Tafsīr Ibn Kathīr
تفسير ابن كثير
Editor
سامي بن محمد السلامة
Publisher
دار طيبة للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
1420 AH
Genres
Tafsīr
حَرْفٍ وواحدٌ وَعِشْرُونَ ألفَ حَرْفٍ ومائَةٌ وثمانونَ حَرْفًا.
وَقَالَ الْفَضْلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ حَرْفٍ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا.
وَقَالَ سَلام أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ جَمَعَ الْقُرَّاءَ وَالْحُفَّاظَ والكُتَّاب فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنِ الْقُرْآنِ كُلِّه كَمْ مِنْ حرفٍ هُوَ؟ قَالَ: فَحَسَبْنَاهُ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ ثلاثُمائة ألفِ حَرْف وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَسَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ حَرْفًا. قَالَ: فَأَخْبِرُونِي عَنْ نِصْفِهِ. فَإِذَا هُوَ إِلَى الْفَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكَهْفِ: ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ [الْكَهْفِ: ١٩]، وثُلثه الْأَوَّلُ عِنْدَ رَأْسِ مِائَةِ آيَةٍ مِنْ بَرَاءَةٌ، وَالثَّانِي عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ أَوْ إِحْدَى وَمِائَةٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَالثَّالِثُ إِلَى آخِرِهِ. وسُبُعُه الْأَوَّلُ إِلَى الدَّالِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾ [النِّسَاءِ: ٥٥] . والسُّبُع الثَّانِي إِلَى الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأَعْرَافِ: ﴿حَبِطَتْ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٤٧]، وَالثَّالِثُ إِلَى الْأَلِفِ الثَّانِيَةِ مِنْ: ﴿أُكُلَهَا﴾ فِي الرَّعْدِ [الرَّعْدِ: ٣٥]، وَالرَّابِعُ إِلَى الْأَلِفِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَجِّ: ﴿جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ [الْحَجِّ: ٦٧]، وَالْخَامِسُ إِلَى الْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأَحْزَابِ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ﴾ [الْأَحْزَابِ: ٣٦]، وَالسَّادِسُ إِلَى الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ [الْفَتْحِ: ٦]، وَالسَّابِعُ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ. قَالَ سَلَّامٌ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَمِلْنَا ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
قَالُوا: وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَقْرَأُ فِي كلِّ ليلةٍ رُبُعَ الْقُرْآنِ، فَالْأَوَّلُ إِلَى آخِرِ الْأَنْعَامِ، وَالثَّانِيَ إِلَى ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ [الْكَهْفِ: ١٩]، وَالثَّالِثُ إِلَى آخِرِ الزُّمَرِ، وَالرَّابِعُ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَيَانُ خِلَافًا فِي هَذَا كُلِّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (١) .
وَأَمَّا التَّحْزِيبُ وَالتَّجْزِئَةُ فَقَدِ اشْتُهِرَتِ الْأَجْزَاءُ مِنْ ثَلَاثِينَ كَمَا فِي الرَّبَعَاتِ فِي الْمَدَارِسِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي تَحْزِيبِ الصَّحَابَةِ لِلْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أحمدَ وسُنَن أَبِي داودَ وَابْنِ ماجَهْ وَغَيْرِهِمَا (٢) عَنْ أَوْسِ بْنِ حُذَيفة أَنَّه سَأَلَ أصحابَ رسولِ الله ﷺ في حَيَاتِهِ: كَيْفَ يُحَزِّبون الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: ثَلَاثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عشرَةَ وثلاثَ عَشْرَةَ، وحزْبُ المُفَصَّل مِنْ قَافٍ حَتَّى يُخْتَمَ (٣) .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ مِنَ التَّرَاكِيبِ الْأَعْجَمِيَّةِ؟ وَأَجْمَعُوا أَنَّ فِيهِ أَعْلَامًا مِنَ الْأَعْجَمِيَّةِ كَإِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ، وَلُوطٍ، وَاخْتَلَفُوا: هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ بِالْأَعْجَمِيَّةِ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْبَاقِلَّانِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَقَالَا مَا وَقَعَ فِيهِ مَا يُوَافِقُ الْأَعْجَمِيَّةَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ مَا تَوَافَقَتْ فيه اللغات (٤) .
(١) انظر: تفسير القرطبي (١/ ٦٤) .
(٢) في ط: "غيرهما".
(٣) المسند (٤/ ٩) وسنن أبي داود برقم (١٣٩٣) وسنن ابن ماجة برقم (٤٣٨) .
(٤) تفسير القرطبي (١/ ٦٨) .
فَصْلٌ
وَاخْتَلَفُوا (١) فِي مَعْنَى السُّورَةِ: مِمَّ هِيَ مُشْتَقَّةٌ؟ فَقِيلَ: مِنَ الْإِبَانَةِ وَالِارْتِفَاعِ. قَالَ النَّابِغَةُ:
أَلَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أعطاكَ سورَةً ... تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونها يَتَذَبْذَبُ (٢)
فَكَأَنَّ الْقَارِئَ يَتَنَقَّلُ بِهَا مِنْ مَنْزِلَةٍ إِلَى مَنْزِلَةٍ. وَقِيلَ: لِشَرَفِهَا وارتفاعها كسور البلد. وقيل: سميت
(١) في ط: "واختلف".
(٢) البيت في تفسير الطبري (١/ ١٠٥) .
1 / 99