317

Tafsīr al-Samʿānī

تفسير السمعاني

Editor

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

Publisher

دار الوطن

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

Publisher Location

الرياض - السعودية

﴿مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأُولَئِكَ هم المفلحون (١٠٤) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم (١٠٥) يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتم بعد﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿ولتكن مِنْكُم أمة﴾ أَي: كونُوا أمة، وَكلمَة " من " - فِيهِ - للْجِنْس، لَا للتَّبْعِيض، وَهُوَ مثل قَوْله: ﴿فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان﴾ وَالْمرَاد بِهِ الاجتناب من جنس الْأَوْثَان كلهَا لَا من بعض الْأَوْثَان، كَذَلِك قَوْله: ﴿ولتكن مِنْكُم أمة﴾ أَي: كونُوا أمة ﴿يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأُولَئِكَ هم المفلحون﴾ أَي: وَأَنْتُم المفلحون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا﴾ يَعْنِي: الْيَهُود وَالنَّصَارَى.
﴿من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم يَوْم تبيض وُجُوه﴾ يَعْنِي: وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ وصف ذَلِك الْيَوْم، فَقَالَ: ﴿يَوْم تبيض وُجُوه﴾ يَعْنِي: بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَتسود وُجُوه﴾ بالشرك. وَقيل: تبيض وُجُوه بِالسنةِ، وَتسود وُجُوه بالبدعة. وَقيل: أَرَادَ بِهِ: فِي الدُّنْيَا تبيض وُجُوه بالقناعة، وَتسود وُجُوه بالطمع. وَالْأول أصح، وَيشْهد لذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ مسفرة ضاحكة﴾ الْآيَة.
وَفِي رِوَايَة أبي أُمَامَة عَن النَّبِي " تسود وُجُوه الْخَوَارِج ". ﴿فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ﴾ أَي: يُقَال لَهُم: أكفرتم بعد إيمَانكُمْ؟ ! فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ كفرُوا بعد الْإِيمَان وَلم يَكُونُوا مُؤمنين قطّ؟ قيل أَرَادَ بِهِ إِيمَان يَوْم الْمِيثَاق، وَكَفرُوا بعده.

1 / 347