Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
[آل عمران:155] فى الفارين فى احد. والحاصل ان مقدماتهم التى نظموها شاعرين او غير شاعرين مختلة، فانهم حالا وقالا يقولون، ان ابا بكر لم يكن معصوما وكل من لم يكن معصوما يمكن ان يكون خليفة للرسول (ص)، فأبو بكر يمكن ان يكون خليفة للرسول، وكل من يمكن ان يكون خليفة واجمع الامة على خلافته فهو خليفة، فابو بكر خليفة؛ نقول: الصغرى فى القياس الثانى وهى ان ابا بكر يمكن ان يكون خليفة واجمع عليه الامة باطلة بحسب امكان خلافته كما يجيء وبحسب اجماع الامة كما عرفت، والكبرى فيه ايضا باطلة بآية الخيرة، والصغرى فى القياس الاول مسلمة بل نقول: ان ابا بكر مثل عمر تخلف عن جيش اسامة فضلا عن ان لم يكن معصوما، واما الكبرى فيه فهى فاسدة، لان الرسول (ص) كان له الرسالة والخلافة الآلهية وهى تقتضى ان يكون صاحبها كالآله ناظرا الى كل فى مقامه ومعطيا لكل حقه بحسب استعداده ولسان استحقاقه حافظا لكل باسباب حفظه، والا لم يكن خليفة الله وكان له السلطنة على كل من دخل تحت يده وهذه تقتضى التسلط عليهم بحسب الدنيا والتصرف فيهم بأى نحو شاء فان كان المراد بخليفته وامكان عدم عصمته هو خليفته فى السلطنة والغلبة فى الدنيا، فمسلم انه لا يجب عصمته بل يجوز فسقه؛ لكن الكلام فى خلافة الرسالة والسياسة الالهية وهذا الوصف يقتضى كون صاحبه كالرسول (ص) بصيرا ناقدا عالما بمرتبة كل واستحقاقه ولسان استعداده برزخا واسطة بين الخلق والحق موصلا كلا الى غايته والا كان مفسدا فى الارض ومهلكا للحرث والنسل، على انه ان لم يصدق الخلق بأنه بصير من الله عالم بخفيات الموجودات وجلياتها قادر على حفظ كل فى مرتبته وعلى اعطاء كل حقه لا يقع منهم اطاعته عن صميم القلب فلم ينقادوا له باطنا فلم ينتفعوا منه بحسب الآخرة، فان علموا انه غير معصوم ويجوز له الخطاء فيما القى اليهم فكيف يسلمون له وهذا هو الذى اقتضى النص فى حقه فان العصمة والبصيرة والعلم ببواطن الامور امر ليس فى ظاهر البشرة فيدرك بالابصار حتى يمكن معرفته للخلق، بل أمر خفى لا يدركه الا من كان محيطا به عالما بسائره وخفياته فمن لم يكن عليه نص لا يمكن خلافته وفى آيات توقف الشفاعة على اذن الله اشارة الى هذا التوقف ولذلك قالت الصوفية: توقف الرياسة الآلهية على الاذن والاجازة من ضرويات المذهب او قريب منها وكان سلسلة اجازتهم منضبطة يدا بيد ونفسا بنفس الى المعصوم، والفقهاء رضوان الله عليهم قائلون به وكان سلسلة اجازتهم مضبوطة بل كانوا فى الصدر الاول اذا لم يحصل لاحد منهم الاجازة فى الكلام مع الخصوم والرواية عن المعصوم لم يتكلم مع احد فى امر الدين ولم يرو حديثا من أحاديث المعصومين، ومشايخ اجازة الرواية معرفة فمن ادعى الخلافة ونيابة الرسالة من غير اذن واجازة لم يكن كالصدر الاول من العذاب بمفازة.
ولما كان الرسول (ص) مؤسسا للاحكام السياسية والعبادات القالبية اخذا للبيعة منهم من هذه الجهة ويسمى اخذه للبيعة من هذه الجهة اسلاما، وكان هاديا من جهة القلب ومصلحا لاحوال الباطن ومبينا للآداب القلبية اخذا للبيعة منهم من هذه الجهة ويسمى ايمانا كان خليفته اما خليفة له من الجهتين كعلى (ع) واولاده المعصومين (ع) وكل من كان جامعا للطرفين حافظا للجانبين.
