Tahdhīb al-Āthār
تهذيب الآثار
Editor
محمود محمد شاكر
Publisher
مطبعة المدني
Publisher Location
القاهرة
Genres
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت فيها أحيانا ويترك القنوت فيها أحيانا فأخبر أنس عنه أنه لم يزل يقنت فيها على ما لم يزل يعهده من فعله فى ذلك بالقنوت فيها مرة وترك القنوت فيها أخرى معلما بذلك أمته أنهم مخيرون فى العمل بأى ذلك شاؤوا وعملوا به وأخبر طارق ابن أشيم أنه صلى معه فلم يره قنت وغير منكر أن يكون صلى خلفه فى بعض الأحوال التى لم يقنت فيها فى صلاته فأخبر عنه بما رأى وشاهد
وليس قول من قال لم أر النبي صلى الله عليه وسلم قنت بحجة يدفع بها قول من قال رأيته قنت ولا سيما والقنوت أمر مخير المصلى فيه وفى تركه كالذى ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمله به أحيانا وتركه إياه أحيانا تعليما منه أمته صلى الله عليه وسلم سبيل الصواب فيه
ولو كان قول من قال من أصحابه لم أر رسول الله قنت دافعا قول من قال رأيته يقنت وجب أن يكون قول من قال لم أره يرفع يديه عند الركوع وعند رفعه رأسه من الركوع دافعا قول من قال رأيته يرفع يديه عندهما
وكذلك كان يجب أن يكون كل ما حكى عنه من اختلاف كان يكون منه فى صلاته مما فعله تعليما منه أمته فى انهم مخيرون بين العمل به وتركه غير جائز العمل إلا بإحدهما
وفى إجماع الأمة على أن ذلك ليس كذلك وأن رفع اليدين فى حال الركوع وحال رفع الرأس منه فى الصلاة غير مفسد صلاة المصلى ولا تركه موجب عليه قضاء ولا بدلا منه إذ كان ذلك من العمل الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمله أحيانا فى صلاته ويتركه أحيانا
Page 388