Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
[2.235]
{ ولا جناح عليكم فيما عرضتم } ايها الخطاب { به } لا فيما صرحتم به { من خطبة النسآء } واكتفى بنفى الجناح عن الخطاب عن ذكر انتفاعه عن النساء والرجال المذكورين، والتعريض ان يذكر شيئا للمرأة ويشير الى ارادة نكاحها بعد انقضاء عدتها والرغبة فيها حتى لا تجيب غيره وتحبس نفسها له { أو أكننتم في أنفسكم } من غير اظهار بألسنتكم لا تصريحا ولا تلويحا { علم الله أنكم ستذكرونهن } فأباح لكم التعريض بخطبتهن لا التصريح بها فانه خلاف حفظ حرمة المؤمن { ولكن لا تواعدوهن سرا } استدراك عن محذوف مستفاد من قوله { علم الله أنكم ستذكرونهن } اى فاذكروهن ولكن لا تواعدوهن سرا اى فى مكان خال او مواعدة مكان خال، او هو نفسه مفعول مطلق نوعى من غير لفظ الفعل فان الخلوة مع الاجنبية المرغوبة تدعو الى ما لا يرضيه الشرع، او لا تواعدوهن جماعا وفعلا يستتر به فانه كثيرا ما يكنى عن الجماع وما يستقبح بالسر اى لا تواعدوهن المضاجعة والملاعبة، او لا تواعدوهن العقد قبل انقضاء العدة، او كثرة المضاجعة معهن بعد النكاح حتى لا يملن الى غيركم بان تصفوا أنفسكم بكثرة المضاجعة، او لا تواعدوهن خلوة بان تقول قبل انقضاء العدة للمرأة التى تريد نكاحها: موعدك ببيت آل فلان وقد أشير اشارة ما الى الكل فى الاخبار { إلا أن تقولوا } استثناء متصل فى كلام تام بدل من السر او استثناء مفرغ اى لا تواعدوهن سرا بشيء او لشيء او فى حال او مواعدة شيء الا ان تقولوا { قولا معروفا } من التعريض المرخص فيه { ولا تعزموا عقدة النكاح } اى عقده والفرق بينهما كالفرق بين المصدر واسمه، والنهى عن العزم عليها مبالغة فى النهى عنها { حتى يبلغ الكتاب } اى المفروض من العدة { أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم } من العزم على العقد او الرفث او الفسوق { فاحذروه } اى الله، او ما فى أنفسكم من العزم المذكور، او وعد السر { واعلموا أن الله غفور } يغفر ما فى نفوسكم اذا لم تفعلوا { حليم } لا يعاجل عقوبة من يرتكب ما نهى عنه فلا تغتروا بعدم المؤاخذة سريعا.
[2.236]
{ لا جناح عليكم } استئناف جواب لسؤال مقدر كأنه قيل بعد ذكر الطلاق وذكر احكام المطلقات: ما للمطلقة على المطلق؟ - فقال تعالى: لا تبعة عليكم من المهر وغيره { إن طلقتم النسآء ما لم تمسوهن } كناية عن الجماع { أو تفرضوا } الا ان تفرضوا او حتى تفرضوا، او لفظة او بمعنى الواو { لهن فريضة } فعيل بمعنى المفعول والتاء للنقل او مصدر فذكر تعالى حكم المطلقات بالمنطوق والمفهوم تفصيلا واجمالا من حيث المهر فنفى الحرج وغرامة المهر عمن طلق زوجته الغير الممسوسة والغير المفروض لها بمنطوق الآية واثبت غرامة ما لمن طلق الممسوسة او المفروض لها والمفروض لها الغير المدخول بها لها نصف ما فرض لها كما سيأتى، والممسوسة الغير المفروض لها، لها مهر امثالها والممسوسة المفروض لها لها ما فرض لها { ومتعوهن } اى فطلقوهن ومتعوهن استحبابا او وجوبا { على الموسع } اى الذى كان ذا سعة فى ماله فان همزة الافعال فى مثله للصيرورة { قدره } ما يقدر عليه ويطيقه، او ما يقدر على حسب سعته { وعلى المقتر قدره } ويستفاد من الاخبار ان مناط تقدير المتعة ليس حال المطلق فقط بل ينظر الى حال المطلق وشأن المطلقة ويقدر المتعة بحسب حالهما جميعا فان تمتيع التى لها حسب ونسب وشرف ليس كتمتيع من ليس لها ذلك وان كان المطلق واحدا { متاعا } مصدر من غير لفظ الفعل او مفعول به اى تمتيعا { بالمعروف } على الاول، او جنسا متلبسا بالمعروف على الثانى، او يكون الظرف حينئذ متعلقا بقوله { متعوهن } والتقييد بالمعروف يدل على مراعاة حال الطرفين { حقا } صفة متاعا او مصدر مؤكد لغيره { على المحسنين } اى لمريدى الاحسان الى الناس، ومطلقاتهم اولى باحسانهم او على من ديدنهم الاحسان الى الناس، او على المحسنين فى فعالهم واتى بهذا الاسم الظاهر مع ان حق العبارة ان يقول حقا عليكم ترغيبا لهم فى التمتيع، او المقصود انه حق على المحسنين منكم وانه شأنهم فينبغى لكم ان تطلبوا هذا الشأن ولا تحديد فى الاخبار لمتعة المطلقة المذكورة كما فى الآية وفى بعض الاخبار ذكر وجوبها، وقيل: يقدر بقدر نصف مهر امثالها.
