فلما وصل سحنون أتاه علي إلى بيته بالموطأ، وقال له: والله لسمعنه علي إلا في بيتك، لأن أخي البهلول كتب إلي أنك ممن يطلب العلم لله. وقد رأيت أنا هذه الحكاية مع غير سحنون، وفيها: ومات علي بن زياد والبهلول بن راشد سنة ثلاث وثمانين ومائة. ويشبه به رجل آخر من أكابر أصحاب مالك المصريين، يكنى بكنيته ويتسمى باسمه، وينتسب بنسبه، وهو أبو الحسن علي بن زياد الإسكندراني. مصادر الترجمة: ترتيب المدارك (٢/٨٤، ٨٠) . ١٦- عبد الله بن غانم الأفريقي القاضي بها. ولد سنة ثمان وعشرين ومائة. وكان فقيهًا. سمع من مالك ومن أبي يوسف القاضي.
هو عبد الله بن عمر بن غانم بن شرحبيل بن ثوب الدين محمد بن شريح بن شراحبيل بن الحنفي بن أيمن بن ذي القمط بن قزو بن ذي عين. كنيته: أبو عبد الرحمن، كذا نسبه ابن شعبان وابن حارث وأبو العرب: قاله ابن الفرضي والقرطبي. وقال البخاري في التاريخ: عبد الله بن عمر النميري، عن يونس بن عبد الله سمع من الثوري وحجاج بن منهال. وقال في الصحيح: حدثنا عبد الله بن عمر النميري: حدثنا يونس حديث الإفك في باب من شهد بدرًا. قال ابن مندرة: عبد الله هذا هو ابن غانم الأفريقي، روى عنه القعنبي وابن القاسم. قال أبو العرب التميمي: كان ثبتًا ثقة فقيهًا عدلًا في قضائه. قال أبو علي بن أبي سعيد في كتابه المغرب في أخبار المغرب: كان ابن غانم رجلًا فقيهًا مقدمًا، مع فصاحة لسان وحسن بيان، وبصر العربية ورواية الشعر، تروى له أسباب مستحسنة، وكان فيه تمتنة، وكان أبوه مذكورًا قديمًا في عرب أفريقية وأبنائها قبل دخول المسودة. قال غيره: كان من أهل العلم والدين والعقل والورع، والتواضع والفصاحة والجزالة. قال أبو سعيد بن يونس: كان أحد الثقات الأثبات، ولم يعرفه أبو حاتم لبعده قطره. وقال: مجهول. قال الشيرازي: كان ابن غانم من نظراء ابن أبي حازم وأقرانه. قال القاضي عياض: سمع ابن غانم من ابن أنعم وخالد بن أب يعمران ورحل إلى الحجاز، والشام والعراق، فسمع من مالك وعليه اعتماده، ومن سفيان الثوري، ومن أبي يوسف، وعثمان بن الضحاك، وإسرائيل بن يونس، وداود بن قيس وغيرهم، سمع منه القعنبي وغيره. قال ابن عمران: كان مالك يجل ابن غانم، وإذا جاء أقعده إلى جانبه، ويسأله عن أخبار المغرب، وإذا رأى أصحابه قالوا: شغله المغربي عنا، ولما ولي القضاء، أعلم مالك بذلك أصحابه وسرّ به. ويقال: أن مالكًا عرض عليه أن يزوجه ابنته، ويقم عنده، فامتنع من المقام، وقال له: عن أخرجتها إلى القيروان تزوجتها.
وله سماع من مالك مدون، انقطع، ومنه في المجموعة مسائل وسمع الموطأ. قال: وجاء رجل بوثيقة إلى أسد بخط ابن غانم، فجعل أسد يعرضها، ثم نقرها بأصبعه، وقال ما كان أفقه. قال سليمان بن عمران: كان ابن غانم كاملًا متكملًا، فصيحًا، حسن البيان، وهذه التمتمة باقية في ولده إلى زماننا. قال أسد: كان ابن غانم فقيهًا. قال معمر: كان ابن غانم يقرأ لنا كتب أبي حنيفة في الجمعة يومًا، ولما بلغت وفاته استرجع وترحم عليه، ثم قال: لقد كنت قائمًا بهذا الأمر. قال ابن غانم: لما دخلت مع البهلول بن راشد على سفيان الثوري، وكان معهم عبد الله بن فروخ، قال: ليقرأ علي أفصحكم لسانًا، فإني أسمع اللحنة فيتغير لها قلبي، فقرأت عليه إلى أن فارقناه، ما رد علي حرفًا. قال أبو العرب: ومناقب ابن غانم كثيرة، وقد حدث عنه سحنون، وداود ابن يحيى. وكان لابن غانم حظ من صلاة الليل، فإذا قضاها وجلس في التشهد آخرها، عرض كل خصم يريد أن يحكم له على ربه، يقول في مناجاته: يا رب فلان نازع فلانًا وادعي عليه بكذا، فأنكر دعواه، فسألته البينة فأتى ببينة شهدت بما ادعى، ثم سألته تزكيتها، فأتاني بمن زكاهم، وسأل تعنهم في السر فذكر عنهم، يعني خيرًا، وقد أشرفت أن آخذ له من صاحبه حقه الذي تبين لي أنه حق له، فإن كنت على صواب، فثبتني وإن كنت على غير صواب فاصرفني، اللهم لا تسلمني، اللهم سلمني. فلا يزال يعرض الخصوم على ربه حتى يفرغ منهم. وكان ابن غانم يكثر إنشاد هذين البيتين: إذا انقرضت عني من العيش مدتي ... فإن غناء الباكيات قليل سيعرض عن ذكري وتنسي مودتي ... ويحدث غناء الباكيات قليل وكان لابن غانم أخ اسمه سعيد، سمع من أخيه عبد الله، وكتب عنه. وكان لابن غانم ابنان جليلان أبو عمر وغانم، وأبو شراحبيل. وكان أبو شراحبيل فقيهًا نظارًا ورعًا أديبًا شاعرًا، أخذ عن الكوفيين، ومال إلى رأيهم، وتوفى وهو ابن ست وثلاثين سنة، مولده سنة تسع ومائتين.
