227

Tahdhīb al-asmāʾ waʾl-lughāt

تهذيب الأسماء واللغات

وباعوه فى وادى القرى اليهودى، ثم اشتراه منه يهودى من قريظة، فقدم به المدينة، فأقام بها مدة حتى قدمها رسول الله ﷺ، فأتاه بصدقة فلم يأكل منها، ثم بعد مدة أتاه بهدية فأكل منها، ثم رأى خاتم النبوة، وكان الراهب الأخير وصف له هذه العلامات الثلاث للنبى ﷺ. قال سلمان: فرأيت الخاتم فقبلته وبكيت، فأجلسنى رسول الله ﷺ بين يديه، فحدثنى بشأنى كله.
وفاتنى معه بدر وأُحُد بسبب الرق، فقال لى: "يا سلمان، كاتب عن نفسك"، فلم أزل بصاحبى حتى كاتبته على أن أغرس له ثلاثمائة نخلة، وعلى أربعين أوقية ذهب، فقال النبى ﷺ: "أعينوا أخاكم سلمان بالنخل"، فأعانونى حتى اجتمعت لى، فقال: "فقر بها ولا تضع منها شيئًا حتى أضعه بيدى"، ففعلت، فأعاننى أصحابه حتى فرغت، فأتيته فكنت آتيه بالنخلة فيضعها ويسوى عليها التراب، فوالذى بعثه بالحق نبيًا ما ماتت منها واحدة وبقى الذهب، فجاء رجل بمثل البيضة من ذهب أصابه من بعض المعادن، فقال: ادع سلمان المسكين الفارسى المكاتب، فقال: أد هذه.
وروينا عنه قال: تداولنى بضعة عشر ربًا من رب إلى رب. وأول مشاهده مع رسول الله ﷺ الخندق، ولم يتخلف عن مشهد بعدها، وآخى رسول الله ﷺ بين أبى الدرداء وبين سلمان، ثبت ذلك فى صحيح البخارى. وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم وعلمائهم، وذوى القرب من رسول الله ﷺ، وهو الذى أشار على رسول الله ﷺ بحفر الخندق حين جاءت الأحزاب، وسكن العراق، وكان يعمل الخوص بيده فيأكل منه، وكان عطاؤه خمسة آلاف، فإذا خرج فرقه.
وكان أبو الدرداء قد سكن الشام، فكتب إلى سلمان: أما بعد، فإن الله قد رزقنى بعدك مالًا وولدًا، ونزلت الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: سلام عليك، أم بعد، فإنك كتبت إلىَّ أن الله رزقك مالًا وولدًا، فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد، ولكن الخير أن يكثر حلمك، وأن ينفعك علمك، وكتبت إلىَّ أنك بالأرض المقدسة، وأن الأرض لا تقدس أحدًا.
ونقلوا اتفاق العلماء على أن سلمان الفارسى عاش مائتين وخمسين سنة، وقيل: ثلاثمائة وخمسين سنة، وقيل: إنه أدرك وصى عيسى ابن مريم، ﵇. رُوى له عن رسول الله ﷺ

1 / 227