Tafsīr al-Samʿānī
تفسير السمعاني
Editor
ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم
Publisher
دار الوطن
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٨هـ- ١٩٩٧م
Publisher Location
الرياض - السعودية
﴿الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم (١٧٤) أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى وَالْعَذَاب بالمغفرة فَمَا أصبرهم على النَّار (١٧٥) ذَلِك بِأَن الله نزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَإِن الَّذين اخْتلفُوا فِي الْكتاب لفي شقَاق بعيد (١٧٦) لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم قبل الْمشرق وَالْمغْرب وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة﴾
﴿وَلَا يزكيهم﴾ أَي: لَا يطهرهم من الذُّنُوب ﴿وَلَهُم عَذَاب أَلِيم﴾ .
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى وَالْعَذَاب بالمغفرة فَمَا أصبرهم على النَّار﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: مَعْنَاهُ: أَي شَيْء صبرهم على النَّار؟ !
وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء: مَعْنَاهُ: فَمَا أجرأهم على النَّار، وَحكى الْكسَائي: أَن أعرابيين اخْتَصمَا إِلَى قَاض، فَحلف الْمُنكر، فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي: مَا أصبرك على النَّار، أَي: مَا أجرأك على النَّار.
وَقَالَ بعض النَّحْوِيين: مَعْنَاهُ: فَمَا أبقاهم فِي النَّار، يُقَال: فلَان مَا أصبره على الْحَبْس، أَي: مَا أبقاه فِي الْحَبْس، " وَمَا " للتعجب هَاهُنَا.
قَالَ الْكسَائي: التَّعَجُّب من الله بِمَعْنى: التَّعَجُّب لِلْخلقِ
﴿ذَلِك بِأَن الله نزل الْكتاب بِالْحَقِّ﴾ وهم منكرون لذَلِك.
﴿وَإِن الَّذين اخْتلفُوا فِي الْكتاب لفي شقَاق بعيد﴾ أَي: خلاف طَوِيل.
وَإِنَّمَا سمى الْخلاف: شقاقا؛ لِأَن الْمُخَالف يكون فِي شقّ، وَصَاحبه فِي شقّ آخر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم قبل الْمشرق وَالْمغْرب﴾ فالبر: كل عمل خير، يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الْجنَّة.
وَفِي مَعْنَاهُ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الْخطاب مَعَ الْمُسلمين، فَإِنَّهُم كَانُوا فِي الِابْتِدَاء يأْتونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، والصلوات إِلَى أَي جِهَة شَاءُوا.
فَقَالَ: لَيْسَ كل الْبر أَن تصلوا قبل الْمشرق وَالْمغْرب ﴿وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه﴾ فَأَمرهمْ بِسَائِر الشَّرَائِع الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة.
1 / 171