[2.237]
{ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } فعليكم { فنصف ما فرضتم } وهذا بيان لاحد شقوق مفهوم المخالفة من الآية السابقة وبقى شق طلاقهن بعد المسيس مع الفرض وحكمه ظاهر فانه بالعقد يثبت الفريضة ويفرض والمسقط للنصف هو الطلاق قبل المسيس وقد فرض الطلاق بعد المسيس وشق طلاقهن بعد المسيس مع عدم الفرض { إلا أن يعفون } اى المطلقات عن النصف الذى هو حقهن { أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح } اى الاب او الجد او الوكيل المطلق لهن، او الوكيل فى امر نكاحهن وطلاقهن، او المراد من الذى بيده عقدة النكاح الازواج والمعنى الا ان يعفو الازواج عن النصف الذى كان حق النساء وصار بالطلاق قبل المسيس حقا لهم وقد أشير فى الاخبار الى الكل ويؤيد المعنى الاخير قوله تعالى { وأن تعفوا } خطابا للازواج بظاهره، ويحتمل ان يكون خطابا للمطلقين والمطلقات تغليبا، او لأولياء النكاح، او للجميع { أقرب للتقوى } عن الظلم فان مطالبة الحق الثابت قلما تنفك عن انكسار ما لقلب المطلوب منه { ولا تنسوا الفضل } اى الفضل الذى أنعم الله به على بعضكم فيكون خطابا للازواج فانهم فضلهم الله على النساء، ومعنى عدم نسيان الفضل تذكر الفضل الذى فضلهم به على النساء حتى يكون ذلك التذكر داعيا لهم الى العفو فان ذا الفضل اولى بالعفو والاعطاء، او المعنى لا تنسوا تحصيل الفضل دائرا { بينكم } فان العفو والاعطاء سبب لحصول الفضل وزيادة الدرجات فليكن كل من الازواج والنساء والاولياء متذكرا للفضل طالبا له فالآية ترغيب فى العفو للازواج فقط على المعنى الاول وللجميع على المعنى الثانى، روى عن على (ع) انه قال: سيأتى على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما فى يده ولم يؤمر بذلك قال الله تعالى: { ولا تنسوا الفضل إن الله بما تعملون بصير } فما يفوتكم بالعفو لا يفوته فيجازيكم بعشرة امثاله الى سبعمائة الف.
[2.238]
{ حافظوا } ابتداء كلام للترغيب فى الصلاة والتوجه الى الله بعد ذكر النساء واحكامهن والطلاق واحكامه كأنه قال: هذه احكام الكثرات لكن لا ينبغى لكم الغفلة عن جهة الوحدة والتوجه الى الله فواظبوا { على الصلوات } بالمحافظة على مواقيتها وحدودها وأركانها وقد مضى فى اول السورة بيان للصلاة ومراتبها وانها ذات مراتب كمراتب الانسان والصلوات القالبية لكون كل فى عرض الاخرى لا فى طولها لا تفاضل بينها وان مراتب الصلاة الطولية كل عالية منا محيطة بالدانية ومقومة لها وحكمها بالنسبة الى دانيتها حكم الروح بالنسبة الى الجسد وهى متوسطة معتدلة كما ان الروح بالنسبة الى الجسد متوسطة معتدلة فقوله تعالى: { والصلاة الوسطى }
بيان الصلاة الوسطى
{ والصلاة الوسطى } اى الفضلى او المتوسطة او المعتدلة اشارة الى المراتب العالية من الصلوات لا الى شيء من الصلوات العرضية، وتفسيرها بصلوة الظهر كما فى الاخبار الواردة من طريق الشيعة لكونها مظهرا للصلاة الوسطى بوجه كما ان ليلة القدر والاسم الاعظم عبارة عن ليلة هى روح بالنسبة الى الليالى العرضية وعن اسم كذلك وقد فسروهما بشيء من الليالى والاسماء العرضية لكونهما مظهرين لهما مظهرية خاصة غير المظهرية العامة المشترك فيها جميع الليالى والاسماء وقد فسروها بصلاة العصر او المغرب او العشاء او الصبح، وقد نقل انها مختفية فى الصلوات الخمس لم يعينها الله وأخفاها فى جملة الخمس ليحافظوا على جميعها كما انه اختفى ليلة القدر فى ليالى شهر رمضان او فى ليالى السنة والاسم الاعظم فى جميع الاسماء، وساعة الاستجابة فى ساعات يوم الجمعة { وقوموا } فى الصلاة { لله قانتين } اى داعين بوضع قنوت الصلاة او خاشعين او طائعين او ساكتين عن هواجس النفس او عن كلام غير ذكر الله او قوموا اى اعتدلوا لله او قوموا بامور الكثرات واكفوا مهمات اهليكم، ولفظ لله اما متعلق بقوموا او بقانتين وكان التقديم للحصر والاهتمام.
Unknown page