وكان لابنه أبي عمرو وغانم ولد يُكنى أبا عبد الرحمن. وفاته: قال القاضي أبو الفضل: ودخل على ابن غانم، أبو الوليد المهدي اللغوي في مرضه الذي مات فيه، فقال له: ارفع إليه ضجعتك من هذه العلة إلى إفاقة وراحة، وأعد إليك ما عودك من الصحة والسلامة فأطال ما صححت وعوفيت أصلحك الله، فاصبر لحكم ربك فإن الله يحب أن يشكر على نعمه. فقال ابن غانم: هو الموت والغاية التي إليها انتهاء الخلق، وما لا بد منه فصبر يؤجر صاحبه عليه، خير من جزع لا يغني عنه، ثم تمثل. وتوفى في ربيع الأخر سنة تسعين ومائة، وقيل ست وتسعين من فالج أصابه، وقيل: إن بصره كان قد كف، والأول أصح. ويشهد له شعر: ولينا قضاء الغرب عشرين حجة وكان ولي القضاء سنة إحدى وسبعين، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة، وتوفى وهو قاض كما قدمناه. ومولده سنة ثمان وعشرين ومائة مع البهلول بن راشد في ليلة واحدة. وذكر بعضهم أنه سمع عند موته صوتًا فلا يرون شخصه يقول: زادت ذئاب بعد طول عوائها ... لما تضمنه للضريح الملحد وقيل: بل رآه بعضهم في النوم. ولما مات بكى عليه ابن الأغلب وجلس على كرسي ينتظر وقته، ووقف على قبره معه ابن غفال، خال إبراهيم بن الأغلب وجزع عليه، فسأله إبراهيم عن ذلك فقال: كان لي صديقًا ودودًا. فقال إبراهيم: والله ما ولينا أفريقية ولا أمنا حتى مات. وكان علي الهمة، ولما مات قومت كسوة ظهره بألف دينار. مصادر الترجمة: ترتيب المدارك (٢/٦٨، ٧٩) . ١٧- معن بن عيسى ابن يحيى بن دينار القزاز، مولى أشجع، يُكنى: أبا يحيى. روى عن مالك ابن أنس ومعاوية بن صالح ومخرمة بن بكير ومحمد بن هلال. روى عنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، والحميدي ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإبراهيم بن المنذر، وأبو بكر بن أبى شيبة، ونصر بن علي، وغيرهم. وكان أشد الناس ملازمة لمالك، وكان مالك يتكئ عليه في خروجه إلى المسجد حتى قيل له: عصية مالك.
قال أبو حاتم: سمعت إسحاق بن موسى الأنصاري يقول: سمعت معن ابن عيسى يقول: كان مالك لا يجيب العراقيين في شيء من الحديث، حتى أكون أنا أسأله عنه. قال: وسمعت معن بن عيسى يقول: كل شيء من الحديث في الموطأ سمعته من مالك إلا ما استثنيت أن عرضته عليه، وكل شيء من غير الحديث عرضته على مالك إلا ما استثنيت أني سألته عنه. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن بن عيسى، وهو أحب إلي من ابن نافع وابن وهب. وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة بالمدينة أعني معن بن عيسى. هو أبو يحيى معن بن عيسى بن يحيى بن دينار القزاز. كان يبيع القز، مولى أشجع. قال ابن بكير: كان معن يبيع القز، وكان طويلًا. وقال محمد بن سعد: وكان له غلمان حاكة.
روى عن: إبراهيم بن سعد، وإبراهيم بن طهمان، وأُبي بن العباس بن سهل ابن سعد الساعدي، وإسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، وأبي الغصن ثابت ابن قيس المدني، والحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن إياس الشجعي، وخارجة ابن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت، وخالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر العمري، وخالد بن ميسرة الطفاوي، وزهير بن محمد التميمي العنبري، وسعد بن بشير، وسعيد ابن السائب الطائفي، وعبد الله بن زياد بن درهم، وأبي أويس عبد الله بن عبد الله المدني، وأبي جندب عبد الله بن عمرو الهذلي، وعبد الله بن المؤمل المخزومي، وعبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله قنطب، وعمر بن سلام، وقيس بن الربيع الأسدي، ومالك بن أنس، ومحمد بن بجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأوقص المخزومي الأوقصي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن مسلم الطائفي، ومحمد بن هلال المدني، ومخرمة بن بكير بن الأشيخ، ومعاوية بن صالح الحضرمي، ومنصور بن أبي الأسود، والمنكدر بن محمد بن المنكدر، وموسى بن يعقوب الزمعي، وهشام بن سعد، وأبي رزيق، وعبيدة بنت نابل.
