Tafsīr al-Muwaṭṭaʾ liʾl-Qanāzaʿī
تفسير الموطأ للقنازعي
Editor
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Publisher
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
قطر
Genres
* وحَدِيثُ عَائِشَةَ: (فُرِضَت الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ في الحَضَرِ والسَّفَرِ) إلى آخِرِ الحَدِيثِ، قالَ أبو عُمَرَ: هَذا الحَدِيثِ عِلَّتُهُ بَيِّنَةٌ، وَهِي مُخَالَفِةٌ لَهُ، وذَلِكَ أنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلَاةَ في السَّفَرِ، والصَّاحِبُ إذا روَى حَدِيثًا عَنِ النبيِّ ﷺ وخَالَفَهُ بِعَمَلِه كَانتْ [عِلَّةً] (١) في الحَدِيثِ تُوجِبُ التَّوقُّفَ عنهُ، والذي ثَبَتَ مِنْ هذَا أنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ على النبيِّ ﷺ مِنْ أَوَّلِ مَا فُرِضَتْ بِتَمَامِهَا، ثُمَّ قُصِرَتْ بعدَ ذَلِكَ في السَّفَرِ، لِحَالَةِ التَّعَبِ فيهِ، كمَا رُخِّصَ للمُسَافِرِ في الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ لِحَالَةِ مَشَقَّةِ الصِّيَامِ.
وقالَ غَيْرُ أَبي مُحَمَّدٍ: يَحْتَمِلُ قَوْلُ عَائِشَةَ: (فُرِضَت الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في السَّفَرِ والحَضَرِ) أنَّهَا أَرَادَت الصَّلاَةُ التي كَانُوا يُصَلُّونَها بمكَّةَ قَبْلَ لَيْلَةِ الإسْرَاءِ رَكْعَتَيْنِ غُدْوَةً ورَكْعَتَيْنِ عَشيَّةً، وذَكَرَها في القُرْآنِ في قَوْلهِ ﵎: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ (٢) [طه: ١٣٠] فَيَحْتَمِلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ أنَّهَا أَرَادتْ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ، واللهُ أعلمُ.
وتَأَوَّلَ النَّاسُ في تَمَامِ عُثْمَانَ بنِ عفَّانَ للصَّلاَةِ في السَّفَرِ، وإتْمَام عَائِشَةَ تَأوِيلاَتٍ، فَقِيلَ في عُثْمَانَ أنَّهُ إنَّما أَتَمَّهَا لأنَّهُ قالَ: (أَنَا خَلِيفَةٌ، فَحَيْثُ مَا كُنْتُ فأَنا في عَمَلِي) (٣) كأنَّهُ مُقِيمٌ في أَهْلِهِ، وقِيلَ: إنَّمَا أَتَمَّهَا بِمِنَى وعَرَفةَ مِنْ أَجْلِ الأَعْرَاب الذينَ يُشَاهِدُوا مَعَهُ المَوْسِمَ، فأرَادَ أنْ يُرِيهِم أنَّ الصَّلاةَ أَربَعُ رَكَعَاتٍ، [وَقِيلَ] (٤): إنَّما أَتَمَّهَا حِينَئِذٍ لأنَّهُ كَانَ اتَّخَذَ أَهْلًا بالطَّائِفِ، فكَأَنَّهُ كَان مُقِيمًَا بِمَكَّةَ ومَا جَاوَرَهَا.
والذي تَأَوَّلَتْ في ذَلِكَ عَائِشَةُ أنَّهَا أُمُّ المُؤْمِنِينَ، فَحَيْثُ مَا كَانَتْ فَهِي مُقِيمَةٌ مَعَ وَلَدِهَا.
(١) في الأصل: (علته)، وهو مخالف للسياق.
(٢) في الأصل (فسبح) يعني بالفاء، وهو خطأ ظاهر.
(٣) نقله ابن عبد البر في الإستذكار ٢/ ٥٠٦.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس واضحا في الأصل، ووضعته مراعاة للسياق.
1 / 194