Tahdhib Fi Tafsir

Hakim Jushami d. 494 AH
142

(المعنى)

ثم ذكر تعالى ما أمر به آدم بعد سجود الملائكة، وإباء إبليس، فقال عز وجل: وقلنا هذا نون الكبرياء والعظمة لا نون الجمع، (يا آدم اسكن) قيل: استقر واجعلها مأوى لك، واختلفوا في هذا الأمر، فقيل: إنه أمر تعبد، وقيل: هو إباحة لأنه ليس فيه مشقة، ولا يتعلق به التكليف، وقوله: وكلا إباحة، ولا تقربا - تعبد بالإيقاف - أنت وزوجك، وقيل: لما أخرج إبليس من الجنة ولعن بقي آدم في الجنة وحشا ليس معه من يسكن إليه، فنام واستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة خلقها الله من ضلعه، فسألها من أنت؟ قالت: امرأة، قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي، فقالت الملائكة: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا: ولم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي فعندها قال الله تعالى: (اسكن أنت وزوجك الجنة) وقيل: إنها خلقت قبل أن يسكن آدم الجنة ، عن ابن إسحاق، وقال ابن عباس: ظاهره يقتضي أنه كان في السماء الجنة قيل: هي جنة الخلد، عن جماعة من المفسرين، وهو قول الحسن وواصل وعمرو وأبي علي، وقيل: جنة من جنان السماء غير جنة الخلد؛ لأن جنة الخلد أكلها دائم ولا تكليف فيها، عن أبي هاشم، وقيل: جنة من جنان الدنيا في الأرض، وقوله: (اهبطوا) لا يقتضي أن يكون في السماء كقوله: (اهبطوا مصر) عن أبي مسلم، وليس بالوجه لظهور الأمر أنه كان في السماء، ولقوله: (اهبطوا)، وما ذكر مجاز فلا يقاس عليه غيره، واختلفوا: هل يجوز ابتداء الخلق في الجنة؟ فقيل: يجوز لأنه نعمة، والتكليف نعمة، فله أن يفعل أيهما شاء، عن أبي علي، وقيل: لا يجوز، عن أبي القاسم البلخي، وكلا خطاب لآدم وحواء منها من الجنة رغدا - عيشا واسعا، حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة يعني لا تقرباها بالأكل؛ لأن المخالفة حصلت بالأكل قال تعالى: (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما) واختلفوا في هذا النهي؛ فالأكثر على أنه نهي تحريم، وقال بعضهم: هو نهي تنزيه.

(هذه الشجرة) قيل: السنبلة، عن ابن عباس، وقيل: الكرمة، عن ابن مسعود، ولعله أقرب لوقوع اسم الشجرة عليه عند الإطلاق، وقيل: التينة برواية ابن جريج عن بعض الصحابة،

Page 333