روى عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن حنبل فيما قيل، وأحمد بن خالد الخلال، وأحمد بن عبد الصمد الأنصاري، وإسحاق بن بهلول التنوخي، وإسحاق بن عيسى بن الطباع، وإسحاق بن موسى الأنصاري، والحسن بن الصباح البزار، والحسين ابن عيسى البسطامي، وخلف بن سالم المخزومي، وذؤيب ابن يمامة السهمي، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وسعيد بن محمد الجرمي، وسهل ابن زنجلة الرازي، وصالح بن مسمار المروزي، وصفوان بن صالح الدمشقي، وطاهر ابن أبي أحمد الزبيري، وعبد الله ابن جعفر البرمكي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وعبد الرحمن بن يونس المستملي، وعلي بن شعيب السمسار، وعلي ابن المديني، وعلي بن ميمون العطار الرقي، والفضل بن الصبح، وقتيبة بن سعيد، ومجاهد بن موسى، ومحمد بن أبان البلخي، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، ومحمد بن الحارث البزاز، وأبو بكر محمد بن خلاد الباهلي، ومحمد بن رافع النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ومحمد بن يزيد الآدمي، ومحمود بن خداش، ونصر بن علي الجهضمي، وهارون بن عبد الله الحمال، وهشام بن عمار الدمشقي، ويحيى بن معين، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ويوسف بن يعقوب الصفار، ويونس بن عبد الأعلى. قال أبو الحسن الميموني، عن أحمد بن حنبل: ما كتب عن معن شيئًا. وقال الشيرازي: كان ربيب مالك، وهو الذي قرأ الموطأ عليه للرشيد وابنيه، وكان يتوسد عتبته فلا يلفظ بشيء إلا كتبه، وعد في فقهاء أصحابه، وعده ابن حبيب فيمن خلف مالكًا في الفقه بالمدينة. قال ابن الحارث: وله سماع معروف من مالك، ذكره ابن عبدوس في المجموعة فيما ذكر. وقال: وهو من كبار أصحاب مالك. وذكر أيضًا كثيرًا من سماعه وروايته عن مالك أبو عيسى الترمذي في جامعه، فكل ما أدخله عن مالك، فقد قال في آخر كتاب أنه من رواية معن.
وقال يحيى بن معين: هو ثقة وخرج منه البخاري ومسلم. وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث مأمونًا لينًا. قال الشافعي: قال الحميدي: حدثني من لم تر عيناك مثله معن بن عيسى. قال ابن الجنيد: قلت لابن معين: كان عند معن غير الموطأ؟ قال: شيء قليل. وقال علي بن المديني: أخرج إلينا أربعين ألف مسألة سمعها من مالك. وقال ابن بكير: كنت أستخرج الحديث في رقاع منه ثم أقول: يا أبا عبد الله، اقرأ لي هذا الحديث، فيقرأه ثم أتركه أيامًا وأجيئه برقعة أخرى. وقال ابن وضاح: أقبل قوم إلى معن بالمدينة يستأذنون عليه في داره، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم أسود ليدخل الدار، فسألوه الإذن لهم، فدخل ونادى يا معن فاستجاب له فأعلمه، فأذن ودخلوا. فقالوا له: أصلحك الله، عجبنا من تسمية هذا الأسود لك. قال: أما أنه مع ذلك مملوكي. قال: وما أردتم؟ أكان يدعونني بأفضل من اسمي الذي رضه الله لي؟ وكأنه حسن فعله. قال البخاري: مات معن سنة ثمان وتسعين ومائة، قيل: في شوال منها بالمدينة. انظر في ترجمته: ترتيب المدارك (٤/١٤٨، ١٥٠)، وتذكرة الحفاظ (١/٣٣٢)، والجرح والتعديل (٤/١/٢٧٧)، والطبقات الكبرى لابن سعد (٥/٤٣٧) . ١٨- عبد الله بن مسلمة ابن قعنب القعنبي. أبو عبد الرحمن، مدني، سكن البصرة. روى عن مالك وابن أبي ذئب، ومخرمة بن بكير، وأفلح بن حميد، وسلمة بن وردان. روى عنه: أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، وعلي بن عبد العزيز. قال ابن أبي حاتم، قلت لأبي: القعنبي أحب إليك أم إسماعيل بن أبي إدريس؟ فقال: القعنبي أحب إلي. وسئل أبي عن عبد الله بن مسلمة القعنبي؟ فقال: بصري ثقة، حجة. وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: ما كتبت عن أحد أجل في عيني منه. وسئل ابن معين عن القعنبي، فقال: ذاك من در ذاك من دنانير. ١٨- انظر في ترجمته: طبقات خليفة (٢٣٨٨)، تاريخ خليفة (٣٩٨)، ترتيب المدارك (٢/٤٣٣)، تهذيب الأسماء واللغات (١/٣٠٣)، وفيات الأعيان (٣/١٢٩) .
١٩- أبو مصعب الزهري اسمه: أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف. قال الزبير بن بكار: كان أبو مصعب على شرطة عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ﵁، إذ كان واليًا للمأمون على المدينة ثم ولاه القضاء، ومات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع. قال أبو عمر: روى عن مالك، والدراوردي، وإبراهيم بن سعد، وعطاف بن خالد وغيرهم. روى عنه: محمد بن يحيى الذهلي، وإسماعيل القاضي والبخاري، وأبو حاتم وأبو زرعة وقالا فيه: صدوق. قال أبو عمر: مات أبو مصعب سنة إحدى وأربعين ومائتين. هو أحمد بن أبي بكر، واسمه: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، وأبو مصعب الزهري المدني الفقيه، قاضي مدينة رسول الله ÷. قال مصعب بن عبد الله، ويعرف بكنيته أبي مصعب، وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع. روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ﵃، وثالح بن قدامة بن إبراهيم بن محمد ابن حاطب الجمحي، وعاصم بن سويد الأنصاري العياني، وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، وعبد العزيز بن أبي حازم المدني، وعبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد المهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي، والعطاف بن خالد المخزومي، وعمر بن طلحة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ومالك بن أنس الأصبحي، ومحرز بن هارون القرشي، ومحمد بن إبراهيم بن دينار المدني الفقيه، والمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش ابن أبي ربيعة المخزومي، وموسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، ويحيى بن عمران القرشي، ويوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون.
روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمدين، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن محمد البسري، وأبو الحريث أحمد بن عيسى بن مخلد الكلابي الكوفي، وأحمد ابن محمد بن نافع الطحان المصري، وإسحاق بن أحمد الفارسي، وإسماعيل بن ابان بن محمد بن محوي الشامي، وبقي بن مخلد الأندلسي، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، والحارث بن أحمد ابن أبي بكر الزهري، وأبو الزنباع روح بن الفرح المصري القطان، وزكريا بن يحيى السجزي المعروف بخياط السنة، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل الشيباني، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، ومحمد ابن إبراهيم بن زياد الطيالسي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، ومحمد بن يحيى بن عبد الله ابن خالد بن فارس الذهلي، ومعاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري، ويحيى بن الحسين بن جعفر ابن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي، النسابة. قال الذهبي: الإمام ثقة، شيخ دار الهجرة، قاضي المدينة ورد على كلام أبو زرعة وأبو حاتم، بأنه صدوق: احتج به أصحاب الصحاح. وقال أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه: خرجنا سنة تسع عشرة ومائتين إلى مكة، فقلت لأبي: عمن أكتب؟ فقال لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمن شئت. قلت: أي الذهبي، أظنه نهاه عنه لدخوله في القضاء والمظالم، وإلا فهو ثقة، نادر الغلط، كبير الشأن. وقال القاضي: وإنما قال ذلك، لأن أبا مصعب كان يميل إلى الرأي، وأبو خيثمة من أهل الحديث وعمره ينافر ذلك، فلذلك نهى عنه، وإلا فهو ثقة، لا نعلم أحدًا ذكره إلا بخير.
وقال ابن حزم الظاهري: آخر شيء روي عن مالك من المواطآءات موطأ أبي مصعب، وموطأ أحمد بن إسماعيل الهمي، وفي هذه الموطأين نحوه مائة حديث زائدة، وهما آخر ما روى عن مالك، وفي ذلك دليل على أنه كان يزيد في الموطأ أحاديث كل وقت، كان أغفلها، ثم أثبتها، وهكذا يكون العلماء ﵏. وقال أبو الحسن الدارقطني: أبو مصعب، ثقة في الموطأ، وقدمه علي يحيى ابن بكير. وقال أبو إسحاق في طبقاته: كان أبو مصعب من أعلم أهل المدينة، روى أنه قال: يا أهل المدينة، لا تزالون ظاهرين على أهل العراق ما دمت لكم حيًا. قال الزبير بن بكار: مات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع ولاه القضاء عبيد الله بن الحسن بعد أن كان على شرطته. وقال: مات في شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين ومائتين وهو على القضاء، وله اثنتان وتسعون سنة. قال الشيرازي: تسعون سنة. قال القاضي وكيع في كتاب طبقات القضاة: هو من أهل الثقة في الحديث. قال ابن نمير: سمعت أبا مصعب يقول: سمعت مالكًا يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، قال أبو مصعب فمن شك أو وقف فهو كافر. وقال حبيب: قال أبو مصعب: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فمن قال غير هذا فهو كافر. انظر ترجمته في: تاريخ الدوري (٢/٥٨١)، التاريخ الكبير (٧/١٩٧٨)، والصغير (٢/٢٣٦، ٢٣٨)، الجرح والتعديل (٨/١٠١٣)، الثقات لابن حبان (٧/٤٦٦)، وتهذيب الكمال (٢٨/٣٨١)، تهذيب التهذيب (١٠/٢٦٤، ٢٦٥)، التقريب (٢/٩٦) . ٢٠- يحيى بن يحيى بن بكير ابن عبد الرحمن التميمي الحنظلي مولى لهم. ويقال: مولى بني منقر بن سعيد بن عمرو ابن تميم النيسابوري. يُكنى: أبا زكريا. روى عن مالك الموطأ، وقيل: أنه قرأه عليه، وروى عن الليث بن سعد، وابن لهيعة، وزهير بن معاوية، وسليمان بن يسار، وغيرهم. كانت له حال بنيسابور، وله حظ من الفقه، وكان ثقة مأمونًا مرضيًا. روى عن جماعة من أهل بلده وغيرهم، وروى عنه من الجلة الحفاظ: إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن يحيى الذهلي.
وروى عنه: البخاري ومسلم بن الحجاج، ولم يروي مسلم الموطأ إلا عنه. وكان أحمد بن حنبل يُثني عليه. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فأثنى عليه خيرًا، وقال: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى، كان من ورعه يشك في الحديث كثيرًا حتى سموه الشكاك. وقال أبو زرعة الرازي: سمعت أحمد بن حنبل ذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فذكر من فضله وإتقانه أمرًا عظيمًا، وأثنى عليه أبو زرعة. وقال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: كتبت العلم عمن كتبته، فلم أكتب عن أحد أوثق في نفسي من هذين: يحيى بن يحيى، والفضل بن موسى السيناني. قال إسحاق: وكان يحيى رجلًا عاقلًا، وكان يحيى بن يحيى يقول: من قال في القرآن مخلوق فهو كافر، لا يكلم ولا يجالس ولا يناكح. وذكر السراج عن الحسن بن علي بن عبيد الله: سمعت محمد بن مسلمة يقول: رأيت رسول الله ÷ في المنام، فقلت: عمن أكتب؟ فقال: يحيى بن يحيى. ٢٠- يحيى بن يحيى روى عنه: البخاري، ومسلم، وإبراهيم بن عبد الله السعدي، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر، وأحمد بن حفص بن عبد الله السلمي، وأحمد بن سلمة النيسابوري، وأحمد بن يوسف السلمي، وإسحاق بن راهوية، وإسماعيل بن إسحاق الثقفي السراج، وجعفر بن محمد بن الحسين المعروف بالترك، والحسين بن منصور السلمي النيسابوري، وسلمة بن شبيب النيسابوري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعبيد الله بن فضالة بن إبراهيم الشيباني، وعصمة بن إبراهيم النيسابوري، وعلي بن سلمة اللبقي، وعلي بن غنام العامري، والفضل بن يعقوب الرخامي، ومحمد ابن أسلم الطوسي، ومحمد بن رافع القشيري، ومحمد بن عبد السلام بن بشار الوراق، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن محمد بن يحيى الذهلي (ابنه)، ويعقوب بن سفيان الفارسي.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: كان ثقة وزيادة وأثنى عليه خيرًا. وقال أبو داود عن أحمد بن حنبل: خرج من خراسان رجلان، عبد الله بن المبارك ويحيى بن يحيى. وقال إسحاق بن راهويه: يحيى بن يحيى أثبت من عبد الرحمن بن مهدي. وقال في موضع آخر: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى ولا رأى يحيى مثل نفسه. وقال في موضع آخر: مات يحيى بن يحيى يوم مات وهو إمام لأهل الدنيا. وقال الحسن بن سفيان: كنا إذا رأينا رواية ليحيى بن يحيى عن يزيد بن زريع قلنا: ريحانة أهل خراسان عن ريحانة أهل العراق. وقال يحيى بن يحيى: أُخبرت عن ابن حماد بن زيد، قال: قال أبي: ما أخرجت كتابي إلى أحد إلا ليحيى بن يحيى. وقال محمد بن أسلم الطوسي: رأيت النبي ÷ في المنام، فقلت: عمن أكتب؟ قال: يحيى بن يحيى. وقد روى له الترمذي والنسائي، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: أوصى بثياب بدنه لأحمد بن حنبل، فكان أحمد يحضر الجماعات في تلك الثياب. مات في آخر صفر سنة سبع وعشرين ومائتين. وكان من سادات أهل زمانه علمًا ودينًا وفضلًا ونسكًا وإتقانًا. وقال الحاكم أبو عبد الله: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: سمعت أبا الطيب المكفوف صاحب يحيى بن يحيى يقول: ولد يحيى بن يحيى سنة اثنتين وأربعين ومائة، ومات سنة ست وعشرين ومائتين، وهو ابن أربع وثمانين سنة. وقال أيضًا قرأت بخط أبي عمرو: أملى علي محمد بن عبد الوهاب وفاة يحيى بن يحيى، فقال: مات يحيى بن يحيى ليلة الأربعاء، غرة ربيع الأول سنة ست وعشرين ومائتين. قال الحاكم: لست أعلم خلافًا بين مشايخنا في وقت الوفاة ليحيى بن يحيى على هذا النحو، فكل من خالف هذا القول فإنه يخطئ.
قال: والمكتوب على اللوح في قبره خطأ، قرأت في اللوح على قبر يحيى بن يحيى أنه مات سنة أربع وعشرين ومائتين، وسمعت أبا أحمد علي بن محمد بن المروزي يقول: سمعت محمد بن موسى الباشاني يقول: مات يحيى بن يحيى النيسابوري سنة خمس وعشرين ومائتين، وكلا القولين خطأ. وقال أيضًا: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: سمعت أبا أحمد الفراء يقول: أخبرني زكريا بن يحيى بن يحيى، قال: أوصى أبي بثياب جده لأحمد بن حنبل، فأتيته بها، فقلت: إن أبي أوصى بمتاعه لك، قال: إئت به، فأتيت بها في منديل، فنظر إليها، فقال: ليس هذا من لباسي، ثم أخذ ثوبًا واحدًا ورد الباقي. انظر في ترجمته: التاريخ الكبير (٨/٣٠، ٣١)، والتاريخ الصغير للبخاري (٢/٢٥٤)، والثقات لابن حبان (٦/٣٩١)، وثقات ابن شاهين (١٦٠٤)، والسير (١٠/٥١٢)، وتهذيب الكمال (٣٢/٣١)، وتهذيب التهذيب (١١/٢٩٦) . كتبه لنفسه: محمد بن علي بن عبد الملك بن عبد العزيز القرشي، وعرف بابن القاهري. من خط يد الخازن أبي الحسن علي المقدسي، وقابلته عليهما، وصححت وللجزء تبيض عنه. وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا.
السماعات (*) بلغ السماع لجميع هذا الجزء على الشيخ الفقيه الإمام: شرف الدين أبو محمد بن عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح القرشي، عرف بابن رواج. نحو إجازته مشافهة من الشيخ أبي الحسن علي بن عيسى بن أحمد بن مؤمن الأنصاري. قدم علينا الإسكندرية يقرأه: محمد بن علي بن عبد الملك بن عبد العزيز بن الحسن ابن علي القرشي عرف بابن القاهري، وهذا خطه: النجيب أبو القاسم علي بن أبي محمد عطاء الله بن صدقة بن يوسف عرف بابن مجيب العدل والده، وأبو عبد الله محمد وأبو الحجاج يوسف ابن الجابي محمد بن عبد العزيز القرشيان عرفا بابن الجزار، وأبو الحسين بن أبي الطاهر بن أبي الحسين القرشي، وأبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الشاطبي، وصح لهم ذلك في ليلة سفر صباحًا عن الرابع والعشرين من جمادي الأولى سنة سبع وثلاثين وستمائة بمسجده بثغر الإسكندرية حرسها الله تعالى، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. * * * _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من مقدمة الطبعة التي علق عليها أحمد فريد المزيدي
Unknown page
ربِّ يسر
الحمد لله القديم الأزلية، الدائم الألوهية، على ما خصَّ من نعمه حمدًا يؤدي شكره، ويوجب مزيده، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم أنبيائه ورسله.
هذا كتاب قصدت فيه إلى تهذيب مسائل المدونة والمختلطة خاصة دون غيرها، إذ هي أشرف ما ألف في الفقه من الدواوين، واعتمدت فيها على الإيجاز والاختصار، دون البسط والانتشار، ليكون ذلك أدعى لنشاط الدارس، وأسرع لفهمه، وعدة لتذكره.
