الصَّلاَةَ ولم يَتَنَفَّلُوا واسْتَمَعُوا الخُطْبَةَ إذا خَطَبَ، فكَذَلِكَ يَلْزَمُ كُلُّ مَنْ جَاءَ والإمَامُ يَخْطُبُ أَنْ يَجْلِسَ يَسْتَمِعُ.
قالَ عِيسى: ليسَ العَمَلُ على تَحْصِيبِ مَنْ تَكَلَّمَ والإمَامُ يَخْطُبُ، مِنْ أَجْلِ أنَّهُ
قدْ نُهِيَ عَنِ التَّحْصِيبِ، ولا بأسَ بالإشَارَةِ إلى المُتَكلّمِ بالسُّكُوتِ.
* قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الجُمُعَةِ أَضَافَ إليها أخْرَى" وهذا قَوْلُ أَهْلِ المَدِينَةِ، بِخِلاَفِ مَا يُرْوَى عَنْ عَطَاءٍ أنَّهُ قَالَ: (مَنْ فَاتَتْهُ الخُطْبَةُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أنَّهُ لا جُمُعَةَ لَهُ، وأنَّهُ يُصَلِّيها أَرْبَعْ رَكَعَاتٍ) (١)، وبِخِلاَفِ مَنْ يَقُولُ: (إنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ يومَ الجُمُعَةِ مَعَ الإمَامِ أنَّهُ يأتِي بِرَكْعَتَيْنِ)، وتَأوَّلَ في ذَلِكَ قَوْلُهُ - عليهِ السَّلاَمُ -: "مَا أَدْرَكْتُم فَصُلُّوا، ومَا فَاتَكُم فَأتِمُّوا" فيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ كمَا فَاتَتا، والثَّابِتُ عندَ أَهْلِ المَدِينةِ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فقدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ".
قالَ مَالِكٌ: مَنْ أَصَابَهُ حَدَثٌ يومَ الجُمُعَةِ فَلْيَخْرُجْ ولَيَتَوضَّأْ، وليسَ عليه اسْتِئْذَانُ الإمَامِ، وتَأوَّلَ قَوْلَ اللهِ ﵎: ﴿وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ [النور: ٦٢] إنَّما كَانَ هذا في حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ لا في الجُمُعَةِ، وذَلِكَ أنَّ في ذَهَابِهم عنهُ في الحُرُوبِ تَوْهِينٌ للمُسْلِمينَ، فإذا أَذِنَ لَهُم في الذِّهَابِ لم يَكُنْ عليهِم في ذَلِكَ حَرَجٌ.
وتَأوَّلَ غيرُ مَالِكٍ الآيةَ على الجُمْلَةِ، فقالَ: مَنْ أَصَابَهُ حَدَثٌ يومَ الجُمُعَةِ والإمَامُ يَخْطُبُ لم يَخْرُجْ حتَّى يَسْتَأذِنَ الإمامَ، وفي هذا حَرَجٌ عَظِيمٌ، لأنَّهُ رُبَّما أَحْدَثَ الدَّاخِلُ قبلَ أنْ يَصِلَ إلى الإمَامِ.
قالَ عِيسى عَنِ ابنِ القَاسِمِ، أنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى الجُمُعَةَ في دَارٍ مَحْجُوزَةً عَلَيْها
فَلْيُعِدْ ظُهْرًَا أَرْبَعًا (٢).