[184] وليس يلفى هذا القول لاحد من القدماء وهو قول ليس يقوم عليه برهان الا ما ظنوا من ان الواحد لا يصدر عنه الا واحد وهذه القضية ليست فى الفاعلات التى هى صور فى مواد كالحال فى الفاعلات التى هى صور مجردة من المادة فانه ليس ذات العقل المعلول عندهم الا ما يعقل من مبداه ولا ههنا شيئان احدهما ذات غيره فان كان غيره فليكن كذلك فى المبدأ الاول فيلزم منه كثرة وان كان ليسه غيره ... فيه تربيع ولا تثليث بزعمهم فانه ذاته وعقله نفسه وعقله مبدأه وانه ممكن الوجود بذاته ويمكن ان يزاد انه واجب الوجود بغيره فيظهر تخميس وبهذا يظهر تعمق هؤلاء قلت الاخر معنى زائد على الذات لانه لو كان ذلك كذلك لكان مركبا والبسيط لا يكون مركبا .
[185] والفرق بين العلة والمعلول ان العلة الاولى وجودها بذاتها اعنى فى الصور المفارقة والعلة الثانية وجودها بالاضافة الى العلة الاولى لان كونها معلولة هو نفس جوهرها وليس هو معنى زائدا عليها كالحال فى المعلولات المادية مثال ذلك ان اللون هو شىء موجود بذاته فى الجسم وكونه علة للبصر هو من حيث هو مضاف والبصر ليس له وجود الا فى هذه الاضافة ولذلك كانت المجردة من الهيولى جواهر من طبيعة المضاف ولذلك اتحدت العلة والمعلول فى الصور المفارقة للمواد ولذلك كانت الصور الحسية من طبيعة المضاف كما تبين فى كتاب النفس
[186] الاعتراض الرابع ان يقال التثليث لا يكفى فى المعلول الاول فان جرم السماء الاول لزم عندهم من معنى واحد من ذات المبدأ وفيه تركيب من ثلاثة أوجه احدها انه مركب من صورة وهيولى وهكذا كل جسم عندهم فلا بد لكل واحد من مبدأ اذ الصورة تخالف الهيولى وليست كل واحدة على مذهبهم علة مستقلة للاخرى حتى يكون أحدهما بواسطة الآخر من غير علة أخرى زائدة عليها
Page 238