وجعلت مسائلها على الولاء حسب ما هي في الأمهات إلا شيئًا يسيرًا ربما قدّمته أو أخّرته، واستقصيت مسائل كل كتاب فيه خلا ما تكرر من مسائله،
1 / 167
أو ذكر منها في غيره، فإني تركته مع الرسوم، وكثير من الآثار، كراهية التطويل.
وصحّحت ذلك على روايتي عن أبي بكر بن أبي عقبة عن جبلة بن حمود عن سحنون. وكان الفراغ من تأليفه سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وإلى الله تعالى أرغب في لزوم طاعته، وشكر نعمته، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم.
1 / 168
(كتاب الطهارة)
١ - قال ابن القاسم: لم يُوقِّت مالك ﵀ في الوضوء والغسل واحدة، ولا اثنتين، ولا ثلاثًا، إلا ما أُسبغ. وقد اختلفت الآثار في التوقيت [في الوضوء] .
٢ - ويمسح الرأس يبدأ بيديه من مقدم رأسه حتى يذهب بهما إلى قفاه، ثم يردهما
1 / 169
إلى المكان الذي بدأ منه، قال مالك وعبد العزيز (١): هذا أحسن ما سمعنا في مسح الرأس وأعمه عندنا. (٢)
٣ -[قال مالك]: لا يتوضأ بماء بُلّ فيه شيء من الطعام. (٣)
ولا بماء وقع فيه جلد فأقام أيامًا حتى ابتل، وإن وقع فيه جلد أو ثوب فأخرج مكانه جاز منه الوضوء. وليس قلة مقام الجلد فيه كقلة بقاء الخبز [فيه]، ولكل شيء وجه.
٤ - لا يتوضأ بشيء من الطعام والشراب، ولا من أبوال الإبل وألبانها، ولا
_________
(١) هو أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، كان فقيهًا، دارت عليه الفتوى أجازه المهدي بعشرة آلاف دينار، له كتب وكلام مصنف، في الأحكام، توفي ببغداد سنة ١٦٠هـ، في خلافة المهدي، ودُفن في مقابر قريش، وقيل ١٦٤هـ، وانظر: تاريخ بغداد (١٠/٤٣٦)، والجرح والتعديل (٥/٣٨٦) .
(٢) انظر: الخرشي على المختصر (١/١٢٠، ١٣٢)، ومواهب الجليل للحطاب (ص١٨١، ١٨٢) .
(٣) كالخبز كما في المدونة، وانظر: مواهب الجليل (١/٥٨، ٥٩) .
1 / 170
بالعسل الممزوج بالماء ولا بالنبيذ، والتيمم أحب إليّ من ذلك. وأحب إليّ أن يتمضمض من اللبن واللحم، ويغسل الغَمَر (١) إذا أراد الصلاة.
٥ - قال مالك: ولا يتوضأ بماء قد توضئ به مرة، ولا خير فيه. قال ابن القاسم: فإن لم يجد غيره فيتوضأ به أحب إليّ، إن كان الذي توضأ به أولًا طاهر [الأعضاء] ولا يُنجِّس ثوبًا أصابه.
٦ - ويجوز الوضوء بالماء يقع فيه البصاق والمخاط وشبهه، وخشاش الأرض مثل الزنبور، والعقرب، [والخنفساء، والصرار] وبنات
_________
(١) الغَمَر: الدَّسم والُّزهومة من اللحم، النهاية (٣/٣٨٥) .
1 / 171
وردان (١) وشبه ذلك. ودواب الماء مثل السرطان والضفدع إذا ماتت في طعام أو شراب لم تفسده، وإذا مُلّحت حيتان فأصيبت فيها ضفادع ميتة فلا بأس بأكلها، لأن هذا من صيد البحر (٢) . وروث ما يؤكل لحمه مما لا يصل إلى الجيف طاهر، وكل ما لا يفسد الثوب فلا يفسد الماء.
٧ - ويجوز الوضوء بسؤر (٣) الدواب. وهو وغيره سواء، وعرقها وما يخرج من أنوفها طاهر. مالك: ومن توضأ بماء ولغ فيه كلب وصلى أجزأه. وقال عنه علي: فيمن توضأ بماء ولغ فيه كلب [وصلّى
_________
(١) دُويبة نحو الخنفساء حمراء اللون، وأكثر ما تكون في الحمامات والكُنُف، الوسيط (٢/١٠٦٦) .
(٢) هذا هو المشهور في المذهب خلافًا لما نُقل عن ابن نافع وابن دينار، وما نقل عن ابن عرفة عن عبد الحق، وانظر: مواهب الجليل (١/٨٨) .
(٣) هو بقية الشيء، الوسيط (سأر) (١/٤٢٦) .
1 / 172
لا إعادة عليه، وإن علم في الوقت، قال عنه علي وابن وهب: ولا يعجبني ابتداء الوضوء به] إن كان [الماء] قليلًا، ولا بأس به في الكثير كالحوض ونحوه.
٨ - وقال ابن شهاب: ولا باس أن يتوضأ بسؤر الكلب إذا اضطر إليه.
٩ - قال مالك: وإن ولغ الكلب في لبن أو طعام أكل، ولا يغسل منه الإناء، وإن كان يغسل سبعًا للحديث (١) ففي الماء وحده، وكان [مالك] يضعفه ويقول:
_________
(١) رواه البخاري (١٧٢)، ومسلم (٢٧٩)، ومالك (٣٦) موطأ.
1 / 173
قد جاء هذا الحديث وما أدري ما حقيقته، وكان يرى الكلب كأنه من أهل البيت، ليس كغيره من السباع. قال سحنون: والهرُّ أيسر منه، لأنه مما يتخذه الناس. [قال مالك]: ولا باس بلعابه يصيب الثوب [أو الجسد] يؤكل صيده فكيف يكره لعابه؟.
