332

قلنا: سفهاء بني إسرائيل، فأما صلحاؤهم فلم يقبلوا ذلك، وقالوا: معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان، وقيل: بعض أحبارهم، ثم تبعهم العوام ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر قيل: كفروا بتعليم السحر، وقيل: كفروا ومع ذلك يعلمون السحر أيضا السحر قيل: هو الحذق والعلم. وقيل: هو تمويه يظن أنه شيء، ولا حقيقة له وما أنزل قيل: الذي أنزل، ثم اختلفوا على قولين: الأول: يعلمون السحر، وما أنزل على الملكين من ذلك، ليعلم الناس كيف هو حتى يجتنب، فيبطل التمويه على الناس أنه من جنس المعجزات، قال أبو علي: أنزلهما الله تعالى من السماء وجعلهما بهيئة الأنفس حتى يبينا للناس بطلان السحر، وقال الحسن وقتادة: أخذ عليهما ألا يعلماه حتى يقولا: إنما نحن فتنة، فلا تكفر.

الثاني: اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما أنزل على الملكين، وكذبوا في الوجهين.

وقيل: ما أنزل: أي لم ينزل السحر على الملكين؛ لأن ما ينزل عليهما ينزله الله تعالى، فالسحر لا يضاف إليه، ولهذا أضافه إليهم وكفرهم به ويعلمون يعني الشياطين دون الملكين، عن أبي مسلم. (الملكين) قيل: بكسر اللام، عن الحسن، وقال: كانا علجين أعجمين أغلفين ببابل، عن الحسن والضحاك، وقيل: كانا رجلين، عن السدي، وقيل: كانا ملكين نزلا من السماء، عن ابن عباس وعائشة، وهو اختيار أبي علي وأبي مسلم، وهو الصحيح هارون ومارون قيل: ملكان يسميان بذلك، وقيل: جبريل وميكائيل، وقيل: كان ذلك زمن إدريس (عليه السلام)؛ لأنهما إذا كانا ملكين نزلا بصورة البشر لهذه البغية، ولا بد من رسول في وقتهما ليكون ذلك معجزة له، ولا يجوز كونهما رسولين؛ لأنه ثبت أنه تعالى لا يبعث الرسول إلى الإنس إلا منهم، وذكر الأصم في ذلك وجها، فقال: (وما أنزل على الملكين). تم الكلام، ثم ابتدأ فقال: ولكن ببابل هاروت وماروت يعلمان، وهما رجلان.

ويقال: هل يصح ما روي في قصة هاروت وماورت أنهما اختيرا من الملائكة، وركب فيهما الشهوة لما عيرت الملائكة بني آدم بالعصيان، وأنزلا إلى الأرض، وتحاكم إليهما رجل وامرأته فمالا إليها، وكانت تسمى زهرة، وشربا الخمر، وقتلا رجلا رآهما وحكما لها باطلا، وسجدا للصنم، وعلما الزهرة الاسم الأعظم، فصعدت السماء فمسخت نجما، وهو الزهرة، وإن سهيلا كان، عشارا، وأنهما عذبا في بابل في بئر منكوسين يعلمان الناس السحر؟ وما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحر حتى كان لا يدري ما يقول؟

Page 523