Tafsīr al-Muwaṭṭaʾ liʾl-Qanāzaʿī
تفسير الموطأ للقنازعي
Editor
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Publisher
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
قطر
Genres
بَيْنَ الأَوَاخِرِ والأَوَائِلِ، ولَوْ كَانَ الاخْتِيَارُ على التَّرْتِيبِ الأُولَى فالأُولَى لَزَالَ مَعْنَى الإخْتيَارِ الذي أَمَرَهُ بهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
* قَالَ عِيسَى: إنَّمَا قِيلَ لِثَابِتٍ الأَحْنَفُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ مِعْوَجَّ السَّاقَيْنِ، ولَمْ يَرَ عَلَيْهِ ابنُ عُمَرَ طَلاَقًا [٢١٨١]، لأنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مُكْرَهًا حِينَ خَشِيَ على نَفْسِهِ الضَّرْبَ، ولَمْ يَكُنْ له قَصْدٌ إلى الطَّلَاقِ بِنِيَّةٍ ولا إرَادَةٍ، وكَذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ مُكْرَهٍ على الطَلاَقِ لا يَلْزَمُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الكُفْرَ مَنْ أُكْرِه عَلَيْهِ، والسَّكْرَانُ بخِلاَفِ ذَلِكَ، يُنْفَذُ عَلَيْهِ طَلاَقُهُ، ويَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وتَلْزَمُهُ جَمِيعُ الأَحْكَامِ، وذَلِكَ أَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ على نَفْسِهِ، والقَلَمُ جَارٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِخِلاَفِ المَغْلُوبِ على عَقْلِهِ.
وقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إلَّا مَا بَاعَهُ مِنْ عُرُوضِهِ في حَالِ سُكْرِه، فَادَّعَى حِينَ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ مَا بَاعَ، ويَتَبَيَّنُ قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ منْ ذَلِكَ، فَبَيْعُهُ يُنْقَضُ، ويُحَدُّ ثَمَانِينَ لِشُربِ الخَمْرِ.
* ورَوَى يحيى عَنْ مَالِكٍ في قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: (يا أَيُّها النبيُّ إذا طَلَّقْتُم النِّسَاءَ فَطَلِقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ) قالَ يحيى: قالَ مَالِكٌ: يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأتَهُ في كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً [٢١٨٢] (١).
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَرْوِ عَنْ مَالِكٍ هذَا التَّفْسِيرَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إلَّا يحيى بنُ يحيى.
قالَ ابنُ أَبِي زيدٍ: كَانَ أَشْهَبُ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأتَهُ في كُلِّ طُهْرٍ مَرَّة مَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا في خِلاَلِ ذَلِكَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُطَلَّقَهَا ثَانِيَةً، فَلَا يَسَعْهُ ذَلِكَ، لأنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُطَوِّلَ علَيْهَا العِدَّةَ، فإذا لَمْ يَرْتَجِعْهَا فلَا بَأْسَ أَنْ يُطَلِّقَهَا في كُلِّ طُهْرٍ مَرَّة.
وأَنْكَرَ هذَا غَيْرُ أَشْهَبَ وقَالَ: إذا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ في كُلِّ طُهْرٍ مَرَّة، وَقَعَ
(١) قال ابن عبد البر في التمهيد ١٥/ ٧٤: أي لإستقبال عدتهن، وإذا طلق في طهر لم تمس فيه فهي مستقبلة عدتها من يومئذ.
1 / 389