[يوسف: 20] فاقتضى الظاهر أن المعدودات أقل من المعلومات؛ ويحتمل أن يكون معنى
على ما رزقهم من بهيمة الأنعام
[الحج: 28] لما رزقهم كما قال الله تعالى:
ولتكبروا الله على ما هداكم
[البقرة: 185] أي لما هداكم، فكأن الله تعالى أراد بالمعلومات أيام العشر؛ لأن فيها يوم النحر وفيه الذبح، ويكون ذلك اليوم بتكرار سنين عليه أياما.
وأما الذكر المذكور في هذه الآية فهو الذكر عند رمي الجمار في أيام التشريق. وقال بعضهم: هو التكبير في إدبار صلاة العصر في هذه الأيام؛ يكبر من صلاة الغداة من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر آيام التشريق عند جماعة من الفقهاء. والتأويل الأول أصح وأقرب إلى ظاهر القرآن؛ لأن الله تعالى عقب الذكر في هذه الآية بقوله: { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } أي من تعجل الرجوع إلى أهله فلا إثم عليه في ترك الرمي في اليوم الثالث؛ { ومن تأخر }؛ إلى آخر النفر وأقام هنالك في اليوم الثالث، { فلا إثم عليه }.
قوله تعالى: { لمن اتقى }؛ أي لمن اتقى الإثم والفسوق والتفريط في حقوق الحج كلها. وأما من لم يتق فغير موعود له الثواب. وقال ابن عمر وابن عباس وعطاء وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك والنخعي والسدي: (معنى الآية: فمن تعجل في يومين من أيام التشريق فنفر في اليوم الثاني من أيام التشريق؛ فلا إثم عليه في تعجيله، ومن تأخر عن النفر في الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى ينفر في اليوم الثالث؛ فلا إثم عليه في التأخير، فإن لم ينفر في اليوم الثاني وأقام حتى تغرب الشمس؛ فليقم إلى الغد من اليوم الثالث فيرمي الجمار ثم ينفر مع الناس).
وقال بعضهم: معنى الآية: فمن تعجل في يومين فهو مغفور له لا إثم عليه ولا ذنب، ومن تأخر فكذلك، وهو قول علي بن أبي طالب وأبي الدرداء وابن مسعود والشعبي. قال معاوية بن قرة: (خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه). وقال يحيى بن إسحاق: سألت مجاهدا عن ذلك فقال: (معناه: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه إلى قابل، ومن تأخر فلا إثم عليه أيضا إلى قابل).
وقوله تعالى: { لمن اتقى }؛ قال الكلبي: (معناه: لمن اتقى قتل الصيد، فإنه لا يحل له أن يقتل صيدا حتى يخلف أيام التشريق). وقال قتادة: (معناه: لمن اتقى أن يصيب في حجته شيئا مما نهى الله عنه). وقال أبو العالية: (معناه: فلا إثم عليه لمن اتقى الله فيما بقي من عمره). وكان ابن مسعود يقول: (إنما جعل مغفرة للذنوب لمن اتقى الله في حجه). قال ابن جريج: (وهي في مصحف عبدالله: فلا إثم عليه لمن اتقى الله). وعن ابن عباس: (معناه: لمن اتقى عبادة الأوثان ومعاصي الله). فإن قيل كيف قال الله تعالى: { ومن تأخر فلا إثم عليه }؛ ومعلوم أن من تأخر إنما تأخر لإقامة واجب، فلا يليق بحاله أن يقال: فلا إثم عليه، بل يليق أن يقال: ومن تأخر كان أعظم لأجره؟ قيل: هذا على مزاوجة الكلام.
وقيل: إن رمي الجمار لا يجوز أن يكون تطوعا؛ إذ المتنفل به يكون غائبا؛ فلما قال الله تعالى: { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } أوهم ذلك كون الرمي في ذلك اليوم الثالث تطوعا؛ لأن هذا تخيير بين فعله وتركه، فقال تعالى: { ومن تأخر فلا إثم عليه } ليبين أن هذا واجب خير بين فعله.
Unknown page