واما خليفة له من الجهة الاولى وهم الفقهاء وعلماء الشريعة رضوان الله عليهم الذين تصدوا للاحكام الظاهرة وآداب السياسة، واما خليفة له من الجهة الاخرى كالصوفية الصافية الطوية من الشيعة الذين كان تمام اهتمامهم بأحوال الباطن وأحكام القلب والنزاع بين الفريقين بانكار كل طريقة الاخرى ناش من الجهل بحقيقة الرسالة والغفلة عن كيفية النيابة، فان كلا اذا حصل له الاذن والاجازة كان نائبا فى مرتبته مأجورا فى شغله مفروضا طاعته اماما فى مرحلته محكوما على الخلق بالرجوع اليه والاخذ منه، وكل منهما اذا لم يحصل له الاجازة كان نسناسا بل خناسا وشيطانا مردودا، فالنزاع ليس فى محله بل الحق ان يبدل النفاق بالوفاق ويرجع كل الى صاحبه فيما هو من شأنه ويأخذ منه فيتصالحا، فان الظاهر غير غنى عن الباطن والباطن لا يستكمل بدون الظاهر، وقصة اتباع موسى (ع) للخضر (ع) مع كونه افضل واعلى من الخضر بمراتب عديدة برهان على جواز رجوع الافضل فى جهة الى من كان افضل منه فى جهة اخرى، فلا بد ان يرجع صاحب الباطن الى عالم الشرع فى الاحكام الظاهرة وصاحب الشرع الى عالم الطريقة فى الاحكام الباطنة فاذا تصالحا وتوافقا فالاحسن ان يتظاهرا ويدفعا كل منافق كذاب من مدعى الفتيا والسلوك عن ادعائه ويظهرا بطلانه ويحفظا الدين عن غوائل الشياطين من الكذابين وتلبس بعض الزنادقة بلباس الصوفية، وكذا تلبس المتصوفة من العامة بلباسهم وصدور ما ينافى الشريعة عنهم قولا وفعلا لا يصير سببا لطعن صوفية الشيعة؛ فانهم مراقبون كمال المراقبة فى ان لا يصدر عنهم ما يخالف الشريعة قولا وفعلا بل يقولون ترك القيد فى ان يتقيد الانسان بالشريعة ويراقبون ان لا يجرى على لسانهم غير ما جرى على لسان الشريعة فكيف بفلعهم واعتقادهم { فإن تنازعتم في شيء } يسير فكيف بالخطير خصوصا النبأ العظيم الذى هو الخلافة { فردوه إلى الله والرسول } لم يقل والى اولى الامر لان المقصود الاصلى انه اذا وقع التنازع بينكم فى تعيين ولى الامر فردوه اليهما فاذا عيناه لكم فردوا جميع اموركم اليه، وفى بعض الاخبار ان الآية هكذا { وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } يعنى ردوا جميع ما خفتم التنازع فيه الى قولهما فانهما بينا جميع ما تحتاجون اليه ببيانه فى الكتاب والسنة وبتعيين من عنده علم الكتاب فان قول الله اطيعوا الله (الى اخر الآية) وقوله
إنما وليكم الله
[المائدة:55] (الى آخر الآية) فى على (ع) وقول محمد (ص):
" من كنت مولاه "
(الحديث) بينا ان الاولى بكم من انفسكم واحرى بالرجوع اليه والاخذ منه والتسليم له هو على (ع) فان رددتم كلما خفتم التنازع فيه الى على (ع) بعد ما رددتم النزاع الكلى الى الكتاب والرسول (ص) واخذتم بقولهما فيه لم يبق لكم ريب ونزاع فى شيء من الاشياء وان حكمتم الرجال دون الكتاب وقول الرسول (ص) خرجتم من الرشاد وطريق السداد الى الحيرة والارتياب؛ هذا فى الكبير، وأما فى العالم الصغير فان تنازع النفس وهواها والطبيعة وقواها معكم فى شيء من الاشياء فاعرضوه على الروح والعقل فكلما ارتضاه العقل وصدقه الروح فخذوه وكلما لم يصدقه العقل وان كان النفس ارتضته فاتركوه { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } يعنى ان الايمان بهما يقتضى رد كل ما اشتبه عليكم الى الكتاب والسنة ومن عنده علمهما، وترك الرجوع الى الكتاب والسنة ومبينهما دليل عدم الايمان بهما { ذلك خير وأحسن تأويلا } من تحريفكم اولى الامر من معناه الى السلاطين ووليكم الى المحب ومولاه الى المحب حتى يستقيم لكم رأيكم الباطل.
[4.60]
{ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت } اى الخارج من حكومة العقل الذى هو على (ع) البالغ فى الطغيان عليه { وقد أمروا أن يكفروا به } اى بمن خرج عن حكومة العقل وحكم الله { ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } بعد ما بين وجوب طاعة الله فيما انزل وطاعة الرسول فيما حكم وطاعة ولى الامر يعنى صاحب الامارة الباطنة وصاحب عالم الامر مقابل الخلق وبين وجوب الرد الى كتاب الله والى الرسول (ص) وقد عين فى الكتاب وبين الرسول من هو ولى الامر وترجمان الكتاب والسنة وقد لزم منه ان من خرج عن طاعة الله وطاعة الرسول (ص) ونبذ قولهما فى تعيين ولى الامر وراء ظهره لم يكن مؤمنا وظهر ذلك بحيث لاخفاء فيه خاطب رسوله على سبيل التعجيب من بلادة من اتبع الشيطان باضلال الطاغوت فان القضية وان لم تكن بعد لكنها مشهودة لمحمد (ص) فالآية ان كانت نازلة فى الزبير بن العوام ورجل من اليهود كما ورد ان الزبير نازع يهوديا فى حديقة فقال الزبير: نرضى بابن شيبة اليهودى وقال اليهودى: نرضى بمحمد (ص) فنزلت حرمة المحاكمة الى الطاغوت وسلاطين الجور وقضاتهم، وحرمة ما اخذ بحكمهم قد وردت عن ائمتنا المعصومين، فعن الصادق (ع) للاشارة الى تعميم الآية: ايما رجل كان بينه وبين اخ له مماراة فى حق فدعاه الى رجل من اخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى الا ان يرافعه الى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله: الم ترى الى الذين يزعمون (الآية)، وعنه انه سئل عن رجلين من اصحابنا يكون بينهما منازعة فى دين او ميراث فتحاكما الى السلطان او الى القضاة؛ ايحل ذلك؟ - فقال: من تحاكم الى الطاغوت فحكم له فانما يأخذ سحتا وان كان حقه ثابتا لانه اخذ بحكم الطاغوت وقد امر الله ان يكفر به، قيل: كيف يصنعان؟ قال: انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر فى حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فارضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فانما بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله.
تحقيق حديث انظروا الى من كان منكم
Unknown page