Tafsir Majmac Bayan

Ibn Hasan Tabarsi d. 548 AH
78

Tafsir Majmac Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

(1) - مزيدة ومعناها التوكيد كما في قوله «فبما رحمة من الله لنت لهم» وتقديره أن الله لا يستحي أن يضرب بعوضة مثلا أو مثلا بعوضة فيكون بعوضة مفعولا ثانيا ليضرب (وثانيها) أن يكون ما نكرة مفسرة ببعوضة كما يكون نكرة موصوفة في قوله تعالى: «هذا ما لدي عتيد» فيكون تقديره لا يستحيي أن يضرب مثلا شيئا من الأشياء بعوضة فتكون بعوضة بدلا من شيئا (وثالثها) ما يحكى عن الفراء أن معناه ما بين بعوضة إلى ما فوقها كما يقال مطرنا ما زبالة إلى التعلبية وله عشرون ما ناقة فجملا وهي أحسن الناس ما قرنا فقدما يعنون ما بين في جميع ذلك والاختيار عند البصريين الوجه الأول وإنما اختير هذا الوجه لأن ضرب هاهنا بمعنى جعل فجاز أن يتعدى إلى مفعولين ويدخل على المبتدأ والخبر وفي التنزيل ما يدل عليه وهو قوله تعالى: «إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء» فمثل الحياة مبتدأ وكماء خبره وفي موضع آخر واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء فدخل اضرب على المبتدأ والخبر فصار بمنزلة قولك ظننت زيدا كعمرو ويجوز في الإعراب الرفع في بعوضة وإن لم تجز القراءة به وفيه وجهان (أحدهما) أن يكون خبرا لمبتدء محذوف في صلة ما فكأنه قال الذي هو بعوضة كقراءة من قرأ تماما على الذي أحسن بالرفع وهذا عند سيبويه ضعيف وهو في الذي أقوى لأن الذي أطول وليس للذي مذهب غير الأسماء. (والثاني) على الجواب كأنه لما قيل «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما» قيل ما هو فقيل «بعوضة» أي بعوضة كما تقول مررت برجل زيد أي هو زيد فتكون ما على هذا الوجه نكرة مجردة من الصفة والصلة وقوله «فأما الذين آمنوا» لغة العرب جميعا بالتشديد وكثير من بني تميم يقولون أيما فلان فيفعل كذا وأنشد بعضهم:

مبتلة هيفاء أيما وشاحها # فيجري وأيما الحجل منها فلا يجري

وهي كلمة تجيء في شيئين أو أشياء يفصل القول بينهما كقولك أما زيد فمحسن وأما عمرو فمسيء فزيد مبتدأ ومحسن خبره وفيها معنى الشرط والجزاء وتقديره مهما يكن من شيء فزيد محسن ثم أقيم أما مقام الشرط فيحصل أما فزيد محسن ثم أخر الفاء إلى الخبر لإصلاح اللفظ ولكراهة أن تقع الفاء التي للتعقيب في أول الكلام فقوله «الذين آمنوا» على هذا يكون مبتدأ ويعلمون خبره وكذلك «الذين كفروا» مبتدأ ويقولون خبره وقوله «ما ذا أراد الله بهذا مثلا» ما استفهام وهو اسم في موضع الرفع بالابتداء وذا بمعنى الذي وصلته ما بعده وهو في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ تقديره أي شيء الذي أراد

Page 164