Tahdheeb al-Athar Musnad Ali
تهذيب الآثار مسند علي
Investigator
محمود محمد شاكر
Publisher
مطبعة المدني
Publisher Location
القاهرة
Genres
يُغَيِّرَهُ عَنْ هَيْئَتِهِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي يُعْصَى اللَّهُ بِهِ وَهُوَ بِهَا، إِلَى خِلَافِهَا مِنَ الْهَيْئَاتِ الَّتِي يَزُولُ عَنْهُ مَعَهَا الْمَعْنَى الْمَكْرُوهُ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَصْلُحُ مَعَهُ لِأَهْلِ مَعَاصِي اللَّهِ الْعِصْيَانُ بِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ عَلِيًّا بِكَسْرِ الصَّنَمِ الَّذِي كَانَتْ قُرَيْشٌ وَضَعْتُهُ فَوْقَ الْكَعْبَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّنَمَ لَا مَعْنَى فِيهِ، إِذْ كَانَ تِمْثَالًا مِنْ صُفْرٍ، أَوْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، إِلَّا كُفْرُ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ بِعِبَادَتِهِ إِيَّاهُ، وَتَعْظِيمِهِ لَهُ، وَالسُّجُودِ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلصَّنَمِ فِي ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ إِرَادَةٌ، وَلَا دُعَاءٌ إِلَيْهِ، وَلَا عِلْمٌ بِمَا يُفْعَلُ بِهِ، إِذْ كَانَ جَمَادًا لَا يَعْقِلُ، وَلَا يَفْقَهُ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا الْهَيْئَةُ الَّتِي هُيِّئَتْ، وَالصُّورَةُ الَّتِي صُوِّرَتْ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ بِهَا، وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ مِنْ أَجْلِهَا. وَالْجَوْهَرُ الَّذِي ذَلِكَ فِيهِ، لَا شَكَّ أَنَّهُ يَصْلُحُ، إِذَا غُيِّرَ عَنْهُ مَا هُوَ بِهِ مِنَ الْهَيْئَةِ الْمَكْرُوهَةِ، لَكَثِيرٍ مِنْ مَنَافِعِ بَنِي آدَمَ الْحَلَالِ غَيْرِ الْحَرَامِ. فَإِذَا كَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ ﷺ عَلِيًّا بِكَسْرِهِ وَتَغْيِيرِهِ عَنْ هَيْئَتِهِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي يُعْصَى اللَّهُ بِهِ مِنْ أَجْلِهَا، إِنَّمَا كَانَ لِمَا وَصَفْتُ، مَعَ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْتُ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا ذَكَرْتُ مِنَ الطَّنَابِيرِ وَالْعِيدَانِ وَالْمَزَامِيرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُعْصَى اللَّهُ بِاللَّهْوِ بِهَا، أَوْلَى وَأَلْزَمُ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ تَغْيِيرُهَا عَنْ هَيْئَتِهَا الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي يُعْصَى اللَّهُ بِهَا، إِذْ كَانَ فِيهَا الْأَسْبَابُ الَّتِي تُوجِبُ لِلَّاهِي بِهَا سَخَطَ اللَّهِ وَغَضَبَهُ، مِنْ تَغْيِيرِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي هِيَ أَصْنَامٌ لَا شَيْءَ فِيهَا إِلَّا مَا يُحْدِثُهُ أَهْلُ الْكُفْرِ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ
3 / 239