Tafsir wal-Bayan li-Ahkam al-Quran
التفسير والبيان لأحكام القرآن
Publisher
مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٨ هـ
Publisher Location
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
فلمَّا كنَّا قريبًا مِن عَزْوَرَاءَ، نزَلَ، ثمَّ رفَعَ يَدَيْهِ، فدَعَا اللهَ ساعةً، ثمَّ خَرَّ ساجدًا، فمكَثَ طويلًا ثمَّ قامَ، فرفَعَ يدَيْهِ ساعةً، ثمَّ خَرَّ ساجدًا - فعَلَهُ ثلاثًا - قالَ: (إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي؛ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي؛ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخِرَ؛ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي) (١).
وهذا الحديثُ لا يصحُّ؛ ففي إسنادِه موسى بنُ يعقوبَ الزَّمْعِيُّ، وشيخُهُ يحيى بنُ الحسنِ لا يُعرَفُ (٢).
ولكنْ هذا ظاهرُ فعلِ النبيِّ ﷺ حتى في صلاتِه؛ فقد صحَّ عنه: "أنَّه كَانَ أَحْيَانًا يُصَلِّي قَاعِدًا، فَإِذَا قَرُبَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ قَاِئمٌ، وَأَحْيَانًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وهُوَ قَاعِدٌ" (٣).
وهذا في صلاةٍ، وكذلك في غيرِ الصلاةِ لِمَنْ أرادَ سجودًا؛ لأنَّ السجودَ عن قيامٍ أظهرُ في التذلُّلِ والتضرُّعِ والانكسارِ؛ فيَهْوِي مِن أعلى ما تكونُ عليه قامتُهُ ورأسُهُ، إلى أسفلِ ما يكونُ عليه رأسُهُ؛ وهو أكرَمُ ما فيه.
وبعضُ السلفِ كَرِهَ سجودَ الشكرِ، ورأَوْا أنَّ الشكرَ يكونُ بصلاةٍ تامَّةٍ فقطْ؛ رُوِيَ هذا عن إبراهيمَ النَّخَعِيِّ؛ فروى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن مُغِيرةَ، عن إبراهيمَ: "أنَّه كان يَكْرَهُ سَجْدةَ الفرحِ، ويقولُ: ليس فيها ركوعٌ ولا سجودٌ" (٤).
(١) أخرجه أبو داود (٢٧٧٥) (٣/ ٨٩). (٢) "ميزان الاعتدال" (٤/ ٣٦٨). (٣) "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (٢/ ٢٦٢). (٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨٤٢١) (٢/ ٢٢٩).
1 / 77