١٠ -[قال مالك: والطير والدجاج والأوز المُخلاّة والسباع التي تصل إلى النتن إن شربت من طعام أو لبن أو غيره أكل، إلا أن يكون في أفواهها وقت شربها أذى فلا يؤكل. وإن شربت من إناء فيه ماء فلا يتوضأ به، لاستجازة قلوحه] .
1 / 174
١١ - وقال ابن القاسم: ويطرح ويتيمم من لم يجد سواه، ومن توضأ به وصلى ولم يعلم أعاد في الوقت، وأما إن شربت [من لبن أو أكلت] من طعام، فإنما يطرح إذا أقنت أن في افواهها أذى، يعني وقت شربها، وما لم ير من ذلك فلا بأس [به] بخلاف الماء لاستجازة طرحه، وإن كانت مقصورة أو كانت بمكان لا تصيب فيه الأذى، فسؤرها طاهر، وهي كغيرها من الحمام، ولا بأس بالخبز من سؤر الفأرة، ويغسل ما أصاب بولها. (١)
١٢ - ولا يكره استقبال القبلة واستدبارها لبول، أو لغائط، أو لمجامعة، إلا في الفلوات، فأما المدائن والقرى والمراحيض التي على السطوح فلا بأس به، وإن كانت تلي القبلة. (٢)
_________
(١) انظر: الشرح الكبير للدرديري (١/٤٣)، والمقدمات لابن رشد (١/٨٩، ٩٠)، والبيان والتحصيل (١/٣٥)، والذخيرة (١/١٨١)، (١/١٨٧)، البيان والتحصيل (١/٤٢)، المعيار المعرب (١/١٢) .
(٢) لحديث البخاري (٣٩٤)، ومسلم (٢٦٤)، وانظر: شرح السنة (١/٣٥٩)، والذخيرة للقرافي (١/٢٠٤، ٢٠٥) .
1 / 175
١٣ - ولا يُستنجى من الرِّيح، ولكن من البول والغائط، ومن [تَغَوَّط] واستنجى بالحجارة ثم توضأ ولم يغسل مخرج الأذى بالماء حتى صلى أجزأته [صلاته]، ويغسل مخرج الأذى [بالماء] لما يُستقبل. (١)
١٤ - ولا ينتقض الوضوء من مسّ شيء من البدن، إلا من [مسّ] الذكر وحده بباطن الكف، أو بباطن الأصابع، فينتقض [وضوءه]، وإن مسَّه بظاهر الكف أو الذراع لم ينتقض وضوءه، ولا ينتقض وضوء المرأة إذا مسَّت فرجها. ومن مس ذكره في غسل جنابته أعاد وضوءه إذا فرغ من غسله إلا أن يمرّ بيديه على مواضع الوضوء في غسله فيجزيه [ذلك] . (٢)
_________
(١) انظر: الذخيرة للقرافي (١/٢٠٦) .
(٢) انظر: الذخيرة (١/٢٢١، ٢٢٤) والموطأ (٦١) .
1 / 176
١٥ - ومن نام [ساجدًا أو] جالسًا أو راكبًا الخطرة ونحوها، فلا وضوء عليه. وإن استثقل نومًا وطال ذلك أعاد الوضوء. ونومه راكبًا قدر ما بين العشائين طويل، ولا وضوء على من نام محتبيًا (١) [في يوم جمعة وشبهه، لأنه لا يثبت] . قال أبو هريرة: ليس على المحتبي النائم ولا على القائم النائم وضوء.
_________
(١) هو الجالس على أليته، وضم فخذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستند، الوسيط (حبا) (١/١٦٠) .
1 / 177
١٦ - قال ابن شهاب: السنة فيمن نام راكعًا أو ساجدًا فعليه الوضوء. وقال ابن أبي سلمة: من استثقل نومًا على أي حال كان فعليه الوضوء. (١)
١٧ - ومن اعتراه مذي أو بول المرة بعد المرة لأَبْرِدَة أو علة توضأ إلا أن يستنكحه ذلك، فيستحب له الوضوء لكل صلاة [من غير إيجاب] كالمستحاضة، فإن شق عليه الوضوء لبرد أو نحوه لم يلزمه [الوضوء]، وإن خرج ذلك من المستنكح في الصلاة داراه بخرقة ومضى في صلاته، وإن لم يكن مستنكحًا قطع، وإن كثر عليه المذي لطول عزبة، أو تذكر، لزمه الوضوء لكل صلاة.
١٨ - ولا شيء على من خرج من دُبره دود، وإن خرج من فرج المرأة دم فعليها الغسل إلا أن تكون مستحاضة. (٢)
_________
(١) انظر: الشرح الكبير (١/١١٨، ١١٩)، وأثر أبي هريرة رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) (١/١٢٤)، وعبد الرزاق (١/١٢٩) .
(٢) انظر: الشرح الكبير (١/١١٦)، والذخيرة (١/٢١٢، ٢١٣) .
1 / 178
١٩ - قال عليّ عن مالك: ولا يغسل الرجل أنثييه من المذي (١) إذا توضأ إلا أن يصيبهما منه شيء، إنما عليه غسل ذكره.
قال مالك: والمذي أشد من الودي، لأن المذي يجب منه الوضوء مع غسل الفرج، والودي بمنزلة البول.
٢٠ - قال يحيى بن سعيد: ومن به باسور لا يزال يطلع منه فيرده بيده فما عليه إلا غسل يده إلا أن يكثر ذلك عليه فلا يغسلها [وكان ذلك بلاء نزل به يعذر به، بمنزلة القُرحة] . (٢)
ومن خُنق (٣) قائمًا أو قاعدًا ثم أفاق توضأ، ولا غسل عليه. ومن فَقَد عقله
_________
(١) هو ماء رقيق يخرج من مجرى البول، من إفراز غُدد معينة عند المداعبة والتقبيل من غير إرادة، الوسيط (المذي) (٢/٨٩٤) .
