48

Tafsir Quran

تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

Investigator

مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان

Publisher

دار ومكتبة الهلال

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ

Publisher Location

بيروت

وإيثاره، وتقديمه على غيره، ومحبته والانقياد له، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه بحسب الإمكان. والحق: هو ما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه، وما جاء به علما وعملا في باب صفات الرب سبحانه وأسمائه وتوحيده، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده، وفي حقائق الإيمان، التي هي منازل السائرين إلى الله تعالى. وكل ذلك مسلم إلى رسول الله ﷺ، دون آراء الرجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم، فكل علم أو عمل أو حقيقة، أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوته، وعليه السكة المحمدية، بحيث يكون من ضرب المدينة، فهو من الصراط المستقيم، وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال فما ثمّ خروج عن هذه الطرق الثلاث: طريق الرسول ﷺ وما جاء به، وطريق أهل الغضب، وهي طريق من عرف الحق وعانده، وطريق أهل الضلال، وهي طريق من أضله الله عنه. ولهذا قال عبد الله بن عباس وجابر ابن عبد الله ﵃: «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ: هو الإسلام» وقال عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب ﵄: «هو القرآن» وفيه حديث مرفوع في الترمذي وغيره، وقال سهل بن عبد الله: «طريق السنة والجماعة» . وقال بكر بن عبد الله المزني «١»: «طريق رسول الله ﷺ» . ولا ريب أنه ما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه علما وعملا وهو معرفة الحق وتقديمه، وإيثاره على غيره. فهو الصراط المستقيم. وكل هذه الأقوال المتقدمة دالة عليه جامعة له. بهذا الطريق المجمل يعلم أن كل ما خالفه فباطل، وهو من صراط الأمتين: الأمة الغضبية، وأمة أهل الضلال.

(١) هو أبو عبد الله بكر بن عبد الله المربي البصري الفقيه روي عن المغيرة بن شعبة وجماعة توفي سنة ست أو ثمان ومائة للهجرة.

1 / 53