[النساء: 12].
قرأ الحسن وأبو عمرو وابن عامر والأصم والأعمش وحمزة وحفص: (وصية) بالنصب على معنى: فلتوصوا وصية. وقرأ الباقون بالرفع على معنى: لأزواجهن وصية، أو كتب عليهم وصية.
وقوله: { متاعا } نصب على المصدر؛ أي متعوهن متاعا، وقيل: جعل الله ذلك لهم متاعا؛ وقيل: نصب على الحال. وقوله: { إلى الحول } أي متعوهن بالنفقة والسكنى والكسوة وما يحتاج إليه حولا كاملا. قوله تعالى: { غير إخراج } أي لا تخرجوهن من بيوت أزواجهن.
وإنما انتصب { غير } لأنه صفة للمتاع، وقيل: على الحال، وقيل: بنزع الخافض؛ أي من غير إخراج، وقيل: على معنى: لا إخراجا، كما يقال: أتيتك غير رغبة إليك.
قوله عز وجل: { فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف }؛ أي فإن خرجن من قبل أنفسهن قبل مضي الحول غير إخراج الورثة { فلا جناح عليكم } يا أولياء الميت { في ما فعلن في أنفسهن } من النشوز والتزين والتزوج بالمعروف إذا لم تكن المرأة حبلى من الميت. وقيل: معناه: { فإن خرجن } بعد انقضاء عدتهن، { فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن }.
وفي معنى رفع الجناح عن الرجال بفعل النساء وجهان؛ أحدهما: لا جناح عليكم في قطع النفقة إذا خرجن قبل تمام الحول. والثاني: لا جناح عليكم في ترك منعهن من الخروج؛ لأن مقامها حولا في بيت زوجها غير واجب عليها؛ خيرها الله تعالى في ذلك إلى أن نسخت بأربعة أشهر وعشر؛ لأن ذلك لو كان واجبا عليها لكان واجبا على أولياء الزوج منعها من ذلك.
وقوله تعالى: { غير إخراج } يتضمن معنيين؛ أحدهما: وجوب السكنى في مال الزوج؛ وقد نسخ ذلك. والثاني: حظر الخروج والإخراج؛ وهو لزوم اللبث في البيت إلى انقضاء عدتها أربعة أشهر وعشرا؛ وذلك باق لم ينسخ، ولا يجوز لها أن تبيت بالليالي في غير منزلها، ولا يجوز لها أن تتزين؛ لأن
" امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها؛ أفتكحلها؟ فرخص لها ثم قال صلى الله عليه وسلم: " كانت إحداكن تجلس في أحلاس بيتها حولا لا تخرج حتى إذا مر بها كلب خرجت ورمته ببعرة، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " ".
عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمسته ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا "
Unknown page