163

Tafsir Ibn Arafah: The Complete Edition

تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة

Investigator

جلال الأسيوطي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

٢٠٠٨ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ عطفه بقوله ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام﴾ إذا ليس مراد النحويين بالحال الحال العقلي، بل إنما يريدون الحال الحقيقي أو ما يقرب منه. قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام ...﴾. المعتبر في القبلة، فيمن يرى البيت العين، وفيمن يصلي على جبل أبي قبيس السمت، وفي البعيد عنه الجهة. قوله تعالى: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ...﴾ هو دليل على أن الأصل من أفعاله ﷺ َ عدم التأسي حتى يدل الدليل على التأسي ولولا ذلك لما احتيج إلى قوله: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ﴾. قال ابن عرفة: وأجيب بأن القرب مظنة الاستقبال بخلاف البعد. قال الزمخشري: وقيل كان التحويل إلى القبلة في رجب بعد الزوال قبل قتال بدر بشهرين ورسول الله ﷺ َ بمسجد بني سلمة وقد صلى في أصحابه ركعتين من الظهر فتحوّل في الصلاة واستقبل الميزاب وحوّل الرجال مكان النساء والنّساء مكان الرجال. قال ابن عرفة: فيه دليل على أن المعتبر في النسخ يوم البلاغ لا يوم النزول. قال القرطبي: وفيه دليل على (جواز نسخ) المتواتر بالآحاد. قيل لابن عرفة: هذا إن قلنا: إنّ الأصل مشروعية القبلة (كانت) بالقرآن وقد قيل: إن أصل مشروعيتها بالسنّة؟ فقال: على كلا الأمرين (فكلّه) وحي في زمن النّبي ﷺ َ، فهو متواتر. وكذلك نسخها هو بخبر واحد اختلفت قرينته في حياته ﷺ َ مع العلم بقوله ﵊ ُ: «من كذب عليّ (متعمدا) فليتبوأ مقعده من النار» فيكون محصلا للعلم كخبر التواتر سواء. قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذين أُوتُواْ الكتاب بِكُلِّ آيَةٍ ...﴾. قال ابن عرفة: في هذا تهدئة (روعته) ﷺ وتطمين له حتى لا يتهالك على عدم إيمانهم وهو عام في جميع المعجزات. قيل لابن عرفة: إن الإمام ابن العربي قال: لا يناول الآيات النظرية وأما الآيات (الملجئة) الاضطرارية فلا، لأنّ الإيمان عندها ضروري؟ فقال: بل يتناول الجميع لأنّا نقول: إنّ ربط الدليل بالمدلول عادي لا عقلي، أو نقول: إن في الجائز: إن يستدل المستدل بالدليل الصحيح ويعمي الله بصيرته عن العثور على الوجه الذي يدل الدليل منه، أو نقول: إن الإيمان الاضطراري ليس إيمانا بوجه ولا يترتب عليه ثواب لأنه ليس للمكلف فيه اختيار.

1 / 181