276

{ والله وليهما } فيه ثناء عليهما، إذ لم ينفذوا إليهم بل حضرا القتال وقرىء: وليهم على الجمع.

{ ولقد نصركم الله ببدر } لما أمرهم بالتوكل عليه ذكرهم بما يوجب التوكل عليه وهو ما سنى لهم وما يسر من الفتح والنصر يوم بدر وهم في حال قلة وذلة إذ كان ذلك النصر ثمرة التوكل عليه والثقة به.

{ وأنتم أذلة } في أعين أعدائكم من القلة وان كانوا أعزاء في نفوسهم والنصر ببدر هو المشهور الذي قتل فيه صناديد قريش، وعلى يوم بدر انبنى الإسلام وكان يوم الجمعة السابع عشر من رمضان الثمانية عشر شهرا من الهجرة.

{ إذ تقول للمؤمنين } الآية، ظاهر هذه الآية اتصالها بما قبلها وانها من قصة بدر هو قول الجمهور فيكون إذ معمولا لنصركم وقيل هذا من تمام قصة أحد فيكون قوله: { ولقد نصركم الله ببدر } معترضا بين الكلامين لما فيه من التحريض على التوكل والثبات للقتال وحجة هذا القول أن يوم بدر كان المدد فيه من الملائكة بألف وهنا بثلاثة آلاف والكفار يوم بدر كانوا ألفا والمسلمون على الثلث فكان عدد الكفار مقابلا لعدد الملائكة ويوم أحد كان المسلمون ألفا والكفار ثلاثة آلاف توعدوا بثلاثة آلاف من الملائكة، وقال: ويأتوكم من فورهم، أي: الأعداء ويوم بدر ذهب المسلمون إليهم، قال الزمخشري: فإن تلت كيف يصح أن يقوله لهم يوم أحد ولم تنزل فيه الملائكة؟ قلت: قاله لهم مع اشتراط الصبر والتقوى عليهم فلم يصبروا عن الغنائم ولم يتموا حيث خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك لم تنزل الملائكة ولو تموا على ما شرط عليهم لنزلت وإنما قدم الوعد بنزول الملائكة لتقوى قلوبهم ويعزموا على الثبات ويثقوا بنصر الله، " انتهى ".

وقوله: لم تنزل فيه الملائكة ليس مجمعا عليه بل قال مجاهد: حضرت فيه الملائكة ولم تقاتل، فعلى قول مجاهد يسقط السؤال، وقوله قاله لهم مع اشتراط الصبر والتقوى عليهم، فلم يصبروا عن الغنائم ولم يتقوا إلى آخره، المشرط بالصبر والتقوى هو الإمداد بخمسة آلاف أما الإمداد الأول هو بثلاثة آلاف فليس بمشروط ولا يلزم من عدم إنزال خمسة آلاف لقوات شرطة ان لا تنزل ثلاثة آلاف ولا شيء منها، قال ابن عطية: وقرأ الحسن بثلاثة آلاف يقف على الهاء وكذلك بخمسة آلاف ووجه هذه القراءة ضعيف لأن المضاف والمضاف إليه يقتضيان لاتصال إذ هما كالاسم الواحد وإنما الثاني كمال الأول، والهاء إنما هي إمارة وقف فيقلق الوقف في موضع إنما هو للاتصال قد جاء نحو هذا للعرب في مواضع فمن ذلك ما حكاه الفراء أنهم يقولون أكلت لحما شاة يريدون لحم شاة فمطلوا الفتحة حتى نشأت عنها ألف كما قالوا في الوقف قالا: يريدون، قال: ثم مطلوا الفتحة في القوا في ونحوها من مواضع الروية والتثبت. ومن ذلك في الشعر قوله:

ينباع من زفري غصوب جسرة

زيانة مثل العتيق المكرم

يريد ينبع فمطل.

ومنه قول الآخر:

أقول إذا حزت على الكلكال

Unknown page