(٢) انظر: الوسيط (٢/٧٥١) وفيه أن القرحة: البثرة إذا دب فيها الفساد.
(٣) خنق: عصر حلقه حتى مات، الوسيط (١/٢٦٨) .
1 / 179
بإغماء أو بجنون أو سكر توضأ، وقد يتوضأ من هو أيسر شأنًا ممن ذكرنا، وهو الذي ينام ساجدًا أو مضطجعًا، لقول الله تعالى: ×إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... %، (المائدة: ٦) . قال زيد بن اسلم: يعني من النوم.
٢١ - وإذا مسّ أحد الزوجين صاحبه للذة من فوق الثوب أو [من] تحته، أو قَبَّله على غير الفم فعليه الوضوء، أنعظ (١) الرجل أم لا، [وإن مست
_________
(١) نعظ ذكره نعظًا: قام وانتصب، الوسيط (نعظ) .
1 / 180
المرأة ذكر الرجل لمداواة لغير شهوة فلا وضوء عليها]، وإن مسه لغير شهوة [لمرض به ونحوه] فلا وضوء عليه، والمفعول به ذلك إن التذ توضأ، وإلا فلا وضوء عليه. (١)
٢٢ - ومن شك في بعض وضوئه [فلم يتيقن أنه غسله]، فليغسل ما شك فيه، ولو أيقن بالوضوء ثم شك في الحدث فلم يدر أأحدث بعد الوضوء أم لا فليعد وضوءه، [بمنزلة من شك فلم يدر ثلاثًا صلى أم أربعًا فليلغ الشك] إلا أن يستنكحه ذلك كثيرًا فلا يلزمه إعادة شيء من وضوء ولا صلاة. (٢)
٢٣ - ولا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بماء أدخل يده فيه، ولا بأس بذلك
_________
(١) انظر في المسألة: الشرح الكبير (١/١٢٠)، والذخيرة (١/٢٢٧، ٢٢٨) .
(٢) انظر: الذخيرة (١/٢١٨) .
1 / 181
من الحائض والجنب، إذا لم يكن في أيديهما نجس.
٢٤ - مالك: ومن نَكَّس وضوءه وصلى أجزأته صلاته، ويعيد الوضوء أحب إليّ، وما أدري ما وجوبه وقد قال عليّ وابن مسعود: ما نبالي بدأنا بأيماننا أو بأيسارنا.
٢٥ -[ومن فرّق وضوءه أو غسله متعمدًا، أو نسي بعضه]، ومن ترك بعض
1 / 182
مفروضات الوضوء، أو [بعض] الغسل أو لمعة عمدًا حتى صلى، أعاد الوضوء والغسل والصلاة، وإن ترك ذلك سهوًا حتى تطاول غسل ذلك الموضع فقط، وأعاد الصلاة، فغن لم يغسله حين ذكره استأنف الغسل والوضوء.
٢٦ - ومن توضأ بعض وضوئه ثم عجز ماؤه فقام لطلبه فإن قرب بنى، وإن تباعد وجف وضوءه ابتدأ الوضوء، وإن ذكر في صلاته أنه لم يمسح رأسه قطع ولم يجزه مسح رأسه بما في لحيته من بلل، وليأتنف مسحه ويبتدئ الصلاة، ولا يعيد غسل رجليه [إن كان ناسيًا] وكان وضوءه قد جف. (١)
٢٧ - ومن ترك المضمضة والاستنشاق ومسح داخل أذنيه في الوضوء أو الجنابة حتى صلى أجزأته صلاته وأعاد ما ترك لما يستقبل. (٢)
_________
(١) انظر: الذخيرة (١/٢٤٧)، والمقدمات (١/٨٠) .
(٢) انظر: المقدمات لابن رشد (١/٨٠)، والخرشي على المختصر (١/١٢٧) .
1 / 183
٢٨ - وتمسح المرأة على رأسها كله كالرجل، وتمسح [على] ما استرخى من شعرها نحو الدلالين (١)، وكذلك الطويل الشعر من الرجال، وإن كان شعرها معقوصًا (٢) مسحت على ضفرها، ولا تنقض شعرها، ولا تمسح على خمارها ولا [على] غيره، فإن فعلت أعادت الوضوء والصلاة، والأذنان من الرأس ويستأنف لهما الماء، وإذا كانت على الرأس حناء فلا تمسح عليه حتى تنزعها [فتمسح على الشعر] . (٣)
٢٩ - ولا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء، ومن ذبح لم ينتقض وضوءه، وإن حلق رأسه لم يعد مسحه.
قال ابن أبي سلمة: هذا من
_________
(١) أي ضفيرتين المرأة يمينًا وشمالًا، تاج العروس (١٤/٢٤٠) .
(٢) عقصت المرأة شعرها: أخذت كل خصلة منه فلوتها، ثم عقدتها حتى يبقى فيها التواء، ثم أرسلتها، الوسيط (٢/٦٣٨) .
(٣) انظر: تنوير المقالة للتتائي (١/٥١٥)، وبلغة السالك (١/٤٣) .
1 / 184
لحن الفقه، [قال سحنون: يريد من خطأ الفقه]، وأنكر مالك قول من قال في الوضوء حتى يقطر أو يسيل، قال: وقد كان بعض من مضى يتوضأ بثلث المد، ويحرك اللحية في الوضوء، ويمر عليها بيده من غير تخليل. (١)
* * *
_________
(١) انظر: الشرح الكبير (١/٨٦)، وتنوير المقالة (١/٤٩٨) .
1 / 185