إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات} من الآيات الشاهدة بالحق و (¬1) عليه، والكتمان يحتمل كفرانهم للآيات، لأن الكفر هو التغطية، ويحتمل [38] كتمانهم لغيرهم ما يجب إظهاره لغيرهم، {والهدى} أي الإسلام، {من بعد ما بيناه} وضحناه، لأن الحق واضح جلي سهل يسير على من طلبه، وكله خفي على من تعامى عنه، {للناس (¬2) في الكتاب} المنزل لم يدع فيه موضع إشكال، فعمدوا إلى ذلك المبين فكتموه أو حرفوه؛ {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون(159)} الذين يتأتى منهم اللعن، أي يسألون الله أن يلعنهم؛ وقيل: جميع ما خلق الله يلعنه غضبا لله، كما أن المطيع كل شيء يستغفر له رضى لله.
{إلا الذين تابوا} عن الكتمان وترك الإيمان، {وأصلحوا} ما أفسدوا من أمورهم، لأن ترك الإيمان والكتمان من الفساد في الدين، {وبينوا} وأظهروا ما كتموا، وفسروا بأصح تفسير، أو عملوا بمقتضاه، فإن ذلك من البيان، وضده الكفر؛ {فأولئك أتوب عليهم} أقبل توبتهم، {وأنا التواب} الرجاع لقلوب عبادي المنصرفة (لعله) عني إلي، {الرحيم(160)} الرحيم بهم بعد إقبالهم علي.
{إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار} الذين ماتوا على إصرارهم على الكفر {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين(161)} المراد بالناس: المؤمنون والكافرون، إذ يلعن بعضهم بعضا، لم يبق لهم خليل قط.
{خالدين فيها} في اللعنة أو في النار، إلا أنها أضمرت تفخيما لشأنها وتهويلا، {لا يخفف عنهم العذاب (¬3) ، ولا هم ينظرون(162)} أي: لا يمهلون أو لا ينتظرون ليعتذروا، أو لا ينظر إليهم نظر رحمة.
{
¬__________
(¬1) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: - «و»
(¬2) - ... في الأصل: - «للناس»، وهو خطأ.
(¬3) - ... في الأصل: - «العذاب»، وهو خطأ.
Page 83