قوله تعالى: { والذين آمنوا أشد حبا لله }؛ أي يخلصون في محبة الله لا يشركون به غيره؛ وهم يشركون معه معبوداتهم. وقيل: إن المؤمنين يعبدون الله في كل حال؛ والكفار يعبدون الأوثان في الرخاء فإذا أصابتهم شدة تركوا عبادتها. وقال ابن عباس: (معناه أثبت وأدوم، وذلك أن المشركين كانوا يعبدون صنما فإذا رأوا شيئا أحسن منه تركوه وأقبلوا على عبادة الأحسن). وقال قتادة: (إن الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ويقبل على الله تعالى كما قال تعالى:
فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين
[العنكبوت: 65] والمؤمن لا يعرض عن الله تعالى في السراء والضراء والشدة والرخاء). وقيل: لأن الكفار يرون معبودهم مصنوعهم؛ والمؤمنون يرون الله تعالى صانعهم.
قوله تعالى: { ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب }. قرأ أبو رجاء والحسن وشيبة ونافع وقتادة ويعقوب وأيوب: (ولو ترى) بالتاء على أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. والجواب محذوف تقديره: ولو ترى يا محمد { الذين ظلموا } أي أشركوا { إذ يرون العذاب } لرأيت أمرا عظيما؛ ولعلمت ما يصيرون إليه، أو تعجبت منه. وقرأ الباقون بالياء؛ فمعناه: { ولو يرى الذين ظلموا } أنفسهم عند رؤية العذاب لعلموا، { أن القوة لله جميعا }؛ أو لآمنوا أو لعلموا مضرة الكفر. نظيره هذه الآية في المحذوف:
ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض
[الرعد: 31] أي لكان هذا القرآن.
وقوله تعالى: { إذ يرون العذاب } قرأ ابن عامر: (إذ يرون العذاب) بضم الياء على التعدي. وقرأ الباقون بفتحه على اللزوم. وقيل: معنى الآية: ولو يرى عبدة الأوثان اليوم ما يرون حين رؤية شدة عذاب الله وقوته لتركوا عبادة الأوثان ومحبتها. وهذا التأويل على قراءة الياء. وقوله: { أن القوة لله جميعا } أي لأن القوة لله جميعا؛ { وأن الله شديد العذاب }؛ للرؤساء والأتباع من عبدة الأوثان.
وقرأ الحسن وقتادة وشيبة وسلام ويعقوب: (إن القوة لله جميعا وإن الله) بالكسر فيهما على الاستئناف. والكلام تام عند قوله: { يرون العذاب } مع إضمار الجواب؛ كما ذكرنا. وقرأ الباقون بفتحها على معنى بأن القوة لله جميعا معطوف على ما قبل. وقيل: على معنى لرأوا أن القوة لله جميعا، أو لأيقنوا.
[2.166]
قوله تعالى: { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا } ، متصل بقوله:
Unknown page