Tafsīr al-Muwaṭṭaʾ liʾl-Qanāzaʿī
تفسير الموطأ للقنازعي
Editor
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Publisher
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
قطر
Genres
الحَدَّ لَهُ دُونَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ، فَلَمَّا كَانَ للأَبَوَيْنِ الفِصَالُ مِنَ الحَوْلَيْنِ بالإجْتِهَادِ كَانَ لَهُمَا الزِّيَادَةُ على الحَوْلَيْنِ بالإجْتِهَادِ، ولَمْ يَصْلُحْ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةَ، فَصَيَّرَ الأَغْلَبَ مِنْ قِوَامِ بَدَنِ المُرْضِعِ الطَّعَامَ دُونَ اللَّبَنِ، وقدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ" (١)، يَعْنِي: أَنَّها تَسُدُّ جُوعَ المُرْضِع، فإذا كَانَتِ الزِّيَادَةُ قَرِيبَةَ مِنَ الحَوْلَيْنِ كَانَ الحُكْمُ مَا أَرْضَعَ في تِلْكَ الزّيَادَةِ حُكمَ مَا أُرْضِعَ في الحَوْلَيْنِ.
وقالَ بَعْضُ أَهْلِ الكُوفَةِ (٢): يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ على الحَوْلَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَيَكُونَ حُكْمُ مَا أُرْضِعَ في هَذِه الزِّيَادَةِ على الحَوْلَيْنِ حُكْمَ مَا أُرْضِعَ في الحَوْلَيْنِ، والذِي قَالَهُ مَالِكٌ عليهِ أَهْلُ المَدِينَةِ.
* قَوْلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ﵁: لا رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ، وأَمَرَ الرَّجُلَ الذِي أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ جَارِيتَهُ طَمَعَا مِنْها أَنْ تَصِيرَ لَهَا [ابنَتَها] (٣) فَتُحَرِّمَها بِذَلِكَ على زَوْجِهَا، فأَمَرَ بِضَرْبِ زَوْجَتِهِ، لِزَعْمِهَا أَنَّها تُحَرِّمُ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللهُ ﵎، ولَا رَسُولُهُ ﵇[٢٢٤٨].
وقَدْ ظَنَّ أَبو مُوسَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ في الكِبَرِ تُحَرِّمُ، فَاَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ، وقَالَ: (لَا رَضَاعَةَ إلَّا مَا كَانَ فِي الحَوْلَيْنِ)، ومَا كَانَ مِنْهَا في حَالِ الكِبَرِ، فَلَا يَقَعُ بهِ التَّحْرِيمُ [٢٢٤٩].
* وقالَ أَزْوَاجُ النبيِّ ﷺ في رَضَاعِ سَهْلَةَ بنتِ سُهَيْلِ سَالِمًا حِينَ أَمَرَهَا النبيُّ ﷺ بِذَلِكَ فَفَعَلَتْهُ، فَكَانَتْ تَرَاهُ ابنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فإنَّ هذَا خَاصٌّ، ورُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ في رَضَاعِ سَالِمٍ وَحْدَهُ في حَالِ كِبَرِه، وعَلَى هذَا ثَبَتَ [عَنْ] (٤) أَزْوَاجِ النبيِّ ﷺ أَنَّ الرَّضَاعَةِ التِّي تُحَرِّمُ إنَّما تَكُونُ في حَالِ الصّغَرِ [٢٢٤٧].
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: كَانَتِ العَرَبُ تَقُولُ: مَنْ وَطِءَ امْرَأتَهُ وَهِي تُرْضِعُ في
(١) رواه البخاري (٢٥٠٤)، ومسلم (١٤٥٥)، من حديث عائشة.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٤/ ٦، وحاشية ابن عابدين ٣/ ٢١١.
(٣) ما بين المعقوفتين لم يظهر في الأصل، ووضعت ما رأيته مناسبا للسياق.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق.
1 / 396