ومنها : أنه من وحي الثقافة الذاتية المكتسبة بالقراءة والكتابة ، وذلك هو قوله تعالى : ( وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) [العنكبوت : 48].
ومنها : اعتبار القصص القرآني من أساطير الأولين اكتتبها النبي فهي تملى عليه بكرة وأصيلا. وذلك قوله تعالى : ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) [الفرقان : 5].
وقد أثار القرآن قضية المصدر الإلهي للقرآن ، من خلال الدعوة إلى التدبر فيه لاكتشاف الوحدة الفكرية التي تربط بين كل آياته على الرغم من اختلاف موضوعاته ، وتباعد أزمان نزوله ، وذلك هو قوله : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله (1) لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) [النساء : 82].
كما عالجها من ناحية أخرى ، فركز على الدعوة إلى دراسة تاريخ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قبل الدعوة ، وخلوه من أية إشارة إلى ما استقبل به الناس من القرآن والدعوة والعمل ، مقارنا بتاريخه بعد الدعوة ، على أساس أن أية فكرة يهجس بها الإنسان أو يعمل على إثارتها في حياته وحياة الآخرين ، لا بد من أن تظهر على فلتات لسانه أو تصرفاته العملية ، لأن الإنسان لا يستطيع أن ينفصل عن شخصيته الفكرية والروحية مهما جاهد في إخفاء ملامحها ونوازعها وأطماعها ، ولا سيما إذا كانت القضية في حجم الرسالة الإسلامية وتطلعاتها المستقبلية ، مما يصعب على الشخص أن يبتعد عن تأثيراته في حياته العملية وذلك في قوله تعالى : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ) [الشورى : 52]. ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ) [يونس : 16].
وقد نستطيع الحديث عن صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رسالته ، وفي قرآنه ، من
Page 183