Tahafut
تهافت الفلاسفة
Investigator
الدكتور سليمان دنيا
Publisher
دار المعارف
Edition Number
السادسة
Publisher Location
القاهرة - مصر
واجب الوجود ما ليس له علة فاعلية وإن أريد بواجب الوجود شيء سوى موجود ليس له علة فاعلية حتى ينقطع به التسلسل، فلا نسلم أن ذلك واجب أصلًا. ومهما اتسع العقل لقبول موجود قديم لا علة لوجوده، اتسع لقبول قديم موصوف لا علة لوجوده في ذاته وفي صفاته جميعًا.
قولهم تكون الذات علة العلم
المسلك الثاني قولهم: إن العلم والقدرة فينا ليس داخلًا في ماهية ذاتنا بل هو عارض. وإذا أثبت هذه الصفات للأول لم يكن أيضًا داخلًا في ماهية ذاته بل كان عارضًا بالإضافة إليه وإن كان دائمًا له. ورب عارض لا يفارق أو يكون لازمًا لماهية ولا يصير بذلك مقومًا لذاته. وإذا كان عارضًا كان تابعًا للذات وكان الذات سببًا فيه فكان معلولًا، فكيف يكون واجب الوجود؟
قولنا لا تكون علة، بل محلًا
وهذا هو الأول مع تغيير عبارة.
فنقول: إن عنيتم بكونه تابعًا للذات وكون الذات سببًا له أن الذات علة فاعلية له وأنه مفعول للذات فليس كذلك، فإن ذلك ليس يلزم في علمنا بالإضافة إلى ذاتنا إذ ذواتنا ليست بعلة فاعلة لعلمنا. وإن عنيتم أن الذات محل وأن الصفة لا تقوم بنفسها في غير محل، فهذا مسلم فلم يمتنع هذا. فبأن يعبر عنه بالتابع أو العارض أو المعلول أو ما أراده المعبر لم يتغير المعنى إذا لم يكن المعنى سوى أنه قائم بالذات قيام الصفات بالموصوفات، ولم يستحيل أن يكون قائمًا في ذات وهو مع ذلك قديم ولا فاعل له.
فإن أريد هذا المعنى، فليعبر عنه بغير عبارة فكل أدلتهم تهويل بتقبيح العبارة بتسميته ممكنًا وجائزًا وتابعًا ولازمًا ومعلولًا، وإن ذلك مستنكر. فيقال: إن أريد بذلك أن له فاعلًا فليس كذلك. وإن لم يرد به إلا أنه لا فاعل له ولكن له محل هو قائم فيه فليعبر عن هذا المعنى بأي عبارة أريد فلا استحالة فيه.
قولهم هذا يؤدي إلى أن يكون الأول محتاجًا إلى الصفات
وربما هولوا بتقبيح العبارة من وجه آخر فقالوا: هذا يؤدي إلى أن يكون
1 / 175