Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
، فالمراد بالسؤال عن اشياء ان تبدلكم تسؤكم كثرة السؤال والمداقة فيما كلفوا به وقد ورد، ان بنى اسرائيل شددوا على انفسهم بكثرة السؤال والمداقة عن البقرة التى امروا بذبحها فشدد الله عليهم، وروى ان صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقلبت فقال عمر غطى قرطك فان قرابتك من رسول الله (ص) لا تنفعك شيئا فقالت: هل رأيت قرطا يا ابن اللخنأ، ثم دخلت على رسول الله (ص) وبكت وشكت فخرج رسول الله (ص) فنادى: الصلوة جامعة فاجتمع الناس، فقال:
" ما بال أقوام يزعمون ان قرابتى لا تنفع لو قد قمت المقام المحمود لشفعت فى خارجكم، لا يسألنى اليوم احد من ابوه الا اخبرته "
، فقام اليه رجل فقال من ابى يا رسول الله؟ - فقال: ابوك غير الذى تدعى له، ابوك فلان بن فلان، فقام آخر فقال: من ابى يا رسول الله؟ - قال: ابوك الذى تدعى له ثم قال رسول الله (ص) ما بال الذى يزعم ان قرابتى لا تنفع لا يسألنى عن ابيه، فقام اليه عمر فقال له اعوذ بالله يا رسول الله (ص) من غضب الله وغضب رسول الله اعف عنى عفا الله عنك، فأنزل الله الآية وعلى هذا فالمعنى لا تسألوا عن اشياء سترها الله عليكم من انسابكم ان تبد لكم تسؤكم، ويمكن التعيمم لكل ما كان ظهوره سبب الاساءة من التكاليف والانساب والاخلاق والاوصاف والاعمال من السائل ومن غيره { عفا الله عنها } صفة اخرى لاشياء اى لا تسألوا عن اشياء تركها الله ولم يبينها لكم او استيناف لاظهار العفو عن المسئلة التى سبقت { والله غفور حليم قد سألها قوم } اى الاشياء التى فى ظهورها الاساءة لكم { من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين } حيث كرهوها فكفروا بها ولم يقبلوها او كفروا برسلهم (ع) بسببها.
[5.103]
{ ما جعل الله } استيناف لبيان حال الكفار فى سننهم الردية يعنى ما شرع الله وما سن { من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة ولا حام } عن الصادق (ع) ان اهل الجاهلية كانوا اذا ولدت الناقة ولدين فى بطن واحد قالوا وصلت فلا يستحلون ذبحها ولا أكلها، واذا ولدت عشرا جعلوها سائبة ولا يستحلون ظهرها ولا أكلها، والحام فحل الابل لم يكونوا يستحلونه وروى ان البحيرة الناقة اذا انتجت خمسة ابطن فان كان الخامس ذكرا نحروها فأكله الرجال والنساء وان كان الخامس انثى بحروا اذنها اى شقوها وكانت حراما على النساء، فأنزل الله عز وجل انه لم يحرم شيئا من ذلك وذكر غير ذلك فى تفسيرها { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } بنسبة التحريم اليه { وأكثرهم لا يعقلون } يعنى ان الاتباع المقلدين لا يعقلون شيئا من الصحة والفساد ولا من الافتراء وغيره حتى يتنبهوا ان هذا افتراء على الله فلا يقلدوهم.
[5.104-105]
{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى مآ أنزل الله وإلى الرسول } من حدود الشرع { قالوا } اكتفاء بما اعتادوه وقلدوه من غير تعقل { حسبنا ما وجدنا عليه آباءنآ } يعنى لا حجة لهم سوى فعل آبائهم وهو افضح من الاسناد الى علمائهم { أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم } عليكم اسم فعل بمعنى الزموا وقرئ برفع انفسكم فهو ظرف خبره والمعنى الزموا انفسكم لا تتجاوزوها الى غيركم ما لم تصلحوها، فان الاشتغال بالغير قبل اصلاح النفس سفاهة ويصير سببا لفساد اخر مقتبس من الغير وسببا لاستحكام الفساد الحاصل فيصير ظلمات النفس مستحكمة متراكمة، فما دام الانسان يكون مبتلى فى نفسه بالفساد والمرض ينبغى ان يطلب من يطلع على امراضه ومفاسده فاذا وجده فليتعلم منه ما يصلح به فساده ويعالج به امراضه، فاذا تعلم ذلك فينبغى ان يشتغل عن كل شيء بنفسه ولا يفارق اصلاحها ما بقى الفساد فيها، وذلك الشخص اما نبى فيكون آمنوا بمعنى بايعوا على يد محمد (ص) او ولى فيكون بمعنى بايعوا على يد على (ع)، ويحتمل ان يكون اعم من النبى (ص) والولى (ع) فيكون آمنوا ايضا عاما، ولما علمت سابقا ان الولاية هى حقيقة كل ذى حقيقة ونفسية كل ذى نفس وهذا المعنى يظهر لمن آمن بعلى (ع) واتصل بملكوت وليه، فانه يرى ان ملكوت وليه مع انها انزل مراتب الولاية كانت حقيقته ونفسه وانه كان مظهرا لها تيسر لك تفسيرها بان تقول: عليكم امامكم ويكون آمنوا بمعنى آمنوا بالبيعة الخاصة الولوية، فان البيعة العامة لا تجعل البايع متوجها، الى قلبه ونفسه لعدم اتصالها بالقلب وما لم يتوجه الى قلبه لا يتيسر له الحضور عند امامه، وما لم يمكن له الحضور لم يؤمر بالملازمة، وبالملازمة يحصل له جميع الخيرات الدنيوية والاخروية، ولذا أمروا بتلك الملازمة والاعراض من الكل، وما روى فى المجمع يشير الى هذا المعنى، فانه روى فيه ان ابا تغلبة سأل رسول الله (ص) عن هذه الآية فقال:
" ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فأذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وهوى متبعا واعجاب كل ذى رأى برأيه فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم "
، فانه ليس المراد بهذه الخصوصية خصوصية النسب الصورية بل النسب الروحانية ولا شك ان امامه اخص هؤلاء الخواص { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } يعنى اذا لم تهتدوا يضركم ضلال من ضل لسنخيتكم لهم واقتباسكم الفساد منهم { إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون } فمن يلازم امامه او نفسه فله جزاء ومن يراقب الناس وينظر الى مساويهم فله جزاء.
[5.106-108]
Unknown page