Tafsir Majmac Bayan

Ibn Hasan Tabarsi d. 548 AH
105

Tafsir Majmac Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

(1) - وقد قال الله تعالى: «وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا» لأنهم قالوا الملائكة بنات الله وأجابوا عن الثاني وهو قوله تعالى: «لا يعصون الله ما أمرهم» الآية بأنه صفة لخزنة النيران لا لجميع الملائكة فلا يوجب عصمة لغيرهم من الملائكة وأجابوا عن الثالث بأنه يجوز أن يكون الله تعالى ركب في إبليس شهوة النكاح تغليظا عليه في التكليف وإن لم يكن ذلك في باقي الملائكة ويجوز أن يكون الله تعالى لما أهبطه إلى الأرض تغيرت حاله عن حال الملائكة قالوا وأما قولكم أن الملائكة خلقوا من الريح وهو مخلوق من النار فإن الحسن قال خلقوا من النور والنار والنور سواء وقولكم إن الجن يطعمون ويشربون فقد جاء عن العرب ما يدل على أنهم لا يطعمون ولا يشربون أنشد ابن دريد قال أنشد أبو حاتم :

ونار قد حضأت بعيد وهن # بدار ما أريد بها مقاما

سوى ترحيل راحلة وعين # أكالئها مخافة أن تناما

أتوا ناري فقلت منون أنتم # فقالوا الجن قلت عموا ظلاما

فقلت إلى الطعام فقال منهم # زعيم نحسد الإنس الطعاما

لقد فضلتم بالأكل فينا # ولكن ذاك يعقبكم سقاما

فهذا يدل على أنهم لا يأكلون ولا يشربون لأنهم روحانيون وقد جاء في الأخبار النهي عن التمسح بالعظم والروث لأن ذلك طعام الجن وطعام دوابهم وقد قيل أنهم يتشممون ذلك ولا يأكلونه وأجابوا عن الرابع وهو قوله: «جاعل الملائكة رسلا» بأن هذه الآية معارضة بقوله تعالى: «الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس» لأن من للتبعيض وكلا القولين مروي عن ابن عباس وروي عنه أنه قال أن الملائكة كانت تقاتل الجن فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها بالأمر بالسجود لآدم فسجدوا وأبى إبليس فلذلك قال الله تعالى: «إلا إبليس كان من الجن» وروى مجاهد وطاووس عنه أيضا أنه قال كان إبليس قبل أن يرتكب المعصية ملكا من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان الأرض وكان سكان الأرض من الملائكة يسمون الجن ولم يكن من الملائكة أشد اجتهادا ولا أكثر علما منه فلما تكبر على الله وأبى السجود لآدم وعصاه لعنه وجعله شيطانا وسماه إبليس وأما قوله تعالى: «وكان من الكافرين» قيل معناه كان كافرا في الأصل وهذا القول يوافق مذهبنا في الموافاة وقيل أراد كان في علم الله تعالى من الكافرين وقيل معناه صار من الكافرين كقوله تعالى: «فكان من المغرقين» واستدل بعضهم بهذه الآية على أن أفعال الجوارح من الإيمان فقال لو لم يكن كذلك لوجب أن يكون إبليس

Page 191